ستُغير اتصالات الجيل الخامس 5G حياتنا اليومية بطرق لا يمكننا تخيلها الآن، إذ تُظهر التوقعات الحالية أنه بين عامي 2020 و 2035 ستساهم تطبيقات اتصالات الجيل الخامس 5G بناتج اجمالي يقارب اقتصاد بحجم دولة الهند.
وفي عام 2035 سيدعم الجيل الخامس 5G وظائف لـ 22 مليون شخص حول العالم وناتج اقتصادي مقارب لـ 12.3 تريليون دولار.
مما يعني أنها ستكون صفقة هائلة لذا يسعى الجميع من مشغلي الشبكات وصناع الأجهزة والتقنيات للصعود بقطار الجيل الخامس 5G بأقصى سرعة ممكنة.
وبالنسبة لموعد وصوله كان من المفترض ألا يتم طرح تقنيات الجيل الخامس 5G حتى عام 2020 ولكن قررت بعض الشركات التي تطور تقنياته تقديم الموعد لنرى ثمار عملهم في عام 2019.
وأعلنت مؤخراً الكثير من شركات الاتصالات عن نسخ تجريبية من اتصالات الجيل الخامس 5G منها في بعض الدول العربية. فيما أعلنت شركتي Vodafone و EE في بريطانيا عن خططهم لتطبيق نسخة تجريبية في المدن البريطانية.
وبذات الوقت يحاول صناع الهواتف الذكية ركوب الموجة من خلال تقديم هواتف تدعم الجيل الخامس 5G في عام 2019.
لذلك ونظراً لأهمية اتصالات الجيل الخامس 5G في عالمنا وما له من آثارٍ على حياتنا سنتكلم الآن بتفصيل أكبر عما يمكن أن يغيره في السنين القادمة:
النشاطات في اليوم العادي بوجود اتصالات الجيل الخامس 5G
ينطلق المنبه في الصباح الباكر مثل كل يوم ولكن هذه المرة المنبه هو إشارة لتشغيل سخان المياه وبدء نشاطك الصباحي.
فكل شيء متصل مع بعضه عبر شبكة الانترنت. وصحيح بعض الأشياء لن تتغير كثيراً ولكنك ستشعر بالفرق عند تحميل فلم ما بثواني دون أي تأخير.
والمدينة التي تسكن بها لن تكون كما هي بل أكثر ذكاءً بوجود اتصالات الجيل الخامس 5G حيث كل شيء أكثر فعالية، أسرع وأجمل. وستعمل شبكة الجيل الخامس 5G كشبكة تصل كل شيء ببعضه في حياتنا.
ولتحقيق ما سبق عملت شركة Qualcomm على تطوير أمواج محسنة معتمدة على تقنية OFDM كجزء من شبكات الجيل الخامس 5G والتي ستسمح بعمليات اتصال بيانات مخصصة معتمدة على الجهاز.
هذا سيسمح لأي جهاز من انترنت الأشياء بامتلاك طول موجة محسن مختلف عن طول الموجة للهاتف مما يسمح بآلية اتصال أكثر فعالية دون تداخل.
وبالإضافة لما سبق فإن وجود أجهزة متوزعة على أطوال موجية متعددة سيسرع كل شيء، فحالياً الحزمة التي نستخدمها لبيانات الهاتف مزدحمة جداً وتزداد ازدحاماً كل يوم.
وكلما زادت الأجهزة التي تحاول استخدام الشبكة كلما قلت السرعة للجميع وهذا ما سيعمل الجيل الخامس 5G على تغييره.
الاستفادة من مرونة فضاء الراديو الجديد للجيل الخامس 5G
عند خروجك من المنزل لممارسة حياتك الاعتيادية سوف تتجه للسيارة التي ستخرج من تلقاء نفسها من الكراج إلى الطريق. وستشعر بالأمان أكثر مع المركبات ذاتية القيادة لأنه مع قوة الجيل الخامس 5G تعلم أن مركبتك تتواصل مع المركبات الأخرى على الطريق لتفادي حالات الاصطدام.
وستكون سيارتك قادرة على الرؤية عند الزوايا والطرق المخفية من خلال تقنية جديدة تسمح بالتحسس دون وجود خط نظر، بحيث ستدرك السيارة أنه وبعد عدة كيلومترات يوجد عائق لتقوم بشكل تلقائي بتغيير مسار الطريق لتجنب أي عائق.
ولن تقلق عند استخدامك للإنترنت أثناء القيادة فهذا لن يتداخل مع اتصال السيارة كما هو الحال في الطائرات فلن تسمح تقنيات الجيل الخامس 5G بذلك.
كما أنَّ اتصالات V2V (أي مركبة لمركبة) تسمح لجميع المركبات بمعرفة كم تبعد عن بعضها وما هو موضع كل مركبة بالنسبة للأخرى. وهذا الاتصال الذي يكون بالزمن الحقيقي يسمح لكل مركبة برؤية ما يوجد على المنعطفات كونها قادرة على رؤية صور حية من خلال كاميرا لسيارة أخرى قريبة.
ويسمح اتصال V2P (اتصال مركبة لشخص) للمركبات بمعرفة كيف يتحرك الناس لتستشعر المركبة مقدماً وجود مواطنين يريدون قطع الشارع.
مستوى متقدم
وعلى خلاف حالتنا اليوم في الانتظار لتحميل البيانات، فمع معايير الجيل الخامس 5G ستكون السرعة رهيبة وستبقى المركبات ذاتية القيادة ضمن مستوى أعلى من السرعة والأمان كونها تحتاج للحصول على البيانات في المستوى الحقيقي ولا مجال للخطأ.
وبسبب الطبيعة الحرجة لاتصالات المركبات يوجد تقنية اتصال جيل خامس 5G خاصة للاستخدام في تطبيقات مثل القيادة الآلية وطائرات الدرون وتدعى هذه التقنية uRLLC أو ultra-Reliable and Low-Latency Communications.
وهذه السوية الأعلى من الاتصالات تضمن حصول الأجهزة التي تحتاجها على اتصال موثوق في تطبيقات حرجة مثل القيادة الآلية وتسيير الدرون.
وأيضاً بالنسبة للمستخدم العادي فليس عليه القلق من التأخير في حصوله على المحتوى، فجميع تقنيات اتصالات الجيل الخامس 5G هي بتأخير فائق الصغر ultra-Low Latency.
وفي الحقيقة تعمل Qualcomm على تصغير التأخير لسرعات مثالية مثل سرعة الألياف الضوئية. وتستطيع معرفة معنى التأخير الذي نتكلم عنه ونتمنى إزالته بالتفكير في الملف الذي تريد تحميله من السحابة فعندما يقوم جهازك بإرسال طلب يتم ضم هذا الطلب إلى نسق انتظار مع طلبات تحميل أخرى بثواني أو أجزاء من الثواني.
وتلك الفترة الزمنية الفاصلة بين تقديم الطلب لتحميل الملف وبين بدء تحميل الملف هو التأخير. ومع اتصال الجيل الخامس 5G لا مزيد من هذه الترهات فالشبكة الجديدة ستمتلك سعة ضخمة ليصبح تحميل الملفات الضخمة أمر طبيعي بسرعات فائقة.
وبغض النظر عن التخطيط المثالي لطريق سير مركبتك إلا أننا نفترض أنك وقعت بازدحام شديد ضمن المدينة، والآن لديك الوقت لإنجاز بعض العمل.
ستقوم بفتح حقيبتك لتستعمل الحاسب اللوحي المتصل دوماً بشبكة الانترنت وتقوم بتشغيل تطبيق لتحرير مقطع فيديو ما لحملة تسويق.
والمشكلة التي كنت تواجهها سابقاً أن الحاسب اللوحي لا يمكنه تشغيل هكذا برامج ضخمة بفعالية لن تكون موجودة مع شبكة الجيل الخامس 5G حيث يرتبط معالجك مع الشبكة وتستطيع أجهزتك طلب الدعم عندما تحتاج قدرات معالجة أكبر. وباعتبار أن التأخير شبه معدوم فسوف يبدو وكأنك تعمل بالزمن الحقيقي.
تصل الآن للعمل وتتوجه إلى اجتماع مع فريق من الشركة في برلين، ألمانيا (نفترض أنك في دبي بالمناسبة). وتستعد الشركة لإطلاق منتج جديد تمتلك النسخة النهائية منه.
تقوم أنت وزملائك (المتواجدين في دبي) بارتداء نظارات الواقع الافتراضي VR، وفجأةً أصبحتم في برلين بالزمن الحقيقي وتستطيعون رؤية المنتج الجديد عن قرب.
صحيح أنك تستطيع فعل ذلك اليوم ولكن تعاني تقنية اليوم من بعض البطء وجودة غير واضحة في الصورة ولكن مع استخدام تقنيات الجيل الخامس 5G كل هذا سوف يتغير.
الخلاصة
من الواضح أنَّ تقنيات الاتصال في الجيل الخامس 5G سوف تؤثر على حياتنا بطرق مختلفة خلال العقدين القادمين (السيارات ذاتية القيادة، المراقبة والتحكم بالزراعة، مراقبة الشاحنات، قدرات الحوسبة الهائلة) ولا أحد ومن ضمنهم شركة Qualcomm يعلم ما هي الاختراعات الجديدة التي سوف تتولد مع وصول هذه التقنية.
ولا شك لدينا أنه يوجد دائماً شيئاً جديداً ومثيراً سوف يغير طريقة حياتنا، نحن فقط ننتظر التقنيات الجديدة لتصبح متوفرة.
وأخيراً ننوه إلى أنَّ التقنيات المذكورة في المقال لن تتوفر فور وصول شبكات اتصالات الجيل الخامس 5G إذ نعتقد أنَّ القيادة الآلية ما تزال هدفاً بعيد المدى لهذا الجيل الثوري القادم.
ومن المتوقع أن يتم إنفاق حتى 200 مليون دولار كل سنة حتى عام 2035 لتطبيق تقنيات اتصالات جيل خامس 5G بحسب ما هو مخطط لها حول العالم.
راجع أيضاً: