مراجعة لعبة Returnal

مع كل مرة نقوم فيها بفتح جلسة لعب جديدة مع لعبة Returnal نكتشف المزيد والمزيد من التفاصيل حول طريقة اللعب وعالمها المظلم والغريب، فقط لإدراك أننا لا نعرف أي شيء إطلاقًا عن هذه الأحجية المليئة بالأسرار اللامتناهية

على متن المركبة الفضائية هيليوس التي تهدف إلى استكشاف الكون، تنظر بطلتنا مستكشفة الفضاء سيلين إلى كلمتين بسيطتين تومضان على شاشة الكمبيوتر، والتي يبدو أن لهما القدرة الهائلة على تغيير كل شيء في حياتها المستقبلية: “ظل أبيض، وظل شاحب”.

كوكب غريب يلوح في الأفق، وحادثة هبوط المركبة وشيكة ولا مفر منها، الحل الوحيد هو البحث عن أصل الظلال، تلك الإشارة الغريبة التي حولت حياة سيلين إلى دوامة، فيها الموت لا يعني دائمًا … الراحة الأبدية.

Returnal متوفرة الآن حصريًا على منصّة Playstation 5.

مراجعة لعبة Returnal ..

تجربة ثورية ذات قصة عميقة وجذابة

---

النقطة الأولى التي لفتت انتباهي في لعبة Returnal هي الحبكة، وهذا لأنها ليست واضحة ولا يتم تقديمها بطريقة مُبسطة مثل باقي ألعاب الفيديو، بل تعتمد على البحث عن مونولوجات وتسجيلات ومستندات غريبة في مختلف الزوايا والشقوق على الكوكب، متروكة بواسطة “سيلين” نفسها!

من أجل الحصول على إجابة مُرضية، نستكشف العديد من المناطق البيئية على نطاق واسع، ورغم أن كل مكان يبدو مختلفًا ومروعًا، إلا أنه لا يصل لحد الرعب الخالص، بل يعتمد على مفاجأة اللاعب وتشجيعه على إتخاذ العديد من القرارات السريعة وذات الأهمية في أجزاء ضئيلة من الوقت.

اللغز الذي عمل عليه المطور، يحيط به الكثير من علامات الاستفهام، والدوامة التي تحيط بالكوكب وحياة البطلة نجد فيها الموت والماضي والوقت نفسه يشكل كل منهم خيوطًا ملتوية وغير مفهومة كلما تعمقنا فيها أكثر.

طوال فترة اللعب التي تستغرق من 15-25 ساعة تقريبًا حسب مهارة اللاعب ومرات الإعادة، وإلى حين الوصول إلى النهاية، ظللنا نبحث مع البطلة عن الإجابات والأسرار والترمزيات، والتعديد من التفسيرات المجازية وراء العناصر السردية المختلفة حتّى بعد الانتهاء من اللعبة.

مفاهيم دورة اللعب والموت والبدايات الجديدة مركزية في إطار السرد، ولكنها بنفس القدر من الأهمية كذلك في أسلوب اللعب. Returnal في أساسها عبارة عن لعبة شوتر من منظور الشخص الثالث، مع بعض ميكانيكات وخصائص الألعاب التكرارية العشوائية Rogue Like.

أحد الأمثلة على ذلك هو الإنشاء العشوائي للغرف المختلفة التي تشكل المناطق الحية التي نستكشفها بحثًا عن الظل الخافت، ولكن في هذه اللعبة تحديدًا هناك بعض الأماكن الرئيسية التي تعمل مثل القوانين الثابتة، وتظهر في كل مرة إنشاء عشوائي بغض النظر عن طبيعتها الجديدة.

تؤدي هذه المعادلة إلى إنشاء مناطق متغيرة مكونة من غرف رئيسية وثانوية يمكن استكشافها حسب الرغبة، ويختبئ داخل كل منها الكثير من الأعداء والأسرار والموارد المختلفة، وبالطبع أسلوب السرد الإبداعي يشجع اكتشاف كل تفصيلة صغيرة في هذه الأماكن العشوائية.

مهما كان شكل ونوعية المكان الذي يتم صناعته من حولك، سوف تصادف العديد من عناصر رواية القصص المهمة والمختبئة في شكل صور رمزية غامضة ورائعة، داخل غرف مع تمثيلات مرئية لحضارات غير معروفة، بجانب إيجاد الفرصة لإضافة الكثير من الترقيات والأسلحة الجديدة إلى حوزتك.

عملية البناء العشوائية تزودنا بمجموعة متنوعة ورائعة من العناصر التي تثري كل مرة إعادة لعب، مثل الأسلحة التي تتجاوز قيمتها مجرد كمية الرصاصات التي تحتوي عليها، حيث يكون غالبًا لكل منها سمات معينة يجب فتحها من خلال الاستخدام المطول.

هذه السمات تمنح حياة جديدة ومختلفة للبنادق، وتفتح قدرات ومجالات جديدة للاستخدام مثل توجيه الصواريخ الصغيرة أو شفرات الطاقة نحو الأعداء. هناك أيضًا الكثير من المواد والتحف التي تعطي مكافآت وميزات إضافية، وطفيليات فضائية تتعايش جنبًا إلى جنب مع بطلة اللعبة.

هذه الطفيليات تجلب العديد من المزايا والعيوب من مختلف الأنواع، وتجنب الموت حتمًا ستكون مسألة مهارة وخيارات منطقية مرتبطة بكل هذه العناصر، حتى لا تصبح كل مرة إعادة مملة وأكثر صعوبة من التي قبلها، أو تتحول إلى الاسوأ بشكل عام.

مفهوم التكرار وإعادة اللعبة من البداية، أو من نقطة معينة يُعد أمرًا جوهريًا في الألعاب من نوعية Rogue، وعملية إعادة جمع الأسلحة والمعدات في كل مرة قد تجعل مرات الإعادة جيدة أو سيئة حسب نوعية المعدات التي تحصل عليها وطاقة احتمالك للعملية التكرارية بشكل عام.

بالطبع لا يؤثر هذا الأمر كثيرًا على تجربة اللعب بسبب السحر التي تثيره المناطق الحية الرائعة بصريًا في كل مرة ما بين الصحاري القرمزية والغابات المطيرة والقمم المغطاة بالثلوج والكهوف الغامضة والكثير والكثير من المفاجآت الأخرى المميزة بخصوص بيئات اللعب.

كل مرة وفاة تعيد تشغيل دورة اللعب من البداية. هناك اكتشافات أو مناطق معينة تسمح لك بالعودة إلى نقطة مختلفة عن نقطة الصفر، ولكن بشكل أساسي سيبدأ اللعب دائمًا مع فقدان جميع الأسلحة والمكافآت المختلفة المسمتة من الأشياء والاكتشافات التي جمعها اللاعب في المرة السابقة.

تظل معك فقط البندقية الأساسية، والترقيات الدائمة الخاصة ببدلة، وللأسف غلق اللعبة في أي وقت يعني التخلي عن كل التقدم الذي مررت به، مما يجبرك على الاستفادة من وضع الراحة في جهاز بلايستيشن 5 لتستطيع العودة إلى عالم Returnal من النقطة التي توقفت عندها.

تأخذ المغامرة دائمًا خطوات واضحة لا يلزم تكرارها، وبمجرد وصولك إلى منطقة جديدة تصبح العودة إليها أسهل، كما أنه ليس بالضرورة أن تكون مضطرًا للعودة ومواجهة جميع الرؤساء المهزومين، لكن ما يجعل فعلا تجربة الإعادة جيدة ومختلفة هي وحدة تحكم DualSense.

هناك الكثير من الأشياء المجنونة التي يمكن القيام بها في اللعبة، الحركة السريعة والقفز والمراوغة والتباهي بالسيوف الفضائية واستخدام الخطاطيف السريعة، وكل هذا معروض بمزيج مبهر من بين أعمال لوفكرافت المرعبة ومصادر الإلهام من عالم الخيال العلمي.

كل هذه الخصائص والمميزات يمكننا أن ننغمس فيها حقًا بكامل أحاسيسنا من خلال ذراع اللعب الثورية، والتي يمكن الضغط على أزرارها بقوة مختلفة لتنشيط عناصر إطلاق النار الثانوية، كما أن ردود الفعل اللمسية تسمح لنا بلمس خشونة الانهيارات الفضائية ونعومة قطرات المطر التي تتساقط على الشاشة.

هناك كذلك بعض التحديات الخاصة لمحاولت التغلب على التصنيفات العالمية المتعلقة بالقتل وأرقام التعزيزات، مما يجعل عملية الإعادة تفاعلية وتنافسية بشكل كبير خصوصًا لو كنت تختبر اللعبة مع الأصدقاء المقربين لديك.

كلمة أخيرة

Returnal تنجح نجاحًا كبيرًا في تغيير الانطباع الخاطئ عن استوديوهات سوني، والشائع عنها أنها تقدم تجارب متشابهة طبقًا للذوق الرائج، وأنها غير مهتمة باستكشاف سيناريوهات وآفاق جديدة.

لا يمكن تصنيف المغامرة على أنها شيء واحد، بل هي تجربة يمكن اعتبارها شيء أكبر من مجموع المكونات التي تشكل هذه التجربة. كل شيء في اللعبة قادر على أن يتشكل ويتجمع بشكل جديد ومختلف ليصنع تجربة لن تمل منها أبدًا.

جميع الجوانب الصوتية والمرئية مُرضية تمامًا، كما أن اللعبة تحتوي على ترجمة عربية ممتازة لجميع النصوص (وليس القوائم)، مما يجعلها مناسبة لجميع اللاعبين في المجتمع العربي، ولكن لا يمكن قول نفس الشيء عن فكرة اللعبة.

تعاني اللعبة أيضًا من بعض المشاكل التقنية البسيطة التي تجعل اللعبة تنغلق في أوقات معينة، ولكنها طفيفة ولم تحدث معي أثناء التجربة على الإطلاق، لكن أحببت الإشارة لها لأن بعض اللاعبين اشتكوا من الأمر، مع ذلك يؤكد استوديو التطوير أنه على علم بالمشكلة وينوي إصلاح هذه المشكلة في وقت قريب.

في المجمل، تظل فكرة Returnal غير مناسبة للجميع بسبب الحاجة إلى الاستمرار والاحتفاظ بمستوى التقدم ونقاط الحياة إلى نقطة معينة بعيدة، مما يجعل عملية اللعب مرهقة ومثيرة للضجر أحيانًا بالنسبة للبعض، لكن يمكننا أن نقول بصدق أن هذه اللعبة هي من أفضل ما قدمته نوعية ألعاب Rogue بلا منافس.