مراجعة لعبة Desperados III

للوهلة الأولى قد تأخذ انطباعًا مبدئيًا عن لعبة Desperados III وكأنها لعبة عادية تشبه واحدة من ألعاب سلسلة Commandos بنكهة الغرب الأمريكي القديم، ولكن معاملة اللعبة على هذا النحو السطحي لا يعطي اللعبة حقها على الإطلاق.

فكر في أقوى أفلام التسعينيات الغربية مثل أعمال Clint Eastwood وأفضل اللحظات التي عشتها مع الألعاب الإستراتيجية المعقدّة وستعرف أن ما تقدمه هذه التجربة لا يُستهان به.

كل لقاء مع الأعداء في هذه اللعبة هو لغز كبير، وكل لغز فرصة للتجربة والتفكير في حلول مختلفة، في كثير من الأحيان ما تبوء بالفشل ولكن اللعبة تعرف أن الخسارة هي جزء أساسي من رحلة الفوز واسترداد شرفك في هذا العالم القديم والموحش، بل وأنها تجعل من إعادة المهمات وتغيير طريقة اللعب واكتساب خبرات جديدة مع كل مرة تخسر فيها أمرًا ممتعًا للغاية.

تدور Desperados III حول فريق من المتخصصين الذين يعملون بشكل متزامن ودقيق للتغلب على مجموعة من الصعوبات المستحيلة.

يتعرف الأبطال على بعضهم البعض في ظروف غريبة، ويذهبون معًا في رحلة طويلة مليئة بالمعارك الضارية والمغامرات الكوميدية والأحداث الدرامية.

لحظة الخطأ الواحدة يمكنها أن تحول الفريق إلى مجموعة هامدة من الجثث، ولكن مع اتباع الخطط المدروسة والعمل الجماعي وبعض تسهيلات اللعب الحديثة مثل خاصية حفظ التقدّم السريع، سيصل اللاعب إلى مبتغاه في النهاية.

Desperados III ستتوفر في السادس عشر من يونيو على منصّات PS4, Xbox One, PC. (تمت المراجعة على منصة PS4).

مراجعة لعبة Desperados III ..

رحلة تكتيكية درامية تشجع على الإبداع والابتكار

على الرغم من أن لعبة Desperados III تمثل تمهيدًا للعبة السابقة من السلسلة Desperados: Wanted Dead or Alive والتي صدرت في عام 2001، تظل اللعبة في الواقع الوريث الشرعي الحقيقي للعبة Shadow Tactics: Blades of the Shogun، حيث يظهر أسلوب المطور Mimimi Games في العروض المرئية والتقنية الفنية والتكيكات الإستراتيجية التي تتمحور حولها اللعبة.

كل شيء في اللعبة يبدو أضخم وأكبر – الخرائط وأرقام الأعداء وساحات القتال والإنقجارات. هناك العديد من العوائق والعديد من الأدوات التي يمكن استخدامها لتخطي تلك العوائق.

اللعبة تعمل مثل الساعة المليئة بالتروس والديكورات المعقدة والتي تسير معًا بشكل متوازي لخلق تحديات ممتعة على نطاق واسع، وبدلًا من التركيز على جزئية أو اثنتين من أجزاء الخريطة، ستحتاج إلى التفكير في مئات التحركات والسيناريوهات قبل القيام بأي خطوة لأن اللعبة فعلًا على هذه الدرجة من الصعوبة.

تتكون اللعبة من ستة عشر مهمة أو صندوق لعب مثير للإعجاب. تبدو كل خريطة جميلة بصريًا بالقدر المطلوب لجعل كل العناصر اللازمة للعب واضحة، ولكن في الحقيقة العديد منها متشابه وستشعر أنك اعتدت على رؤية المباني المتداعية والأراضي الطينية والغابات الكثيفة بعد فترة قصيرة.

على الجانب الآخر وجدنا أن كل خريطة تمتلك هوية مميزة خاصة بها خاصة إذا نظرت إليها من زاوية إستراتيجية، ورأينا أن الإضاءة والأسلوب الفني المُستخدم في اللعبة يساعدان كثيرًا في توضيح مناطق التخفي والأشياء المهمة التي تستحق الانتباه إليها ووضعها في خطتك أثناء اللعب.

تحتوي اللعبة على أكثر من 30 ساعة من الألغاز التكتيكية الضخمة مع طور الحملة، والذي تأتي كل مهمة فيه مع مجموعة ضخمة من الأعداء الأذكياء، وخرائط معقدة مليئة بفرص القتل والتدمير، ومجموعة من القتلة والمتسللين البارعين، وبعض أفضل وسائل الرؤية وحساب الخطوات والنتائج مما يجعل اللعبة من أفضل الأعمال الإستراتيجية التجارية سواء أكنت تنوي تجربتها على أجهزة الحاسب أو حتّى منصات اللعب المنزلي.

تتم بعض هذه المهام في المناطق المدنية حيث يمكنك استكشاف معظم الخريطة دون لفت الانتباه إلى نفسك، وأثناء التنزه يمكنك الاستماع إلى المحادثات للحصول على أدلة حول وجهتك التالية، مما يساعدك على تحديد الأهداف أو إيجاد طرق مضمونة لقتلهم.

الذخيرة محدودة، والأعداء منتشرون بكميات كبيرة ومنتبهون لأي شيء غريب يحدث، مما يجبرك على قضاء معظم وقت المهمة وأنت تتسلل وتشق طريقك عبر المناطق الصعبة والمحظورة من أجل الوصول إلى هدفك أيًا كان.

لا يقتصر الفوز على عمليات القتل المباشر، بل يمكنك أن تجعل الأمر يبدو وكأنه حادثة عرضية بالاعتماد على العناصر الموجودة في البيئة المحيطة، والتي دائمًا ما يكون استخدامها أكثر إرضاءً من تفريغ رصاصك في جسد أحد الأشخاص.

إحداث ضجة عن طريق اسقاط حجر ضخم أو اسقاط عربة منجم مليئة بالصخور على شخص ما يأتي مع مجموعة من المخاطر، مثل إنذار جميع الأعداء على الخريطة بشن الهجوم عليك، ولكن يمكنك استخدام البنادق الرشاشة والديناميت لردعهم أيضًا، على الرغم من أن القيام بذلك لن يتم احتسابه كموت عرضي بعد الآن بالتأكيد.

جدير بالذكر أن اللعبة لن تتركك تفعل ما تريد في أي وقت بهذه الأريحية. ربما يتم إحباط محاولتك الذكية لاسقاط جدار على أحد الأشخاص لأن حارسًا قد استدار ورصدك في اللحظة الأخيرة، وإذا حاولت إرسال شخصًا متنكرًا لإلهائه قد يكشفه عدو آخر ويرى عبر تنكره. هنا يمكنك أن تضع فخًا له على الأرض حتّى لا يقوم بإزعاجك، ولكن هذا يترك جثة واضحة على الأرض مما يشغل عمل الإنذار ويدمر خطتك.

في المرة القادمة ستتذكر وضع شخصية ثالثة مسؤولة عن الاستيلاء على الجثة وإخفائها وهكذا ولكن عليك أن تكون حذرًا كذلك بشأن المسار الذي ستتخذه هذه الشخصية والمكان الذي ستقوم بإخفاء الجثه فيه.

التفكير العميق في العديد من النواحي وتطوير أسلوب اللعب من خلال التجربة والخطأ هو فعلًا ما يميز هذه اللعبة، وخاصة أنها لا تتوقف عن مفاجأتك ووضع العوائق أمامك وتذكيرك بأنك مهما فعلت لن تستطيع رؤية الصورة الكاملة والمعقدة لهذه المهمة إلا بعد فترة طويلة من التفكير والمجهود.

يجعل وضع المواجهات المتزامنة Shodown Mode استخدام الشخصيات المتعددة سهلًا وممكنًا. يتيح لك الوضع إيقاف اللعبة مؤقتًا حتى تتمكن من إصدار الأوامر لكل شخصية على حدة، ويمكنك بعد ذلك إطلاق الأوامر بشكل فردي تدريجيًا أو تنفيذ الأوامر كلها مرة واحدة.

وضع التزامن أداة تخطيط قوية بشكل لا يُصدق، ويعطيك القدرة على إعداد تسلسلات أحداث معقدة يمكن التحكم فيها بالكامل وبضغطات أزرار بسيطة.

عند القيام بأي خطأ في الخطة يمكنك إلغاءه سريعًا باستخدام زر حفظ التقدّم التلقائي، والذي يُمكّنك من العودة لأي نقطة تريدها في أي مهمة، ولن تحتاج إلى انتظار أوقات تحميل طويلة لكي تعود مجددًا إلى اللحظة التي توقفت عندها.

يمكنك استخدام زر الحفظ في أي وقت، وبالتأكيد ستستعمله كثيرًا حتى تتفادي خسارة التقدم الذي قمت به في أي نقطة خلال المهمة.

الشخصيات الخمسة الرئيسية متنوعة للغاية لدرجة أنك ستفاجأ باستمرار بالأفكار التي يمكن تطبيقها أثناء اللعبة. على سبيل المثال الفتاة الجميلة Kate يمكنها إرتداء ملابس تموية تسمح لها بالتجول بين الحراس وإلهاءهم أو استخدام عطرها النفاذ في إصابة الأعداء بالعمى المؤقت.

الطبيب McCoy يستطيع استخدام الحقن المميتة وحقيبة الخدع والمسدسات بعيدة المدى للقضاء على الأعداء بدون تلطيخ يده، أما شخصية Hector فهي العكس تمامًا وتستطيع استخدام البندقية وبعد القدرات الخاصة للقضاء على أكبر كمية من الأعداء بأقل مجهود.

هناك إضافة السحر والتي تضيفها السلسلة لأول مرة مع Desperados III. في حوالي ثلث الطريق داخل اللعبة ستقابل Isabelle الساحرة التي تستطيع القيام بكل أنواع الأشياء الغريبة مثل السيطرة على الحيوانات، وجعل الأعداء يقتلون بعضهم البعض، وربط مصائر الأشخاص ببعضها كذلك حتّى يعانون من نفس المصير البائس مهما كان (وهذا سيفيدك لو كنت تريد قتل عدد أكبر من الأشخاص في نفس الوقت).

كل مهمة تحتاج منك إلى السيطرة على الأعداء ونقلهم إلى مواقع معينة حيث يمكنك قتلهم أو المرور عبرهم دون أن يتم اكتشافك.

الشخص الذي يتمكن من السيطرة الكامل على كل إنسان وحيوان تقريبًا على الخريطة هو نعمة هائلة، وكانت إيزابيل فعلًا لتكون إضافة قوية ومتكاملة إلى اللعبة، إلا أن افتقارها لسلاح بعيد المدى جعل من الصعب استخدامها بمرونة في مواقف كثيرة مثلما فعلنا مع باقي الشخصيات، واقتصر استخدامها لنا على بعض السيناريوهات والتحديات المعيّنة في المهمات التي تجبرك فعلًا على استخدامها ولا شيء آخر.

لسوء الحظ، تظل Isabelle شخصية غير اعتيادية في عالم عادي يعتمد على قصة مباشرة عن الانتقام ممزوجة ببعض القصص الشخصية الجانبية، والتي وجدناها مملة في أغلب الأحيان ولا تؤثر بشكل فعلي على طريقة عمل المهمات أو القصة نفسها.

تتميز المهمات بالعديد من الحوارات الجانبية أثناء اللعب والتي تجعلك منغمسًا ومبتسمًا أثناء اللعب، ولكنك بالأحرى لن تتفاجأ بما تسمعه أو تتذكر أي شيء مما سمعته بعد الانتهاء من أي مهمة.

لم تستطع أي شخصية منهم أن تشق طريقها إلى قلبنا، ولكن لا يوجد أي شكاوي حول الأداء الصوتي والعملي لهم، ولا ننكر اننا استمتعنا كثيرًا بتقنية Motion-Capture المُستخدمة في تصوير حركة الشخصيات، وكيف أننا استطعنا أن نجد طرقًا جديدة بين الحين والآخر للاستفادة من مواهبهم التي لا تُعد ولا تُحصى، واستخدام العديد من الشخصيات لخلق سيناريوهات اعتداءات قوية متعددة الزوايا شبيهة ببعض المشاهد السينمائية من الفيلم الكلاسيكي The Magnificent Seven.

يمكنك بالطبع أن تجمع بين الأسلحة النارية وصناديق الذخيرة والقدرات الخارقة التي تمتلكها كل الشخصية من أجل تحويل اللعبة من تجربة تكتيكية إلى لعبة آكشن مشتعلة. تسمح لك اللعبة أن تكون مستترًا ومبدعًا، وإذا كنت تريد اختراق الطريق سريعًا بدون أن تتوقف لأي سبب فيمكنك أيضًا تحقيق ذلك.

تستطيع حتّى أن تقوم بتعديل كمية الذخيرة المتاحة في بداية كل مهمة (وعدد الأعداء وغيرها من العناصر)، بالإضافة إلى أنه يمكنك استخدام بعض أكواد الغش لجعل التجربة أسهل على نفسك، مع العلم أنه لن تحصل على أي نقاط تقييم إذا ما قمت بالغش أثناء اللعب.

إن كنت تبحث عن تجربة أكثر صعوبة، فهذا الأمر متاح أيضًا. كل مهمة تحتوي على بعض التحديات التي يمكنك أن تضعها نصب عينيك أثناء القيام بالمهمة مثل عدم قتل أشخاص أو الذهاب في إتجاهات معينة أو غيرها من الأمور.

الانتهاء من اللعبة كذلك يفتح لك مجموعة جديدة من التحديات التي تعيد تشكيل بعض الخرائط تمامًا ويمنحها أهداف وحوارات جديدة مختلفة عن الأصلية، كما أن المطور وعد أنه سيقوم بعمل تحديثات لإضافة تغييرات مماثلة لباقي مهمات اللعبة في المستقبل.

كلمة أخيرة

تستطيع لعبة Desperados III أن تبقيك مستمعًا لفترة طويلة من الزمن مع وجود مجموعة من أصعب الألغاز التكتيكية والتحديات الخفية المتروكة في جميع مهمات القصة.

الجو العام للعبة رائع والخرائط واسعة ومليئة بالعناصر التي تشجع على التفكير والابتكار، أما القصة الرئيسية والموسيقى التصويرية فهما للأسف لا يرتقيان لمستوى الإبداع الذي رأيناه في مثيلتها التحفة الفنية اليابانية Shadow Tactics.

ستجعلك اللعبة تصرخ من الإحباط، وتفكر خارج الصندوق، وتجرب أشياء لم تكن تفكر أنك تستطيع القيام بها في لعبة الفيديو، ولكن اللعبة تتعامل مع الحرية في التفكير والتطبيق بطريقة رائعة.

لا تخلو اللعبة للأسف من إنخفاض في معدّل الإطارات في بعض الأحيان، وبعض الاختيارات غير المنطقية لذكاء الأعداء الاصطناعي في أحيان أخرى، ولكنها تظل تحافظ على عنصر المفاجأة في كل خطوة تقوم بها، مما جعلها تجربة مميزة تستحق التقدير، ومصدر إلهام جيد للمطورين لكي يستفيدوا من سهولة التعامل التقنية التي تطبقها هذه اللعبة في ألعابهم الخاصة.