من الصعب التفاؤل في كثيرٍ من الأحيان خصوصاً في الأوضاع التي يعيشها العالم اليوم، فالسياسة في فوضى، والبيئة في مشكلة ويبدو أن نصف العالم إما يذوب أو يشتعل بالفعل.
ولكن يبقى هنالك أسباب تدعو إلى البهجة، فالتكنولوجيا تعمل على هزيمة كل مشكلة في النهاية.
قد يرى البعض أن التكنولوجيا قد تكون سبباً إضافياً يقربنا إلى دمار العالم، إلا أنها في الحقيقة قد تكون السبب الرئيسي لإنقاذ العالم والتخلص من مشاكله الكبيرة
إليكم 4 أسباب تجعلنا نعتقد أن بإمكان التكنولوجيا إنقاذ العالم
التكنولوجيا ضد الموت
من الناحية الطبية، هذا هو أفضل زمن في تاريخ البشرية: عمرنا المتوقع أطول بشكل كبير من أجدادنا، وقد حدث الجزء الأكبر من هذا التغيير في الأجيال الأربعة الماضية، إذ تضاعف متوسط العمر المتوقع في معظم أنحاء العالم منذ عام 1900.
وتستمر التكنولوجيا في إيجاد طرق جديدة لمساعدتنا على العيش حياة أطول وأفضل، فالتعديل الجيني لديه القدرة على إزالة الأمراض الوراثية والسرطانات، والبنكرياس الاصطناعي قد يقلب حياة المصابين بداء السكري، ويساعد تحليل البيانات الضخمة في إيجاد العلاجات الخاصة ببعض الحالات التي قد تدمر حياة الأفراد.
وبدأنا نرى الأجهزة القابلة للارتداء تنقذ حياة الكثيرين بتحذيرهم من الأعراض التي لم يعلموا بوجودها، وكذلك منصات مثل آبل ResearchKit يمكن أن توفر للباحثين كميات هائلة من المعلومات لجميع أنواع الحالات والعوامل.
التكنولوجيا ضد الأوبئة
الوباء هو مرض قاتل مثل الطاعون، والمعروف باسم الموت الأسود. وهذا الأمر قد لا يكون مصدر قلق كبير هذه الأيام، لكن ظهور الإيبولا وفيروس نقص المناعة البشرية وانفلونزا الطيور يُظهر أنه لا يجب علينا أن نطمئن بشكل كبير. فشبح الطاعون الطبيعي أو من صنع الإنسان الذي يقتل الملايين هو أمر يعمل على تفاديه الخبراء بشكل جدي.
يصف المنتدى الاقتصادي العالمي أربع طرق يمكن من خلالها للتكنولوجيا المساعدة في مكافحة الأوبئة المستقبلية: الرسائل، لتحذير الناس من الأخطار وكيفية تجنب الإصابة بأي فيروس؛ تقديم التدريب للعاملين الصحيين في الميدان؛ تمكين العاملين في المجال الصحي والوكالات والمصالح الحيوية الأخرى من رصد انتشار الأمراض؛ والمراقبة في الزمن الحقيقي لمعرفة كيفية انتشار الفيروس والتنبؤ بمكانه.
التكنولوجيا ضد المجاعة
الحقيقة هي أننا نوفر بالفعل أكثر من ما يكفي من الغذاء لكل شخص على هذا الكوكب، ولكن لا يتم توزيعه بالتساوي. وكما ذكرت Oxfam أنَّ 65٪ من الجياع في العالم يعيشون في سبعة بلدان فقط: الهند والصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وبنغلادش وإندونيسيا وباكستان وإثيوبيا.
ويمكن للتكنولوجيا أن تساعد. فإنشاء سلاسل الدعم والتوريد التي تبقي الطعام طازج يمكن أن يحدث فرق هائل، خاصة في البلدان الدافئة حيث يخرب الطعام بسرعة، كما تتيح الشبكات الاجتماعية مثل منصة WeFarm التواصل الأفضل بين المزارعين عن بعد. وكما تشير تقارير CNN يمكن للتكنولوجيا أيضاً المساعدة في التنبؤ بالجفاف: وبالجمع بين بيانات الأقمار الصناعية ومعلومات الهاتف المحمول يمكن تحديد المناطق المعرضة وتمكين اتخاذ إجراء قبل حدوث أي مشكلة، وليس بعد ذلك.
التكنولوجيا ضد الحرب
ربما مكنت التكنولوجيا قادة العالم من الاتصال مع الآخرين على تويتر، وقد ساعدت أيضاً في منع النزاعات حول العالم. في كينيا، يستخدم مشروع Una Hakika (‘Are You Sure?’) أدوات الويب والرسائل النصية لمكافحة المعلومات المضللة والشائعات التي تسببت في وقت سابق بأعمال عنف مروعة؛ وقد حالت مخططات مماثلة دون نشوب صراعات في بلدان أخرى مثل بوروندي.
مثل هذه المخططات مثيرة للإعجاب، ولكن للأسف بالعودة لآلاف السنين السابقة من التاريخ نرى أن التكنولوجيا يمكن أن يكون لها آثار إيجابية لكنها لا توقف الحرب أبداً. وعلى العكس تماماً: فقد ساهم عالمنا الصناعي في إحداث تغيير مدمر في المناخ مما يزيد من الآثار الرهيبة للحروب.
ووفقًا للأمم المتحدة، الجوع العالمي يتزايد نتيجة الجمع بين هذين العاملين: إما المناخ الذي يدمر الإمدادات الغذائية، أو الأشخاص المتقاتلين في بعض الأحيان يقومون بهذا. وغالباً ما يستخدم التجويع كسلاح للحرب، حيث يدمر المقاتلون أنظمة المياه والمزارع والماشية والأسواق.
وكما قال كولين كيلي من جامعة كولومبيا في نيويورك لنيو ساينتست: “الضربات المرتبطة بالمناخ، وخاصة الجفاف، تؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي والمائي الحالي، ويمكن أن تسهم في الاضطرابات الاجتماعية. وفي المقابل، يحد الصراع بشكل كبير من الوصول إلى الغذاء والماء، مع عواقب مدمرة على التغذية والصحة”.
ويقال إن الحرب العالمية القادمة لن تكون على النفط، بل على الماء. كما أنَّ الجفاف والتغير المناخي يمكن أن يجعل دول مثل السودان غير صالحة للسكن. وكذلك الهجرة الجماعية للأشخاص اليائسين من البلدان المتضررة لها بالفعل تأثير هائل على البلدان التي يسافرون إليها وعبرها، وخاصة في أوروبا.
وأخيراً هل يمكن للتكنولوجيا حقاً إنقاذ العالم؟
نعم، الدائرة القطبية الشمالية تحترق، والصراعات السياسية وسائل التواصل الاجتماعية، والعالم لديه العديد من المخاطر، لكن في الحقيقة هذا هو أعظم وقت لنثبت أنفسنا، التحدي بالنسبة للتكنولوجيا ولنا هو الاستمرار في التحرك في نفس الاتجاه الإيجابي.
خياراتنا محدودة في وقف تغير المناخ أو عكسه، ولكن بتبني تقنيات أكثر ذكاء وأكثر خضرة مثل الطاقة النظيفة والنقل والطعام المستدام يمكننا التوقف عن الضغط بشدة على الطبيعة.
أنطونيو جوتيريس Antonio Guterres الأمين العام للأمم المتحدة، متفائل جداً، ومع وجود “أسباب تدعو للقلق” بشأن تغير المناخ، إلا أنه يعتقد أن التكنولوجيا ستجد الحل، حيث يقول: “أنا واثق جداً من الفوز في هذه المعركة”.
راجع أيضاً: اتصالات الجيل الخامس 5G قريباً – كيف ستبدو الحياة؟