تخيل أن تكون قادرًا على إعادة ضبط حياتك وحالتك المزاجية من خلال نسيان كل ذكرى سلبية وكل الأفكار المؤلمة والأخطاء، وليس هذا فقط بل تصور كذلك أنك قادر على الانتقال إلى عالم موازٍ جديد تمامًا تستطيع فيه أن تكون على هيئتك الحقيقة التي لطالما تمنيتها، هذه هي الفكرة الرئيسية وراء لعبة اليوم The Caligula Effect 2.
تريد اللعبة أن تصنع لك هذه الجنة الخيالية، أو الفرصة الثانية التي تبدو مثل هبة من السماء، فقط لتقول لك أن كل هذا مجرد كذبة، وأنه لا يوجد أي تبريرات أو هروب من حياتك الحقيقية، وعليك أن تعيشها كما هي وتحاول أن تقوم بالشيء الصحيح رغم الأخطاء والصعوبات، فقط لأن هذا هو ما يجعل لحياتنا حقًا معنى.
The Caligula Effect 2 يمكن الاستمتاع بها كتجربة منفردة بدون الحاجة إلى العودة إلى الجزء الأول وتجربته. ستكون هناك بعض الاسقاطات البسيطة على قصة الجزء المُاضي، ولكن ليس بالدرجة المؤثرة التي تجعلك في حاجة إلى العودة مهما حدث، كما أن كل الأفكار والأحداث الماضية تم إعادة توظيفها بنفس الشكل الذي ينم عن هوية السلسلة وما يميزها بين ألعاب الأر بي جي اليابانية الكلاسيكية الأخرى
مراجعة لعبة The Caligula Effect 2 …
الجنة الكاذبة، والموسيقى المختبئة في القلوب
The Caligula Effect 2 تمتلك نفس الإعداد الإساسي مثل سابقتها The Caligula Overdose. تحاول فتاة Idol يابانية صناعة حقيقة رقمية وهمية من خلال شهرتها وأغانيها المؤثرة، وتبدأ في جذب الناس من العالم الحقيقي إليها عن طريق دعوتهم للتخلص من جميع مشاكلهم وآلامهم وحياتهم الواقعية المزعجة، ليعيشوا في عالم جديد من الوهم الأبدي الخالي من الصعوبات.
لكن ليس كل المُحاصرين في هذا الواقع الزائف يريدون حقًا البقاء، حيث يبدأ البعض منهم تذكر ماضيه وهويته الحقيقية الخاصة، ويسعون في محاولة تحطيم الوهم من خلال وعيهم المتجدد، الأمر الذي يجعلهم في صراع مع مختلف المقيمين الذين لا يريدون حقًا مواجهة مشاكلهم.
قصة اللعبة تستكشف العديد من الموضوعات الواقعية والمتعلقة بشكل أو بآخر بوعي الإنسان المتذبذب، مثل عبادة الإنسان لأصنام افتراضية أو بديلة وترك زمام الأمور إليها، بالإضافة إلى طبيعة السعادة وما هي الأوقات الذي يكون فيها الإنسان حقًا سعيدًا. هل السعادة شيء نحصل عليه لفترة معينة من الوقت؟ أم أنه شيء نبنيه بشكل متجدد ومستمر من خلال التعامل مع الواقع من حولنا؟ جميع هذه الموضوعات كانت موجودة بشكل أو بآخر في قصة اللعبة الماضية، ولكن يتم مناقشتها هنا بشكل مختلف تمامًا وأسلوب تقديم أكثر إنسيابية ووضوحًا.
اللعبة ممتلئة بالعديد من التفاصيل المُبتكرة التي تجمع بين الإطار المدرسي الواقعي، وعناصر الواقع الافتراضي التخيلية التي تتناسب مع عقلية وطموحات كل من يسكنون هذا العالم، والتي تتمحور معظمها حول طريقة تعامل المراهقين أو نظرتهم للعالم من حولهم، ولو أن كل من تراه على الشاشة لا يمثل الشكل الحقيقي لقاطني هذا العالم الخيالي، مما يعني أن طبيعة مخاوف وأحلام كل شخص ربما تكون أعظم وأكبر مما قد يبدو عليه الشكل الخارجي لأي شخصية، ومن الممكن أن نقول أن هذه نقطة قوة القصة الأساسية وأكثرها تميزًا لأنها تتلاعب في كثير من الأحيان بنظرتك السطحية للأمور وجهلك بطبيعة النفس الداخلية لكل من تقابلهم.
نظام القتال يختبر بطريقته الخاصة فكرة الوعي المتزايد للاعب من خلال تصميم معارك كلاسيكية قائمة على الأدوار، ولكن مع السماح للاعب برؤية مستبقة لشكل الهجومات وتوقيتاتها قبل البدء فعليًا في الدور، مما يسمح للاعبين بتحديد وقت وسرعة هجوم كل شخصية من أعضاء الفريق، وتلافي أي أخطاء قد ينتج عنها عدم قياس سرعة هجوم الخصم وكيفية عملهم معًا.
التحرك والتنسيق مع الحلفاء والأعداء لا يعتمد فقط على توقيتات الهجوم بل أيضًا على الإتجاهات وأماكن الوقوف ونوعية الضربات والمساحة التي تغطيها كل ضربة. الجيد هو أنه لا توجد عواقب حقيقية لأي معركة لأنه يتم استعادة نقاط الصحة والطاقة أوتوماتيكيًا بعد نهاية كل معركة.
أما بالنسبة لخارج القتالات فستقضي بقية وقتك في نفس المهمة وهي محاولة إنقاذ الناس من الوهم الأبدي بطرق مختلفة ومميزة للعبة Caligula Effect 2 تحديدًا أو السلسلة بأكملها، وهو أنك تستطيع أن تتحدث وتهتم بأي شخصية موجودة حرفيًا في عالم اللعبة، وتكوين صداقات مختلفة معهم وإضافتهم إلى Causality Link، الشبكة المعرفية العملاقة المكونة من العديد من سكان العالم والتي تكون بمفردها عالم متجدد من المهام الجانبية التي تعيطك لمحة متعمقة عن الأشخاص المحاصرين وطرق تعاملهم مع مشاكلهم وحياتهم السابقة، لكن بالطبع النشاط اختياري بالكامل ويمكنك تفاديه لو لم تكن مهتمًا به.
في الواقع، التعرف على الشخصيات الجانبية ليس مغريًا تمامًا مقارنة بطاقم اللعب الرئيسي، والذين تستطيع التحدث مع كل منهم بشكل منفرد وعقد رابط صداقة معهم واكتشاف المزيد عنهم وعن السر العميق الذي يخبئه كل منهم والمرتبط بحياتهم السابقة، وهذا نوعًا ما هو الفارق الآخر الأساسي بين هذه اللعبة وبين سلسلة بيرسونا مصدر الإلهام الرئيسي لها. أن وجود الشخصيات في هذا العالم يتضمن وجهًا آخر من الأسرار والأكاذيب والأفكار السلبية، وإنضمامهم إليك لا يعني أنهم قد تغلبوا على مثل هذه الجوانب في شخصياتهم، كما أن المواضيع والآلام التي يحملونها في قلوبهم غالبًا ما تكون أكثر جدية وتستحق حقًا إستثمار الوقت فيها حتّى النهاية.
إحدى الجوانب الأخرى المميزة في تجربة Caligula Effect 2 هي الموسيقى التصويرية، والتي حقًا تتماشى مع طابع اللعبة المتعلق بالمغنيات الافتراضيات Vocaloids وسيطرة الموسيقى على العقول. دائمًا في كل مهمة أو مرحلة تتدفق الأغاني الأساسية بشكل مستمر أثناء اللعب، وعند الدخول إلى أي معركة تتحول هذه الأغنية إلى نسخة كلامية لتضيف لمزيد من الروح والإحساس إلى المعارك. كما أنه في المعارك الرئيسية ستجد معركة موسيقية تحدث في الخلفية بين الأغنية الخاصة بك وأغنية الخصم، ويزداد علو صوتها أو انخفاضه طبقًا لمدى نجاحك وأدائك خلال المعركة، مما يجعل فكرة الملل من تكرار المعارك أمر صعب للغاية.
ما ستمل منه حقًا (خاصة لو كنت قد أتيت بعد تجربة الجزء الأول) هو الشكل المتجانس والمتكرر للأماكن التي تدور فيها أحداث القصة والطابع الرسومي للخرائط لأنها غالبًا ما تكون متشابهة جدًا مع بعضها البعض وغير مقنعة في إطار السياق القصصي المتعلق بها.
الشيء نفسه ينطبق على الشخصيات وتعبيرات الوجوه ونقصد بذلك شكلها داخل محرك اللعبة وليس تصميمات الشخصيات نفسها. أسلوب الرسم نفسه قد يبدو بسيطًا ولكنه يستخدم العديد من الألوان الجريئة والصاخبة وغير العادية على الإطلاق، أسلوب هذه اللعبة تحديدًا سريالي رائع ومميز لا يكتفي فقط بنقل الإلهام الأصلي من اليابان بل يضيف عليه المزيد من لمساته الخاصة والمعقدة فنيًا.
يتفاعل الأسلوب الفني ديناميكيًا مع ما تمثله اللعبة من طابع موسيقى يمزج بين سحر الخيال والنضج الواقعي، ورغم أن كل معركة تعمل مثل رقصة البالية الحماسية، إلا أن تنوع الأعداء ليس جيدًا بقدر ما هو الحال في طاقم الشخصيات الرئيسية، وفي كل مرحلة ستجد نفسك تحارب نفس أنواع الأعداء حتى النهاية, أعداد هؤلاء الأعداء كبيرة بشكل مزعج كذلك وربما ستقضي الكثير من الوقت في محاولة الوصول إلى نقطة القصة التالية لأن معظم الأحداث المهمة تحدث عند الانتهاء من المرحلة نفسها وليس أثناءها كما هو الحال في Persona 5.
كلمة أخيرة
محبي ألعاب القصص اليابانية المخضرمين هم فقط من سيسعدون بتجاوز مستوى الرسوم المتوسط (وغير المختلف تقريبًا عن الجزء الأول) من أجل الحصول على المزيد من الأسلوب الكتابي الذين يفضلونه من مطور السلسلة المعهود، ولكن في نظرنا المطور لم يأخذ أي مجهودات إضافية لمحاولة تحسين الفكرة ونقلها إلى شريحة أكبر من اللاعبين، وكل ما يعتمد عليه هنا هو أسلوب الكتابة الناضج وتصاميم الشخصيات والألوان الجذابة، أما باقي جوانب اللعبة فنعتقد أنها كانت في حاجة لمزيد من العمل لتخرج بأفضل صورة ممكنة.
Review overview
الإيجابيات
- نظام قتال تكتيكي يساعدك على التخطيط والتوقع
- مجموعة مميزة من أغاني البوب اليابانية المميزة
- تصماميم شخصيات جذابة وخلفيات عميقة لكل منهم
- حس رائع في اختيار الألوان الزاهية والصارخة للشخصيات وعالم اللعبة
السلبيات
- لا يوجد أي إبداع أو اختلاف في هيكل اللعبة العام
- أداء تقني متوسط على منصّة بلايستيشن 4
- شخصيات جانبية غير جذابة ومهام تكرارية
- تصميمات المراحل والأعداء متشابهة أغلب الوقت
الملخص
8The Caligula Effect 2 تمثل خطوة كبيرة للأمام في جميع العوامل التي كانت تمثل الجزء الأول مثل أسلوب السرد والموسيقى التصويرية وخلفيات الشخصيات الناضجة، ولكنها في نفس الوقت تنقل عيوب اللعبة السابقة من الناحية الرسومية المتوسطة، وقلة العناصر المُبتكرة بين الجزء الأول والثاني، لذا فمن سيستمع بها هم فقط اللاعبون المخضرمون وليس الباحثين عن أي تجديدات جذرية في مثل هذا النوع من الألعاب.