مراجعة لعبة Twin Mirror

يتخلي استوديو Dontnod مع اللعبة السينمائية الجديدة Twin Mirror عن نموذج الحلقات المتقطعة الذي قام بتجربته مع أعمال سابقة مثل Life is Strange و Tell me Why، وكانت النتيجة هي فيلم إثارة رائع ومُركّز عن الجريمة، مع تمثيل واقعي للشخصيات وبعض الموضوعات الجادة والمهمة، والتي يفشل الاستوديو نوعًا ما في معالجتها بالشكل المطلوب والوصول إلى خاتمة مناسبة لها بسبب طول مدة القصة القصير نسبيًا.

تقوم اللعبة بترسيخ نفس الأساسات التي اتبعتها باقي الأعمال السابقة، حيث يُعتبر النضج الإنساني هو مفتاح القصة المميز، والقرارات التي يتخذها اللاعب قادرة بشكل كبير على أن تحدد له خطوات الطريق، وتجعله يتعايش عمليًا مع القصة بشكل مباشر.

تتخذ اللعبة كذلك خطوة إلى الأمام في أسلوب السرد، وتجبر اللاعب على العودة بالذاكرة و التركيز واستعادة التفاصيل المتفرقة والمحادثات الجانبية من أجل ربط ملابسات القصة العميقة والإجابة على جميع أسئلتها.

Twin Mirror متوفرة الآن على منصّات PS4, Xbox One, PC. (تمت التجربة على منصّة PS4).

مراجعة لعبة Twin Mirror ..

رحلة فكرية مُبتكرة تفتقر إلى العمق

يعود المطور مجددًا كما هي عادته لاستكشاف فكرة العودة إلى الوطن، ومعرفة أسرار التاريخ المجهول والمضطرب مع لعبة Twin Mirror.

بعد عامين من مغادرة مدينة باسوود، وهي منطقة تعدين صغيرة في ولاية فيرجينيا الشمالية، يعود الصحفي سامويل هيغز إلى هناك لحضور جنازة نيك أفضل صديق له.

وعلى الرغم من أن الشرطة المحلية حكمت في أن وفاة نيك كانت حادثة عارضًا، تشتبه إبنه المتوفي بأن هناك ما هو أكثر من ذلك، وبينما يحقق بطلنا في الظروف التي أدت إلى وفاة صديقه، يبدأ في مواجهة أخطاء ماضيه المؤلم شيئًا فشيئًا.

يتم إجراء التحقيقات في الغالب من خلال تفقّد المناطق ذات الأهمية، وإجراء الحوارات مع السكان المحلييّن. سيتعين على اللاعب أن يقوم  بالتحقيق في المناطق المزدحمة، ويقرأ المستندات، ويحلل العناصر للكشف عن الأدلة المتعلقة بسبب الوفاة الحقيقي.

لا يوجد أدنى شك أن الاستوديو يبرع دائمًا في استغلال البيئة المحيطة لرواية قصته، وغمس اللاعبين بشكل أكبر وأعمق في عقلية البطل وحالته النفسية، ولعبة Twin Mirror ليست اختلافًا، حيث يستحضر اكتشاف الأشياء شيئًا فشيئًا ذكريات ماضي سام، وتتيح لك اللعبة سماع أفكاره وانطباعاته عن كل ما يراه.

السمات التي جعلت سام صحفيًا موهوبًا هي أدوات حقيقية متوفرة لمساعدة اللاعبين، أهمها هي قدرة البطل على الدخول إلى قصر العقل، والتي تُعتبر تقنية تفكير قديمة تسمح لممارسها بإنشاء مساحة في ذهنه للتنقل فيها بشكل خيالي.

يتجول ساكن القصر -بدلًا من محاولة تذكر الحقائق المجردة- بجوار الشيء الذي يحتاج إلى تذكره، نقش على شجرة، صورة، مسرح جريمة وغيره، ويتفاعل أيضًا مع كل عنصر أو يقوم بجمعه مع أشياء أخرى لصياغة خطة داخل عقله وبناء القرار بشأن المستقبل.

لا يتوصل البطل تلقائيًا إلى نتيجة بمجرد فحص كل كائن موجود في اللعبة، وإنما يحتاج إلى ضبط المتغيرات لكل عنصر من عناصر الجريمة للتأكد من أنها تتناسب مع بقية الاستنتاجات. قد يحتاج اللاعب إلى إعادة تشغيل نفس المشهد مرات عدة للتأكد من أن الأجزاء التي اختارها تتجمع بشكل صحيح لتسرد القصة التي حدثت فعلًا، ومن نفس المنطلق يحتاج اللاعب إلى استبعاد الأفكار أو المتغيرات التي لن تصنع فرقًا حقيقًا في نسج الأحداث أو الاستنتاجات.

عملية التفكير واستكشاف الأخطاء واصلاحها ليست صعبة ولكنها مُرضية حقًا. سام لديه مقدرة رائعة على التفكير المنطقي والعقلاني، وفي نفس الوقت يعاني من قلة مهارة في التعامل مع الناس، ولذلك يحتاج إلى الاعتماد على صوته الداخلي (أو النسخة الطيفية منه) لتقديم المشورة له في المواقف الاجتماعية.

سيضطر اللاعب إلى اختيار القرارات العقلانية المناسبة، والانتظار للتوقف والاستماع قبل أن يقرر الانقياد وراء صوت العقل الداخلي أو تجاهله، ووجدنا في تجربتنا القصيرة مع اللعبة أن هذا الصراع بين المنطق والعاطفة هي واحدة من أكثر جوانب اللعبة إثارة للإهتمام.

لسوء الحظ، وبعض المرحلة الأولى من التحقيق ينتهي الأمر بجميع مراحل اللعبة إلى مظهر متشابه ومكرر. يجب على اللاعب أن يبحث في كل منطقة عن أشياء عديدة لا يعرف فائدتها بعد، ويصعب العثور فعلًا على بعض منها، وبمجرد أن تقرر اللعبة سيتم دعوتك إلى التخطيط لثلاث أو أربع مجموعات ممكنة من الخطط والإجراءات.

هذه التكرارية في التعامل مع أسرار اللعبة المختلفة جعلت إيقاع المغامرة أكثر مللًا مما هو متوقع من لعبة تعتمد على الغموض والمفاجآت.

Twin Mirror تدور فكرتها حول حل الألغاز، ولكن الأمر يتعلق أيضًا باستعادة سام للذكريات التي تركها وراءه في اللعبة.

مشاعر الدفء والحزن الظاهرة بينه وبين حبه السابق، وإبنه الرجل المفقود ملموسة وعاطفية بشكل كبير، ولكن للأسف يعوق تطوير الشخصيات في اللعبة طولها المحرج والذي يستغرق خمس أو ست ساعات تقريبا للانتهاء منها بالكامل.

جميع التفاصيل أو النقاط التي يُجبر اللاعب على استكشافها موجودة فقط لحل ملابسات القضية ومعرفة الأحداث، ولا تساعد حقًا في التعرف على كل شخصية على مستوى أعمق، أو مناقشة القضايا الرئيسية مثل الإدمان وفساد عناصر الشرطة بشكل هادف ومقنع.

يتبين سريعًا أن الحبكة التي تدور حول وفاة نيك وألغاز المدينة مخيبة للآمال، ولا يوجد أي كشف درامي أو تسلسل عاطفي قوي يتخلل خيط المغامرة، ويقوي من صدمة اكتشاف السر الأصلي.

لكن لنكن عادلين، الحبكة تبتعد بشكل كبير عن طريقة العرض في التجارب السردية الأخرى للمطور، ومن الناحية البصرية يُعتبر الانتاج المرئي لقصر العقل أكثر إقناعًا من أي تجربة قصصية سابقة، ولن يتردد اللاعب أبدًا في التوقف بضع ثوان للاستمتاع بالمناظر الطبيعية، أو تعابير الشخصيات الواقعية في كل مشهد أو حوار داخلي.

من ناحية الصوتيات كذلك نجد أن اللعبة تنتقل بسلاسة بين أغاني البلوجراس والموسيقى التقليدية لتكمل الإعداد الغامض الذي تصنعه اللعبة، خاصة عندما يتم تقديم ملابسات القضية أو إذا لجأ سام إلى التفكير داخل قصره العقلي.

الدبلجة الإنجليزية متطابقة مع الكلمات المكتوبة، ولكن نلاحظ باستمرار بعض الأخطاء التقنية مثل الحوارات المتقطعة أو الانخفاض في قوة الأصوات بالمقارنة مع انفعالات الشخصيات في بعض اللحظات.

كلمة أخيرة

تحاول لعبة Twin Mirror تحسين الصيغة الي قدمها المطور في ألعاب سابقة، وهي تنجح في إبراز لحظات الارتباك النفسي لشخصية البطل بطرق بصرية مُبتكرة، كما أنها تشجع اللاعب على الانغماس في هذا الصراع النفسي من خلال إتاحة الفرصة لربط الأدلة ببعضها البعض يدويًا، واختيار إتباع خيوط الأفكار والتأثيرات الخارجية، أو الهرب من الإيحاءات التي تهاجمه في أي وقت، مما يؤدي إلى خلق بعض اللحظات الدرامية المصيرية مع قرب انتهاء اللعبة.

تتمثل نقطة الضعف الرئيسية للعبة في عمرها الافتراضي، والذي يستغرق ست ساعات تقيبًا للانتهاء منه. هذا الوقت قليل جدًا ليجعلك ترتبط بالشخصيات والأفكار التي تناقشها اللعبة، وسيكتشف اللاعب سريعًا أن ملابسات القصة وخلفيات سكان المدينة جميعها أشياء ذات دور ثانوي لحل القضية الأساسية، ويمكن للاعب أن يستمر في التنقيب عن الاشياء المتعلقة بهم بطريقة أو بأخرى، ولكن هذا لن يكون أكثر من مضيعة للوقت، وليس له أي علاقة بالتطور الحقيقي للحبكة، والتي وجدنا أنها مخيبة للآمال، لأنها تفتقر إلى أساسيات التقديم التي لم يستغلها المطور بشكل جيد ربما لحرصه على تقديم تجربة واحدة كاملة بدلًا من حلقات منفصلة.