مراجعة لعبة void tRrLM(); //Void Terrarium

void tRrLM(); //Void Terrarium هي قصة بسيطة عن رعاية فتاة صغيرة تعيش في عالم منتهي تملؤه بالأمراض والأوبئة.

اللعبة تستخدم بعض عناصر البقاء على قيد الحياة، وتقود اللاعب عبر مراحل عشوائية ومتغيرة باستمرار من أجل إنقاذ هذه الفتاة الضعيفة وتحسين معيشتها بشتّى الطرق والوسائل.

قد يكون الأمر معادًا ومكررًا، ولكنني على غير العادة لم أكره هذا الإتجاه المألوف في تصميم اللعبة. هناك بعض الألعاب التي بالرغم من اختلاف مفاهيمها وقصصها يمكنك من خلالها رؤية تأثير مبدع المحتوى عليها، وفي هذه الحالة من نتحدث عنه هو المطور Masayuki Furuya، والمعروف بأسلوب عمله المميز على ألعاب سابقة مثل The Liar Princess and the Blind Prince و Yomawari.

تحتوي جميع ألعاب الناشر NIS America في العموم على طابع مشترك في استخدام الألوان والرسوم. ألعاب مثل htoL#NiQ: The Firefly Diary و A Rose in the Twilight وبالطبع Void Terrarium يمكن القول أنه تم العمل عليها جميعًا بهدف واحد وهو تحريك مشاعر اللاعبين بأجواء مفعمة بالحياة والعاطفة بدلًا من استخدام الكلمات والحركات والإنفعالات، وهكذا يمكننا أن نرى نمطًا فنيًا واحدًا على مر الإصدارات المختلفة يشبه الرسوم التوضيحية المستخدمة في الكتب المصورة الخاصة بالأطفال.

تتكرر في هذه الألعاب أيضًا وجود علاقات تكميلية بين الشخصيتين الرئيسيتين، وتقوم كل لعبة منهم بعمل رائع في تضمين الفكرة العامة للعبة وطبيعة العلاقة داخل آليات اللعب بطريقة تسمح للاعبين بتجربة تأثير هذه المشاعر بأنفسهم، وربما تكون هذه هي النقطة التي تميز ألعاب المطور في العموم عن باقي ألعاب هذا النوع.

على الجانب الآخر نادرًا ما تحتوي السيناريوهات الموجودة في ألعاب المطور على “نهايات سعيدة”، و Void Terrarium لا تختلف عنهم في هذه النقطة، ولكنها مثلهم تستطيع أن تثير اهتمام اللاعب بما فيه الكفاية لتجعل اللاعب يتخيل ماذا كان سيفعل في مثل هذه المواقف، وتجعله راغبًا في معرفة كيف ستستمر الشخصيات في حياتها بعد الانتهاء من اللعبة.

void tRrLM(); //Void Terrarium ستتوفر على منصّات PS4, Nintendo Switch في الرابع عشر من يوليو 2020. (تمت التجربة على منصّة بلاي ستيشن 4)

مراجعة لعبة void tRrLM(); // Void Terrarium ..

ابتسامة الفتاة، والأمل المفقود

في عالم تملؤه الملوثات والفطريات السامة، يعثر بطلنا روبوت الصيانة المهجور على فتاة صغيرة تُدعى Toriko في موقع مهملات بعيد تحت أعماق الأرض.

الفتاة قد تكون هي آخر إنسان متبقٍ على الكوكب، ولكنها ضعيفة للغاية ولا تحتمل الأوضاع المميتة في العالم الخارجي، ومن أجل هذا يقوم الروبوت بالمشاركة مع صديقه جهاز الحاسب ذو الذكاء الاصطناعي بمحاولة إنشاء ملجأ لها أو بمعنى أدق صوبة (Terrarium) لتعيش فيها بسعادة وأمان وبصحة كاملة.

يجب على الروبوت الوحيد أن يتجول في الأراضي المجهولة، ويجمع الموارد اللازمة لمعالجة الفتاة وتحسين الحياة داخل الصوبة وهذا أثناء محاربة الآلات الخارجة عن السيطرة والمخلوقات المتحولة على طول الطريق.

مع التقدّم في القصة سيتضح تدريجيًا سر وجود الفتاة والمستقبل الغامض للبشرية، بالإضافة إلى أن اللاعب سيتعرف على المزيد من التفاصيل حول أصل العالم والأسباب التي أدت ليصبح على هذه الحالة.

تجربة عناية عشوائية

إذا سألتني ما هو نوع هذه اللعبة باختصار فلا يوجد أفضل من التعبير Roguelike Care RPG (مُقتبس من الموقع الرسمي)، وهذا لأن اللعبة تعمل بشكل أساسي كدورة مغلقة من البحث والرعاية مع العلم أن كلا النظامين يعملان بشكل مترابط ومتزامن.

أنت تبحث عن المعدّات والعناصر المختلفة في المواقع العشوائية لمساعدتك في رحلتك، ولكن في نفس الوقت عليك أن تستمر في رعاية الفتاة Toriko وملاحظة مؤشراتها داخل وخارج المهمة من خلال شاشة تعليمية صغيرة ولطيفة مصاحبة لك في جميع الأوقات.

تتمثل عملية الاستكشاف ببساطة في هزيمة الأعداء، والتقاط العناصر، ورفع مستواك داخل المهمة والصعود عبر الطوابق المختلفة وما إلى ذلك، ولكن مثل باقي الألعاب العشوائية يعود مستوى التقدّم والمهارة الذي وصلت إليه إلى الصفر بمجرد انتهاء البحث وتختفي جميع العناصر التي حصلت عليها أثناء رحلتك.

العناصر والأسلحة لا تختفي تمامًا بل يتم تحويلها إلى طعام لاستخدامه في تغذية الفتاة أو موارد لصناعة الأدوات والأثاث ومتعلّقات الحياة التي يمكن ضبطها داخل الصوبة لتعطي منظرًا جماليًا لها، ولكن الفائدة الحقيقية منها هي الجائزة التي تحصل عليها عند إتمام صناعة أي قطعة تحتاجها وهي زيادة مؤشرات الروبوت وكمية الأشياء التي يستطيع حملها، وهذه العناصر تظل دائمة معك مهما حدث.

في نظري هذه اللعبة مناسبة للمبتدئين واللاعبين الذين ينزعجون من ألعاب Rogue في العادة، وهذا لأن ما تخسره فعليًا بين كل دورة استكشافية والأخرى ليس كثيرًا، كما أن التقدّم الفعلي للقصة لا يختفي بعد خسارتك مثل ألعاب Dead Cells أو Rad ولن تحتاج إلى إعادة اللعبة مجددًا من البداية كلما خسرت في إحدى المهمات.

اللعبة ليست عشوائية بالكامل وإنما جزء منها فقط هو العشوائي، وحتّى هذه الجزئية يمكن السيطرة عليها بطرق مختلفة كما سنرى لاحقًا في المقال.

عوامل التقدّم والنمو

بما أننا نتحدث عن الألعاب العشوائية، فبالتأكيد سيكون أو ما يهم اللاعب معرفته هي سهولة الحركة وسرعة الاستجابة أثناء الهجوم والدفاع وما إلى ذلك، ويسعدنا أن نقول أنه لا يوجد ضغط أو تباطؤ في أسلوب الحركة في هذه اللعبة رغم أنها تستخدم نفس تصميمات المراحل مثل لعبة Pokemon Mystery Dungeon.

هذا يتحقق لأن اللعبة هذه المرة لا تجعل جميع الأعداء يتحركون معك على الخريطة في كل خطوة تقوم بها بل الأعداء القريبين منك فقط، وهذا يخفف الحمل نوعًا ما على اللعبة ويجعل الحركة واستخدام المهارات عملية قصيرة ومريحة للغاية.

تتخذ اللعبة أسلوبًا مُبتكرًا كذلك في تخصيص وتطوير الشخصية داخل المرحلة، فعندما يزداد مستواك عن طريق هزيمة الأعداء ستظهر مهارتان مختلفتان على الشاشة وتطلب منك اللعبة اختيار واحدة منهما بشكل عشوائي.

هذه المهارات يمكن أن تكون أي شيء بدئًا من زيادة مؤشرات الهجوم والدفاع واستكشاف الفخاخ المخبأة وشحن نقاط الحياة أوتوماتيكيًا أو إضافة المزيد من القوة للضربات العادية والقنابل والأدوات وتوفير المزيد من القدرات والضربات الخاصة لمساعدتك أثناء القتالات.

بالطبع جميع هذه الأشياء تختفي مع انتهاء المهمة، ولكن يحصل اللاعب خلال جولاته في نفس الوقت على وصفات حرفية متعددة تتيح له صياغة بعض العناصر التي قد يحصل عليها عشوائيًا خلال تجواله مثل زيادات المؤشرات أو الضربات الخاصة، وبهذا فإنه يكون مستعدًا لدخول الجولة القادمة أكثر من السابق، ولا تجبره على قضاء أوقات طويلة في تطوير نفسه في كل مرة يرغب فيها بالدخول وإتمام أحد الأهداف المطلوبة منه.

بعض العناصر التي تحصل عليها تتيح لك أيضًا تغيير نوعية الأشياء والخصائص العشوائية التي تظهر لك داخل المرحلة حسب طريقة لعبك وتكفيرك، ويُطلق عليها هنا اسم Knack.

على سبيل المثال إذا اخترت أن تكون شخصية محاربة Fighter، فستجد تعزيزات الهجوم والضربات الخاصة هي ما تظهر بكثرة أثناء تجوالك، والعكس إذا اخترت شخصية Medic مثلا فستكون عناصر الشحن هي المتوفرة أكثر من أي شيء آخر.

التكامل بين الفكرة والتطبيق

تم إعداد Void Terrarium بطريقة مختلفة قليلًا عن الألعاب السابقة، حيث أنه في الماضي نجد أن الشخصيات تتحرك معًا وتساعد بعضها البعض، ولكن هنا الروبوت يعتني الطفلة توريكو من جانب واحد لأنها لا تستطيع الحركة، وبهذا فإن الفتاة توفر الدافع النفسي وليس العملي لشخصية الروبوت، كما أنه ينعكس بدوره على طريقة شعورك بحالة الفتاة على مدار اللعبة.

مهما كان الوقت أو المكان الذي يكمن فيه الروبوت، سيتمكن اللاعب من معرفة حالة الفتاة عن طريق شاشة تليفزيونية صغيرة شبيهة بأجهزة التاماجوتشي الطفولية التي تسمح لك بالاعتناء بالكائنات الخيالية، وهذا يعزز نوعًا ما فكرة العناية والشعور بالقلق الذي ينتابك عندما تسمع أحد الانذارات بأن الفتاة جائعة أو مريضة، كما أنه يجبرك على تجهيز المؤن والمعدّات مسبقًا لمثل هذه الحالات كأنك فعلًا المربي الوحيد لها.

قد يكون ما سأقوله هنا مختلفًا من شخص إلى آخر، ولكن اللعبة فعلًا كئيبة في فكرتها وطريقة عرضها. فعلى سبيل المثال تعاني الفتاة من العديد من الأمراض المختلفة على مدار اللعبة بسبب نقص الطعام أو تلوث الجو، ويظهر كل مرض عليها بطريقة مقززة كأنها تذوب أو تخرج من جسدها الحشرات أو حتّى تتحول إلى كائن زومبي في بعض الأحيان، والأمر الأخطر على الإطلاق هي أن تبكي.

في هذه الأحوال يجب عليك أن تبتكر وسائل غير إعتيادية لمعالجتها مثل نقلها في صورتها السائلة إلى زجاجة لتستطيع تحويلها إلى شكلها الصلب مجددًا أو إعادتها إلى حالتها الطبيعية، أو تعطيها الحليب لكي تهدأ، والأفضل هو أن تمنع حدوث ذلك من البداية عن طريق التركيز في نوعية الأطعمة التي تقدّمها، أو البحث عن الأدوية المناسبة لعلاج هذه الأمراض.

شخصيًا أحببت هذا الأمر كثيرًا وأحببت أن الأمل والسعادة لا يأتيان من الأفكار المطروحة داخل اللعبة، وإنما من داخل اللاعب نفسه، من المجهود الذي يقوم به ورغبته في منع إصابة الفتاة بأي حزن أو تعب، وهذا جعلني منغمسًا أكثر وأكثر في هذه العلاقة الجميلة وغير الاعتيادية بين الطفلة والروبوت الآلي رغم عدم وجود أي حوارات بين الإثنين. تطور القصة والعلاقة بين الطرفين يتم بصورة رائعة، ولا أخجل من التصريح بأنني بكيت مع اقترابي من لحظة النهاية.

الموسيقى التصويرية كذلك ساعدت كثيرًا في جعلي أتعاطف مع القصة، وأن تكون حالة الفتاة حاضرة في ذهني طوال فترة اللعب.

هناك مقاطع البيانو الهادئة أثناء اللحظات المؤثرة، وبعض الدقات والمعزوفات الإلكترونية بين كل مرحلة والأخرى لتتماشي مع اسم وطابع المكان الذي يتجول فيه الروبوت، وفي نظري أن الموسيقى كانت أساسية لإضافة الروح إلى عالم void Terrarium، وأن هذا العالم لم يكن ليكون ممكنًا بدونها.

أقول هذا أيضًا لأنني لم أكن سعيدًا كثيرًا بشكل المراحل العشوائية نفسها. هناك ستة أو سبعة مراحل عشوائية موجودة في اللعبة، ولكن لا يوجد فروقات كبيرة بينهم في الشكل أو التصميم، ولا يوجد أي أماكن مميزة أو سرّية بين الطوابق وبعضها أو أشياء تستحق الوقوف عندها في أي طابق، مما أطفأ بداخلي روح الاستمتاع والاستكشاف بعد فترة فصيرة من بدء اللعبة، ووجدت نفسي أتوجه دائمًا نحو نقطة الانتقال إلى الطابق الجديد بدون النظر إلى ما هو حولي في أي وقت.

العامل الذي كان يحركني فعلًا للأمام هو الموسيقى وليست تصميمات المراحل، أضف إلى ذلك أسلوب الرسم والجو العام وكلاهما رائع الجمال.

تستخدم اللعبة إضاءة خافتة ومزيجًا من الألوان الباردة في جميع الأماكن لخلق صورة العالم المريض بالشكل المطلوب، كما أن الأدوات والأطعمة وعناصر البناء نفسها جميعها مرسومة بعناية لتجعل فكرة بناء الصوبة من جديد أمرًا جميلًا بحق لكل من الفتاة وأيضًا اللاعب.

كلمة أخيرة

تستغرق void tRrLM(); //Void Terrarium من 20-25 ساعة على الأقل للانتهاء منها، وهذا يعني أن هناك الكثير من المحتوى في انتظار اللاعبين، لكن للأسف لا يوجد أي تحديات أو مغامرات إضافية بعد نهاية القصة سوى مرحلة واحدة جديدة لا تمتلك عددًا محددًا من الطوابق ويمكن التجوال فيها بحرّية.

اللعبة صعبة للغاية في بدايتها، وقد تصد هذه الصعوبة العديد من اللاعبين، ولكن بمجرد فهم أساسيات اللعبة والتقدّم في القصة والحصول على الأدوات المناسبة سيجد اللاعب الأمر ممتعًا ولن تتحول اللعبة إلى التكرارية مثل باقي ألعاب Rogue الأخرى، هذا إذا تغاضينا عن أشكال المراحل بالطبع وقمنا بالتركيز على القدرات ونوعيات الأعداء.

القدرة على اختيار القدرات بشكل عشوائي فكرة جديدة ومختلفة، وتبتعد عن شجرة القدرات الخاصة المعروفة في ألعاب الأر بي جي.

هذه الطريقة تتيح لك تجربة ترتيبات متعددة لنفس الشخصية كما تريد، ولن تحتاج إلى إعادة اللعبة مرة أخرى لتجربة طريقة مختلفة للعب بالشخصية مثل ألعاب Dark Souls مثلًا.

لا أنكر أنني عانيت من هذه العشوائية في بعض الأحيان، لأنني لم أكن أحصل على القدرات التي احتاجها في الأوقات المناسبة، أو بسبب ظهوري في طابق مليء بالأعداء الأقوياء في مرحلة مبكرة من اللعب، ولكنها تحدث بصورة طفيفة ويسهل تحملها والتغاضي عنها من أجل القصة الجميلة، والتي أنصح جميع اللاعبين المهتمين بهذا النوع بتجربة اللعبة من أجلها والاستمتاع بالمشاعر والمفاجآت التي ستقدمها لهم اللعبة.