مراجعة لعبة Dangerous Driving

الحياة الواقعية تفرض علينا الكثير من القوانين التي لا يمكن تجاهلها، خاصة في موضوع قيادة السيارات، علينا أن نلتزم بتعليمات المرور، ونقود بسرعات معيّنة، ونتفادى السير في الأماكن الخطأ، باختصار، علينا أن نلتزم بقوانين العالم الذي نعيش فيه، والتي تكون مملّة وخانقة للكثيرين في أغلب الأحيان، لكن ليس هذا هو الحال مع ألعاب الفيديو.

في ألعاب الفيديو، يمكننا أن نقوم بأشياء كثيرة لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، مثل الذهاب إلى عوالم خيالية افتراضية، والسفر عبر الزمن، والطيران، وبالطبع، يمكننا خوض بعض التجارب الواقعية بنكهة مختلفة، مثل قيادة السيارات المسرعة في كل مكان نريده، والتصادم مع السيارات الأخرى بدون التعرّض لأي خسائر أو الحاجة لمواجهة العواقب، وهذه هي الفكرة التي تريد تقديمها لعبة Dangerous Driving.

مطور اللعبة هو Three Fields Entertainments، الشركة التي عملت على سلسلة ألعاب Burnout في السابق، ورؤية الشركة هذه المرة تهدف إلى إعادة الحياة إلى نوع ألعاب سباقات السيارات Arcade، والتي تختلف عن ألعاب محاكاة تجربة القيادة الواقعية في مقدار الحرية المسموح بها للاعب، والتركيز على تقديم تجربة قيادة سريعة وممتعة قبل أي شيء آخر.

اللعبة متوفرة الآن على بلاي ستيشن 4 (تمت تجربتها) وإكس بوكس ون والحاسب الشخصي.

Dangerous Driving … قيادة ممتعة ولا شيء آخر

ألعاب قيادة السيارات في العموم تعاني من التكرار، أنت تفعل نفس الشيء طوال فترة اللعب وهو الضغط على زر الإسراع، والتعامل مع المكابح عند بعض المنعطفات الحادة على الطريق.

ما يميز لعبة سباق عن أخرى هو كيف يمكن أن تجعلني أتناسى هذا الشعور بأنني أعيد نفس طريقة اللعب، وأقود في نفس مضمار السباق، عن طريق تغيير شكل المناظر الطبيعية التي تحيط بالمضمار، والتغيير في شكل المضمار نفسه لجعله صعبًا أو متنوعًا ومليئًا بالتحديات المختلفة، وبالطبع الموسيقى عامل مهم جدًا في أي لعبة سباق لجعل تجربة القيادة أكثر إثارة.

من هذا المنطلق، أريد أن أتطرق إلى النقطة الأولى التي لفتت انتباهي وهى عدم وجود أي موسيقى من أي نوع داخل اللعبة، هناك فقط أغنية واحدة يتم تشغيلها في قائمة البداية، ولكن لا يوجد أي موسيقى تعمل داخل السباقات.

لم أكن أتوقع الكثير صدقًا بسبب ضعف ميزانية اللعبة، وصغر حجم الاستوديو القائم عليها، بالتأكيد لن يجتهدوا كثيراً في ترخيص العديد من الأغاني المختلفة التي ستكلفهم المال والوقت، وكما ذكرت، في هذا النوع من الألعاب التركيز الأكبر يكون على نظام اللعب، ولذلك قام المطورّون بعمل حل بديل وهو إضافة خاصية دمج حساب Spotify للأغاني داخل اللعبة، بحيث يمكنك تشغيل الأغاني التي تريدها أثناء اللعب.

رغم أن هذا الأمر أعجبني، وأتمنى أن يتم إضافته في ألعاب سباق السيارات الأخرى، لكنني لم استطع اعتباره الحل البديل الأمثل لعدم وجود أغاني على الإطلاق، وكون اللعبة تحتاج منك لأن يكون لديك حساب Spotify Premium، شيء لا أعتقد أنه متوفر لجميع اللاعبين، وليس متاحًا في جميع مناطق العالم، فلا يُمكنني اعتباره حلاً لغياب الموسيقى.

النقطة الأخرى والأهم هى نظام اللعب نفسه، تجعلك اللعبة تخوض سباقات السيارات في مناطق متنوعّة من أراضِ الولايات المتحدة الأمريكية مثل الصحاري والجبال والبحيرات والمناطق الثلجية، عبر تسع أنظمة لعب يمكن فيها قيادة ستة أنواع مختلفة من السيارات، مثل عربات Sedan وعربات SUV وعربات Formula DD.

ليس هناك حرّية كبيرة في طريقة التقدّم واختيار النظام الذي تفضلّه في اللعبة، حيث أن نظام السباقات ينقسم إلى ستة أنواع بعدد السيارات الموجودة في اللعبة، وكل نوع يحتوى على عدد من السباقات التي يحتاج الفوز في كل منها لشروط مختلفة، عليك كذلك أن تنهي أحد السباقات لتستطيع فتح السباق الذي يليه، مما يعنّي أنه إذا كان هناك نظامًا أو نوعًا من السباقات لا تفضلّه، عليك أن تتحملّه حتّي تستطيع إتمام باقي السباقات.

أنظمة اللعب نفسها تنقسم إلى تسع أنواع، لكن في المجمل العام يمكن حصرها في إثنين فقط، سباقات تعتمد على الوقت وسرعة قيادة اللاعب، وسباقات تعتمد على التصادم وإرسال أكبر عدد من السيارات المنافسة إلى متجر الإصلاحات.

الحصول على المراكز الأولى في السباقات يتيح لك الحصول على أنواع أفضل من السيارات الموجودة معك، ولا يوجد إمكانية تعديل وتخصيص السيارات كما تريد في اللعبة، يمكنك فقط تغيير لون السيارة بشكل عشوائي قبل بدء أي سباق.

الإسراع في هذه اللعبة مثير جدًا، بجانب سرعة السيارة الأساسية، يمكنك استعمال محرك السرعة الإضافي Turbo الذي يتم شحنه مع الوقت أثناء السباق، واستعمال هذا المحرك في أوقات معيّنة -بجانب تفادي العربات الأخرى العادية والعربات المنافسة- هو التحدي الحقيقي في اللعبة.

ومع التقدّم في اللعب، وعندما تصبح السباقات أكثر صعوبة، يصبح استعمال المحرك عاملًا أساسيًا لا يمكن تفاديه من أجل إتمام السباق في الوقت المناسب.

تجربة قيادة السيارة نفسها ممتعة للغاية، السيارات تسير بسرعة شديدة والتحكمات تعمل بصورة جيدة وتستجيب لأقل لمسة مني على ذراع اللعب، الدورانات أيضًا يمكن المرور فيها بسلاسة بدون الحاجة للضغط على المكابح أو إبطاء السرعة، وهذه نقطة أساسية تميز ألعاب Arcade عن ألعاب السباق الأخرى.

الذي لم يكن ممتعًا هو عامل التصادم في اللعبة، أقل لمسة يمكنها أن تخرج السيارة تمامًا من المضمار، وعندما يحدث ذلك تعرض اللعبة لك مقطعًا صغيرًا يوضح لك كيف تدمرت السيارة التي قمت أنت بالاحتكاك معها، لكن المشكلة هو أن التحكّم في السيارة يتم سحبه منك بالكامل عند عرض الفيديو، وعندما تعود الكاميرا للتركيز عليك، ربما تجد نفسك تصادمت مع سيارة أخرى، أو تسير في الإتجاه الخاطئ، أو أي خطأ آخر مماثل.

في النهاية قمت بغلق هذه الخاصية من قائمة الإعدادات لأنها أزعجتني كثيرًا، كما أنني وجدتها مكرّرة بعد فترة وليست بنفس الروعة التي تجعلني أرغب في مشاهدتها مرات عديدة.

السيارات المنافسة في اللعبة لا تقم بعمل مجهودات كبيرة كذلك لجعلك تخرج عن مسار السباق، أغلبها يسير بطريقة جامدة وكأنه ينتظرك لكي تقوم بالاحتكاك معه وطرده من السباق.

طريقة تصميم طريق السباق لم تناسبني أيضًا، معظم السباقات شعرت أنها مكرّرة ومملّة، وطويلة بعض الشيء في أحيان كثيرة، لا يوجد أفكار كثيرة فيها أو حتّى بعض الدورانات أو القفزات الصعبة التي تجعلني أفكر في كيفية هزيمة هذا السباق دون غيره. لا يوجد خريطة صغيرة تعرض مكانك على أرض السباق في أي وقت، ولا يوجد غير عامل الوقت فقط الذي يتيح لك معرفة متى سوف ينتهي هذا المضمار الطويل.

شكل المضمار العام جميل للغاية، جودة الرسوم في تصميم أرضية المضمار وشكل العربات يبدو واقعيًا وعلى مستوى قريب من ألعاب السباق الأخرى ذات الميزانيات المرتفعة، لكن لا يمكن قول نفس الشيء عن شكل المناظر الخلفية، وشكل السماء، وطريقة اسقاط الضوء على شاشة اللاعب، في بعض الأحيان، سوف تشعر كأنك تلعب في غرفة أرجوانية بالكامل بدون إمكانية رؤية أي تفاصيل أخرى غير لون الشمس أو لون الصحراء الأصفر الممتزج بالتراب المنتشر في السماء.

الموضوع لا يبدو واقعيًا بالدرجة التي ربما يستنبطها القاريء من كلامي، بل أعني أن هناك العديد من التفاصيل في شكل المناظر الخلفية يتم التغطية عليها بسبب سوء استعمال الإضاءة، وحتّى عندما لا تكون الإضاءة هي المشكلة، تصميم المناظر الخلفية نفسه ليس بالمستوى الكافي لجعلي أقوم بالتركيز في أي شيء غير مضمار السباق.

Dangerous Driving لعبة جيدة تنجح في إيصال الفكرة الي تصبو إليها، وهى تقدّيم تجربة قيادة سريعة وممتعة، وعنصر التصادم الذي تم اعتباره شرطًا أساسيًا لاتمام بعض السباقات أضاف طابعًا خاصًا إلى اللعبة.

لكن ضعف الميزانية التي ذهبت في تطوير اللعبة يبدو واضحًا، وأثر على العديد من جوانب اللعبة مثل الصوتيات والرسوم وطريقة تصميم السباقات، والتي لم تكن كافية لتترك انطباعًا جيدًا لدي عن متعة اللعب، وجعلتني أشعر أن اللعبة فارغة ومملّة ولا تستحق أن ألعبها لساعات طويلة، أو أعيد لعب نفس المضمار مجددًا بعد الانتهاء منه.

عدد الأنظمة الموجود حاليًا ممتاز، ومع الأخذ في الاعتبار أن نظام Multiplayer سيتم إضافته في المستقبل، سوف يحصل اللاعبون على محتوى جيد مقابل الثلاثين دولارًا ثمن اللعبة.

إذا استطاع فريق التطوير الاهتمام بجوانب اللعبة الناقصة، والتركيز على جعل السباقات نفسها أكثر اختلافًا، سنرى لعبة تستحق فعلًا الاهتمام، وحتمًا لعبة Dangerous Driving جعلتني متحمسًا لمشاريع المطور القادمة في المستقبل.