مراجعة لعبة Astrologaster

لعبة Astrologaster تتحدث عن قصة حقيقية لمغامرات دكتور محتال، قام بالاحتيال على العديد من المرضى وإعطائهم النصائح الكاذبة مدعيًا أنه يستطيع معرفة أدق الأسرار والتفاصيل عنهم، وحتّى ماضيهم ومستقبلهم من خلال تحديد مواقع النجوم في السماء.

عدد الناس الذين يصدّقون الخرافات كبير للغاية، تجد الكثيرين يعتمدون في تحديد خط سير حياتهم وكيفية اتخاذ قراراتهم المهمّة على حظ اليوم، أو مواقع النجوم، أو حتّى التمائم الجالبة للحظ. والتي قد لا تكون لها أي علاقة بشخصية الفرد ومشاكله الحياتية والنفسية.

حتّى لو كانت الإجابات بعيدة تمامًا عن الواقع، سيحاول الأفراد بلا وعي أن يربطوا هذه الأشياء التي ليس لها معنى بحياتهم، ويحاولون الاعتماد عليها بشكل كامل، لأنهم يخافون من أن يتّخذوا القرار وحدهم.

لا مانع لدي في أن يبحث الفرد عن وسيلة للاطمئنان والشعور بأن حياته ستكون أفضل، لكن ربما يستغّل هذا الأمر بعض الأفراد المحتالين لكسب النقود، أو بعض الأهداف المسيئة الأخرى، وهذا ما سوف نتحدّث عنه في لعبة Astrologaster.

اللعبة تتوفّر على أجهزة الحاسب PC في التاسع من شهر مايو هذا العام بسعر 10 دولار أمريكي.

Astrologaster .. فكرة جديدة، وتقدّيم متوسط

خلال أواخر القرن السادس عشر، تحديدًا في إنجلترا، هرب الأطباء بعد انتشار مرض الطاعون الذي أثّر على أغلب السكان. لكن أحد الأشخاص الذي يدعى سيمون فورمان قرر علاج مرضه بطريقة غريبة جدًا وهى النظر إلى النجوم.

سيمون وجد أن الأمر قد نجح، واستمر في قراءة النجوم ودراستها من أجل علاج العديد من الأمراض، وقام بفتح عيادته الخاصة كذلك لمساعدة باقي السكان. المشكلة هنا أنه ليس طبيبًا حقيقيًا.

حذرّت شرطة المدينة من التعامل مع الشخصيات المحتالة مثل فورمان، وإذا أمسكوا به فسوف يعتقلونه بلا شك. فورمان يعرف ذلك ويعرف الحل الذي يجب أن يقوم به، يحتاج فورمان إلى الحصول على ثمانية خطابات توصية من مرضاه على الأقل ليكون لديه الفرصة ليصبح طبيبًا حقيقيًا.

هذا يعني أنه طوال فترة اللعبة يعمل بشكل غير قانوني، يجب على فورمان أن يتوخّى الحذر حتّى لا يكتشف المرضى أكاذيبه ويفشل مشروع الاحتيال الذي يعمل عليه.

تعتمد Astrologaster في طريقة سرد القصة على حكاية فورمان الواقعية، وعلم التنجيم Horary، والذي يمكن اعتباره نسخة مُبسطّة قليلًا من الطريقة التي كان يستعملها فورمان الحقيقي في تشخيص الأمراض وعلاجها ويمكن اعتبار هذه اللعبة مدخلًا حقيقيًا لعلم التنجيم للمبتدئين.

الدقة التاريخية في Astrologaster

مطورّ اللعبة يهتم كثيرًا بالدِقّة، سواء بالنسبة للأحداث التاريخية أو الرسوم البيانية للنجوم. يستخدم المطورّون المخططات النجمية الحقيقية المرتبطة بنفس التاريخ والوقت المحددين للاستشارة التي قيل إنها حدثت في اللعبة.

العديد من الشخصيات التي تظهر في اللعبة والحالات الطبيّة حقيقية، ومعظمهم كانوا مرضى حقيقين يرتادون عيادة الدكتور فومان.

وفوق ذلك، تستخدم اللعبة المصطلحات الطبيّة القديمة التي كانت شائعة في هذا العصر، مثل “التخدير” بدًلا من “القيء”، طبقًا للمطورّ، هناك فريق بحث من جامعة كامبريدج عمل بجهد لضمان الدقة التاريخية للّعبة. ويظهر مجهودهم بشكل واضح في قصة اللعبة، التي تم كتابة كل سطر فيها بعناية شديدة ودقّة ممتازة.

نظام اللعب في Astrologaster

نظام اللعبة نفسه يسير بطريقة الروايات القصصية، أنت تقوم بقراءة الكلام والاستماع إلى شكوى الناس (جميع الجمل المكتوبة في اللعبة لديها أداء صوتي ممتاز وقريب من اللهجة التي كانت مُستعملة في القرن السادس عشر). وبعد الانتهاء من سماع شكواهم، عليك أن تختار التشخيص الذي سوف تقوله (أو تؤلفه بصفتك دكتور محتال) من أحد الاختيارات المعروضة على الشاشة.

هناك اختيارات متعددّة تظهر أمامك في كل حالة، وكل اختيار يندرج تحته قائمة من المعلومات التي توضّح أماكن النجوم ودلالتها على حالة المريض.

إذا كانت إحدى المرضى مشكلتها عائلية على سبيل المثال، ستظهر بعض الدلالات المرتبطة بموضوع العائلة، وبعض الدلالات التي ليس لها علاقة بالموضوع.

اللعبة لا تساعدك كثيرًا في شرح ماذا يجب أن تفعل وكيف تختار الاختيار المناسب، كنت أتمنّى نوعًا من المحاضرات التدريبية قبل البدء، خصوصًا أن أغلب تفاصيل اللعبة تعتمد على فهمك بالتعريفات الطبّية واللغة الإنجليزية القديمة.

على كل حال، بعد فترة قصيرة فهمت ماذا تريد منّى اللعبة، وهو أن أستمع جيدًا إلى شكوى المرضى، وأحاول على قدر الإمكان اختيار الإجابة المناسبة التي تكون أقرب إلى تصديقها دونًا عن باقي الإجابات.

بعض التشخيصات مضحكة للغاية، لكنهّم يصدقونها فعلًا، وبعض الأمور التي تقولها لا تؤثر على حياة المريض فقط، بل توثر على حياة المرضى الآخرين والحياة الإجتماعية في المدينة بشكل عام.

هناك 14 شخصية مختلفة، كل واحدة لديها صوت خاص، وخلفية حوارية، وسبب جيد لرؤية “الطبيب” والإقدام على العلاج.

مميزات لعبة Astrologaster

هناك العديد من الأشياء التي أعجبتني في اللعبة، أولها بالطبع الفكرة الجديدة من نوعها في تصميم العناصر الحوارية، وكم المعلومات التاريخية التي أتعلّمها بمجرد الاستماع لكلام المرضى.

أنا لا أتعلّم عن الحياة الشخصية للمرضى فقط، بل أعرف الكثير عن العديد من الموضوعات المهمة في هذه الحقبة التاريخية مثل التعليم والتجارة والدين والسياسة والزواج وغيرها، والاستماع إلى هذه المعلومات من خلال أفواه الناس الذين عاشوا فعلًا هذه الأحداث يجعل الموضوع أكثر متعة، ويسهّل تذكر الحقائق والربط بينها داخل قصة اللعبة.

قبل دخول الحالة على العيادة، يتم تلخيص الحالة النفسية للمريض من خلال جمل شعرية بسيطة يتم سردها باستعمال أسلوب الغناء الأوبرالي الإنجليزي، والذي كان مذهلًا في كل مرة استمع فيها إليه، كان يمكن للمطورّ أن يقوم بعرض تلخيص للحالة في كل مرّة ويسهّل الأمر على نفسه، لكنه اختار أن يجعل الموضوع مختلفًا وهذا شيء أعجبني كثيرًا.

الميزة الأخرى للعبة والتي يمكن ملاحظتها مباشرة هى طريقة التقديم، والتي تشبه كتب الأطفال المصنوعة بتقنيات ثلاثية الأبعاد، والتي يمكنك تقليبها كأنك تقلّب صفحات كتاب حقيقي، وسيلة التقديم هذه جديدة وجذابة ولم أعهدها في ألعاب الروايات القصصية من قبل.

عيوب لعبة Astrologaster

لم تخلو اللعبة من بعض الانتقادات كذلك، بجانب عدم وجود محاضرات تدريبية كافية، لا يوجد موسيقى جذابة أو ملحوظة بجانب موسيقى البداية والأداء الصوتي.

طريقة التقدّيم كذلك تصبح مملّة ومكررّة مع الوقت، لا يوجد شكل مختلف للعيادة مع اختلاف المرضى، كنت أتمنّى أن توجد طريقة عرض مختلفة، أو حتّى لون مختلف لكل مريض لجذب انتباه اللاعبين قليلًا، وشعرت أنني أنظر إلى شاشة واحدة طوال الوقت بلا تغيير.

كان من المفترض أن يتم التعامل مع ذلك بصورة أفضل لتشجيع اللاعبين على القراءة والاهتمام بالحالات المختلفة، وأعتقد أن هذا لم يكن استغلالًا جيدًا لبيئة العرض المُستعملة وهى لعبة الفيديو، وجعلت الموضوع كذلك يقترب من الروايات القصصية العادية. أسلوب السرد لا يتغّير كثيرًا، أو لا يتغيّر على الإطلاق كذلك أثناء اللعب مما يجعل الأمر مملًا بعض الشيء.

بعض التفاصيل التقنية لم تعجبني أيضًا، لا يوجد وسيلة لحفظ تقدّمي في أماكن مختلفة مثل باقي الألعاب، ولا يوجد طريقة يمكن أن أعود بها لإلغاء اختيار قمت به أو العودة لأي نقطة أريدها خلال قصة اللعبة.

في باقي الألعاب الأخرى يمكنني الذهاب والعودة لأي نقطة لعبتها كما أريد، خصوصًا أنني لا أريد لعب اللعبة مرات عديدة لتجنّب خطئاً واحداً بسيطاً، ولكن ليس هذا الحال في هذه اللعبة، إذا أخطأت عليك أن تتحمّل نتيجة خطأك لنهاية اللعبة.

لا يوجد طريقة كذلك لمراجعة الحالة قبل البدء في اختيار جديد، تقرير الحالة يتم عرضه بعد الاختيار الجديد وليس قبله، وهذا التقرير مهم جدًا لاستطيع التفكير في الاختيار التالي الذي يتناسب مع الذي قلته في السابق، والذي يتناسب مع حالة المرضى الآخرين الذين لهم علاقة بحالة المريض الموجود أمامي حاليًا، وبالطبع لا يمكنني تذّكر جميع التفاصيل المتعلّقة بكل مريض لأنهم كُثر، كنت أتمنّى وجود وسيلة أفضل قليلًا للوصول لهذه المعلومات المهمة في أي وقت.

كلمة أخيرة

أحببت كثيرًا الطابع الفريد المستعمل في لعبة Astrologaster والدقّة الموجودة في كل ركن من أركان اللعبة، لكنّني كنت أتمنّى مزيدًا من العمل على شكل الرسوم ليصبح الموضوع أكثر قبولًا، وكنت أتمنّى وجود بعض التسهيلات التقنية التي أراها في ألعاب الروايات القصصية هذه الأيام، والتي افتقدتها هنا كثيرًا.