The Sinking City واحدة من أكثر الألعاب التي أثارت إهتمامي هذا العام، اللعبة لا تعتمد على تقديم أجواء مرعبة ومثيرة فحسب، بل تعتمد اعتمادًا كاملًا على تحفيز عقل اللعب واختبار ذكاءه ودقة ملاحظته حتّى آخر لحظة.
تأخذ اللعبة الإلهام من أعمال كاتب الرعب المشهور H.P. Lovecraft، وتحديدًا القصة القصيرة The Call of Cthulhu.
هذه ليست المرة الأولى التي تستعمل لعبة فيديو نفس مصدر الإلهام، حيث أننا قمنا بتجربة لعبة Call of Cthulhu في أواخر العام الماضي، ورأينا كيف تعرض اللعبة تجربة تمزج بين الغموض والتحقيقات وبين القلق والرعب من الأمور الغريبة والمشاكل النفسية.
من الجميل دائمًا أن أرى تجارب مختلفة ووجهات نظر متعدّدة لأحد الأفكار المميزة في عالم الأدب، لأنني أتمنّى دائمًا العودة إلى هذه القصص والأعمال الرائعة، لكن بطريقة جديدة تحمسّني وتجعلني أرى نفس الفكرة بشكل جديد ومختلف.
The Sinking City ستتوفّر على منصّات PS4 (تمت تجربتها), Xbox One, PC في السابع والعشرين من شهر يونيو هذا العام، واللعبة قادمة على منصّات Nintendo Switch في وقت لاحق من نفس العام.
The Sinking City …
تصوّر جيد لعمل المحقق في عالم لوفكرافت المرعب
أنت تلعب دور محقق خاص في بدايات القرن العشرين، والذي يذهب إلى مدينة أوكمونت الساحلية بولاية ماساتشوستس بحثًا عن تفسيرات لرؤى غريبة تراوده، لكن المدينة نفسها لديها المقدار الكافي من الأمور الغريبة التي تحتاج إلى تفسير، مثل ارتفاع منسوب المياة بشكل غريب، وظهور العديد من الوحوش المرعبة التي تهدد حياة المواطنين، وحدوث بعض الاختفائات وجرائم القتل التي يعجز رجال الشرطة عن حلّها.
عليك أن تستعد للقيام بعمل الشرطة طوال فترة اللعبة (وهي 25 ساعة تقريبًا). خلال هذه الساعات، تقوم بزيارة جميع الأماكن المتاحة في المدينة، وتتكلّم مع العديد من الشخصيات الهامة، وتتعرّف على العديد من الأمور المتعلّقة بالحياة في المدينة بشكل عام مثل تاريخها والعائلات الموجودة فيها وعلاقتهم ببعضهم البعض.
عالم اللعبة مفتوح ويمكنك زيارة أي مكان تريده في أي وقت، معظم طرقات المدينة غارقة بسبب ارتفاع منسوب المياة، لذلك هناك جزء كبير من التنقّل يتم عن طريق ركوب القوارب، وصراحة وجدت أنه ممتع جدًا وحزنت أنه لا يتم التركيز على تقنية السفر باستعمال القارب أكثر من ذلك.
فصول القصة يتم تقديمها في شكل قضايا Cases، كل قضية تتبع نفس الأسلوب في فكرة أنها تعطيك دلائل بسيطة، أو تطلب منك الذهاب إلى شخصية معيّنة لمعرفة خيط البداية، ثم تتركك اللعبة بعد ذلك، ولا تقول لك إلى أين تذهب أو ماذا يجب أن تفعل، أو حتّى تضع لك علامة على الخريطة لمعرفة الخطوة التالية في حل القضية.
تعطيك اللعبة الحل من خلال وضع علامات لأماكن مميزة على الخريطة مثل قسم البوليس والمكتبة العامة ومبنى البلدية. هذه الأماكن تحتوي على سجلات وأحداث وتواريخ وقصص تخص المدينة بشكل عام.
عليك أن تدقق في الدلائل والأوراق الموجودة معك، وتستعملها في البحث عن الخيط التالي من خلال تحديد ثلاثة كلمات مهمة في السجل المدني أو غيره. هذا الأمر أعجبني كثيرًا وأضاف نوعًا من الواقعية لطريقة سير التحقيقات أثناء اللعبة.
بعد ذلك تذهب إلى البيت أو المكان المذكور في الدلائل، والذي دائمًا ما تجده يعج بالوحوش التي تحتاج إلى التخلص منها قبل البدء في التحقيق.
يمتلك اللاعب بعض الأسلحة مثل المسدسات والبنادق ويحصل على المزيد مع مرور الوقت، بالإضافة إلى معدّات علاجية وأدوات صنع الفخاخ. القتال في اللعبة سهل جدًا وبسيط ولم يترك انطباعًا قويًا على تجربتي مع اللعبة.
طريقة التحقيقات نفسها تتم عن طريق البحث في المكان عن جميع الدلائل والتفاعل مع جميع عناصر البيئة المحيطة من حولك. بعض الدلائل تكون مخفية عن النظر وتحتاج إلى تفعيل نظام Mind’s Eye لتستطيع رؤية هذه الدلائل أو العلامات السرية.
جدير بالذكر أن استعمال هذه القدرة لمدّة طويلة يمكنه أن يصيبك بالجنون ويغير العالم إلى شكل مرعب باللونين الأبيض والأسود، لكن غلق هذه الخاصية تعيد شكل العالم إلى ما كان عليه.
بعد الانتهاء من جمع الدلائل، تظهر لك بوابة في منتصف المكان تتيح لك رؤية الأحداث التي تسببت في جعل المكان كما هو عليه حاليًا. يُطلق على هذه القدرة اسم Recollection وهي تحدث بشكل أوتوماتيكي وتعرض لك ثلاثة أو أربعة مشاهد مختلفة، ثم تطلب منك ترتيب هذه المشاهد حسب وقت حدوثها.
يستمر اللاعب في القيام بهذه الأمور بشكل متتالي مع كل قضية، هزيمة بعض الوحوش، البحث عن دلائل وإعادة ترتيب الأمور طوال فترة اللعبة، مما جعل اللعبة تبدو متكرّرة ومملّة.
لكن لنكون صادقين معظم الألعاب تعتمد على تقديم فكرة متكررة لكن بعضها ينجح في جعل اللاعبين يشعرون بالتجديد عند إعادة نفس الأمور المطلوبة في اللعبة عدّة مرات.
تنجح لعبة The Sinking City في نفس الأمر (تقديم عناصر التجديد وإزالة الملل) عن طريق إضافة بعض اللمسات الصغيرة والمهمة إلى اللعبة. أولها التصميم الجميل للمدينة وخصوصًا التصميمات الداخلية للمباني والتي تبدو مختلفة تمامًا عن بعضها البعض في الشكل والمضمون، مما جعل كل قضية تبدو جديدة تمامًا عن ما قبلها.
السبب الثاني الذي جعل القضايا في هذه اللعبة ممتعة هو الطريقة التي تجعلك بها اللعبة تتفاعل مع العالم، أنت دائمًا في وضعية التحكّم في كل لحظة، ولا تقضي وقتًا طويلًا في قراءة الأوراق أو مشاهدة العديد من المقاطع القصصية أو الاختيار بين الجمل الحوارية المختلفة.
جميع الشخصيات تقول كلامًا مهمًا وتركز على أهم النقاط المتعلّقة بالقضية وتترك الأمور التي ليس لها داع أو ليس لها علاقة باللعبة. لكن وجدت شيئًا غريبًا وهو أن جميع الشخصيات تقف في نفس الزاوية أثناء الكلام طوال فترة القصة، الشخصيات تستعمل تعابير وجه مختلفة لكن زاوية الكاميرا تظل هي نفسها بدون أي تغيير، ولا أعرف هل هذا بسبب الميزانية أم أنه شيء آخر.
السبب الأهم هو الجو العام للعبة وشكل الرسوم والأصوات المرعبة الموجودة حولك في كل وقت، حتّى بعض عناصر التحكّم نفسها مثل جمع الأدلة وإنخفاض نقاط الحياة والدخول في مناطق تعج بالوحوش، جميع هذه الأمور مصحوبة بمؤثرات صوتية مرعبة تجعل كل دقيقة في هذه اللعبة تحبس الأنفاس.
هناك جزئية رابعة من اللعبة لم أذكرها لأنها تحدث 4 مرات تقريبًا على مدار أحداث القصة، لكن هذه الجزئية تم تصميمها بعناية شديدة مثل باقي أجزاء اللعبة وهي الغوص تحت الماء.
يقضي اللاعب بعض الوقت في استكشاف كهوف غارقة عن طريق ارتداء زي غوص يساعده على التنفّس تحت الماء. وخلال هذه الرحلات القصيرة يحارب بعض الوحوش البحرية المختلفة، ويمكنه أن يشاهد بوضوح وحش Cthulhu كبير للغاية يسبح في الخلفية.
الموضوع مرعب للغاية عندما قمت بتجربته أول مرة، وربما تكون هذه اللحظات وهي أفضل اللحظات على مدار تجربتي للعبة بشكل عام.
هناك ثلاث نهايات مختلفة للعبة (أو ثلاثة مشاهد) يمكن الحصول عليها جميعًا في تجربة لعب واحدة. لكن هناك بعض المقاطع السينمائية السرية التي لا يمكن فتحها إلا عن طريق عمل بعض الاختيارات الحوارية الصحيحة أثناء اللعبة.
هناك دائمًا نوع من الاختيار في كل قضية يعتمد على قتل أحد الشخصيات وترك الآخر يعيش، لكن النتيجة في النهاية واحدة وطريقة سير اللعبة لا تتأثر كثيرًا بمن يعيش ويموت.
المشاهد القصصية نفسها ليست مهمة كثيرًا، وليست مرعبة بالدرجة الكافية أو أيًا كان الهدف الذي تم وضعها من أجله، ولم أرى داع لإعادة اللعب ومحاولة جمع المشاهد التي فاتتني، حتّى المشاهد التي حصلت عليها عن طريق عمل خيارات صحيحة لم تفيدني كثيرًا أو أثّرت على قصة اللعبة بأي شكل.
أساس القصة نفسه لا نقاش عليه لأنه مقتبس من رواية أدبية مشهورة، لكن ينجح الاستوديو في إضافة طابعه الخاص ومناقشة بعض المواضيع الأخرى داخل عالم الرواية نفسها مثل التفرقة العنصرية والدينية وكيفية تأثيرها على هذه الحقبة التاريخية، مما جعل اللعبة تبدو أكثر واقعية وكأنها رحلة زمنية إلى هذا الوقت وليست مجرّد تصور للقصة الأصلية في حسب.
هناك بعض المهمات الجانبية التي تتبع نفس وتيرة اللعب لكنها تقدم دلائل وقضايا جديدة غير القصة الأصلية، القيام بهذه المهمات ممتع بنفس قدر المهمات الأصلية ويمكنه زيادة طول اللعبة عشر ساعات زيادة على الأقل لتصبح التجربة الكاملة تستغرق 35 ساعة.
العيوب التقنية عطلّت استمتاعي باللعبة في أحيان كثيرة، دائما ما تطلب مني اللعبة إيجاد شخصية معيّنة أو دليل ما لكن هذه الشخصية لا تظهر، واحتاج إلى غلق اللعبة وفتحها مجددًا بعد البحث فترات طويلة عن الشخصية أو الدليل الناقص قبل أن أعرف أنها مشكلة في اللعبة نفسها.
لم تخلو التجربة كذلك من بعض الأعطال الفنية التي تسببت في غلق اللعبة أو انحشار الشخصية في مكان ما بدون القدرة على تحريكه في أي إتجاه.
The Sinking City تبدو رائعة من حيث الرسوم ومستوى الصوتيات، وأسلوب اللعب الجيد يساعد في جعلك مهتمًا طوال فترة اللعب، لكن إذا كنت تتوقّع شيئًا جديدًا ومختلفًا بعد حلّك للقضية الأولى، فلا تعقد الكثير من الآمال، لأن اللعبة تستمر على نفس الوتيرة منذ البداية وحتّى النهاية.
اللعبة تركز على جعل اللاعب يتفاعل مع اللعبة أكثر من تقدّيم مشاهد قصصية، وهذا أعجبني كثيرًا، لكن العيوب التقنية ربما تنفّر بعض اللاعبين من إتمام اللعبة الطويلة والمتكرّرة في بعض الأحيان.
Review overview
الإيجابيات
- مدينة كبيرة مفتوحة
- الاعتماد على الذكاء والقراءة بين السطور للتقدّم في اللعبة
- التركيز على جعل اللاعب متفاعلًا طوال الوقت
- اختلاف تام في التصميمات الداخلية لجميع الأماكن في اللعبة
- القصة تناقش مواضيع جديدة عن الحقبة الزمنية في الرواية
- ثلاث نهايات مختلفة
السلبيات
- العديد من العيوب التقنية
- وتيرة لعب واحدة طوال فترة اللعب
- زاوية الكاميرا لا تتغير في المشاهد القصصية
- بعض جوانب اللعب الممتعة لا يتم التركيز عليها بصورة أفضل
- لا يوجد هناك حاجة لإعادة اللعبة بعد الانتهاء منها
الملخص
8The Sinking City تبدو رائعة من حيث الرسوم ومستوى الصوتيات، وأسلوب اللعب الجيد يساعد في جعلك مهتمًا طوال فترة اللعب، لكن إذا كنت تتوقّع شيئًا جديدًا ومختلفًا بعد حلّك للقضية الأولى، فلا تعقد الكثير من الآمال، لأن اللعبة تستمر على نفس الوتيرة منذ البداية وحتّى النهاية. اللعبة تركز على جعل اللاعب يتفاعل مع اللعبة أكثر من تقدّيم مشاهد قصصية، وهذا أعجبني كثيرًا، لكن العيوب التقنية ربما تنفّر بعض اللاعبين من إتمام اللعبة الطويلة والمتكرّرة في بعض الأحيان.