مراجعة لعبة Giraffe and Annika

نادرًا ما أقوم بتجربة لعبة لا تحاول أن تكون الأكثر صخبًا أو ببساطة تحاول ارتداء ثوب أوسع مما هي عليه لتجذب اهتمام اللاعبين، ولهذا فأنا معجب كثيرًا بلعبة Giraffe and Annika من تطوير المصمم الوحيد Atsushi Saito لأنها لا تحاول أن تكون إلا نفسها، وتخاطب من خلال طابعها الخاص والجذاب العاطفة المختبئة داخل قلب الإنسان، وتشجعه على إبراز هذه المشاعر الدافئة والتعايش معها بحرية واضحة تمامًا كما تفعل حيوانات القطط.

يقول المفكر الألماني ألبرت شويتزر: “هناك وسيلتان للجوء من بؤس الحياة: الموسيقى والقطط”، ولا نعتقد أنه قد تم ترجمة هذه الكلمات في صورة أفضل من لعبة Giraffe and Annika، التجربة التي استطاعت أن تلهينا عن ضغوط الحياة من خلال تقديمها لمغامرة مشرقة ورائعة وتغليفها ببعض اللحظات الموسيقية والرقصات المفرحة والامتنان الخاص لحيوانات القطط اللطيفة لتصنع شيئًا ساحرًا ومحببًا للغاية.

من المستحيل على محبي القطط التوقف عن الإحساس بالدفء والحب تجاه هذا النوع من الحيونات اللطيفة والمتميزة.

ربما تكون أحد الأسباب التي تجعل الناس مفتونين بالقطط وتشجعهم على اقتنائها هو أن مثل هذا الحيوان الصغير يمكنه أن يحتوي على قدر كبير من الاستقلال والكرامة والحرية، وعلى عكس الكلاب فإن القطط لا تراهن أبدًا على شخصية الإنسان وحبه لهم، بل يطالبون بالقبول بشروطهم الخاصة.

إن سألتني عن مشاعري تجاه هذا الحيوان سأرد بأنني محايد أو غير متحيز لحيوان ما بعينه، ولكن بعد أن قام المطور بتضمين هذه المشاعر الدافئة التي يحملها لهذا النوع من الحيوانات في مغامرة واسعة النطاق مع إعداد جمالي لطيف وبعض عناصر الإيقاع الممتعة، شعرت فعلًا بالحب الذي يحمله المطور تجاه هذه الحيوانات، وكم الراحة النفسية التي يحصل عليها من خلال التعامل معهم، والنظر إلى صورهم، والتأملات والأحلام التى تراود عقله أثناء التفكير فيهم.

Giraffe and Annika متوفرة الآن على أجهزة الحاسب، وبلاي ستيشن 4 وننتيندو سويتش (تمت تجربة اللعبة على منصّة PS4).

مراجعة لعبة Giraffe and Annika..

اللطف والاسترخاء في عالم الخيال الجميل

Annika بطلة اللعبة هي فتاة على شكل قطة. تستيقظ أنيكا من حلم يتعلق بسيدة من ماضيها لتكتشف أنها لا تتذكر أي شيء عن نفسها أو عن الجزيرة التي تسكن فيها، ولكن لا يمكن قول الشيء نفسه عن الصبي Giraffe الذي يأتي لزيارتها بإدعاء أنه يعرف كل شيء عنها ويطلب منها المساعدة في جمع بعض شظايا النجوم من مختلف أنحاء الجزيرة على أساس انها الوحيدة القادرة على دخول الأبراج المحصّنة واسترجاع هذه الشظايا من أجله.

يتم تقديم التفاعلات بين الشخصيتين والقصة في العموم في أسلوب قصصي ساحر يشبه مجلات الكوميكس الهزلية، أما بالنسبة لطريقة اللعب نفسها فيمكن تقسيمها إلى جزئين وهما جزء المغامرات والحركة وجزئية ألعاب الإيقاع.

الغالبية العظمي من التجربة ستكون من النوع الأول، وهذا يعني أن أنيكا ستقضي معظم الوقت في التجوال عبر أنحاء الجزيرة والتفاعل مع الشخصيات المختلفة واستخدام بعض القدرات البسيطة على القفز والسباحة ودفع الصناديق لاجتياز التحديدات ومساعدة سكان الجزيرة في مشكلاتهم المتنوعة.

الحبكة سطحية نوعًا ما ولكن اختيار طابع الرسوم الهزلية كان مثيرًا للإهتمام بالنظر إلى أن الأداء الصوتي للشخصيات غير موجود تقريبًا.

يساعد هذا الأسلوب في الرسم على كشف أسرار القصة بطريقة أنيقة ودرامية، ويحافظ على كون جميع الشخصيات محببة ومعبرة ومفعمة بالمشاعر أثناء حركتها وأحاديثها.

من الواضح أن اللعبة تستهدف الأطفال في المقام الأول، لكنها تقوم بتنفيذ هذا الهدف بطريقة جذابة ومسلّية تجبرنا حتى نحن الكبار على تقدير الاهتمام المبذول في جعل هذه الحوارات والأفكار البسيطة مفعمة بالجمال والحيوية.

هدفك الأساسي هو الذهاب إلى الأبراج والكهوف المحصّنة والحصول على الشظايا اللامعة، ولكن كما ذكرنا لا يمكن فعل ذلك إلا بعد الانخراط في بعض الأعمال الجانبية لكي تستطيع الوصول إلى هدفك المقصود.

الموضوع ليس معقدًا وغالبًا ما يساعدك Giraffe في تنفيذ المهام التي تتمحور غالبًا حول إيجاد شيء ما أو التفاعل مع الشخصيات في أوقات معينة.

عامل الوقت من أكثر النقاط التي أزعجتني لأن اللعبة كانت تمنعني أغلب الوقت عن الوصول إلى وجهتي التالية بسبب أن الوقت غير مناسب أو تطلب مني الانتظار لفترة من الزمن قبل أن تتحرك عجلة الأحداث إلى الأمام لسبب لا معنى له.

العديد من الأشياء والأماكن مختبئة خلف الأبواب الملونة التي تحتاج إلى مفاتيح أو الجزر البعيدة التي تحتاج إلى قدرات معيّنة لتستطيع الوصول إليها تمامًا مثل ألعاب زيلدا.

هزيمة العدو الرئيسي ومتابعة القصة ستمنحك جميع هذه الأشياء ولن تحتاج إلى البحث عنها بنفسك وفي الواقع لا يوجد أماكن كثيرة على الجزيرة لتجعلك تأخذ قسطًا من الراحة وتبحث عن أعمال جانبية للقيام بها سوى البحث عن رسوم القطط الجميلة والواقعية لجمعها والاحتفاظ بها ومبادلتها من أجل الجوائز كالملابس والصور وبعض العناصر الأساسية لإتمام القصة.

المغامرات داخل الأبراج نفسها لا تختلف كثيرًا عما تفعله داخلها إلا في فكرة أنك تحتاج إلى تفادي خطر الأشباح التي تتسكع بداخلها لعدم قدرة أنيكا على القتال مثل باقي الأبطال في ألعاب المغامرات.

ستقوم بفعل مختلف الأشياء داخل كل مكان مثل القفز فوق المنصّات في أوقات معينة وركوب العربات المتحركة السريعة مع تفادي الاخطار أثناء الحركة وأيضًا سيتوجب عليك في بعض الأحيان التفاعل مع شخصيات جانبية مثل القطط والأرانب لحل بعض الألغاز التي تحتاج إلى عقلين إثنين في نفس الوقت لإتمام مهمة الوصول إلى الهدف وهو المعارك الرئيسية الموسيقية.

قسم الإيقاع هو الجزء الأفضل والأكثر إمتاعًا في Giraffe and Annika، وهو مخصص حصريًا لقتالات رؤساء المهمات فقط.

على عكس جزئية المغامرة والحركة لا يمكن لأنيكا التنقل إلا يسارًا ويمينًا بينما تضغط على زر واحد بالتزامن مع القذائف التي يتم إلقاؤها عليها أو في بعض الحالات تفاديها بالكامل.

من ناحية الرسوم اللعبة تفتقر إلى الجودة إلى حد ما، حيث أن الشخصيات تقفز فقط ولا تقوم بحركات كثيرة رغم أن كرات الطاقة والقذائف متماشية مع نغمات الموسيقى، ومن الصعب أن تفهم مالذي يفعلونه الأعداء فعلًا وهل هم يرقصون في الحقيقة أم أنهم يلعبون فقط.

لعبة الإيقاع متوسطة نوعًا ما مقارنة بباقي ألعاب الإيقاع المشابهة رغم وجود ثلاثة مستويات مختلفة من الصعوبة، وبمجرد الانتهاء منها ستعود الفتاة خارج المكان مع بعض عناصر التقوية الجديدة التي تسمح لها بالوصول إلى بعض المناطق التي كان يتعذر الوصول إليها سابقًا مثل السباحة أو القفز أو السرعة الفائقة.

أزعجني هذا الموضوع قليلًا لأن هذه العناصر نوعًا ما تكون أساسية ومتوفرة لديك منذ اللحظة الأولى في ألعاب أخرى لكن هنا تحصل عليها بعد عناء طويل وغير مُبرر.

لا يوجد شيء يستحق الاهتمام كذلك في الموسيقى التصويرية بخلاف أنها لطيفة وتساعد على الاسترخاء والنوم ومتناسقة نوعًا ما مع الطابع الهاديء والمريح للعبة.

الذي جذبني فعلًا إلى اللعبة هو لوحات القطط المرسومة ببراعة والمختبئة في جميع أنحاء الجزيرة لتعطيك دافعًا إضافيًا للتجوال والاستكشاف. هذه اللوحات جميلة للغاية وتمنيت لو أنه قد تم استخدام مثل هذا الأسلوب في تصميم باقي الجوانب الموجودة في اللعبة لأن هذه اللوحات فعلًا تستحق الاقتناء وتتماشى مع الجو العام اللطيف للعبة.

تجبرك اللعبة في أحد فصول القصة على البحث عن العديد من هذه اللوحات من أجل إتمام القصة، وكنت وقتها منزعجاً من الحاجة إلى الذهاب والعودة مرات عدة إلى نفس المكان بسبب دورة الليل والنهار، وعدم وجود أي نقاط انتقال سريع لتسهل الأمر على، ولكن هذه كانت ضربة موجعة لي لأنها جاءت مع اقتراب الفصل الأخير مما جعلني أعود مجددًا إلى تمشيط الجزيرة بالكامل لكي استطيع الانتهاء من اللعبة.

على الجانب الآخر البحث عن هذه اللوحات يجعلك بشكل أو بآخر تقدّر فعلًا ما ترغب اللعبة في تقديمه وتحولها من تجربة سطحية عادية إلى عالم مصقول مليء بالأسرار والاكتشافات ويمكنني أن اعتبر هذه نقطة قوة اللعبة الوحيدة وهي أنها تقوم باخفاء أسرارها ببراعة في أماكن غير متوقعة وتحافظ على جعلك راضيًا وفي مستوى معين من الراحة النفسية من خلال الصور اللطيفة التي تحصل عليها بعد كل مهمة بحث.

كلمة أخيرة

من الصعب أن أوصى بلعبة Giraffe and Annika إلا لو كنت تمتلك إعجابًا مسبقًا بأحد جوانبها المميزة مثل الرسوم الكرتونية الخلابة والموسيقى الساحرة والحب غير المفهوم لحيوانات القطط والذي يظهر بشكل واضح في جميع أنحاء اللعبة، لأن باقي الجوانب العادية التي تحدد كون التجربة نفسها كلعبة فيديو مستواها متوسط نوعًا ما ولا يستطيع تعويض الضجر الذي قد يصيب اللاعبين من محاولة إتمام هذه اللعبة.

القصة جيدة في الحقيقة وتبقي على شعورك بالتأهب والإهتمام لمعرفة المزيد عنها وعن الشخصيات الغامضة إلى اللحظة الأخيرة، كما أن هناك العديد من اللحظات الشاعرية والساحرة الذي ذكرتني بتجاربي المحبوبة مع ألعاب الأر بي جي اليابانية، ولكن لا أنكر أن المتعة التي ستحصل عليها من اللعبة تتوقف على فضولك وإهتمامك الشخصي بأسلوبها الناعم والجذاب في تقديم المحتوى وليس بسبب جودة هذا المحتوى أو تميزه عن باقي ألعاب الفيديو المشابهة.