تعتبر أسواق الخدمات عبر الإنترنت جديدة نسبياً، كما توجد طرق قليلة لمشغليها لمراقبة جميع الخدمات والمعاملات بشكل منتظم، ولسوء الحظ هذا يخلق بيئة مفتوحة لغسيل الأموال الإلكتروني والمعروف باسم “غسل المعاملات الوهمية”.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي اكتشفنا أنه لا يوجد أحد محصن ضد الجريمة الإلكترونية عندما نشرت صحيفة The Daily Beast مقالة تُظهر أنَّ أضخم موقع استئجار للسكن Airbnb تم استغلال نظامه الخاص بالدفع عبر الإنترنت. وعملية الاحتيال كانت بسيطة: يستخدم المحتالون بطاقات الائتمان المسروقة لغسل الأموال وتحصيلها من خلال مضيفي Airbnb المتواطئين المتواجدين في بعض المنتديات الروسية على الإنترنت.
وبعد إتمام معاملة حجز سكن Airbnb الوهمية يتقاسم الطرفان المدفوعات ويُنشئون مراجعات مزيفة لنهاية الإقامة ويغلقون المعاملة على نظام Airbnb.
ولأن Airbnb تمتد عبر الآلاف من المواقع في العديد من الولايات يمكن للمحتالين الاستفادة منها بسهولة والاختباء وراء نطاق التشغيل الضخم. فالأدوات والتقنيات الحالية المستخدمة للكشف عن النشاطات غير القانونية لا تكفي لمراقبة الحجم الهائل للمعاملات التي تتم.
وأيضاً تواجه أوبر الآن عمليات استغلال مماثلة لما حدث مع Airbnb لكن عملية غسل المعاملات تصبح أكثر تعقيداً هنا وإن كانت مشابهة من الناحية النظرية: يدفع مستخدمو الخدمة المال من الحسابات المسروقة مقابل رحلات وهمية مع سائقين متواطئين.
كيف يتم الاحتيال في أوبر؟
يبحث العميل الذي يريد غسيل أمواله عن سائقي أوبر الذين يتطلعون إلى كسب ربح إضافي لتوظيفهم وبدورهم سائقي أوبر يقبلون طلبات الرحلات الوهمية من العملاء بأسعار محددة مسبقاً.
وبالنسبة لكمية المال الكبيرة يبقى الأمر بسيط: يُشارك العديد من السائقين في النظام وبسهولة يزداد العدد، ومن ثمَّ تأخذ أوبر عمولتها من الرحلات الوهمية ويقوم السائقون المتواطئون بتوزيع أرباحهم مع المسؤول عن برنامج الغسيل، فيأخذ هو حصته الكبيرة ويمرر على ما تبقى من النقود إلى السائقين.
وبالتالي لن تتم عملية غسيل المعاملات عبر شركة أوبر ببساطة دون وجود سائقين مستعدين لأن يكونوا جزءاً من عملية الاحتيال للحصول على قطعة صغيرة من الكعكة الكبيرة.
ويُنظر إلى هذه الطلبات “الرحلات الوهمية” على أنها ذات قيمة عالية للمحتالين والسائقين حيث توفر إيرادات إضافية ضمن الحد الأدنى من المخاطر وتحتوي القليل من العمل أو بدون عمل حتى. ويتم الإعلان عن الطلبات بشكل متزايد على المنتديات عبر الإنترنت لدرجة أنّها أصبحت علنية وواضحة.
لماذا Airbnb و Uber؟
غسل الأموال عبر منصات الإنترنت له شعبية كبيرة بين المجرمين لعدم وجود عبء إضافي للعملية ولا حاجة لإنشاء عمل أو كيان مزيف أو التعامل مع السلع الحقيقية أو المزيفة. وبالإضافة لكون بعض المنصات الشّعبية واسعة النطاق لها امتداد دولي ما يسمح للمحتالين بعبور الحدود دون أي مراقبة تنظيمية.
ومع ثورة التجارة الالكترونية ستتواجد مخاطر إضافية إذ أصبح غسل المعاملات متفشياً بين العديد من الأسواق بطرق مختلفة قليلاً عن تلك التي حدثت مع Airbnb وأوبر لكن الفكرة متشابهة جداً وهي نشاط تجاري غير معروف يستخدم بيانات الدفع الالكتروني لتاجر شرعي لمعالجة مدفوعات بطاقات الائتمان للمنتجات والخدمات ذات الطبيعة غير الشرعية وغير القانونية.
وجوهر التجارة الإلكترونية هو شراء وبيع المنتجات والخدمات عبر الإنترنت، وقد أصبحت هذه العملية سهلة حيث تحتاج بضع نقرات فقط والقليل من إدخال البيانات، وتصبح المعاملة جاهزة. واليوم يُمكن إنشاء عملية غير مشروعة لغسل المعاملات بسهولة كأنها تجارة الكترونية حيث يمكن القيام بذلك في غضون دقائق من قبل أي شخص لديه القليل من الدهاء والخبرة في الانترنت والدافع للقيام بالاحتيال.
والحقيقة المخيفة هي أنَّ هذه الجريمة تصبح غير قابلة للكشف تقريباً للشركات الكبرى التي تستقبل ملايين المدفوعات يومياً، رغم أنَّ معالجة المدفوعات يتحملها جميع الأطراف من المنصات لشركات بطاقات الائتمان والمصارف، فجميعهم يتحملون مسؤولية مصداقية الصفقة بعلم أو دون علم.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو معرفة أنَّ عمليات غسل الأموال عبر الإنترنت للمنتجات والخدمات تزيد عن 200 مليار دولار سنوياً في أمريكا وحدها. ومع ارتفاع حجم معاملات التجارة الالكترونية سيزداد هذا الرقم بالتأكيد.