Sekiro: Shadows Die Twice حطمّت جميع التوقعات هذا العام وحصلت على جائزة أفضل لعبة وتفوقت على بعض الألعاب الأخرى ذات الصيت الواسع مثل Death Stranding, Resident Evil 2 Remake, Control.
أعطينا اللعبة العلامة الكاملة في مراجعتنا لها ولم نندم على هذا الأمر يومًا واحدًا، بل أثبتت الأيام والتجارب أن Sekiro تحفة فنّية لن تتكرر بسهولة تمامًا مثل سابقتها سلسلة الألعاب المعروفة Dark Souls.
كيف استطاعت أن تتفوق Sekiro على منافسيها؟ ما هي العناصر التي كانت تنقص الألعاب الأخرى لتضعها في نفس المكانة؟ وهل كان يمكن أن تسير الأمور بطريقة مختلفة لو اختلفت مبيعات الألعاب أو مواعيد الإصدار أو آراء النقاد؟ نجيب على جميع هذه التساؤلات وأكثر في مقال اليوم.
7 أسباب جعلت Sekiro اللعبة الفائزة لسنة 2019
قبل أن نبدأ في ذكر الأسباب، ربما يجدر بنا إلقاء نظرة على المنافسين الآخرين لمعرفة أين تكمن المعركة الحقيقية هذا العام.
هناك ألعاب مرشحة لجائزة لعبة العام، لم نضعها في قائمة الحسبان من الأساس مثل لعبة Super Smash Bros Ultimate.
هذه اللعبة رغم شعبيتها الواسعة ودعمها المتواصل يمكن اعتبارها نسخة محسّنة ومنقّحة من اللعبة التي سبقتها Super Smash Bros Melee، واعتمادها الكبير على تحسين جودتها من خلال استضافة شخصيات ألعاب أخرى جعلني أتسائل عن كينونة اللعبة الأصلية بين الحين والآخر.
نفس الشيء يمكن قوله عن لعبة Resident Evil 2 Remake. هذه اللعبة لم تقدّم جديدًا غير شكل رسوم مُحسن ولم تضيف أي محتوى مختلف على اللعبة الأصلية. أيضًا فكرة إعادة اللعبة بشخصيتين مختلفتين لم تكن جذابة بالدرجة الكافية لعدم وجود اختلافات كبيرة بين تجربتي اللعب.
هناك بعض الألعاب الأخرى التي يتم إتهام مطوريها بالتكاسل والتحايل على اللاعبين لأنها تقوم بنفس هذا الأمر ولكن لم يتم إتهام اللعبة بنفس الإتهامات رغم أنها تفعل نفس الأشياء وهذا جعلني أتعجب لفترة من الزمن.
لا أريد أن استمر في تكرار نفس الكلام مع The Outer Worlds. لعبة باسم جديد ونظام لعب منقول بالكامل من السلسلة القديمة Fallout New Vegas، ورغم البراعة في التنفيذ والإخراج إلا أنها لم تبرز بالشكل الكافي الذي يجعلنا نختارها هذا العام دونًا عن غيرها.
هذا يقودنا إلى الترشيحات الحقيقية التي حيرتنا لتوقع نتيجة هذا العام.
ألعاب مثل Control و Death Stranding بقيت موضع اهتمام لفترة طويلة قبل موعد إطلاقها بسبب القصص الغامضة والأسماء اللامعة للمطورين وأنظمة اللعب المختلفة عن أي شيء موجود على الساحة.
لكن ورغم كل ذلك، تفوّقت لعبة Sekiro: Shadows Die Twice على كل منافسيها. فلنرى معًا تحليلنا للأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة والمبني على ملاحظتنا الحيادية وبدون التحيز إلى أي مطور دون الآخر.
التوقف عن استخدام تقنية الضرب والإفلات
التقنية المدهشة التي اعتمدتها لعبة سيكيرو في تصميم القتالات كانت مختلفة عن أي شيء رأيناه من قبل في ألعاب الآكشن أو الألعاب بشكل عام.
الفكرة التي اعتدنا عليها في أي لعبة حتّى الألعاب الكلاسيكية البسيطة أنك يجب أن تقوم بضرب الخصم في الوقت الذي لا يكون منتبهًا لك فيه، وتقوم بالابتعاد عنه في الوقت الذي يقوم فيه بشن ضرباته عليك.
إذا فكرت فيها بهذه الطريقة ستجد أنك لا تتعارك فعليًا مع الخصم مثلما يحدث في أفلام الآكشن أو مسلسلات الأنميشن، بل الموضوع يبدو مثل ألعاب الأر بي جي المعتادة التي يتبادل فيها اللاعب الأدوار مع الخصم، لكنّها تحدث بشكل أسرع قليلًا من المعتاد.
في سيكيرو هذا الفارق في التوقيت يتم معالجته والقتالات تحدث بالشكل الصحيح والذي يجبرك على مواجهة الخصم فعليًا والتصادم معه باستخدام السيوف بدلًا من اختيار الوقت المناسب لشن الهجوم او استخدام الضربة السحرية أو غيرها من القدرات.
الوحش لم يعد من الممكن اعتباره وسادة لتلّقي الضربات مثلما هو الحال في الألعاب الأخرى، وهذا كان فعلًا شيئاً جديداً ووجعلني أشعر بمستوى الأدرينالين الذي يتدفق في عروقي يرتفع عند أي مواجهة في اللعبة.
لعبة sekiro لا تضيع وقتًا في جعلك تستمتع بها
رغم أن تجربة لعبة جديدة والاعتياد على قوانينها صفة تميز ألعاب الفيديو بشكل عام، في بعض الأحيان تجعلك اللعبة تشعر أنك مقيّد بما يتم تقديمه لك حسب السقف التقني للعبة أو نظرة المطور أو أي سبب آخر.
عليك أن تنتظر لفترة طويلة قبل أن تحصل على السلاح المناسب أو تصل إلى نقطة معيّنة في القصة لكي تبدأ المتعة الحقيقية في الظهور، وفي بعض الأحيان لا تصل الألعاب إلى هذه النقطة إلا مع اقتراب النهاية.
هذا الأمر لا يحدث في سيكيرو. اللعبة ممتعة منذ اللحظة الأولى ويمكنك الذهاب واستكشاف مناطق كثيرة حول العالم الشبه المفتوح بالترتيب الذي تريده، وحتّى أنه يمكنك هزيمة الوحوش الرئيسية بدون الحصول على أي أسلحة إضافية لو كنت ماهرًا بالشكل الكافي وهذا فعلًا ما قمت به.
اللعبة لا تعتمد على النسخ واللصق
كل دقيقة تمضيها مع اللعبة مميزة سواء أكانت مشهدًا قصصيًا أو معركة رئيسية أو حتّى معركة جانبية بسيطة، وليس هناك داعي للانتظار أو الشعور بالضجر أو القلق بشأن أن تتوقف المتعة وتصبح مكررة في أي وقت.
لا يتم اعادة استخدام نفس الوحش مرتين، ولا تصبح هزيمة الوحوش سهلة بعد التقدّم في قصة اللعبة، بل يكتشف اللاعب أن الأمر يزداد صعوبة مع الوقت، وأن عدد الأعداء مهما كان ضئيلًا وحتّى لو كان عدوًا واحدًا يقف أمامك ستجده يستعمل بعض التقنيات التي لم يسبق لك رؤيتها من قبل ولن تراها مرة أخرى سوى مع هذا العدو فقط.
هذا الإحساس الرائع بالدهشة والمفاجأة يلازمك دائمًا طوال فترة اللعب، كما أن هناك بعض التحديات التي تعتمد على الإحساس الجيد وقوة الملاحظة والعقل السليم وليس كل شيء في اللعبة معتمدًا على التلويح بالسيف مثل اختبار الثلاثة القرود لو يتذكره اللاعبون الذين قاموا بتجربة اللعبة.
يمكن تطبيق أي شيء تفكر فيه داخل Sekiro
هذه النقطة يمكن تطبيقها على ألعاب From Software بشكل عام لكن يجب ذكرها كلما تحدثنا عن واحدة من ألعابهم.
Sekiro من الألعاب القليلة التي تجعلك تفكر فيها حتى لو لم تكن تلعب اللعبة فعليًا وتمسك بذراع التحكّم.
تخيل معي هذا الشعور أنك توقفت عند عدو رئيسي معيّن لا تستطيع هزيمته بسبب صعوبة الاعتياد على حركاته، ورغم المحاولات المتكررة لم تتمكن من الاعتياد على أسلوب قتاله ومزامنة عينيك بشكل صحيح مع سرعة حركته الكبيرة، ولا يوجد حل غير ترك اللعبة والذهاب إلى العمل أو الدراسة أو القيام بأي شي آخر.
مهما كان الشيء الذي تقوم به في يومك، ستظل تفكر وتفكر بداخلك: ربما لو فعلت هذا أو قمت بذاك أو انتظرت قليلًا قبل أن أضرب هذه الضربة.
جميع الاحتمالات تتكون في عقلك بشأن المعركة التي خرجت منها خاسرًا وتظل تفكر طوال اليوم في ماذا يمكنك أن تفعل لو عدت إلى اللعب مجددًا.
هذا الشعور الداخلي بأنك تريد العودة إلى اللعبة مجددًا بعد أن فكرت بشكل أفضل في طريقة سير المعركة لا يمكن وصفه ولا يوجد لعبة أخرى تقدّمه بنفس الطريقة، كما أن الأشياء التي تفكر فيها في عقلك يمكن تطبيقها فعلًا داخل اللعبة بدون أي قيود والأمر ليس معتمدًا على مستوى الشخصية أو نوع السلاح أو أي من هذه الأمور.
باختصار.. اللعبة تجعلك تتفوق على نفسك، وتصبح أفضل مما كنت عليه كلاعب وكشخص، وتفكر خارج الصندوق في حلول جديدة ورؤية مختلفة لكل ما يحدث أمامك.
البراعة في اختيار أماكن الشخصيات
ذكرت هذه النقطة في مراجعتي للعبة وأريد التطرّق إليها مجددًا لأنها أعجبتني كثيرًا.
في الألعاب الأخرى أنت تفكر في كيفية الوصول إلى وجهتك والحديث مع الشخصية التي ستعطيك المهمة التالية، لكنّك لا تضع نفسك مكان هذه الشخصية ببساطة لأنها شخصية جانبية مسؤولة عن إعطائك المهمات وحسب.
هناك العديد من ألعاب هذا العام مثل Outer Worlds جعلتنا نرتبط بالشخصيات الجانبية ونشعر أن لها حضور قوي ودور فعال في العالم معظم الوقت.
لعبة Death Stranding أبهرتنا كذلك بالقصص الدرامية التي تجعل كل شخصية مرتبطة بالمكان الموجودة فيه مثل شخصيات Mama و Heartman.
النقطة هو أنه إذا دل هذا على شيء فهو على براعة الكاتب، لكن Sekiro تتفوق على هذا الأمر وتأخذ الموضوع إلى المستوى التالي بسبب أنها لا تتخلّى عن كونها لعبة في المقام الأول على عكس الألعاب الأخرى، وهذا انعكس في طريقة وضع الشخصيات في الأماكن على الخريطة أو العالم شبه المفتوح وليس الاهتمام بما يقولون فقط.
على سبيل المثال، هناك سيّدة تبحث عن إبنها في اللعبة، وإذا مشيت خطوات قليلة سوف تجد إبنها يصارع الموت بجانبها، لكنه لم يستطع اجتياز المسافة الباقية ليقابل والدته، والاثنان يحاولان الوصول إلى بعضهما لكن لا يعرفها أنهما بجانب بعضهما البعض، وكل هذا بسبب طريقة وضع الشخصيات على الخريطة، خطوة ذكية جدًا ووجدتها مؤثرة للغاية.
Sekiro لعبة فيديو وليست فيلما سينمائيًا
هذه النقطة أصبحت موضع جدال في الفترة الأخيرة بسبب اقتراب الألعاب بصورة كبيرة من أفلام السينما.
يستخدم المطور دائمًا مقاطع سينمائية قصصية عالية المستوى للدعاية للعبته، وغالبًا ما يجد اللاعبون أن نظام اللعب الفعلي لا يرتقى لمستوى المقاطع السينمائية التي شاهدوها داخل اللعبة.
فمثلاً كما اعتدنا من المطور كوجيما، فقد قام في لعبة Death Stranding باستخدام المقاطع السينمائية بشكل مكثف داخل اللعبة وحتّى أن نهاية اللعبة عبارة عن مشهد سينمائي كبير تتجاوز مدته ساعتين من الوقت.
أضف إلى ذلك أن ماضي الشخصيات نفسها يتم عن طريق حوارات طويلة بدون أي معركة تليها أو ذروة فعلية لوقت الانتظار الذي تمضيه في الاستماع إليهم.
نفس الحال بالنسبة للعبة Control والتي تجد القصة فيها يتم سردها عن طريق بعض المشاهد السينمائية غير المفهومة أو الحوارات غير الجذابة بين الشخصيات كطريقة العرض المُستخدمة في ألعاب Mass Effect.
لعبة Sekiro لا تستخدم المقاطع القصصية بشكل مزعج يمنعك من اللعب أو يصيبك بالملل عند مشاهدتها، كما أن الحوارات مع الشخصيات دائمًا ما تنتهي بمعرفتك معلومة مهمة أو تنقلك إلى عالم مختلف أو معركة ضارية لن تنساها بسهولة.
حتّى الشخصيات الجانبية مثل شخصية Emma والشخصيات التي ماتت إلى الأبد مثل شخصية والدك تستطيع أن تجد نفسك تحاربها في وقت من الأوقات.
لا يوجد وقت لن تمضيه في اللعب مع Sekiro على عكس باقي الألعاب.
القصة لا تحتاج لأن تكون معقدّة لتكون مؤثرة
نقطة أخرى يخطأ فيها العديد من مطورّي الألعاب. يتجه المطور لإخفاء العديد من عناصر القصة خلف الأبواب والأقفال والعناصر الخفية بهدف جذب اللاعب إلى استكمال اللعبة حتّى النهاية، وفي أحيان كثيرة يجد اللاعب أن ما وصل إليه لا يستحق كل هذا المجهود أو أنه كان من الممكن تقليص وقت الوصول إلى هذه النتيجة.
في لعبة سيكيرو الأفكار التي تريد القصة إيصالها إلى اللاعبين واضحة، كما أنه من السهل رؤية الدوافع التي تحرّك كل شخصية في اللعبة مثل الشجاعة، العطف، الأمانة، الشرف، الولاء، هذه جميعها مواضيع تناقشها اللعبة بطرق مختلفة، ومواقف متعددّة، تصورّ لك كيف كان يعيش اليابانيون في تلك الفترة.
هذا الأمر لا ينطبق على المقاطع القصصية فقط، بل ينطبق على شخصيات اللعبة الثانوية، وجنود الأعداء، وحتّى المتعلقّات والعناصر التي تجمعها خلال لعبك.
كل شيء يجتمع معًا لسرد قصة عميقة ومؤثرة، على عكس الألعاب الأخرى التي تستعرض مدى اتساع الخريطة الفارغة فيها أو تعتمد على السرد القصصي فقط والوجوه المشهورة من أجل إيصال الفكرة.
وختاماً يُمكنني القول أن اللعبة استحقت بجدارة الفوز بلقب لعبة العام.