مراجعة لعبة The Complex

مراجعة لعبة The Complex .. والتي تُعد بمثابة فيلم إثارة وخيال علمي تفاعلي حيث تؤدي قراراتك إلى واحدة من تسعة نهايات مختلفة.

في مستقبلنا غير البعيد، سيكون أحدث الابتكارات في العلوم الطبية هي تطوير خلايا النانو Nano Cells، والتي يمكنها أن تعزز تجديد الدم والعظام بحيث يمكن للناس حمل مستشفيات مجهرية كاملة معهم أينما ذهبوا.

وبطبيعة الحال أي شيء يمكنه خلق مثل هذه التغييرات الفيسيولوجية المثيرة يمكن استخدامه للخير أو الشر حسب طبيعة المستخدم، وهذا هو الموضوع الذي تناقشه لعبة The Complex الشبيهة بالأفلام التفاعلية المثيرة.

حصلت أفلام الفيديو التفاعلية على شهرة واسعة بعد النجاح الذي حققته حلقة Bandersnatch من مسلسل Black Mirror الذي تم عرضه على نتفليكس.

هذا النوع من الأفلام يتيح لك الاستمتاع بالعرض بطريقة جديدة من خلال توجيه مسار القصة في أي اتجاه تريده، وإذا كنت أحد هؤلاء الأشخاص الذين لا يستطيعون التحمّل في كل مرة تتخذ فيها شخصية فيلم قرارًا غبيًا، فإن هذه الأنواع من التجارب هي فرصتك لإثبات أنك تستطيع الاختيار بشكل أفضل من مخرج الفيلم أو المسلسل.

لعبة The Complex متوفرة الآن على منصّات PS4, Xbox One, PC, Nintendo Switch بسعر 13 دولار أمريكي (تمت المراجعة على منصّة Nintendo Switch).

لعبة The Complex ..

قصة ذات رسالة قوية، تمثيل ممتاز وإخراج فني رائع

معظم أحداث اللعبة تقع في المجمع الطبي الضخم The Complex والذي تعمل فيه بطلة اللعبة الدكتورة Amy Tenant على تطوير تكنولوجيا النانو الجديدة من أجل تسهيل السفر عبر الفضاء وتطوير التكنولوجيا العلاجية للبشرية.

ولكن لسوء حظها تم سرقة أنبوبة الاختبار الرئيسية من المختبر الموجود أسفل المجمع، والأمر متروك لها وشريكها القديم لدخول قاعة المختبر ومعرفة أصل ما يحدث.

تسير الأمور من سيء إلى أسوأ عندما يتم حبس الدكتورة مع أطباء آخرين في المختبر وفي نفس الوقت تحاول بعض الخلايا الإرهابية اختراق وسرقة تكنولوجيا النانو لأنفسهم بالإضافة إلى قتل كل من يحاول المقاومة.

تترك هنا اللعبة اللاعب مع العديد من التساؤلات: هل سينجو الفريق؟ هل ستخرج تقنية النانو التي تعمل مثل الأمراض المعيدة عندما تتلامس مع دماء الجسم وتصيب العالم كله؟ هل سينجح الإرهابيين والخونة في خطتهم أم أن الأطباء قادرين على حماية الأسرار العلمية الخاصة بهم مهما حدث؟

The Complex قصة مثيرة عن التطور العلمي والاختيارات الأخلاقية وتأثيرات الرأسمالية والحروب على حياة الناس.

ملابسات هذه القصة، وحياة الأبطال، وشخصية البطلة التي تؤهلها لإتخاذ بعض القرارات وترك البعض الآخر، كل هذا يرجع إليك أنت.

هي ليست قصة جديدة تمامًا، ولكنها تقوم بعمل رائع في تقديم كل شيء مع تمثيل ممتاز وإخراج متميز في بعض المواقع المثيرة للإعجاب مع اعتماد قليل على الشاشات الخضراء.

كان من السهل أن تقوم باللعبة بسرد التجربة بالكامل في حجرة مغلقة، ولكنها اختارت أن تنقل اللاعب ببعض اللقطات البسيطة والرائعة إلى جو الحروب في القرى الفقيرة أو المستقبل القريب في شوارع لندن.

هذا جعل تجربة اللعبة تعمل بشكل جيد كفيلم مصمت يمكن الاستمتاع به بدون أي مجهود إضافي رغم أنها في الحقيقة تتيح فرصة اختيار القرارات التي تصنيع تأثيرات صغيرة على أسلوب السرد لتتجمع في النهاية إلى نتيجة واحدة منطقية بدون أن يشعر اللاعب أن القصة والمشاهد أصبحت غير متماسكة بين الحين والآخر.

تأتي القرارات كل دقيقة أو دقيقتين تقريبًا، ولا تضيع اللعبة الوقت في جعلك تدخل في الجو الحماسي المليء بالتوتر حيث يُطلب منك على الفور اختيار إنقاذ أي من المريضين اللذين شارفا على الاحتضار.

هذا القرار مثل بعض القرارات في اللعبة لا يحمل وزنًا سرديًا ولكنه يمثل علامة على أشياء قادمة في المستقبل، كما أنه يعمل على تشكيل نوع الشخص الذي تريد أن تكون عليه الطبيبة Amy مع نهاية اللعبة سواء أكانت شخصية باردة أو صادقة أو ذكية أو محبة أو كاذبة أو غيرها.

باقي القرارات في اللعبة وخيارات المحادثة لها تأثير تراكمي على علاقة الطبيبة بمن حولها وكيف طورتها بالسلب والإيجاب مع مرور القصة، ويمكن من خلال قائمة الإحصائيات معرفة المؤشرات الشخصية للطبيبة ومدى صحة العلاقة بينها وبين كل من الشخصيات التسعة والرئيسية للعبة، مع العلم أن هناك تسعة نهايات مختلفة للعبة اعتمادًا على العلاقات التي كونتها والقرارات التي اتخذتها أثناء اللعب.

من منظور تقني، نجد وضعيات الشخصيات والأصوات والتصوير السينمائي جميعها أشياء متساوية تمامًا مع ما قد يتوقعه المرء من مسلسل خيال علمي حديث.

يستحق الكُتّاب والممثلين مدحًا خاصًا لأكن كل شخصية يقوم الممثل والسيناريو بجلبها إلى الحياة مع كاريزما وعمق متناسبين مع ما تريد القصة إيصاله، ورغم أنه في هذا النوع من الألعاب قد العديد من الشخصيات تتخذ بعض القرارات أو تتفوه ببعض الكلمات خارج السياق، لكن هذا لم يحدث في تجربتي مع اللعبة على الإطلاق.

مع التقدّم في القصة استمر إعجابي بجودة الكتابة في التزايد عندما وجدت كل شخصية تحمل مزيجًا معقدًا من الدوافع والخلفيات التي تسمح بمزيد من العاطفة وتضيف بعضًا من التوتر الذي يتوجب علي الشعور به أثناء إتخاذ القرارات معهم أو ضدهم، رغم أنهم كانو في البداية يبدون مثل طاقم عمل إحدى مسلسلات نتفليكس السيئة.

ورغم أن اللعبة تتوقف في أحيان كثيرة لتتيح للاعب فرصة اختيار القرار أو تخطي الحوار، فإن التحرير الجيد لمقاطع الفيديو ساعدني في أن أشعر بتدفق سلسل وطبيعي للمشاعر والكلمات مع المحافظة على جو التوتر الذي يشمل اللعبة بأكملها.

من بين جميع الممثلين، Michelle Mylette والتي تلعب دور إيمي كان لديها مهمة صعبة للغاية حيث كان يحتاج أدائها إلى تغيير شامل اعتمادًا على الخيارات التي يتخذها اللاعبون استنادًا إلى كيفية تفرع القصة، وكل المشاعر الظاهرة عليها يجب أن تكون قابلة للتصديق. في بعض الأحيان أو مرات اللعب تجدها تستخدم الأساليب العلمية في حل المشاكل، وفي أحيان أخرى تجدها تستخدم العنف البدني بدون أي تردد واستطاعت البطلة أن توازن بين الدورين بشكل ممتاز يليق بدورها الهام في اللعبة.

اللعبة تدور أحداثها في إطار الخيال العلمي ولكن هذا لا يعني أنها تعتمد على الفكرة لخلق قصة عادية بل تأخذ خطوة إضافية لجعلك ترى تأثير التكنولوجيا على هذا العالم وطبيعة العمل في هذا المجمع والذي يستفيد منها العلماء والأطباء في القصة بطرق مختلفة وكل هذا يساعد على الإنغماس أكثر وأكثر في جو العالم بجانب زوايا الكاميرا الدقيقة التي تبتعد وتقترب على الأشياء المهمة وتعبيرات الشخصيات وتركز على اللقطات الواسعة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى إتخاذ قرارات مصيرية لتجعلك تشعر دائمًا بأهمية ما تفعله ومن تحدثه ودوره في القصة.

إضافة كبيرة كذلك على عمق المشاهد القصصية في العموم هي الصوتيات والتي تستعملها اللعبة ببراعة في تلافي المشاكل التي تفرضها الميزانية المنخفضة على جودة اللعبة مثل إطلاق أصوات الإنفجارات المدوية لجعلك تعتقد أنك فعلًا تعيش داخل أحداث الحرب الأهلية، أو بالطبع الأداء الصوتي للممثلين والذي يتغير نبرته بطريقة سريعة وقوية استجابة للخيارات السريعة والتغيرات الفجائية في رتم القصة ولكن وكما قلت يظل هذا الأمر طبيعيًا على عكس التعجّل المتوقع من قصة مدتها ساعة ونصف فقط.

للأسف لا تخلو اللعبة من بعض المشاكل ولكنها بسيطة نوعًا ما ولن تؤثر على التجربة بالكامل.

ذكرت في بداية المقال أن اللعبة تحتوي على تسع نهايات ولكن بعد إعادة اللعب ومشاهد الفروق لاحظت أنهم نهايتين كاملتين فقط والباقي إما عبارة عن تعديلات بسيطة في ترتيب المشاهد أو نهايات سيئة مضحكة لن يستفيد اللاعب أي شيء لو قام بفتحها.

للأسف لا تدعم اللعبة كذلك الوصول إلى النقطة التي تريدها من أجل إعادة المشاهد بدون إعادة التجربة بالكامل أو رسم توضيحي للمسارات التي يأخذها اللاعب في رحلته مثلما تفعل لعبة Steins;Gate.

في كل مرة تريد فيها الحصول على نهاية جديدة سيتوجب عليك إعادة اللعبة من الصفر ولا يوجد طريقة لتفادي ذلك لأن نهاية اللعبة تعتمد على الاختيارات المتفرقة في جميع المشاهد القصصية.

لا أريد أن أقسو على اللعبة كثيرًا في جودة الكتابة أو التمثيل لكني أعتقد أن هناك بعض المشاهد أو الأفكار التي كان يمكن استكشافها بطريقة أعمق أو بعض الاختيارات التي كان يمكن دمجها في مشاهد لا تحتوي على أي قابلية للاختيار.

هناك بعض الأوقات كذلك التي شعرت فيها أنني آخذ وقتًا طويلًا في التفكير في أمور لن تتطرّق إليها القصة فيما بعد بأي شكل مما جعلني أتساءل عن ماهية وجودها في السياق من البداية.

كلمة أخيرة

رغم أن الشعور بالتوتر والتأثر قد يصبح فاترًا مع التقدّم في العمر ومشاهدة العديد من أفلام هذا النوع، تستطيع لعبة The Complex أن تجذبك وتجبرك على البقاء منتبهًا مع الأحداث والشخصيات التي تقدّمها حتّى اللحظة الأخيرة.

لا يمكنني أن أتجاهل الجهد المبذول في الكتابة والمرئيات الموجودة في اللعبة والتي تحاول بطريقة أو بأخرى إخفاء قيود الميزانية الواضحة على المطور، ورغم هذا التحدي الصعب استطاع المطور أن يقدم قصة ليست جديدة تمامًا ولكنها مكتوبة بشكل جيد ومقنع واستطاع الممثلون البارعون أن يبرزوا أهم النقاط التي تريد القصة مناقشتها ويجبرونك على التعاطف مع ما يقدمونه من كلمات وأفعال رغم الوقت القليل الذي تمضيه معهم.

إعادة اللعب مرة أخرى كذلك ستمنحك رؤية مختلفة تمامًا لما تستطيع أن تقدّمه الممثلة الرئيسية وأنا فعلًا لم أستطع التحمّل وقمت بإعادة اللعبة فور الانتهاء منها ولا توجد العديد من الألعاب التي تمنحك هذا الشعور في الوقت الحالي.