مراجعة لعبة Persona 5 Royal

Persona 5 (اللعبة الأصلية) تُعدّ واحدة من أفضل ألعاب الأر بي جي اليابانية على الإطلاق. المغامرة الطويلة التي قدمتها هذه اللعبة في 2017 احتوت على كل شيء تقريبًا: هوية بارزة، قصة رائعة، شخصيات ذات كاريزما، قيم أخلاقية ودروس حياتية، نظام قتال استثنائي، مراحل مُبتكرة، نظام قتال مثير للإدمان ومليء بالإمكانيات، قابلية للإعادة، وكمية لا نهاية لها من المحتوى الممتع والمثير.

الآن يقوم المطور ATLUS بما بدا مستحيلًا من قبل، وهو تحسين هذه التحفة الفنية التي اقتربت من الكمال إلى النسخة النهاية والمنقّحة منها وهي Persona 5 Royal.

هنا نحن لا نتعامل مع إصدار موسّع بسيط مع بضعة مشاهد مُضافة وقليل من الأشياء الأخرى، بل ما حصلنا عليه هو تعديل شامل لجميع جوانب اللعبة من الصفر وإضافة العديد من الخيارات والشخصيات والأماكن والمهمات والمحتوى القصصي الجديد والذي جعلنا نستمتع أكثر من أي وقت مضى مع مغامرات اللصوص الأشباح الأبطال رغم معرفتنا المُسبقة بقصة اللعبة الأصلية.

Persona 5 Royal ستكون متوفرة حصريًا على بلاي ستيشن 4 في 31 مارس 2020.

Persona 5 Royal ..

التجربة الكاملة لأهم الألعاب القصصية لهذا الجيل

حدثت الكثير من الأشياء في العالم منذ إصدار Persona 5 في عام 2017، ولذلك ليس من المفاجئ أن نرى اللعبة من منظور مختلف تمامًا مع إعادة إصدارها في العام الحالي، وهذا يعود إلى طبيعة لعبة Persona 5 أو Persona 5 Royal والتي تتحدث بطرق محددة وفعالة عن الإرهاق النفسي وصعوبة الحياة اليومية بمشاكلها وتحدياتها وكيف يمكن تقديم حلول لهذه المشاكل بطريقتها الخاصة التي تمزج بين العناصر الخيالية المثيرة وتطبيقاتها الواقعية.

الفكرة العامة في Persona 5 Royal هي إساءة استخدام السلطة، حيث يمثل كل شرير رئيسي في اللعبة وجهًا مسمومًا من أوجه المجتمع الفاسد، بدئًا من المعلمين السيئين والمجرمين الخطرين وحتّى السياسيين الفاسدين.

الأمر متروك لبطل اللعبة اللص الشبح Joker وفريقه من المراهقين المنبوذين الذين تعرّضوا لظلم شديد من المجتمع إضافة إلى مشاكلهم الحياتية الخاصة والمؤثرة ليقوموا بدخول عوالم اللاوعي لكل مجرم ومساعدته على التخلص من مشاعره الشريرة وإجباره على الاعتراف بجرائمه وتسديد ديونه تجاه المجتمع.

أقوى جانب في اللعبة أو في سلسلة بيرسونا بشكل عام هو “التأمل الذاتي”. هناك تذكيرات جديدة بأن أبطالنا (على الرغم من شجاعتهم وصراحتهم) لا يزالون في نهاية المطاف مراهقين يتعاملون مع قدر كبير من الألم الجسدي والعاطفي خارج حياتهم الخيالية التي يحاربون فيها الأشرار. تتضح هذه الفكرة بشكل أكبر مع الشخصية الجديدة والأكثر أهمية في لعبة Royal وهي المعالج النفسي والطلابي Takuto Maruki.

كل بطل من أبطال اللعبة يخوض مع الدكتور ماروكي جلسات علاجية منفردة مؤثرة وحزينة تلقى الضوء على جوانب جديدة من شخصيات الأبطال وضعفهم وقلة حيلتهم وأن هناك أشياء لا يستطيعون البوح بها حتّى لأقرب الأقرباء وحتّى رغم المساعدات المعنوية التي يتلقونها أو النجاحات التي يحققونها على مدار اللعبة.

هذه الجلسات كذلك كانت بمثابة إعداد ممتاز لمرحلة نهاية جديدة وطويلة بعد أحداث اللعبة الأصلية تُعيد تصنيف نوعيات هؤلاء الأبطال الذين نعرفهم عن ظهر قلب وتجعلهم يحصلون على النضج الكافي لإدارة جميع أمور حياتهم السابقة والمستقبلية.

شخصية جديدة أخرى تؤكد وتقوي هذه النقطة هي Kasumi Yoshizawa الطالبة الشرفية في السنة الأولى والخبيرة في رياضة الجمباز. ستُتاح لك الفرصة أثناء اللعبة للتعرف عليها بشكل أفضل ورؤية قدراتها المذهلة عندما تأخذها مع فريقك أثناء المعارك.

المحقق Goro Akechi كذلك تمت إعادة تصميم طريقة التواصل معه بالكامل ليصبح مثل الشخصيات الرئيسية تمامًا مع إضافة المزيد من العمق إلى شخصيته وأفكاره وهواياته ونظرته إلى شخصيات الأبطال والناس من حوله وهذه النقطة كانت مطلوبة كثيرًا في اللعبة الأصلية وهي إمضاء أوقات أكثر مع هذا المحقق المحترف ذو الكاريزما العالية.

المحتوى القصصي الجديد لا يزال يدعم فكرة روابط الحب والصداقة التي تجمع بين جوكر وعائلته المختارة، ولكن على عكس القصة الأصلية التي شعرنا أنها تسير على نمط خطي بهدف وضع الأبطال دائمًا على جانب الحق، فإن المحتوى الجديد في Royal يسأل العديد من الأسئلة، ويضع الأبطال تحت ضغوط متعددة، ويتطرق إلى مجريات القصة الأصلية من زوايا جديدة ومختلفة كانت القصة بحاجة ماسة إليها، مثل الجوانب النفسية والعلمية لكل من المشاكل الحياتية التي يتعرض لها الأبطال وليس الصورة الدرامية فقط لها.

التغييرات الجديدة ليست مجرّد إضافة قصر جديد أو مرحلة جديدة في نهاية اللعبة، وإنما اهتم المطور بتحسين وتوسيع القصة وإضافة مشاهد جديدة لجميع الشخصيات القديمة والجديدة في الأماكن التي سيشعر فيها اللاعب بأفضل تأثير.

هناك العديد من المقاطع الموسيقية والأغاني المتناثرة الجديدة في أماكن متفرقة عبر أنحاء اللعبة، وهناك أماكن وأحياء ومزارات جديدة في طوكيو وأنشطة يمكن القيام بها في كل منها، كما أنه تم إعادة صياغة الألغاز وإجابات الأسئلة المدرسية وزيادة مدة المحادثات التي تجريها مع الأصدقاء بعد الخروج مع كل منهم في نهاية اليوم.

نقطة أحببتها كثيرًا في حواراتي مع الدكتور والمعالج النفسي ماروكي هي سؤاله لكل شخصية عن نظام الدعم الخاص به، وما يعنيه بذلك هو الهوايات والعائلة والأصدقاء المقربون الذين يساعدون الشخص في الحفاظ على سلامته النفسية والعقلية ويقومون بتشجيعه ليستطيع مواجهة العالم الصعب.

وفي لعبة Persona 5 Royal أنت فعلا جيد بنفس قدر جودة نظام الدعم الخاص بك، ولكن على خلاف ما هو متوقع طريقة الحفاظ على نظام الدعم في هذه اللعبة كانت تسبب مزيدًا من الضغط للاعبين وليس العكس.

اللعبة تعتمد بشكل أساسي على إدارة الوقت تمامًا مثل اللعبة الأصلية أو أي لعبة بيرسونا في العموم. الأنشطة الحياتية التي تقوم بها في الصباح مثل الخروج مع الأصدقاء والمذاكرة والتدريبات وغيرها من الأمور مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحملات التي يقوم بها الأبطال أثناء الليل لمواجهة الوحوش في عوالم قلوب الأشرار الخيالية وتغييرها إلى الأفضل، ولكن في السابق كان من الصعب أن يقوم اللاعب بإدارة هذه الحياة المزدوجة بالشكل المطلوب الذي يتيح له الحصول على أكبر كمية من التسهيلات والإمتيازات في نفس مرة اللعب.

يسعدني أن أقول أن اللعبة الجديدة تقدّم العديد من التساهل بهذا الصدد، حيث أنها تتيح لك مزيدًا من الوقت للقيام بأنشطة مختلفة لتقوية نفسك أو علاقتك مع أصدقائك أثناء الليل، كما أن هناك بعض الأنشطة الجديدة مثل رمي الأسهم ولعب البلياردو والجلوس في مقهى الجاز والتأمل في المعابد وهذه الأشياء من شأنها أن تؤثر على مؤشرات الأصدقاء وحركاتهم القتالية وليس علاقتهم ببعضهم البعض فقط.

يمكنك أن تعرف كذلك ماذا فعل اللاعبون الآخرون في مختلف أنحاء العالم في أي يوم بمجرد الضغط على زر Touch Pad الخاص بذراع بلايستيشن 4 الخاص بك. هل قاموا بالذهاب في مهمة قتالية أم خرجوا مع أحد الأصدقاء أم جلسوا للاستذكار ولن تحتاج إلى التفكير كثيرًا بشأن ما يجب أن تفعله في أي وقت مثل السابق.

وبالحديث عن الحياة المزدوجة، كما نعرف فإن بطلنا Joker ليس مجرد شخص عادي بل هو يمتلك بعض القوى الخارقة التي تسمح له بدخول عوالم الخيال التي تم إنشاؤها من قبل إدراك البشر والتي تعكس رغبات الناس الدفينة والمشوهة.

يبحث اللاعب في هذه العوالم عن العنصر الذي يحتاج إلى سرقته لتغيير شخصية الأشرار إلى الأفضل ويحارب العديد من وحوش الميثولوجيا المختلفين والأعداء الأقوياء من أجل تحقيق هذا الهدف.

منحتني اللعبة شعورًا بالتجديد والاختلاف وأنا أقوم بزيارة هذه العوالم بسبب وجود مناطق جديدة وأسرار خفية وأقسام مختلفة جعلت الأماكن تبدو مختلفة تمامًا عن تصميماتها السابقة، ويمكن الوصول إلى هذه الأماكن الجديدة باستخدام خطاف الربط الذي يستعمله جوكر بطريقة أنيقة مثل باقي حركات الفريق الأكروباتية.

هذه الأماكن تحتوي على أسلحة وعناصر تقوية جديدة من شأنها أن تقوم بتسهيل إتمام المهمات والمعارك على اللاعبين الذين كانوا يعانون من صعوبة اللعبة في الماضي، وبصراحة احتجت فعلًا إلى هذه المساعدات الجديدة لأن رؤساء القصور أو العوالم الخيالية الآن يمتلكون جميعهم أنماط هجوم جديدة وبعضها مضحك للغاية في بعض الأحيان ولكنه متماشي مع شخصية العدو أو الجرائم التي يرتكبها في العالم الواقعي.

إذا لم يجد اللاعب نفسه قادرًا على المواجهة بعد كل هذه المساعدات، فلا ضرر من الذهاب إلى حلبة التدريب الكائنة تحت أعماق طوكيو وهي منطقة Mementos التي تحتوي على عدد لا نهائي من الوحوش يمكن من خلال زيادة نقاط الخبرة الخاصة بي دون تعب.

تضيف اللعبة كذلك شخصية Jose الجديدة والتي تساعدك في زيادة نقاط الخبرة والنقود التي تحصل عليها أثناء وجودك في Mementos من خلال جمع الورود التي يحتاجها للقيام بذلك أثناء رحلتك داخل أعماق هذه المنطقة.

لا ننسى النقطة الأهم والتي تميز لعبة Persona 5 Royal عن غيرها وهي أسلوب التقديم. مطور اللعبة يعرف جيدًا كيف يضيف لمسة شخصية إلى جميع تفاصيل اللعبة، بما فيها الأحداث اليومية، والضربات المشتركة الجديدة بين الأبطال وبعضهم Showtime، وأشكال وحوش بيرسونا الجديدة التي يستطيع Joker جمعها واستخدامها في القتالات، والأغاني ومقاطع الأنمي الجديدة التي لن تنساها بسهولة بمجرد أن تقع عينك عليها لأول مرة.

كل هذه المشاهد والتفاصيل الأيقونية يمكن العودة إليها ومشاهدتها مجددًا من خلال مسرح Thieve’s Den والذي يتيح لك تنفيذ العديد من التحديات الشبيهة بخاصية جوائز بلايستيشن للحصول على نقاط يمكن تبديلها مقابل الأغاني والصور والفيديوهات الموجودة في قصة اللعبة.

يمكنك كذلك أن تقوم بترتيب وتنسيق المكان كما تريد وتتحدث مع شخصيات اللعبة أو تجد شخصيات لم تسنح الفرصة لها لمقابلة بعضها البعض تتبادل أطراف الحديث في هذا المكان الجديد والممتع.

كلمة أخيرة

قضيت مع لعبة Persona 5 Royal أكثر من 100 ساعة، وفيها استطعت أن أقوم بجميع الأنشطة وأتفاعل مع جميع الشخصيات وأقوم بفتح جميع النهايات وهو أمر لم استطع القيام به في اللعبة الأصلية بسبب التسهيلات والإضافات الموجودة في هذه اللعبة تحديدًا على عكس سابقتها.

(تنويه: جميع هذه الساعات عبارة عن محتوى قصصي رئيسي وليس مجموع المهمات الرئيسية والجانبية مثل ألعاب العالم المفتوح)

في السابق كانت تحتوي بيرسونا 5 على مكانة خاصة في قلبي بسبب قصتها الدرامية المؤثرة وشخصياتها المحببة، ولكنني مع اللعبة الجديدة شعرت بحزن دفين وعميق لازمني لفترة طويلة بعد الانتهاء من اللعبة بسبب أنني ارتبطت ارتباطًا وثيقًا للغاية بشخصيات الأبطال وشعرت بأنني كنت جزءاً منهم وأن طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع الأمور تقترب بشكل كبير من الواقع الذي نعيش فيه.

التحديثات الجديدة التي أضافها المطور لا تجعل من اللعبة مجرد تحديث للعبة قديمة أحببناها كثيرًا، بل يمكن اعتبارها لوحة فنية مثل لوحة الأم التي تحتضن ابنها بحب Sayuri في اللعبة.

هذه اللعبة تستحق أن تُوضع في متحف لأن الاهتمام الذي ذهب في تطويرها وكتابة الحوارات فيها ونقل الأماكن الواقعية من مختلف أنحاء اليابان بداخلها لن نجده في أي لعبة أخرى بمثل هذه الصورة.

القصص التي تحكيها اللعبة والمعلومات الغزيرة التي تقدمها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى أسلوب العرض الجميل والأغاني المميزة، كل هذه الأشياء جعلت من اللعبة تجربة كاملة يمكنها أن تعيش للأبد، وحتّى بعد الانتهاء من اللعبة مازلت أجد نفسي استمع إلى الموسيقى واتذكر متى كانت آخر مرة منحتني لعبة فيديو هذه النظرة التفاؤلية والمفعمة بالأمل إلى المستقبل.

Persona 5 Royal ليست مجرد لعبة، بل هي تجربة علاجية يجب أن يعيشها كل لاعب لأنها فعلًا تجربة فريدة من نوعها وقادرة على أن تجعلك تحب أبسط الأشياء في الحياة الاعتيادية اليومية وتغير شخصيتك إلى الأفضل تمامًا مثلما فعلت معي وهناك ألعاب قليلة للغاية قادرة على تحقيق مثل هذا الأمر ولذلك تستحق هذه اللعبة أن تكون في رأس قائمة أفضل ألعاب الجيل.