مراجعة لعبة Indivisible

حازت لعبة Indivisible على الكثير من الاهتمام منذ الإعلان عن تطويرها قبل أربع سنوات بسبب أشكال الشخصيات والأماكن الجميلة والمرسومة باليد وأسلوب القتال السلس والممتع والمستوحى من لعبة RPG القديمة Valkryie Profile، وبعد قضاء الوقت معها وجدنا أنها تستحق فعلًا هذا الاهتمام وأكثر.

استطاع استوديو التطوير المسؤول عن اللعبة القتالية Skull Girls أن يأخذ طريقة اللعب من لعبة البلايستيشن الكلاسيكية ويضبطها ويضيف إليها لمسته الخاصة ليصنع شيئاً فريداً من نوعه.

عالم اللعبة مليء بالحب والإهتمام والتفاصيل الصغيرة المتناسقة مع بعضها البعض بشكل جميل لتصنع في النهاية تجربة ممتعة ومجزية لجميع محبّي ألعاب RPG وألعاب البلاتفورم.

Indivisible متوفرة الآن على منصّات PS4 (تمت تجربتها), Xbox One, PC وقريبًا على منصّة ألعاب Nintendo Switch.

Indivisible ..

مزيج مميز بين ألعاب RPG القديمة وعناصر بلاتفورم

تدور أحداث اللعبة حول Ajna، وهي فتاة عمرها 16 عامًا تذهب في رحلة لتنتقم من أجل والدها الذي قُتل على يد جنود الحاكم الشرير Ravanavaar، وأثناء رحلتها تقابل الفتاة العديد من الشخصيات المختلفة وتذهب إلى أماكن عديدة حول العالم وتتعلّم الكثير من الدروس الحياتية حول إيجاد السلام النفسي وكيفية التعامل مع أصدقائها وأيضًا أعدائها، كما أنها تكتشف المزيد عن قواها السرية الكامنة بداخلها والتي ستساعدها كثيرًا في التغلّب على المصاعب التي تعوق طريقها نحو إنقاذ العالم.

تأثير الميثولوجيا والثقافات على عالم Indivisible

اللعبة تبدو خطيّة في البداية لكن بعد فترة قصيرة يحصل اللاعب على إمكانية السفر إلى أماكن كثيرة حول العالم.

الأماكن التي تذهب إليها البطلة وأصدقائها في اللعبة تستعمل العديد من مصادر الإلهام والثقافات المختلفة غير المُستخدمة كثيرًا في ألعاب RPG مثل حضارة الإنكا القديمة وبلاد الهند ومدينة الصين في المستقبل بنوافذها الأرجوانية مثل فيلم Blade Runner وأيضًا أوروبا في حقبة الثمانينات.

يقابل اللاعب العديد من الشخصيات الرئيسية والجانبية التي تقوم بمساعدته في رحلته وتعليمه حركات جديدة لتسهل عليه الحركة والانتقال من مكان إلى آخر.

يتمكّن اللاعب من الحصول على أساليب حركة وتنقّل كثيرة مثل ألعاب Hollow Knight و Cave Story، وهذه الحركات تساعده في استكشاف كل مدينة وطوابقها المختلفة ودخول بعض البيوت والمنازل والقصور والأبراج الموجودة في كل مدينة والتعرّف عليها من الداخل.

كل هذا طبعًا مرسوم باليد مثله مثل الشخصيات الرئيسية والجانبية الموجودة في اللعبة والتي تعطيك المزيد من الانطباعات حول مشاكل العالم المختلفة وكيفية إصلاحها.

رحلة نفسية تربوية

تحتوي اللعبة على 20 شخصية يمكن ضمّها إلى فريقك واستخدامها في أي قتال كما تريد. كل شخصية مرسومة باليد وتبدو جميلة ومميزة عن غيرها في طريقة الكلام والتفكير وأسلوب الحركة أثناء القتال.

ورغم أنك لن تحتاج إلى استخدام جميع الشخصيات لتستطيع إتمام مهمتك، تنجح اللعبة في خلق توازن بين الأحداث الجادة والمواقف الكوميدية لكل شخصية والتي تجعلك تقع في حبها وتنتظر المزيد منها في كل وقت ولن تستطيع أن تنسى أي شخصية منهم بسهولة بعد الانتهاء من اللعبة وهذا أمر صعب نوعًا ما على الألعاب التي تستخدم كمية كبيرة من الشخصيات القابلة للعب في أي وقت لكن Indivisible تقوم به بشكل ممتاز.

هناك موضوع خفي يدور في كواليس اللعبة معظم الوقت وهو أن شخصيات اللعبة تمثل اسقاطات كوميدية على شخصيات الأبطال التي اعتدنا علي مشاهدتها في مسلسلات الأنمي والأفلام، وغالبًا ما تجد التعليقات السخيفة والكوميدية بخصوص هذا الأمر.

لكن في نفس الوقت تبتعد اللعبة عن الأفكار غير الواقعية الموجودة في أغلب هذه الأعمال والتي تصور البطل على حق دائمًا وأنه يستطيع انقاذ الجميع وهزيمة الأشرار بدون مشاكل، ويمكنك أن تشعر بالوجود الفعلي للشخصيات الجانبية في كل وقت وهي تراقب أفعال البطلة وتنصحها عند القيام بأي أخطاء وهذا الأمر أعجبني كثيرًا وجعلني أشعر بجدية القصة بشكل أكبر من الذي توقعته في البداية.

أصدقائي هم قوتي

القصة ممتعة للغاية ومليئة بالقيم الأخلاقية والدروس المُستفادة والصدمات والمفاجآت المختلفة.

لكن المميز هنا فعلًا هو أن اللعبة استطاعت أن تجمع بين العديد من الأشياء في نفس الوقت إضافة إلى القصة الرئيسية، مثل عناصر بلاتفورم التي تملأ اللعبة والتي جعلت من التمشية والوصول إلى نقطة هدفك التالية شيئًا ممتعًا ومختلفًا، وطريقة تأثير الشخصيات على أسلوب حركتك حيث أنهم لا يدعمونك في القتالات وحسب بل يعلمونك العديد من طرق القفز والانزلاق واللكمات القوية التي تستطيع التغلّب على بعض الحواجز القوية التي تعيق تقدّمك.

طريقة تقوية Ajna نفسها تعتمد على البحث والتدقيق في جوانب العالم المختلفة تمامًا كما تفعل باقي ألعاب بلاتفوم. اللاعب لن يحتاج إلى تطوير المستوى مثلما يفعل في باقي ألعاب RPG رغم وجود رقم لمستوى اللاعب لكن طريقة التطوير الحقيقية تكمن في الجواهر الحمراء المنتشرة في أماكن سرّية حول اللعبة، والتي يسمح لك الحصول على عدد منها بتقوية نقاط دفاعك وعدد الحركات التي يمكن أن تستخدمها أثناء المعارك.

قتالات سلسة وممتعة

أعتقد أنه حان الوقت الآن لنتحدث عن المعارك، وهي روح اللعبة بلا شك ويظهر فيها الإلهام الرئيسي للاستوديو من عمله السابق على لعبة Skull Girls وأيضًا الإلهام المأخوذ من سلسلة Valkyrie Profile.

يستطيع اللاعب استخدام أربعة شخصيات في نفس الوقت خلال كل معركة وكل شخصية يتم تخصيصها في زر معيّن من أزرار ذراع التحكّم. يستطيع اللاعب تنفيذ الضربات بشخصية معيّنة عن طريق الضغط على الزر المرتبط بها ويستطيع التحكّم في إتجاه الضربة كذلك من خلال الضغط على الأسهم أثناء تنفيذ الضربة.

مثل ألعاب القتال العادية لا تستطيع تنفيذ الضرر الأكبر على الخصم إلا من خلال حبسه في مجموعة حركات متتالية من خلال رفعه إلى أعلى ثم إسقاطه على الأرض وهكذا.

تتميز كل شخصية بأسلوب حركة إنسيابي وسلس ومختلف تمامًا وسيحتاج منك بعض الوقت للاعتياد عليه وإيجاد الشخصيات المناسبة لطريقة لعبك والتي تعمل معًا بشكل جيد لتحقيق الضرر الأمثل. تعرض اللعبة من أجلك على زاوية الشاشة عدد الضربات التي قمت بها ويساعدك هذا الأمر بشكل كبير في معرفة أدائك في كل جولة.

القتال بشكل عام في اللعبة يعتمد على إيجاد الشخصيات التي تجد نفسك مرتاحًا معها. لن تحتاج إلى تطويرهم بشكل منفرد ولن تحتاج إلى تخصيصهم أو اختيار أسلحتهم أو أي شيء من هذا القبيل.

جعلني هذا الأمر أشعر بسطحية القتال نوعًا ما رغم تعدد الحركات التي تقوم بها الشخصية الواحدة لأنني لم أشعر فعلًا في أي وقت أنني احتاج لشخصية معيّنة لكي استطيع هزيمة وحش ما، بل كنت أقوم بتغيير الشخصيات من أجل المتعة فقط ولا شيء آخر أو تحدّي معيّن تضعه اللعبة من أجلي.

في الحقيقة كان هذا هو الشعور الغالب عليّ طوال فترة اللعبة. اللعبة سهلة نوعًا ما ويبدو أنها تحاول المزج بين خصائص ألعاب RPG وبلاتفورم بدون أن تسير إلى أقصى اليمين أو أقصى اليسار.

محتوى البلاتفورم كثير ومتنّوع ولكنه ليس صعبًا ولم أحتاج للعودة لمناطق سابقة للبحث عن أشياء وعناصر تقوية إضافية بل كنت أحصل عليها جميعها أثناء لعبي للقصة الرئيسية.

نفس الحال بالنسبة لعناصر RPG والتي كان وجودها بسيطًا ولم استطع إيجاد أي محتوى جانبي أو مهمات صعبة تحتاج إلى استعداد وتفكير ولا يوجد حتّى فائدة من إعادة اللعبة مجددًا أو صعوبات مختلفة تقدّم تحديًا أكثر إثارة من أجل اللاعب.

الفكرة التي أريد الوصول إليها بكلامي هي أن اللعبة يجب أن تجبرني على استخدام جميع الأنظمة التي تقدّمها والذهاب إلى جميع الأماكن التي تعرضها لتكون لعبة ناجحة تستطيع نقل التجربة التي ترسمها بالشكل الكامل.

وإذا جعلتني اللعبة أتجاهل بعض هذه الأمور واستطيع النجاح في نفس الوقت بدون الرجوع إليها فهي للأسف لم تقدم تبريرًا كافيًا لوجودة مثل هذه الأنظمة في اللعبة من الأساس.

هذه النقطة وجدتها واضحة في كثرة عدد الشخصيات وأساليب قتالها المتنّوعة والتي رغم جودة تنفيذها وإخراجها لم أحتاج إلى التركيز بعمق فيها لأقوم بالنجاح الذي أريده واستمتع بجميع جوانب اللعبة كما هو مطلوب منّي.

لا أعني بكلامي أن Indivisible تفتقر إلى حل لهذه النقاط، بل الموضوع في الحقيقة حله بسيط وهو إضافة مستوى صعوبة جديد إلى اللعبة ليساعدني في الاهتمام بشكل أكبر بأساليب القتال المختلفة وطريقة حركة الشخصيات وتوقيتات صد الهجوم.

مشكلة السهولة كانت قائمة أيضًا في واحدة من أشهر ألعاب هذا العام وهي Kingdom Hearts III وتم حلّها بنفس الطريقة عن طريق إضافة نظام Critical Mode الذي يزيد من صعوبة اللعبة بشكل ملحوظ ويجعلك تستفيد من جوانب اللعبة الأخرى التي قد لم تكن تطرّقت إليها أثناء اللعب مثل الطبخ مع الفأر راتاتولي أو البحث عن سلاح Ultima.

لا أريد قبل أن انتهي أن أنسى الدور الرائع لمصمم الموسيقى Hiroki Kikuta والذي كان مسؤولاً عن التقسيم الموسيقي للعبة بالكامل وكان عاملًا رئيسيًا في استمتاعي باللعبة وخصوصًا الأغاني المصاحبة للأماكن المختلفة في اللعبة مثل الأغاني الإلكترونية في مدينة المستقبل ومعزوفات العود القديمة في بلاد الهند، وبالطبع الأداء الصوتي المميز لكل شخصية والذي كان لائقًا بشكل رائع على طريقة تفكيرها ورسمها وما تفعله في اللعبة.

كلمة أخيرة

في المجمل Indivisible من أفضل الألعاب التي قمت بتجربتها هذا العام، وتقدّم رحلة مثيرة وفريدة من نوعها تقترب من الكمال وذكرني أسلوب القتال فيها بواحدة من الألعاب الكلاسيكية المفضلّة لدي وهي Xenogears.

استطاع فريق التطوير أن يمزج بين العديد من الأشياء وفي نفس الوقت أن يضع شيئًا محببًا لكل نوع من اللاعبين بلا استثناء، كما أن اللعبة تستخدم العديد من مشاهد الأنميشن من استوديو الأنميشن المعروف والرائع Studio Trigger الذي رأينا عمله من قبل في لعبة ومسلسل Kill la Kill.

كل واحد منا يمكنه أن يجد نفسه في اللعبة بطريقة أو بأخرى سواء أكان في نظام القتال أو في الأماكن التي يقوم بزيارتها أو حتّى في شخصيات الأبطال وحواراتهم المختلفة.

كلما استمررت في التقدّم مع لعبة Indivisible كلما وقعت في حبّها أكثر فأكثر وحتمًا لا يسعني الانتظار لأرى مشروع المطور التالي والذي أتمنّى بكل صدق أن يكون جزئًا جديدًا من هذه التحفة الفنية العظيمة.