Mafia II هي قطعة بديعة من التاريخ القديم، لوحة صارخة عن طريقة عمل الجريمة المنظمة في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية.
نجد فيها اللغة العامية القديمة التي كانت مُستخدمة في تلك الحقبة، والسيارات الكلاسيكية العملاقة، وقنوات الراديو الكلاسيكية التي تعزف أشهر أغاني البوب والبلوز، كل هذا إلى جانب عمليات تهريب مخدرات وابتزاز وسرقات وخيانة وقتل، بالإضافة إلى قصة درامية جادة لتكمل الرتوش الأخيرة في هذه التحفة الفنية.
إن لم تكن قد لعبت Mafia II من قبل، فلا يمنعك الرقم اثنين من التفكير في تجربتها، حيث أنها تحتوي على قصة قائمة بذاتها مع بعض الإسقاطات الطفيفة على اللعبة الأولى.
يختلف الأبطال في هذه النوعية من القصص، ولكن تظل هناك بعض الأشياء المُعتادة التي علمتنا إياها أعمال عصابات المافيا السينمائية مثل The God Father وغيرها عن طريقة عمل هذه المنظمات من الداخل، وكيف قامت بالتأثير على نمط الحياة والأحداث الجارية في الولايات المتحدة الأمريكية لفترة من الزمن.
ومثل العديد من الألعاب التي تحمل كلمة Definitive في عنوانها، تعيد النسخة الجديدة من اللعبة تقديم القصة الأصلية مع تحسينات في جودة الرسوم ومعدّلات الإطارات لتناسب الجيل الحالي من منصّات الألعاب.
لكن تنوه اللعبة في بداية تشغيلها أن هذه هي نفس اللعبة التي تم إصدارها عام 2010، وأنها تخلي مسؤوليتها من أي ألفاظ أو تعبيرات قد تكون مسيئة أو مهينة للاعبي العصر الحالي بسبب اختلاف الأوضاع السياسية والاقتصادية عما كانت عليه في تلك الفترة.
Mafia II Definitive Edition متوفرة الآن على منصة PS4, Xbox One, PC مع العلم أنه سيتم ترقية جميع مالكي Mafia II الحاليين على Steam إلى النسخة المحسّنة مجانًا.
مراجعة لعبة Mafia II Definitive Edition ..
قصة كلاسيكية رائعة، وجودة إنتاج متوسطة
تحكي اللعبة قصة فيتو سكاليتا، المهاجر الصقلّي الذي يعيش حياة صعبة مع اخته ووالدته بسبب الديون المتراكمة على والده المتوفي، وهذا قبل تجنيده في الحرب العالمية الثانية كما تصور لنا بداية اللعبة.
يعود البطل من الصراع العالمي مع أحلام وطموحات خيالية بإصلاح هذا الوضع البائس وعيش حياة أفضل، وبالطبع الأعمال الشاقة اليومية والشريفة لن تساعده في تحقيق أحلامه وسداد ديونه بالسرعة المطلوبة، وإن كنت على دراية بأي عمل من أعمال سينما العصابات، فستعرف التأكيد ما الذي سيحدث بعد ذلك.
رجال المافيا يحبون البدلات السوداء، ويقومون بالكثير من أعمال القتل، ويستخدمون جميع المصطلحات البذيئة الموجودة في القاموس لمناداة بعضهم البعض، ولكنهم يعرفون جيدًا كيف يكافئون من يخدمهم ويتقرب منهم.
حياة فيتو مقيدة بديون والده المتوفي، ولأي شخص آخر يمكن أن يبدو قرار الانضمام إلى عصابات المافيا مثل الانتحار، ولكن في حالة فيتو الأمر كان مغريًا، خصوصًا بعد احتجازه قرابة العشر سنوات ليعيش فترة شبيهة بفيلم Shawshank Redemption، ويتعلم فيها أن الأمل الحقيقي لا يأتي من البطولة والشرف، بل من الأنانية والعلاقات وتفضيل النفس على أي شيء آخر.
خلفية فيتو الحربية البطولية تجعله الرجل المناسب لإتباع الأوامر والقيام بأي مهمة مهما كانت الأسباب والنتائج، والتي ما تكون غالبًا مصحوبة بلعنات الأشرار وكميات كبيرة من الدم المهدر، وجائزتها في النهاية تكون الكحول أو النساء أو حتّى المنازل، ولا يخدع نفسه على الإطلاق بالجري نحو هدف أكبر من ذلك.
يقوم فيتو بالعديد من المهمات المتنوعة والفريدة والمثيرة التي تجعلك تقوم بجمع أنواع الجرائم، بدءاً من تهديد عمال الرصيف، وحتّى تفجير وسرقة المباني الحكومية.
نادرًا ما تكرر اللعبة نفسها خلال مهمات الحملة سواءًا في المواقع أو الأسلوب، وهذا ساعد في إبقائنا مستمتعين طوال الخمسة عشر ساعة التي قضيناها مع اللعبة، وفي الكثير من الأحيان نجد رتم المهمة الواحدة يتحول بسرعة من حوارات هادئة إلى تبادلات إطلاق نار ومطاردات مثيرة، أضف إلى ذلك أن هناك الكثير من المشاهد والتحولات القصصية بين كل لحظة والأخرى لدرجة تجعل عدم الانغماس والاستثمار في الشخصيات وتقلبات القصة المتنوعة أمرًا مستحيلًا.
هنا يظهر سحر وقوة أسلوب السرد القصصي في Mafia II. اللعبة لا تجعل أسلوب حياة المافيا يبدو شاعريًا، ولا تصور لنا قصة ارتقاء البطل وصعوده في صفوف المافيا على أنه شيء سهل.
اللعبة ببساطة تحذير ضخم أن الطريق غير الشريف في الحياة قد يكون مرصوفًا بالملذات والنوايا الحسنة، ولكن سيتم دفع ثمنه بالدم في نهاية المطاف، ومن الجيد نوعًا ما أن صديقك جو موجود ليمثل بعض من “الإغاثة الكوميدية” في هذا العالم المظلم، بالإضافة إلى كون رابط الصداقة بينه وبين بطلنا قدمت شيئًا جذابًا قلّما نراه في أعمال هذا النوع التي تعتمد على الخيانة والكراهية.
اللعبة تستغل أي فرصة لتثبت أنها مبدعة وغير متوقعة. فتجدها تعرض وجوهًا جديدة وطرق تفكير مختلفة طوال الوقت، أناس يتحركون لمطامعهم الشخصية ومدفوعين بالحاجة إلى المال والاحترام، بجانب أن هناك العديد من القوى تعمل في الخفاء وترغب في فرض سيطرتها بطريقة أو بأخرى حسب قوانينها الخاصة.
أنت تعيش في دوامة من هذه المطامع المتضاربة، وإن كان هناك درسًا نتعلمه من كل ذلك، فإن الحياة مهما فكرت فيها ستظل غير متوقعة، واستطاعت الحوارات المكتوبة بشكل جيد والتمثيل الأكثر من ممتاز أن يجعلك مقتنعًا بذلك فعلًا، وتصدق أن هذه الشخصيات كانت حقيقية في فترة ما من تاريخ أمريكا القديمة.
من المؤسف أن الكثير من لحظات القصة والمهمات الممتعة التي تقدمها اللعبة يتخللها الكثير من القيادة المملة عبر مدينة امباير باي الجميلة بصريًا ولكن السطحية في المضمون.
اللعبة لا تتبع أسلوب العوالم المفتوحة التقليدي والمتمثل في ملء الشوارع والحارات بأشياء مختلفة لتشتيتك عن خط السير الرئيسي، وعلى الرغم من أنك ستتمكن تقريبًا من التجول في المدينة كما تريد وفي أي وقت، فمن النادر أن تجد سببًا يدفعك لذلك.
عالم اللعبة مصنوع للانغماس وليس للترفيه. وإذا نظرنا إليها من هذه الزاوية فسنعتبر أن القيادة عبر اللعبة متعة بصرية خالصة (حتى ولو كان هذا في بداية اللعبة فقط).
المباني يختلف شكلها من حقبة زمنية إلى أخرى مع التقدّم في اللعبة، والسيارات تتغير أشكالها بمرور الوقت، وإذاعة الراديو تعزف نوعيات مختلفة من الموسيقى حسب الحقبة الزمنية التي تدور فيها المهمة، ولكن متعة القيادة والاستكشاف نفسها لا تلبث أن تختفي سريعًا بعد ساعة أو ساعتين من بدء اللعبة.
على الجانب الآخر.. هناك بعض اللمسات الواقعية التي أعجبتنا كثيرًا، مثل أن تشغيل السيارة لا يتم بسلاسة ويجب عليك إدارة المفتاح أكثر من مرة حتّى تعمل بصورة جيدة، أو أن اللعبة تجبرك على القيادة بسرعات مختلفة في كل شارع حسب قواعد المرور، أو أن هناك حوارات جانبية تعمل بدون تدخل منك أو ظهور أيقونات على الخريطة، ولكن عند الاقتراب من الشخصيات والتوقف للاستماع إليها تجد أنك تستطيع المشاركة في الحوار وأيضًا التدخل في نتائجه، وهذه الطريقة في عرض المهام الجانبية ساعدت في جعل العالم يبدو حقيقيًا، وبالتأكيد كان هذا شيئًا ثوريًا في وقت إصدار اللعبة.
جدير بالذكر أننا شعرنا في عام 2010 أن المدينة نفسها كانت خالية من الحياة والألوان، إلا أنها تبدو اليوم أقرب كثيرًا إلى مدينة تعج بالنشاط، وهذا يعود إلى التحديثات التقنية الجديدة.
نجد المشاة أكثر وفرة، والوجوه أكثر تعبيرًا، والمتاجر تحتوي على المزيد من التفاصيل في النوافذ، والإضاءة الجديدة تجعل كل سيارة تشعر بأنها حقيقية. وبينما قد تبدو هذه التغييرات صغيرة، إلا أنه عند رؤيتها على الشاشة سيبدو الأمر وكأنك تشاهد لقطات من فيلم وثائقي قديم ومعبّر.
هذا لا يعني أن إصلاح الرسوم قد أخفى عمر اللعبة بالكامل، فلا تزال هناك بعض الوجوه والأسطح التي شعرنا أنه لم يتم المساس بها على الإطلاق، وكمية ضخمة من الأعطال التقنية لا تزال موجودة كما هي عندما تم إصدار اللعبة على أجهزة الحاسب، مثل أن تجد الشخصيات لا تريد أن تتحرك، أو الأبواب لا تريد أن تفتح، أو أن الأرض تنشق بالكامل أثناء قيادتك وتختفي جميع رسوم اللعبة من حولك ولن يكون هناك مفر سوى إعادة تشغيل اللعبة من أجل إصلاح الوضع.
لا ننسى التطرق إلى واحد من أهم الجوانب في اللعبة وهو معارك تبادل إطلاق النار أثناء المهمات، والتي يتخللها بعض القتالات البسيطة التي تتفاعل فيها الشخصيًا جسديًا مع بعضها برمي اللكمات.
تميل Mafia II إلى إظهار عمرها في معارك اللكمات والتي لم تكن ممتعة على الإطلاق، أما في تبادلات إطلاق النار فنجد التصوير قويًا، وكل سلاح يبدو مميزًا ويعمل بشكل مختلف سواءًا كنت تستخدم مسدسًا أو بندقية كلاسيكية، كما أنها تحافظ على نموذج إطلاق النيران من خلف الحوائط مثل Gears of War وهو الأسلوب الذي لم يعد مُستخدمًا كثيرًا هذه الأيام.
أضافت القتالات طبقة من المتعة إلى اللعبة، حيث أن الأعداء يمتازون بالواقعية في الحركة والتصرفات، ولو أن بعضهم يستمر في الاختباء لفترات طويلة جدًا بدون أن يتحرك أو يفكر في إطلاق النار عليك.
وإن كنت تبحث عن المزيد من هذه المتعة الدموية، فاللعبة تقدم لك المزيد من التحديات غير المقيدة بقصة أو مكان في الإضافات المجانية والمدمجة من نسخة اللعبة، بالإضافة إلى قصة إضافية بسيطة لشخصية جو الكوميدية والتي تتيح لك رؤية ماذا كان يفعل عندما كنت تقوم بتصوير فيلم Shawshank Redemption في السجن.
كلمة أخيرة
Mafia II تستحق إلقاء نظرة أخرى عليها في عام 2020. تبدو كل مهمة في اللعبة وكأنها حلقة مستقلة من مسلسل درامي وثائقي، وتظل المشاهد واللحظات الرئيسية ممتعة ومؤثرة كما كانت قبل عقد من الزمن.
ومع مجموعة جيدة من المهمات الإضافية، وقصة درامية رائعة ستعجب أي عاشق لسلسلة أفلام The God Father، اللعبة تمثل كبسولة زمنية تستحق التجربة على الرغم من التقصير في بعض جوانبها وكثافة العيوب التقنية التي لم يعجبنا وجودها في نسخة حديثة من اللعبة.
Review overview
الإيجابيات
- قصة درامية مثيرة
- المهمات متنوعة وتبتعد عن التكرار
- تحسينات في جودة الرسوم
- تضمين كامل المحتوى الإضافي الذي تم إطلاقه للعبة الأصلية
السلبيات
- العيوب التقنية لا تزال موجودة
- عالم اللعبة خالي من الأنشطة أو الدوافع التي تجعلنا راغبين في الحيد عن خط السير الرئيسي
- أسلوب القتال واقعي ولكنه قديم بعض الشيء وممل
الملخص
7.5Mafia II تجربة درامية رائعة وقصة واقعية لا يوجد مثلها الكثير في عالم الألعاب. تتميز اللعبة بنظام مهمات متنوع وإخراج سينمائي ممتاز يستطيع أن يجعلك مستمتعًا طوال الخمسة عشر الساعة التي ستقضيها مع اللعبة، ولكن عليك أن تتحمل عدم وجود أنشطة جانبية والعيوب التقنية التي قد تدفعك لإعادة تشغيل اللعبة عدة مرات حتّى تستطيع التقدم فيها.