مراجعات

مراجعة لعبة Waking

لعبة Waking تريد تقديم صيغة جديدة على عالم ألعاب الفيديو، وكنا متحمسين جداً لما يريد المطور فعله، لكن هل نجحت اللعبة في ذلك فعلاً؟ دعونا نتعرف على الإجابة في هذه المراجعة

بعض ألعاب الفيديو تحاول القيام بشيء جديد لم تقم به أي لعبة أخرى من قبل، ولا يمكن لأي لعبة تكراره في المستقبل.

محاولة تطوير شيء جديد ومختلف عن سابقه أمر صعب، وبالتأكيد ليست هذه الطريقة التي تعمل بها صناعة الألعاب، كما أنها أحيانًا تؤدي إلى نتائج عكسية غير مرغوب فيها، وهذه هي المشكلة الأساسية التي تعاني منها Waking لعبة التأمل الروحاني الفريدة من نوعها.

ألعاب الفيديو تتنافس الآن في جودة القصص المكتوبة وأساليب التقديم المبهرة، ولكن الكثير منها ينسى كيفية ربط اللاعب بهذه الأحداث الخيالية، وجعله يتأثر بها تمامًا مثل الحكايات والأحداث الحقيقية التي تشكل شخصيتنا ووجودنا في هذه الحياة، وتظل منطبعة في أعماق ذاكرتنا وقلوبنا مهما طال الزمن.

لعبة Waking مبنية على هذه الفكرة، حيث أنها تضع اللاعب في مغامرة تأملية تدفع اللاعب مباشرة بنفسه إلى قلب الحكاية، وتتيح له أن يعيش تجربة مصممة بدقة حول التجارب والمحن في حياته، كما أنها تجبره على التأمل في أفعاله وحياته الواقعية بدلًا من بعض القرارات الخيالية ليستطيع النجاح والمضي قدمًا في قصة اللعبة.

الموضوع يبدو رائعًا على الورق، وفي الساعات الأولى من اللعبة شعرنا فعلًا أننا نعيش تجربة جديدة ومختلفة، ولكن للأسف المطور المنفرد للعبة Jason Oda لم يستطع الوصول بفكرته إلى الكمال، وأصبحت اللعبة تعاني سريعًا من بعض الأخطاء الحيوية في التصميم، وبعض القيود الطبيعية التي تفرضها عملية التطوير على المطورين المستقلّين في العموم.

Waking متوفرة الآن على منصّات Xbox One, PC. (تمت التجربة على منصّة Xbox One).

مراجعة لعبة Waking ..

فكرة جديدة وتنفيذ سيء


في لعبة Waking أنت تلعب بما هو مفروض أن يكون نسخة خيالية من نفسك. تبدأ اللعبة في غيبوبة وتصارع لتتشبث بما تبقى لك من حياة، وبينما تستلقي هناك ستخوض رحلة روحية تعيش فيها مع ذكريات من شأنها أن تساعدك على التعافي والخروج من الغيبوبة، ولكن في نفس الوقت يحاول Somnus إله الموت أن يجعلك تعود إلى النوم وتموت بسلام، وهكذا تجد نفسك عالقًا في صراع بين الحياة والموت، وكل هذا بينما تحاول معرفة ما الذي وضعك بالظبط في هذه الغيبوبة في المقام الأول.Waking

كما شرحت في البداية فإن اللعبة تجمع بين أسلوب الحركة المُستخدم في ألعاب الفيديو والتأمل الروحاني في أحداث العالم الحقيقي، وهي تبذل قصارى جهدها لدمج الاثنين في تجربة واحدة متجانسة.

في بعض الأحيان تطلب منك اللعبة التأمل في لحظات من حياتك، ثم تقودك إلى المناطق التي ستستخدم فيها هذه اللحظات والذكريات والمشاعر لصنع أسلحة وقوى يمكن استخدامها.

تريدك اللعبة أن تتذكر أيام طفولتك، ومسقط رأسك، وأحلامك، بل وتمكنك من إطلاق الأسماء عليهم وتحويل قدرات اللعبة إلى شيء خاص بك أنت.

بالطبع قدرات اللعبة تظل كما هي وتتمحور حول إطلاق كرات الطاقة أو شحن بعض الضربات، ولكن يمكنك أن تضع الموضوع في إطار كوميدي عن طريق اختيار الأسماء التي تريدها، فعلى سبيل المثال قمت بإطلاق اسم PS5 و Series X كإجابة على سؤال “ما هو أكثر شيء تعتز به عندك؟” وكانت النتيجة أنني قمت بفتح سلاح جديد على الفور اسمه PS5، وهنا بات الموضوع عبثيًا أكثر منه تجربة جدية شاعرية.Waking

ما أريد قوله هو أنك خلال اللعبة تقوم بالإجابة على العديد من الأسئلة، بل وستجد اللعبة تطلب منك في بعض الأحيان غلق عينيك والاستماع إلى بعض الكلمات والمقاطع الصوتية الهادئة كأنك في جلسة علاج نفسي، لكن ما تختاره وما تجيب عنه ليس مهمًا وكل هذا مجرد تسميات مختلفة للقدرات القتالية التي ستحصل عليها أثناء اللعب، وهي ليست كثيرة أو مختلفة لتجعلك تهتم بها أو تفكر في إجابات معيّنة، كما أن الاختيارات لا تؤثر بالضرورة على مسار القصة نفسه أو الأماكن التي تقوم بزيارتها أو أي شيء آخر.

هدفك في اللعبة هو العثور على اثنتي صفحة من كتاب آله الموت Somnus، والتي تسمح لك بحل الألغاز الموجودة بداخلك والاستيقاظ من غيبوبتك.

تستكشف ثلاثة عوالم مختلفة، كل منها يحتوي على أربع صفحات، وكل عالم يحتوي على العديد من الأبراج ذات المناطق والأهداف العشوائية، والتي غالبًا ما تتضمن بعض الأشياء للعثور عليها أو التفاعل معها أو قتل وحش قوي.

عند إكمال أي هدف ستتم مكافأتك عادة بقوة جديدة وقطعة من ذاكرتك ومشاعرك وسيتم نقلك إلى قسم جديد على الخريطة.Waking

بالطبع هناك أعداء كثر سيحاولون التربص بك وقتلك في حلمك، ولذلك سيتعين عليك التقاط قطع الفوضى والمشاعر المتناثرة في أنحاء عقلك (والتي تظهر بشكل فعلي أمامك في صورة قطع أثاث وكرات وأشياء أخرى) ثم رميها على الأعداء باستخدام قوى التخاطر العقلي.

يؤدي القيام بذلك في كثير من الأحيان إلى إسقاط أحد العناصر الثلاثة وهي المعرفة والمشاعر والإيمان، والتي يمكنك استخدامها بعد ذلك لخلق هجمات أقوى أو دروع دفاعية.

المعرفة تعمل بنفس طريقة الفوضي وتتيح لك التقاط الأشياء ورميها ولكنها أقوى، في حين أن المشاعر محدودة ويمكنها مساعدتك في إلحاق الضرر بالأعداء الذين يفقدون توازنهم، أما الإيمان فهو يعمل مثل الدرع ويعكس طلقات العدو عليه مرة أخرى مع ضرر مُضاعف.

هذه العناصر الأساسية الثلاثة تعمل معًا لمساعدتك على تخطي جميع جوانب اللعبة، وتتمحور حولهم باقي الأنظمة الموجودة في اللعبة بشكل أو بآخر.

مهما كان السلاح الذي تستخدمه، عند هزيمة أي وحش تحصل على عملتين مختلفتين، واحدة منهم هي الخلايا العصبية Neurons، والتي تحتاج إلى انفاقها لاستخدام بعض القدرات وتنشيط العناصر والأهداف حول الخريطة من بين أمور أخرى. وإذا تمكنت من قتل أي عدو دون أن تتأذى فستحصل أيضًا على الأمل Hope والذي يمكن استخدامه لفتح الصناديق التي تحتوي على عناصر قوية بداخلها.Barrier

على الجانب الآخر نجد أن التعرض لأي كمية من الضرر يجعلك دائمًا تفقد كل ذرات الأمل وبعض الخلايا العصبية الخاصة بك، لذلك وجدت نفسي مُجبرًا على اللعب بشكل دفاعي أغلب الوقت.

ورغم أنني لم أعاني مطلقًا من عدم وجود الخلايا العصبية معي في أي وقت، إلا أن ذرات الأمل كانت قصة أخرى، وبسببها عانيت من عدم امتلاك القوة الكافية في أغلب الأحيان، ولكن لم أهتم بها على أي حال لأن جميع القدرات والأسلحة في هذه اللعبة عشوائية ومتشابهة.

هناك العديد من العناصر المتشابكة والتي يلعب كل منها دورًا مهمًا في عملية استيقاظ اللاعب. يمكنك الحصول على قوى خاصة من الوحوش بدون التعرّض للضرب مثل الأمل، والضغط على الأعداء يتيح لك شحن ضربات قوية خاصة، وجمع بعض القطع الجسمانية يمكنك من تطوير شخصيتك وترقية مؤشراتها، كما أنه يمكن استخدام ذرات الأمل في ترقية باقي العناصر الثلاثة مثل المعرفة والعواطف والإيمان. هناك أيضًا عامل الخوف الذي تتعرض له كلما ضربك أحد الأعداء وستحتاج إلى الولوج إلى تحديات خاصة للحصول على ذرات خلايا عصبية وأمل لعلاج هذه المشكلة.Waking

للأسف لا يغطي كل هذا على المشاكل الكبيرة في تصميم لعبة Waking لأنه بعد فترة قصيرة من بدء اللعبة ستكتشف أنك تمر عبر نفس الأماكن مرارًا وتكرارًا مثل ألعاب Rogue، وليس هذا فقط بل أنك ستفعل ذلك لفترة طويلة جدًا تزيد عن عشرين ساعة، ولا يوجد أي اختلاف في الساعة الخامسة مثلًا عن الساعة الخامسة عشر، حتّى أن المقاطع القصصية متشابهة وطريقة الحصول على قدرات جديدة أيضًا متطابقة مع اختلافات بسيطة جدًا في الكلام المكتوب. ستكرر نفس الإجراءات وتقتل نفس الأعداء وتفتح نفس الأبواب مرارًا وتكرارًا بدون ملاحظة أي شيء جديد ومختلف.

تتفاقم هذه المشكلة مع الوقت بسبب نقص التنوع الحقيقي في جميع جوانب اللعبة. هناك أربعة أنواع رئيسية فقط من الأعداء، ولا يوجد الكثير من الاختلاف في البيئات التي تراها سوى التلال العشبية أو الزنازين المظلمة، كما أن المقاطع الصوتية تتضمن أغنيتين فقط ويتم التبديل بينهما مع الوقت وربما أغنية إضافية أثناء عمل المقاطع القصصية، ولو أنني لا أريد أن أقسو على اللعبة كثيرًا بخصوص هذه النقطة لأنها في النهاية من تطوير شخص واحد فقط وليس فريقًا كاملًا من المطورين، لكن لا يمكن إنكار أن الأمر يصبح مملًا ومثيرًا للضجر بعد فترة من جميع الجوانب.Boss

أضف إلى كل هذا المشاكل التي تضعك فيها عشوائية اللعبة، والتي تختار لك مناطق الصعوبة للعب فيها بدون ترك الفرصة لك لجمع الأسلحة والرد على التحدي.

في بعض الأحيان كنت أدخل على البرج لأجد نفسي أمام وحش رئيسي مباشرة، أو فوق حفرة كبيرة، أو أي شيء آخر مزعج وغير منطقي، مثل أن تضعك اللعبة في أحد الأماكن بدون أن توضح بدقة ما الذي يجب أن تفعله (وهذا هو الحال مع الكثير من مهمات اللعبة المبهمة).

كلمة أخيرة

ربما يكون هدف لعبة Waking هو دفعك إلى الاسترخاء والتأمل الروحاني، ولكنها للأسف لا تنجح في ذلك على الإطلاق، فكل ما تفعله اللعبة هو إجبارك على إغلاق عينيك لفترات قصيرة والخوض في بعض المهمات التكرارية المملة والتي ستجعلك تفقد الإهتمام تمامًا بكل ما يجري حولك وبهدف القصة نفسه.

كل شيء في اللعبة يبدو متشابهًا ويعمل بصورة واحدة، وفكرة تسمية الأشياء والضربات كما يريد اللاعب لا تؤثر على الإطلاق في تجربة اللعب أو التأمل، ويمكنك أن تذهب لسماع أحد حلقات الحوارات التأملية أو حتّى بعض من مقاطع الموسيقى الهادئة وستجد نفسك قد حصلت على نفس التجربة.

كنت متحمسًا جدًا لرؤية القصة، وأعجبني أنه لا يتم سردها مباشرة، بل أن اللعبة تطلب منك ملء الفجوات لتجعل القصة أقرب إليك ومصممة تفصيلًا حسب نظرتك للحياة.

الأمر بدا وكأنه مشروعاً جريئاً في الرؤية والهدف، ولكن للأسف لم أستطع التواصل روحانيًا أو عمليًا مع أسلوب التقديم والتنفيذ الذي اتبعه المطور مع اللعبة.

Review overview

التقييم العام4.5

الإيجابيات

  • فكرة مبتكرة
  • أنظمة لعب كثيرة ومتداخلة تحتاج إلى التفكير

السلبيات

  • التكرار ونقص التنوع في جميع جوانب اللعبة
  • فكرة اللعبة الأساسية لا يتم تطبيقها بالشكل الصحيح
  • تستغرق اللعبة وقت طويل جدًا للانتهاء منها بدون أي عائد حقيقي خلال اللعب
  • العديد من المشاكل التقنية وأوقات تحميل طويلة

الملخص

4.5Waking تجربة روحانية تحاول القيام بشيء مختلف وتركز على ربط اللاعب فعليًا بالقصة والأحداث الموجودة في اللعبة، ولكنها تفشل في تقديم الفكرة وإخراجها بالشكل الصحيح وتحولت من شيء مُبتكر إلى تجربة سطحية مملة ومكررة ولا تحتوي على المحتوى الكافي لجعلك تتقبل سعرها والفترة الطويلة التي ستمضيها معها.

محمد حسن
الكاتبمحمد حسن
محرر تنفيذي
أغطي صناعة ألعاب الفيديو وأكتب عن اللاعبين والمؤتمرات والمراجعات على جميع المنصّات.