فيلم الرعب Blair Witch كان واحدًا من أكثر الأفلام تأثيرًا على عالم السينما، حيث قام بتأسيس ونشر أسلوب تصوير Found-Footage، والذي يعتمد على عرض الأحداث من خلال كاميرا تصوير أو تسجيلات فيديو لإضافة الواقعية إلى المشاهد. نجح الفيلم كذلك في إثارة أعصاب الجماهير بسبب الخصم الرئيسي غير المرئي في الفيلم وهي ساحرة بلير.
اللعبة من تقديم مطور ألعاب الرعب المعروف Blooper Team، وهو المسؤول عن ألعاب رعب سابقة قوية مثل Layers of Fear.
ينجح الاستوديو في استخدام أفكار الفيلم الأصلي وإعادة انتاج بعض الأماكن من الفيلم وعرضها داخل اللعبة بشكل ممتاز، مع تقديم بعض المفاهيم الجديدة التي ستعجب محبّي السلسلة الأصلية.
Blair Witch متوفرّة الآن على منصّات Xbox One, PC (تمت تجربتها)، ومتاحة مجانًا لمشتركي خدمة Xbox Game Pass.
مراجعة لعبة Blair Witch ..
تجربة مرعبة حقيقية في الساعات الأخيرة من اللعبة
تقع أحداث لعبة Blair Witch في عام 1996 داخل غابة بلاك هيلز بالقرب من مقاطعة بيركيتزفيل في الولايات المتحدة. اختفى طفل في قلب الغابة، ويقع الأمر على عاتق موظفي الشرطة لمحاولة العثور عليه قبل أن يضيع إلى الأبد.
أنت تلعب دور Ellis، ضابط سابق في الشرطة يقرر الانضمام إلى البحث، ومعه كلب الشرطة المخلص واللطيف Bullet، والذي يساعده في البحث من خلال حواس التتبع القوية التي يمتلكها. يحاول البطل النجاة من التهديدات التي تلاحقه داخل الغابة خلال رحلة بحثه، وفي نفس الوقت يتضح أنه يطارده ماض مؤلم يؤثر بالسلب على صحته العقلية والنفسية.
شخصيًا وجدت نفسي مرحّبًا بالعديد من التغييرات الجديدة التي طرأت على فكرة الفيلم الأصلية، أولها وجود شخص ناضج كبطل للقصة بدلًا من مجموعة مراهقين كما هو الحال في أغلب أعمال الرعب الموجودة حاليًا، كما أن وجود الكلب معك لم يكن وسيلة مساعدة للاعبين وحسب، بل يتمكّن اللاعب من الارتباط به عاطفيًا من خلال مجموعة من الأوامر، ومشاهدة تأثيره النفسي والعاطفي على شخصية البطل ومجريات قصة اللعبة.
التجوال في الغابة المظلمة
يتمحور نظام اللعبة حول العمل جنبًا إلى جنب مع صديقك الكلب لتستطيع تتبّع آثار الطفل من خلال العثور على متعلّقاته الشخصية، وجعل الكلب يلتقط رائحتها ليستطيع إرشادك إلى الخطوة التالية في طريقك. الكلب يستطيع استشعار الأخطار الخفية الموجودة في الغابة كذلك والنباح لتحذيرك منها حتّى لو لم تكن مرئية بالنسبة لك.
الأخطار الخفية الموجودة في الغابة تشبه التي كانت موجودة في الفيلم، مثل الكائنات السريعة التي تختبئ وراء الأشجار، وتحتاج في اللعبة إلى تصويب ضوء المصباح اليدوي عليهم لكي يختفي الخطر. نوع آخر من الأخطار هو الوحدة، وهذا يمكن علاجه بأن تأمر الكلب بأن يظل قريبًا منك في كل وقت، وإذا ابتعد عنك تجد البطل يدخل في حالة هستيرية وينهار نفسيًا بشكل سريع ومرعب.
بعض أجزاء اللعبة تعتمد على حل الألغاز من خلال التقنية المُبتكرة الموجودة في اللعبة، وهي كاميرا الفيديو التي تتيح لك رؤية بعض التلميحات حول القصة وما حدث قبل مجيئك، لكن الابتكار الحقيقي يكمن في قدرة الكاميرا على التلاعب بالواقع من خلال إيقاف شرائط الفيديو التي تحصل عليها في وقت معيّن.
كمثال، إذا وجدت بابًا مغلقًا، وحصلت على شريط فيديو يعرض أحد الأشخاص وهو يفتح هذا الباب. إذا قمت بإيقاف الفيديو عند اللحظة التي يتم فيها فتح الباب، ستجد الباب الحقيقي مفتوحًا كما هو في شريط الفيديو. يتم تطبيق هذه القدرة في مواقف كثيرة خلال فصول اللعبة وبطرق متنوّعة.
عامل الخوف في لعبة Blair Witch
تستعمل اللعبة العديد من الأساليب لخلق جو مرعب وفعال بدون اللجوء إلى أي قفزات مرعبة رخيصة. يتم تغطية الغابة بوشاح من الظلام أو الضباب معظم الوقت، مما يجعل المشي خلالها أكثر إثارة للأعصاب، ولا أعني بذلك الظلام الذي يسمح لك برؤية أين أنت والأشياء القريبة منك، بل أعني أن يتم تغطية الشاشة بالكامل باللون الأسود لجعلك تلعب في ظلام دامس، ولن يتبّقي لك إلا ضوء المصباح المحمول والذي يمكنه أن يتوقّف عن العمل بين الحين والآخر.
في أحيان كثيرة يتم إجبارك على اللعب بهذه الطريقة ولن يتوفّر لك حتّى ضوء المصباح، وستحتاج إلى النظر إلى ما يحدث حولك من خلال نافذة الكاميرا المحمولة. الفكرة أنه من السهل للغاية أن تضيع في الغابة، حتّى لو كان ضوء النهار متاحًا لك، لن تستطيع إيجاد طريقك بسهولة إلا من خلال مساعدة الكلب أو غيره من الدلائل المتاحة، لكن اللعبة تعرف ذلك وتأخذ منك الكلب في بعض الأوقات لتجبرك على البقاء وحيدًا والتفكير في حلول سريعة للهروب.
في الحقيقة الضياع يمكنه أن يكون عنصرًا إيجابيًا وسلبيًا في نفس الوقت، حيث أن البحث عن الطريق المناسب يمكنه أن يجعل رتم اللعبة المثير يختفي لبعض الوقت، خصوصًا عندما تحتاج إلى البحث عن أشياء صغيرة للغاية من الصعب ملاحظتها مثل شرائط الفيديو أو أجهزة التواصل. الكلب لا يساعدك في أغلب الأحيان في البحث عن هذه الأشياء مما يجعل الأمر أكثر مملًا وضجرًا.
تصميم المؤثرات الصوتية مدهش بنفس قدر العوامل البصرية في اللعبة، رغم وجود مؤدي الصوت الوحيد للبطل أمامك معظم الوقت لكنه بارع في إيصال مجموعة مختلفة من المشاعر للاعب حسب الوقت، كما أن اللعبة تستعمل تقنية Binaural Audio لجعل الصوت يبدو مجسّمًا ويجعلك تشعر أنك فعلًا داخل هذا العالم وأن الأخطار تحيط بك من الخلف والجوانب وتلتف حولك باستمرار.
الساعة الأخيرة مطابقة للفيلم الأصلي
تنويه: تحتوي الفقرة التالية على بعض الحرق لأحداث الفيلم الأصلي، لكن أعتقد أن المهتمين بالفيلم يستحقون معرفة هذه التفاصيل والتي يمكنها أن تغيّر رأيهم في اللعبة بالكامل.
اللعبة تستغرق خمس ساعات فقط للانتهاء منها، أربعة منها يقضيها اللاعب في مواجهة الأخطار والتجوال داخل الغابة المظلمة، لكن في الساعة الأخيرة يستطيع اللاعب أخيرًا زيارة منزل الساحرة التي تستطيع فيه استعمال قواها الخارقة بالكامل.
المعجبون الذين شاهدوا الفيلم الأصلي الذي صدر عام 2016 يعرفون ماذا أقصد. هذا المنزل المرعب الذي يتحدّى عوامل الزمن، ويضع المراهقين الأبطال في مواجهة العديد من الأخطار ويدفعهم للدخول في أماكن ضيّقة ومرعبة. كما أن الساحرة تكون بقواها الكاملة داخل هذا المنزل ولا يمكن الإفلات منها إلا عن طريق النظر إلى الحائط وعدم الالتفات إلى الوراء.
يسعدني أن أقول أن كل هذا تم إعادة انتاجه بامتياز داخل اللعبة، الغرف الغريبة، الأصوات المرعبة، تأثير الزمن على جدران المنزل والأضواء وحتّى عناصر القصة الماضية وكيفية ترتيب الأحداث الزمنية داخل القصة.
حتّى أدق المشاهد والتفاصيل والحوارات لا ينساها المطورّ، بل ويضيف بعض الأمور الجديدة مثل طريقة اختيار الساحرة للخادم المسؤول عن تنفيذ أفعالها الشريرة، والتي لم يتم التوغّل فيها بشكل أكبر في الأفلام الأصلية.
لا يمكنني أن أصف مدى إعجابي بتصميم البيت وترتيب القصة وشكل الأخطار الموجودة فيه، والتي شعرت لأول مرة أن هذه أفضل لعبة مأخوذة من فيلم حصلنا عليها منذ فترة طويلة. خاصة أنه تم إضافة عنصر المرض النفسي لبطل اللعبة والذي كان عاملًا قويًا في جعل تجربة الهروب من المنزل المخيف جديدة ومختلفة.
كلمة أخيرة
هناك العديد من الأشياء التي يمكن جمعها خلال فترة اللعبة مثل الصور وتماثيل الطوطم، لكنها ليست مهمة بدرجة كبيرة ولا يوجد لديها قيمة فعلية داخل القصة غير زيادة عامل الرعب. اللمسة التي أعجبتني فعلًا كانت في شكل الهاتف المحمول والذي كان قديمًا مثل الهواتف التي كنا نستعملها منذ عشرين سنة، ويحتوي على بعض الألعاب القديمة مثل لعبة الثعبان ولعبة ضرب الفضائيين.
هذه اللمسات البسيطة والإهتمام بأدق التفاصيل في Blair Witch لجعلها مطابقة للفيلم الأصلي والفترة الزمنية التي دارت فيها أحداثه أبهرتني كثيرًا، لكن رتم القصة نفسه في الساعات الأولى شعرت أنه ممل في أحيان كثيرة، وليس بنفس قوة الفصل الأخير من القصة، والذي تحصل فيه على قواك بالكامل وتتخلّى عن الكلب الذي يمكنه أن يصبح مزعجًا في العديد من الأوقات.
كنت أتمنّى لو كانت اللعبة كلها بنفس مقدار الرعب الذي شعرت به في هذا المنزل، والذي أعتبره من أفضل تجارب الرعب التي عشتها هذا العام. هذا بالإضافة إلى أنني معجب بسلسلة الأفلام الأصلية، ويمكنني أن أؤكد لجميع المعجبين والذين يبحثون عن تجربة مرعبة حقيقية، أن هذه اللعبة تستحق فعلًا التجربة، وتستطيع نقل نفس الإحساس المرعب الذي عشناه في الفيلم الأصلي بدقة وبنفس درجة الغموض التي جعلت من هذا الفيلم أسطورة لا تُنسى.
Review overview
الإيجابيات
- فكرة جديدة ومُبتكرة في استعمال تقنية Found-Footage عن طريق جعل اللاعب يستعمل كاميرا الفيديو لتغيير الواقع
- البطل شخص ناضج ذو مؤدي صوت جيد وأحببت شخصيته عن المراهقين الموجودين في الفيلم الأصلي
- المؤثرات الصوتية والبصرية ممتازة في زرع عامل الخوف داخل اللاعب
- الساعة الأخيرة من اللعبة تعيد إنتاج المنزل الأيقوني من الفيلم بدرجة ممتازة مع الإهتمام بجميع التفاصيل التي ستسعد محبّي السلسلة الأصلية
- تفاصيل جديدة تفسر بعض الأمور التي لم يتم التطرّق إليها بشكل واضح في الأفلام
السلبيات
- الضياع سهل داخل الغابة ويمكنه أن يجعل اللعبة تفقد رتمها المثير
- الساعات الأولى من اللعبة قبل دخول منزل الساحرة يمكنها أن تكون مملّة بالنسبة للبعض
- التحكّم في صديقك الكلب وطريقة حركته يمكنها أن تصبح مزعجة في بعض الأحيان
الملخص
7.5Blair Witch من أفضل تجارب الرعب التي رأيتها هذا العام، وهي بلا شك اللعبة التي يستحقها معجبي الفيلم الأصلي. الساعات الأخيرة من اللعبة ستسعد أي محب لأفلام الرعب لأنها تقدّم نفس التجربة التي قدّمها المسلسل الأصلي بنفس درجة الجودة والرعب الذي شعرنا به عند مشاهدة الفيلم لأول مرة. ربما تكون الساعات الأولى من اللعبة مملّة قليلًا لكن مع اقتراب نهاية القصة سيجد اللاعب الموضوع يستحق المجهود والوقت المبذول في الترحال عبر الغابة وحل الألغاز ومواجهة الأخطار.