مراجعة لعبة RAD

RAD كلمة عامية كانت تُستخدم كثيرًا في الثمانينات لوصف شيء ما بأنه رائع ومثير، كما أنها وحدة قياس للطاقة الإشعاعية، واليوم تحصل الكلمة على معنى جديد ومختلف بالنسبة لمحبّي ألعاب الفيديو وهي لعبة الآكشن الصعبة والرائعة RAD من المطوّر Double Fine.

اللعبة تستعمل طابع ألعاب Rouge المنتشر كثيرًا هذه الأيام، والذي يعتمد على إعادة نفس المستوى مرات عِدّة مع جعلك تفقد جميع الأسلحة والمعدّات والقدرات الخاصة التي تمتلكها إذا ما تعرّضت للخسارة في أي وقت.

المثير هنا هو طريقة عرض هذه القدرات الخاصة والتي أضافت التنوّع والتجديد إلى اللعبة وجعلتها قابلة للإعادة بشكل مستمر ولفترات طويلة بدون فقدان متعتها الأصلية.

تتميّز لعبة RAD كذلك بتقديم عالم متجدد ومليء بالتفاصيل وعناصر جمالية كثيرة مثل الموسيقى الكلاسيكية والرسوم الجذّابة المُستلهمة من حقبة الثمانينات. لو كنت أحد محبّي المسلسل المشهور Stranger Things، فحتمًا لا يمكنك تفويت تجربة هذه اللعبة لأي سبب.

لعبة RAD متوفّرة على منصّات PS4, Xbox One, PC, Switch (تمت تجربتها).

مراجعة لعبة RAD ..

سن المراهقة خطر في جميع العصور

لأكون صريحًا، أنا صغير السن نوعًا ما، وسأكمل سبعة وعشرين عامًا من عمري في سبتمبر القادم، مما يعني أنني لم أعيش الحقبة التي تتحدّث عنها اللعبة، ولكن هذا لم يمنعني من معرفة المزيد عنها وتقدّير التراث والأشياء الجميلة التي كانت موجودة في ذلك الوقت من خلال مشاهدة الأفلام والمسلسلات الأجنبية.

في الماضي، كانت الحياة بسيطة، والأفكار الإبداعية محدودة نوعًا ما، وتتمركز في عرض شخصيات بارزة ترتدي ملابسًا صاخبة وتستعمل أسلحة عجيبة للقيام ببعض الأفعال المجنونة مثلما رأينا في أفلام Evil Dead أو Mad Max، ودائمًا ما كنت تسمع موسيقى البوب أو الروك تعمل في الخلفية وتساعد على جعل المشاهد الدموية أقل وحشية وأكثر كوميدية مثل أغاني مطرب البوب المشهور مايكل جاكسون.

تستعمل لعبة RAD طابعًا مماثلًا في تقديم القصة والعالم، حيث تقدّم اللعبة تاريخًا بديلًا لكوكب الأرض يتم فيه إبادة العالم عن طريق الأسلحة النووية (مرتين وليس مرة واحدة)، ولكن يتمكّن بعض المراهقون الذين يرتدون آخر صيحات الموضة من الملابس غير التقليدية والألوان البنفسجية من جمع ما يكفي من الموارد لإعادة بناء الحياة وتنقية الهواء من السموم وتطهير الأرض من الوحوش والمواد المشعّة التي تغطيها بالكامل.

Mutations … سلاح ذو حدّين

سلاحك الرئيسي في لعبة RAD هي عصا بيسبول عادية، ويمكنك استعمالها في القيام بعدد من الهجمات البسيطة، لكن بالطبع الذهاب لإنقاذ العالم المليء بالسموم والإشعاعات قد يكون شيئًا صعبًا (خاصة على مجموعة من المراهقين) ولا يوجد مفرّ من البحث عن قوى وأسلحة إضافية. الجيد أن اللعبة تعرف ذلك وتساعدك عن طريق معالجة جسمك وجعله يقبل اكتساب خصائص جديدة أو تحوّلات يطلق عليها اسم Mutations.

هذه التحوّلات تمكنّك من استعمال البيئة المشعّة والعناصر المحيطة لصالحك. إذا قمت بقتل العدد الكافي من الوحوش أو بحثت جيدًا في الأنقاض الموجودة حولك، ستجد نفسك حصلت على قوى جديدة ومختلفة تتيح لك تبديل العديد من أجزاء جسمك أو إضافة قطع جسدية إضافية ذات قوى خارقة للطبيعة وخصائص قتالية متنوّعة. التحوّلات كثيرة جدًا في هذه اللعبة وجنونية في الأشكال والخصائص التي تقدّمها.

على سبيل المثال، تتيح لك بعض التحوّلات الحصول على ذراع قتالية إضافية، أو تبديل رأسك بجمجمة يمكن رميها على الأعداء، أو قذف كرات النار، أو حتّى استخراج كائن لطيف صغير من ظهرك يمكنه مساعدتك في القتال وجذب الأعداء.

يمكنك حمل ثلاثة من هذه التحوّلات في أي وقت، بل ويمكنك الدمج بينها واكتشاف خصائص وقدرات جديدة عن طريق استعمال هذه التحوّلات معًا. هناك الكثير ينتظرك لاكتشافه والعديد من أساليب اللعب المختلفة التي تعتمد على الخصائص والتحوّلات التي تحصل عليها.

المشكلة (أو فكرة اللعبة) أن هذه التحوّلات تحصل عليها بشكل عشوائي لا يمكن التحكّم فيه. عليك أن تتعامل مع القدرات التي تحصل عليها وتتكيّف معها ومع أسلوب القتال بها حسب ما تجيد اللعب به، وإذا لم يعجبك الأمر يمكنك أن تخرج وتعيد بدء اللعبة مجددًا، وهذه النقطة في الحقيقة قد تكون مصدر إزعاج للبعض.

إذا حصلت على قدرة جيدة مثل تحوّل الكائن المساعد ستتمكّن من السير في المراحل بسرعة وسهولة، وإذا حصلت على قدرة سيئة أو قدرة لا تتوافق مع شكل المرحلة أو الوحش الرئيسي مثل قدرة رمي الحمض في الأرض والتي لا تعمل مع الوحوش الطائرة مثلًا، ستجد صعوبة كبيرة في الاستمتاع باللعبة وإتمام جميع المراحل.

العشوائية في نظام القتال قد تكون مصدر إزعاج، لكنها موجودة بنسبة بسيطة للغاية ولم تزعجني بالشكل الذي قد يتصوّره البعض عند قراءة هذه الكلمات، وذلك بسبب الاهتمام البالغ الذي لاحظته في تطوير وتقديم هذه القدرات وطريقة عملها وحتّى اختيار اسمائها المضحكة والتي جعلت من استعمال أغلب القدرات الموجودة في اللعبة شيئًا ممتعًا للغاية حتّى لو لم تكن القدّرة التي حصلت عليها هي المفضلّة لدي.

في الحقيقة يمكنك الانتهاء من رحلة اللعب بالكامل، والتي قد تحتاج منك إلى 10-12 ساعة تقريبًا، وستجد نفسك قد فتحت ربع عدد التحوّلات الموجودة في اللعبة فقط.

التحوّلات جزء من رحلة اللعب واكتشاف الجديد منها وتعلّم طريقة استخدامها مهم للغاية وممتع بنفس قدر اكتشاف المحتوى القصصي والأسرار الموجودة في مراحل اللعب المختلفة.

الثبات والعشوائية في نظام اللعب الخاص بـ لعبة RAD

كما ذكرت، ألعاب Rogue تتميّز بخصائص الإعادة والصعوبة وأحيانًا العشوائية المطلقة كما لاحظنا في نظام القتال. ينطبق هذا الكلام أيضًا على جميع المراحل الموجودة في اللعبة والتي يتغيّر شكلها بالكامل مع كل مرّة لعب، بالإضافة إلى أنك تحتاج لإعادة جميع المراحل منذ البداية في كل مرة تبدأ فيها رحلتك.

الأمر يبدو صعبًا وغير منطقيًا نوعًا ما، لكن هناك بعض الأشياء الثابتة والتي تجعل من كل مرة إعادة أكثر سهولة. في كل مرحلة يجب عليك فتح باب معيّن عن طريق تشغيل بعض نقاط أشعة الليزر الموجودة على الخريطة مهما كان شكلها، وعند فتح هذا الباب تجد في انتظارك أحد الأعداء الرئيسيين والذي عند هزيمته يمكنك أخذ قسط من الراحة والعودة إلى منزلك وشحن نفسك وتطوير أسلحتك.

تطوير نفسك وأسلحتك يتم عن طريق جميع شرائط الكاسيت (العملة المُستعملة في اللعبة)، والاحتفاظ بها في البنك أو شراء بعض العناصر من متجر المدينة، والذي بدوره يساعد في تطوير هذا المتجر وإضافة أسلحة وعناصر جديدة في قائمة البضائع مع الوقت. هذه العناصر دائمة ولا تتغيّر أو تذهب إذا قمت بإعادة اللعبة لأي عدد من المرات.

هناك العديد من السكان كذلك بانتظارك في المدينة الرئيسية التي تعود إليها بعد الانتهاء من قتال أي وحش رئيسي. يمكنك مساعدة هؤلاء السكان وتنفيذ طلباتهم وإحضار الأشياء التي يطلبونها أو القيام ببعض المهمات الجانبية للحصول على مكافآت وعناصر تطوير دائمة.

يمتلك اللاعب مستوى معيّن يختلف عن مستوى تطوير التحوّلات، وهذا المستوى يتطوّر ويفتح شخصيات وأسلحة جديدة في المتاجر عن طريق الانتهاء من أي مهمة رئيسية أو جانبية.

تفاصيل جميلة وعالم تفاعلي مبهر في لعبة RAD

العالم ربما يكون عشوائيًا، لكنه مليء بالألوان والأشكال والتفاصيل المختلفة والتي يقوم بسردها راوية القصة الأنثوية والتي تتحدّث بشكل دائم عن كل ما هو جديد وكل تفصيلة تجدها في أي ركن من أركان المرحلة.

المراحل لا تتكّون من طبقات سطحية فقط بل هناك خنادق وأنفاق سفلية موجودة في كل مرحلة ستحتاج إلى الهبوط إليها واستكشافها والتي غالبًا ما تحتوي على قدرات خاصة مشابهة للتحوّلات يُطلق عليها اسم Endo-Mutations.

من اسمها هذه القدرات، على عكس التحوّلات الخارجية، تعمل على المستوى الداخلي وتتيح لك الحصول على خصائص دائمة طوال فترة الرحلة الحالية ويمكن الحصول عليها بأي عدد مثل زيادة مدى التصويب أو زيادة نقاط الدفاع أو غيرها من الخصائص التي تعمل على تقوية مؤشرات اللاعب.

المحتوى القصصي ربما لا يكون الدافع الرئيسي لتجربة هذه الألعاب، لكنّه عنصر مهم جدًا وممتع في لعبة RAD، خاصة أن هناك العديد من التحوّلات التي تتفاعل مع العناصر المختلفة الموجودة في العالم، وهناك بعض الأماكن التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال استعمال قدرات معيّنة.

تحتوي اللعبة كذلك على تسع نهايات مختلفة لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق إعادة اللعبة عدّة مرات واكتشاف العناصر والتفاصيل القصصية الجديدة المتروكة في جميع أركان اللعبة.

الأسلوب الفكاهي المُستعمل في الحوارات رائع. هناك خليط من مشاعر الغرابة والمرح والبهجة في كل وقت، بداية من تعليقات السكان على شكل جسمك الذي يتغّير باستمرار، وصوت المذيع الجهوري المعبّر عن جميع الحركات القتالية التي تقوم بها مثل المذيعين في مباريات المصارعة، وبالطبع الأشياء المُستلهمة من الثمانينات والموجودة في كل مكان مثل شاشات التلفاز القديمة، وماكينات ألعاب Arcade التي لا تعمل.

هناك نكهة خاصة مع كل خطوة في عالم اللعبة تجعلك مبتهجًا دائمًا، خاصة مع وجود موسيقى الإليكترو والفانك التي تعمل بشكل دائم، وهي ليست بمستوى عمالقة التسجيلات الفنّية الموسيقية في تلك الحقبة، ولكنها تؤدي الغرض، وتقوم بضبط الحالة المزاجية وتنجح في جعلك تدخل هذا العالم وتستمر في البقاء بداخله لساعات طويلة، وهذا هو الهدف الذي تريد اللعبة الوصول إليه على أي حال.

وحوش مكرّرة ومعدّل إطارات منخفض

ربما تكون أفضل نقطة أعجبتني في لعبة RAD هو شعوري بأنني أعيش تجربة جديدة في كل مرة أدخل فيها إلى اللعبة، وبالطبع الشعور بالتجديد يمتد إلى العالم العشوائي والتحوّلات المختلفة والقدرات الخاصة التي تتغّير في كل رحلة. تعرض اللعبة جميع القدرات والتحوّلات وحتّى عناصر القصة في قائمة يمكن الوصول إليها ومعرفة القدرات والأشياء التي تنتظر منك اكتشافها وإعادة اللعبة مجددًا من أجل الوصول إليها.

للأسف الشعور بالتجديد لا يمتد إلى قتالات الوحوش الرئيسية، والتي وجدت أن طريقة تصميمها بسيطة جدًا، وأشكالها لا يوجد فيها أي إبداع تقريبًا، وحتّى المستويات المتقدّمة من الوحوش تبدو متشابهة مع نظائرها السابقة مع اختلافات بسيطة في الألوان، مما أثر على استمتاعي بهذه المعارك ولم أعد مترقبًا مثلما كنت في البداية لقتالات الوحوش الرئيسية الجديدة.

أسلوب التحكّم ممتاز ويتجاوب مع أقل لمسة على ذراع التحكّم، لكن اللعبة تعاني من انخفاض في معدّل الإطارات بشكل عام في أوقات عديدة مما جعلني اختار أن أجعل تجربة اللعب تتم بالكامل على معدّل إطارات 30 FPS بدلًا من 60.

هناك ثلاثة عوالم مختلفة في لعبة RAD، وكل عالم يتكّون من بضع مراحل متشابهة في الفكرة كما شرحت من قبل، ومختلفة في الشكل، لكن الانتهاء من هذه العوالم لا يستغرق وقتًا كبيرًا، ويمكنني بدون أن أحرق المحتوى المتقدّم في اللعبة أن أقول أن المعارك التي تنتظر اللاعبين ليست كثيرة، وبالطبع ليست مختلفة بالدرجة التي كنت أتوقّعها، لكنها ما تزال صعبة وتحتاج إلى مهارات واستعدادات جيّدة.

كلمة أخيرة عن RAD

بجانب القصة، تحتوي اللعبة على نظام تحديات يومية مشابه لأسلوب القصة الرئيسية لكن مع وجود خاصية Quirks التي تعطي اللاعب بعض الخصائص الداعمة أو مؤشرات الضعف حسب حظه بالإضافة إلى التحوّلات والقدرات الخاصة الأخرى. غير ذلك لن تحتاج إلى تجربة أي شيء آخر بخلاف القصة الرئيسية.

صدقًا أعتقد أن لعبة RAD واحدة من أفضل ألعاب Rogue التي حصلنا عليها منذ فترة طويلة. تقوم اللعبة بالعديد من الأشياء بشكل صحيح، وتحافظ على جعل المغامرة التي تقدّمها ممتعة ومتجدّدة دائمًا من خلال العديد من عناصر اللعب المختلفة، كما أن عدد التحوّلات الموجودة في اللعبة كبير للغاية وأعجبني كثيرًا ولم أتوقّع هذا الكم من القدرات في لعبة بسعر 15 دولار فقط.

اللعبة كذلك تنجح في نسج قصتها الخاصة ودعمها بالتفاصيل والعناصر والدلائل التي تجذبك لمعرفة المزيد والمزيد عن عالم اللعبة. وتأخذ اللاعبين في رحلة جميلة إلى الماضي من خلال الرسوم والألوان والصوتيات الجذابة وحتّى أسلوب اللعب الذي ذكرّني ببعض الألعاب الصعبة في هذا الوقت مثل لعبة Rogue التي كانت مشهورة في تلك الحقبة.