ألعاب الفيديو تشكل ثقافة كبيرة في مجتمعات الحاضر، ثقافة انفجرت وتضخمت كثيراً على مدار السنوات الأخيرة من خلال إنشاء معارض عالمية مختصة باستعراض ألعاب الفيديو، تشكيل شبكات إلكترونية متخصصة بأخبار وتغطية كل ما يتعلق بالعناوين الجديدة وشركات التطوير، وصولاً إلى إقامة مسابقات دولية في ألعاب الفيديو تصل جوائزها أحيانا إلى ملايين الدولارات، ولا يوجد أدنى شك أن بعضاً من هذه الألعاب شكل أيضاً وسيلة تعليمية ولو أنها جاءت بأشكال وطرقٍ مختلفة.
أتذكر أول لحظاتي مع لعبة فيديو، لا أستطيع حتماً تذكر اسمها لكنها كانت مخصصة لأجهزة الحاسب، لعبة عنيفة مليئة بشخصيات ووحوش يمكنك الإختيار من بينها وخوض نزالات حتى الموت، لم أتعلم شيئاً من هذه اللعبة، ولم أكن أتوقع أنني سأتعلم شيئاً فقد كانت مجرد تسلية أقضي بها معظم وقتي على الحاسوب أنذآك. أستطيع القول أن معظم اللاعبين، مثلك ومثلي، قد لاحظوا تغيراً إيجابياً في ألعاب الفيديو على مدار العقد الأخير، وهنا بدأت أساليب جديدة تظهر قادرة على جعلك تعي أموراً مختلفة من حولك ومدى الرصيد المعرفي الذي قد تحصل عليه فقط من لعبة واحدة جيدة.
الصبر وإعادة المحاولة من جديد
إن كانت الألعاب الكلاسيكية قادرة على تلقينك درساً لن تنساه، فهو أنك لن تنجح من الوهلة الأولى، ستعيد المحاولة مرات عدة قبل أن تنجح، وهذا شيء نتعايش معه جميعاً في عالمنا الواقعي المليء بالعوائق والمشاكل التي قد تبطئ تقدمك، لذا فهذه الألعاب تعطيك عدة فرصٍ لإعادة المحاولة، ربما بشكل مختلف وإيجاد حلول أخرى تدفع بك لإستخدام عقلك بشكل أوسع، وفي النهاية فأنت تحصل على مرادك وسيتمالكك شعور رائع بالنجاح، لذا لاتدع أزمات الحياة تعيقك عن التقدم، استمر بإعادة المحاولة فالأمر يستحق!
استخدم عقلك لإيجاد حلول خلاقة
ليست كل ألعاب الفيديو حول إيجاد حلول لألغاز أو ماشابه، لكن بعضها يقدم هذه الفكرة بشكل رائع أكانت عنواين كلاسيكية أو جديدة، هناك الكثير من الألغاز التي عليك حلها للتقدم في اللعبة، والأمر يتطلب منك أحياناً ساعاتٍ طوال لفكها، هنا تجد نفسك في تحدٍ مباشر مع اللعبة، لذا خذ نفساً عميقاً واستخدم عقلك، فكر بكل الإحتمالات، فكر بعقلية مطور اللعبة والشخصية التي أنت تلعب بها، شيء قد يساعدك على معرفة الحل والذي أحياناً قد يكون ساذجاً وبسيطاً جداً.. هنا ستدرك كم أن بعض المشاكل التي تواجهها في حياتك اليومية ما هي إلا وضعيات بسيطة معيقة يمكنك حلها سريعاً وبشكل ذكي.
العمل الجماعي
طور اللعب الجماعي في ألعاب الفيديو يقدم إحدى أفضل تجارب الترفيه في يومنا هذا، فأنت تخوض مغامرات لساعاتٍ طوال في عوالم افتراضية وقصص مثيرة مع أشخاصٍ حقيقيين سواء أكانوا معك في غرفة المعيشة أم على بعد آلاف الكيلومترات منك. معظم الألعاب اليوم تركز على عناصر التصويب والتسديد، لذا تجد نفسك في فريقٍ مع مجموعة من الغرباء، هنا سيكون عليك العمل معهم للقضاء على الفريق الآخر، مايستوجب منك القيام بدورك في حماية أفراد فريقك، تقديم أي مساعدات ممكنة وغير ذلك، وأستطيع القول أن Battlefield 1 هي إحدى أفضل الألعاب التي ستعلمك مدى أهمية الثقة والعمل الجماعي، لما تقدمه من فئات كل واحدة منها يلعب دوراً حاسماً ومختلفاً.
اجعل ثقتك امتيازاً
عنصر الثقة يترافق أحياناً مع العمل الجماعي، لكن الكثير منا واجه مشاكل بعد وضع ثقتهم في الشخص الخاطئ، وهذه نقطة نراها أيضاً في ألعاب الفيديو بل وتلقننا درساً مؤلماً في بعض الحالات، فعلى سبيل المثال، The Division والتي تملك طور لعبٍ جماعيٍ فريد يزداد إثارة بعد الدخول إلى Dark Zone، فيها قد تصادف لاعبين آخرين في العالم المفتوح، لاعبين يبدون مسالمين في البداية، وقد تعتقد أنهم يرغبون بالإنضمام إلى فريقك إلى أن تجد نفسك محاصراً مايجعلك هدفاً سهلاً لهم، وهنا ستخسر معظم النقاط والمعدات التي حصلت عليها.. ومن جديد ستدرك كم أن هذه الوضعية تتناسب كثيراً مع وضعيات نعيشها في واقعنا، لذا اجعل ثقتك امتيازاً يحصل عليها من يكتسبها فقط.
أهمية العلاقات والروابط الإنسانية
إن كنت تعتقد أن ألعاب الفيديو ماهي إلا مضيعة للوقت، وسبباً في إبعاد الكثيرين عن أفراد عائلاتهم وأصدقائهم، فهذا صحيح نوعاً ما، هناك من يدمن هذه الألعاب بل ولايستطيع الإبتعاد عن الشاشة لتعلقه الشديد بها، لكن إن استطعت موازنة وقتك بين العالم الإفتراضي والواقعي، فهذا جيد، بل وستساعدك بعض ألعاب الفيديو على إدراك أهمية العلاقات والروابط الإنسانية. إحدى الألعاب التي قدمت لنا هذه النقطة بشكل رائع هي Uncharted، حيث أنها ركزت على الشخصيات والعلاقات المتكونة بينها في مختلف أجزائها الأربعة، جعلتنا ندرك أهمية امتلاك الأصدقاء، العائلة وحتى إيجاد شخص لنحبه أكثر من أنفسنا، أمور قدمتها بعض ألعاب الفيديو بشكل مؤثر ولمسة إنسانية يجعلنا نتعاطف معها سريعاً.
كيف يجري العالم من حولنا
لم تتجاهل صناعة ألعاب الفيديو السيئات والسلبيات التي تحوم من حولنا، فقد استطاعت بعض العناوين التطرق لقضايا مهمة بأشكال مختلفة، من فترات زمنية مختلفة أيضاً. سلاسل مثل GTA و MAFIA لم تأتي لتحمل معها قدراً كبيراً من العنف والكلام البذيء فقط، بل جاءت لتعطينا لمحة عن حياة بعض الأفراد والذين قد نصادفهم في حياتنا اليومية، أشخاص فقراء يعتمدون على السرقة لكسب عيشهم، بعضهم ينتمي لعصابات مافيا تتفرع لتصل إلى شخصيات سياسية مهمة، والبعض الآخر قد إنجرف إلى عالم الجريمة من أجل الإنتقام. هذه الألعاب أيضاً تحمل معها بعض الحوارات التي تحمل معاني ومفاهيم متعلقة في معظمها بالسياسة من حولنا، ربما لاتنطبق كثيراً على كل بلدان العالم لكنها حقيقية إلى حدٍ ما.
