مع بداية عام 2021، أصبحا تطبيقا سيجنال وتيليجرام في مقدمة التطبيقات الأكثر تحميلًا عبر متجر جوجل بلاي وآب ستور.
السبب واضح، وهو تقديم هذه التطبيقات لسياسة خصوصية أفضل من تطبيقات الدردشة الأخرى مثل فيسبوك مسنجر وواتس اب، لاسيما بعد تحديث الأخير لسياسة الاستخدام التي أثارت غضب المُستخدمين.
لكن بطبيعة الحال هناك اختلافات بارزة بين Signal و Telegram وبمجرد معرفتها يكون من السهل اختيار التطبيق الأصلح لاستخدامه كبديل عن واتس اب أو غيره من تطبيقات الدردشة التي لا تقدر خصوصية مستخدميها، فدعونا نسرد هذه الاختلافات انطلاقا من السطور الآتية.
الاختلافات البارزة بين سيجنال وتيليجرام
كل من Signal و Telegram يتشاركان معًا في ميزات كثيرة، حيث أن كلاهما تطبيقات لإنشاء محادثات خاصة وآمنة. ولا يستندان إلى شركة تقنية كبيرة.
تطبيق Signal مملوك لمنظمة غير ربحية، وعلى الجانب الآخر Telegram مملوك لشركة هادفة للربح لكن لديها سياسة استخدام واضحة ولا يأتي الربح على حساب خصوصية المستخدمين.
يقدم سيجنال وتيليجرام الميزات الأساسية للدردشة، مثل القدرة على إجراء محادثات نصية ومكالمات صوتية ومرئية، وإرسال الملصقات والصور ونقل الملفات، وأي شيء آخر تتوقعه من تطبيقات المراسلة بشكل عام.
في الوقت نفسه “سيجنال” و”تيليجرام” تطبيقات مجانية ومتاحة للاستخدام على جميع الهواتف الذكية وأنظمة تشغيل الكمبيوتر مما يمنحك خيار الدردشة بشكل أسرع باستخدام لوحة المفاتيح العادية، كما أن رقم الهاتف هو كل ما تحتاجه للتسجيل في أي منهما.
لكن دعنا نتحدث عن الاختلاف الآن…
في الخصوصية، لا شيء يضاهي سيجنال Signal
تم تصميم تطبيق Signal مع وضع حماية الخصوصية كأولوية مفروضة لا تهاون فيها، إذ يتم تشفير جميع المحادثات والاتصالات التي يتم إجراؤها على التطبيق من طرف إلى طرف (E2EE). مما يضمن أن الشركة المسؤولة عن “سيجنال” – التي تُدعى Signal Foundation – لن تتمكن من رؤية رسائلك إذا أرادت ذلك.
على الجانب الآخر، يقدم تطبيق Telegram ميزة التشفير من طرف إلى طرف أيضًا ولكن هذا التشفير اختياريًا، بمعنى أن المستخدم عليه أن يبدأ “محادثة سرية” Secret Chat ليحصل (هو والطرف الآخر) على تشفير تام للرسائل والاتصالات التي يتم تداولها في المحادثة. وذلك على عكس Signal حيث كل شيء مُشفر وكل المحادثات دون استثناء هي محادثات سرية — بشكل افتراضي ودائمًا.
وبالتالي، إذا كنت تجري محادثة عادية (غير سرية) على تطبيق Telegram فإن الرسائل ستكون مشفرة بالفعل لكن بينك وبين خادم تيليجرام وليس من طرف إلى طرف، أي أن الشركة المسؤولة عن التطبيق يمكنها “تقنيًا” الاطلاع على الرسائل من خلال السيرفرات الخاصة بها (التي تستقبل الرسائل قبل توصيلها للطرف الآخر) إذا رغبت في ذلك.
بالإضافة لذلك لا يتيح تيليجرام إنشاء مجموعة تحت معايير “محادثة سرية” أي يمكنك فقط الحصول على تشفير من طرف إلى طرف في المحادثات بين طرفين أو شخصين فقط. أيضًا على عكس تطبيق Signal الذي يتيح إنشاء محادثات جماعية مشفرة بواسطة E2EE.
ومن الاختلافات البارزة كذلك بين التطبيقين أن Signal يقوم بتخزين محتوى المحادثات من نصوص وصور وملفات على جهاز المستخدم بشكل افتراضي، فلا يتم حفظ الرسائل على سيرفرات وخدمات تخزين خارجية.
أما في Telegram يتم تخزين كل شيء على سيرفرات تابعة للشركة، وهذا معروف كون الخدمة أصلًا عبارّة عن وسيلة مراسلة تستند إلى السحابة، أي سيرفرات لا ترتبط بجهاز المستخدم، وهذا يسمح بمزامنة الرسائل دائمًا للوصول إليها من خلال أي جهاز يتم تسجيل الدخول إلى الحساب من خلاله.
دعنا لا ننسى أيضًا أن تطبيق Signal مفتوح المصدر تمامًا حيث يمكن العثور على كل من الكود البرمجي لتطبيقات Signal وكود خادم Signal على منصة GitHub. وصحيح أن الكود البرمجي لتطبيقات Telegram مفتوح المصدر ، لكن الكود الخاص بخادم Telegram ليس مفتوح المصدر.
جدير بالذكر أن بعض الباحثين الأمنيين يؤكدون أن بروتوكول تشفير Signal أفضل وأكثر صمودًا من بروتوكول تشفير MTProto من Telegram، على الرغم من أن هذا موضوع معقد ويدور حوله جدال واسع بين الباحثين الأمنيين.
يحتوي Signal أيضًا على ميزات مضمنة أخرى حول الخصوصية، بما في ذلك القدرة على تعتيم الوجوه تلقائيًا في الصور التي ترسلها، والقدرة على تجاوز الحجب الذي تفرضه الدول على التطبيق بسبب مخاوف من سياسة الخصوصية الخاصة بالتطبيق.
لدى Telegram مميزات أكثر..
نُدرك مما سبق أن Signal يتفوق بمراحل عن Telegram فيما يتعلق بحماية خصوصية المستخدمين، وهذا يبرر سبب ترشيحه من قبل شخصيات بارزة مثل “إيلون ماسك” و “إدوارد سنودن” و “جاك دورسي”.
لكن سياسة الخصوصية في سيجنال تجعله يفتقر مزايا كثيرة، وهنا يبرز تفوق Telegram الذي يقدم مجموعة متنوعة من الميزات التي تعزز تجربة الدردشة النصية.
في Telegram على سبيل المثال يمكن أن يكون لديك ما يصل إلى 200,000 شخص في دردشة جماعية. أما في Signal لا تستطيع سوى إضافة 1,000 شخص فقط. كذلك يمكنك إرسال ملفات يصل حجمها إلى 2 جيجابايت. لكن في Signal يمكنك مشاركة ملفات بحجم 100 ميجابايت كحد أقصى.
خدمة تيليجرام تقوم أيضًا بمزامنة الرسائل سحابيًا؛ مما يتيح تسجيل الدخول إلى حسابك عبر الويب ومتابعة محادثاتك، دون الحاجة إلى ترك الهاتف متصل بالانترنت كما هو الحال في Signal أو WhatsApp Web وهذا لأن سيجنال يقوم بتخزين جميع محادثاتك محليًا على أجهزتك، بينما يتم تخزين جميع المحادثات على سيرفرات Telegram. مرة أخرى، ما لم تبدأ “محادثة سرية”.
ميزة اخرى تحسب لـ “تيليجرام” القدرة على إضافة روبوتات تتفاعل مع المحادثات للرد تلقائيًا أو أداء مهام مختلفة، لكن في الوقت نفسه هذا يعني أن المحادثات التي تضيف “روبوتات” لها تشكل خطر على الخصوصية. هذا هو سبب عدم توفر الميزة في Signal.
بشكل عام، يحتوي تطبيق تيليجرام على ميزات أكثر وواجهة رسومية أفضل وقابلة للتخصيص، مع توفر حزم لا حصر لها من الملصقات الثابتة، والملصقات المتحركة، وإمكانية تغيير خلفية المحادثة بسهولة.
لكن تجدر الإشارة أيضًا إلى أن “سيجنال” في طريقه لدعم مجموعة من هذه الميزات والتي لا تؤدي بالضرورة لخرق خصوصية المستخدمين. وبالتالي ما هي إلا مسألة وقت ليتمكن Signal من توفير بيئة محادثات مألوفة وغنية بالمزايا المهمة.
أيهما جدير بالاستخدام ؟
إذا كنت مهتمًا بالحصول على أقصى قدر من الخصوصية لاتصالاتك عبر الإنترنت، فعليك إختيار Signal كونه مصمم من الألف إلى الياء ليكون آمنًا قدر الإمكان، وهذا يبرر سبب تفوقه على تيليجرام في قائمة أعلى التطبيقات تنزيلًا على متجر App Store اعتبارًا من أوائل يناير 2021 حيث تم الإعلان عن سياسة واتساب الجديدة التي جعلت كثيرين يفكرون بجدية الاعتماد على البدائل الأخرى.
ومع ذلك، إذا كانت بعض ميزات تيليجرام تروق لك – على سبيل المثال، إذا كنت تريد روبوتات أو محادثات جماعية كبيرة جدًا أو القدرة على مشاركة ملفات أكبر، فهذه مزايا كافية لاستخدام تطبيق Telegram.
ربما ليس لديك مشكلة مع قيام تيليجرام بتخزين جميع محادثاتك على خادم سحابي، ولكنك تريد فقط الابتعاد عن التطبيقات التابعة لفيس بوك بسبب كمية المعلومات التي تجمعها وهو سبب آخر للانتقال إلى تيليجرام.
بالطبع، يعتمد اختيار التطبيق الذي ستستخدمه في النهاية على ما إذا كان أصدقاؤك وعائلتك وزملائك في العمل وغيرهم من الأشخاص الذين تريد التحدث إليهم يستخدمون نفس التطبيق أيضًا أم لا.. قد ينتهي بك الأمر باستخدام كليهما للتحدث إلى أشخاص مختلفين وتجربة كلاهما على أرض الواقع.
بأي حال، يتفوق Signal أو Telegram على WhatsApp و Messenger عندما يتعلق الأمر بالخصوصية حيث لا يرتبط أي من التطبيقين بشركة فيس بوك.
لكن بالطبع، كل من Signal و Telegram ستتغير أولوياتهم بمرور الوقت مع تعزيز التجربة لمزيد من المستخدمين بإضافة ميزات جديدة تمامًا.
وبالنسبة للمُستخدمين الذين يركزون على الخصوصية بشكل أكبر، يتمثل الاختلاف الكبير في أن كل شيء يتم تشفيره دائمًا من طرف إلى طرف في Signal، بينما يقدم Telegram تشفيرًا من طرف إلى طرف كميزة اختيارية يتعين عليك استخدامها في حالات خاصة.