مراجعة لعبة No Straight Roads

No Straight Roads قد تبدو في ظاهرها لعبة حركة موسيقية تتحدث عن المساواة بين جميع أنواع الموسيقى المختلفة في مدينة المستقبل Vinyl، ولكن في داخلها تعبر اللعبة عن المعركة الدائرة في جميع المجالات بين القديم والجديد، وبين الكلاسيكية والعصرية، وتنقل لنا مشاعر الأشخاص الذين لا يزالون يعيشون في ظل الماضى مع شعور دائم بالاحباط من الحداثة المنتشرة ويحاولون بكل جهدهم نقد هذه المرحلة والبحث عن خيارات جديدة.

تحاول اللعبة كذلك إضافة لمسة جديدة على ألعاب الإيقاع في العموم وإضفاء البهجة عليها بدون التعرض لضغوط متابعة الإيقاع التي تفرضها عليك هذه النوعية من الألعاب.

يمكنك أن تفعل ما تريد بشخصيات اللعب مثل أن تقفز وقتما تشاء وتهاجم في الوقت الذي تختاره، ولكن الأساس هو أن كل عدو جانبي أو رئيسي يتبع نظامًا موسيقيًا محددًا، وإذا فهمت العلاقة بين الموسيقى وحركات العدو ستكتسب ميزة كبيرة أثناء القتال، لكنك لست مجبرًا على ذلك لأي سبب ولن تنتهي المرحلة بمجرد فشلك في متابعة الإيقاع.

No Straight Roads متوفرة الآن على منصّات PS4, Xbox One, PC, Nintendo Switch. (تمت التجربة على منصّة PS4).

مراجعة لعبة No Straight Roads ..

إنقاذ الفن الضائع بأسلوب مُبتكر

أنت تلعب بشخصيتين رئيسيتين طوال فترة اللعب وهما عازفة الجيتار المبتهجة والنشيطة Mayday وعازف الطبول الهادئ Zuke.

يكون الإثنان معًا فرقة الروك الموسيقية Bunk Bed Junction ويعزفان ألحانهما الخاصة في شوارع مدينة فينيل المستقبلية حيث يتم إنتاج الكهرباء بواسطة موسيقى الرقص الإلكترونية Electronic Dance Music/EDM بدلًا من مصادر الطاقة الطبيعية المعتادة أو نوعيات الموسيقى الكلاسيكية القديمة.

No Straight Roads أو NSR هو اسم الشركة الحاكمة التي تسيطر على هذه القوة، وبالتالي فإنها تتحكم أيضًا في نوعية الموسيقى التي يتم عزفها في جميع أنحاء المدينة، وفوق ذلك تختار الشركة بعناية من يستفيد من هذه القوة من خلال استخدام الطاقة التي تحصل عليها الأحياء الفقيرة كبطارية احتياطية لتشغيل الأحياء الغنية.

هذا الظلم يحرك الروح الثورية بداخل البطلين ويدفعهما إلى الذهاب وإفساد الحفلات الغنائية للفنانين الرئيسيين في منظمة NSR وإعادة الكهرباء والمساواة الموسيقية إلى جماهير مدينة فينيل في كل مكان.

نجاح أي ثورة يحتاج أولًا إلى الدعم الكاف من المواطنين (أو في هذه الحالة المعجبين بموسيقى الروك). الإبحار في عالم مدينة فينيل يسمح لك بجمع زجاجات الطاقة لإصلاح الإلكترونيات المعطلّة في كل مكان والعثور على عناصر التقوية والدخول في حوارات مع المواطنين لمعرفة المزيد عن آثار الظلم والاستبداد الواقع عليهم من منظمة NSR، وكل هذا يتم ترجمته في النهاية إلى عدد المعجبين الداعمين لك في أي وقت وهذا العدد هو العملة التي يمكنك استخدامها لرفع شجرة مهاراتك وشراء قدرات جديدة لمساعدتك في المعارك مع عازفي المنظمة الحاكمة.

تبدأ هذه الرحلة في المدينة كنشاط ترفيهي ممتع يشجع على الاستكشاف، ولا سيما أن مدينة فينيل المستقبلية رائعة الجمال وكل منطقة فيها تبدو أكثر جمالًا من سابقتها بدءاً من منطقة Akusuka المليئة باليافطات اللطيفة والجذابة وإلى البساتين والعمارة الكلاسيكية الجديدة في Natura، ولكن يتضائل هذا الحماس لاحقًا عندما تكتشف أنه لا يوجد الكثير من الأمور لتفعلها، وأن هناك وسائل أفضل بكثير للحصول على الطاقة وعناصر التقوية ستكشف عن نفسها فيما بعد بدلًا من السير في جميع أنحاء المدينة، وفي النهاية شعرنا بالإحباط من كون المدينة صغيرة ومضغوطة ومدى محدودية الأنشطة التي يمكن القيام بها مثل الآركيد الجانبية المملة في مخبأ الأبطال الرئيسي.

في نهاية كل منطقة تتحدى فرقة الأبطال أحد فناني NSR من أجل فتح المنطقة التالية، وتنقسم هذه المعارك عادة إلى قسمين: المقدّمة والمعركة الفعلية ضد العدو أو الفنان الرئيسي.

المقدّمة عبارة عن سلسلة من المستويات ثلاثية الأبعاد مثل ألعاب البلاتفورم والتي تقوم فيها بهزيمة الأعداء وتجاوز مستويات الأمان المختلفة لكي تصل إلى الزعيم، وهنا تعمل الحركة العائمة للشخصيات بشكل جيد لمساعدتك على الهجوم وتفادي الطلقات، ولكنها تجعل الأنشطة المأخوذة من ألعاب المنصّات مثل القفز على الفجوات الدقيقة والأسطح المتحركة أمرًا صعبًا ومزعجًا بعض الشيء.

بالنسبة لجميع الأعداء فهم يهاجمون دائمًا في أوقات محددة بالتزامن مع الإيقاعات الموسيقية للمستوى. جميعهم يقفزون في أماكنهم بشكل أو بآخر ولكن ليس بالطريقة نفسها، ويمكن عند دخول الأغنية في مقطع جديد أن تجد العدو الرئيسي يستخدم مجموعة جديدة من الهجمات.

الفكرة حقًا ممتازة عندما تعمل بشكل جيد، وتجعلك تنسجم تمامًا مع الموسيقى وتستخدم حاسة السمع أثناء اللعب بجانب ذراع التحكم لربطك مع أجواء اللعبة أكثر فأكثر، وستشعر في النهاية كأنك ترقص بدلًا من كونك تلعب لعبة فيديو.

على الجانب الآخر نادرًا ما يتفاعل معك الرؤساء بشكل مباشر، وبدلًأ من ذلك تجدهم يقفون على مسافة بعيدة ويطلقون العنان لسلسلة طويلة من الهجمات المثيرة للإعجاب، ويُعد استخدام إيقاعات الموسيقى لتفاديها أمرًا ممتعًا، ولكن حرية تنفيذ ذلك قد تجعلك لا تشعر بالتزامن الإيقاعي الذي قد تحصل عليه من ألعاب مُشابهة مثل Rez أو Cadence of Hyrule، ولو كنت تبحث عن تجربة تجعلك تصنع الموسيقى فعلًا بدل من الرقص على إيقاعاتها وحسب فهذه اللعبة لن تكون الاختيار الأول الذي قد أقوم بترشيحه لك.

خلال اللعب سترى مؤشرًا بين موسيقى الروك و EDM في وسط الشاشة، وكل مرحلة تمر بها ستدفع المؤشر إلى ناحية موسيقى الروك ثم تعيد ضبطه مرة أخرى إلى EDM عند بدء المرحلة التالية.

الموضوع ليس شكليًا وحسب بل السبب الحقيقي في أن هذه اللمسة رائعة للغاية هي أنها تعكس تغيير نوعيات الموسيقى على مدار اللعبة، فرغم استمرارية عزف موسيقى EDM الحديثة بين القتالات إلا أنه يتم إدخال عناصر الروك من الغيتار والطبول شيئًا فشيئًا أثناء كل معركة مع الوقت لتعكس فكرة أنك تستخدم حقًا قوة الموسيقى وأنها يمكن أن تغير البيئة والعالم من حولك.

يمكنك التبديل بين Mayday و Zuke في أي وقت أو إعطاء التحكم للاعب مجاور لتجربة المعارك بشكل تعاوني. تستخدم ماي هجمات سريعة وقوية بينما يدور أسلوب قتال زوك حول مجموعات الهجمات السريعة التي يمكن ضبطها على إيقاعات الموسيقى.

لدى كل منهما كذلك حركات خاصة يمكن فتحها مع الوقت وتتيح لهما هذه الحركات القيام بضربات قوية أو شفائهما من الضرر أو توفير بعض القوى الأخرى الجميلة، وتمنحك القدرة على اختيار وتخصيص هذا العتاد قبل كل المعركة الكثير من الاستراتيجيات المختلفة حسب طريقة سير المعركة نفسها، مثل تجهيز الشخصيات للتركيز على الهجمات بعيدة المدى، أو تحمل أكبر كمية من الضرر بسبب طول مدة المعركة.

التصميم الفني للعبة مدروس جيدًا وفريد من نوعه خاصة المستويات الرئيسية، والتي نجد فيها أن كل عدو رئيسي له أسلوبه الخاص في الغناء ونوع فرعى مميز من موسيقى EDM.

على سبيل المثال ستطلب منك اللعبة في أحد الأدوار تفادي عشرات المقذوفات الرقمية في عالم افتراضي تحت الماء ومواجهة عروس البحر الافتراضية التي تشبه المغنيات اليابانية الإلكترونية مثل Hatsune Miku، وفي مرحلة أخرى تجعلك اللعبة تدخل عالم المرايا السريالي الغريب مع تقسيم صوتي عميق بينما ينبثق البطلان داخل وخارج الأبعاد المتوازية المختلفة، ولطالما وجدت نفسي أتأثر دائمًا بكل شيء جديد تلقيه اللعبة في وجهي، ولكن طبعًا يظل الجزء الأفضل والأكثر متعة دائمًا هو الموسيقى.

القصة بسيطة قليلًا وطفولية ولكنها معبرة، ووجدت أن رحلة التمرد الموسيقية تتضمن بعض الدروس الحقيقية لمشاركتها حول حب الناس للموسيقى، والأسباب التي تدفعهم للاستمرار وراء شغفهم وما إذا كانت هذه الأسباب جيدة أم لا.

جميع الحوارات في اللعبة حتى الجانبية مدعومة بمجموعة رائعة من الأعمال الصوتية المناسبة لشخصيات الأبطال وفكرة العمل في العموم، ولأول مرة شعرت أن جميع اللكنات في اللغات المختلفة التي تدعمها اللعبة جميعها مناسبة للتجربة حتّى اليابانية والماليزية وسعدت بأن المقاطع الموسيقية يتم عزفها بنفس لغة مصدر الإلهام الأصلي مثل الأغاني الإلكترونية اليابانية أو أغاني الراب الإنجليزية بطريقة احترافية مبهرة.

كلمة أخيرة

لو كانت No Straight Roads عبارة عن ألبوم موسيقي، فسيكون من السهل عليها الوصول إلى أعلى القوائم والحصول على الشهرة، ولكن لسوء الحظ هي لعبة فيديو، وهكذا فهي تعاني نوعًا ما من عيوب كونها لعبة، مثل أنها غير قادرة على تحديد ما إذا كانت لعبة منصّات أو قتال أو لعبة حركية إيقاعية، مما يؤدي إلى تقديمها لجميع هذه الجوانب بمظهر متوسط لا يتناسب مع الإخراج الفني المبهر والأفكار الإبداعية الجيدة التي تعتمدها اللعبة.

استكشاف المدينة ليس ممتعًا أو جذابًا بعدما تفقد متعتها البصرية المبدئية، ومستوى الأعداء كان مملاً ومكرراً.

المغامرة بأكملها تستغرق خمس ساعات فقط للانتهاء منها، ولن يتبقى لك شيء بعدها سوى إعادة المعارك مع الأعداء الرئيسيين على صعوبات مختلفة وشروط أكثر تعقيدًا، وصدقًا هذا الشيء الوحيد الذي يستحق فعلًا العودة إليه، لأنه الجانب الوحيد الذي يجمع كل الأفكار التي تعتمدها اللعبة والإخراج الفني المميز بصورة ممتازة ومختلفة عن باقي الألعاب الإيقاعية في العموم.