عندما ظهر الجزء الأول من سلسلة الرعب “الكوابيس الصغيرة” في عام 2017، أذهل اللاعبين برسوماته المظلمة وموضوعاته الجادة القاتمة، والآن مع إصدار الجزء الجديد Little Nightmares 2 لم تعد التجربة مقلقة وحسب، بل أصبحت كابوسًا حقيقيًا سيعيش في مخيلة اللاعبين لأيام وشهور طويلة.
تبدأ اللعبة بعد وقت قصير من أحداث الجزء الأصلي، وعلى الرغم من احتوائها على بعض التشابهات فيما يتعلق بمواضيع القصة وطريقة اللعب المليئة بالألغاز، إلا أن التغيير الأساسي الواضح هو أن اللاعبين لم يعودوا يتحكمون في Six (بطلة الجزء الأول)، بل أصبحت الآن مساعدًا تتحكم فيه اللعبة أوتوماتيكيًا.
يتبع الجزء الثاني قصة صبي صغير جديد اسمه Mono. يستيقظ هذا الطفل في منتصف الغابة ليكتشف أن شيئًا ما ليس على ما يرام، وأن الكثير من الناس لم يخرجوا من تلك الغابة المرعبة على قيد الحياة، كما أنه سرعان ما يدرك أنه ليس بمفرده في هذه العالم.
يتعرف مونو على على فتاة صغيرة تُصادف أن تكون Six بدون معطفها الواقي من المطر، ويحاول جاهدًا إنقاذها من الصياد الذي يطاردها وينوي تقطيعها طوال اللعبة، ولكن الأمر يتطلب القليل من الذكاء لتشق طريقك بين الصعاب المتنوعة، والكثير من الحب لتستطيع كسب ثقتها والحفاظ على شعورها بالأمان.
تتوفر Little Nightmares 2 في الحادي عشر من فبراير على منصّات PS5, PS4, Xbox Series X/S, Xbox One, PC, Nintendo Switch. (تمت التجربة على منصّة PS4). مع العلم أن اللعبة تحتوي على تعريب كامل لجميع النصوص والقوائم بخط وأسلوب مميز وواضح.
اقرأ أيضاً: ألعاب تدعم اللغة العربية
مراجعة لعبة Little Nightmares 2 ..
إخراج فني متميز لمشاعر الرعب والوحدة
Little Nightmares 2 هي لعبة رعب وألغاز مع بعض التقنيات القتالية البسيطة. يقضي اللاعب معظم الوقت في حل الألغاز والبحث عن المفاتيح للانتقال إلى المراحل التالية، مع العلم أن الألغاز تصبح صعوبة وتعقيدًا كلما تقدّم في القصة.
مسلحًا ببندقية مميتة، يطارد الصياد زوجي الأطفال Six و Mono حتي يتمكنا من الهروب، فقط ليجدا أنفسهما في أكثر المدارس رعبًا على الإطلاق. تدير هذه المدرسة المعلمة العجوز والمسئولة عن تعليم مئات الدمى المرعبة، والتي تعترض طريقك دومًا بالإضافة إلى مجموعة لا تنتهي من الظلال والفخاخ القاتلة في كل مكان.
العديد من التفاصيل المرعبة مثل القطع البشرية وأجزاء الدمى يتم مزجها معًا في أشكال مروعة مصنوعة للهجوم عليك أو إخافتك حتى تضيء المصباح اليدوي في إتجاهها، كما أنك سوف تلمح العديد من ظلال الأطفال الآخرين في طريقك إلى النجاة.
هذه الظلال تدل بشكل أو بآخر على ما يحدث فعلًا وراء الكواليس، وتسرد لنا القصة التي تريد اللعبة أن ترويها فعلًا بشكل غير مباشر، والتي تحتوي على العديد من المعاني المؤثرة والجميلة عن عقلية الأطفال والإساءة لهم.
برع المطور Tarsier Studios فعلًا في إضافة بعض اللحظات في اللعبة التي تجعل اللاعب يشعر بالتأثر دون أي كلمة من كلا بطلي اللعبة الرئيسيين، وعندما تلعب تشعر بهول الموقف الذي يجد Mono وSix أنفسهم فيه والمعاناة التي عليهم أن يخوضاها من أجل الوصول إلى بر النجاة.
من ضمن اللمسات المؤثرة هي مقدرة اللاعب على الإمساك بيد Six أثناء السير وكأنهم يستمدان الآمان من بعضهم البعض بهذه الحركة البسيطة، هذا بالإضافة إلى الموسيقى التي تعزز من هذه المواقف المؤثرة وكذلك المواقف التي تشعر فيها بأن قلبك على وشك التوقف.
أصعب أجزاء اللعبة على الإطلاق هي المواقف التي تحتاج فيها إلى المشاجرة مع الدمى باستخدام الاسلحة، حيث أن القتال لا يشبه ما قد تجده دائمًا في مثل هذه النوعية من الألعاب.
يمكنك أحيانًا العثور على فؤوس أو أنابيب يمكن استخدامها لسحق الأعداء الاصغر منك، ولكن بسبب حجمك الضئيل ستجد دائمًا تأخير ملحوظ مع كل مرة تلوح فيها بالسلاح.
هذا يعني أنك بحاجة دائمة لضبط الوقت المناسب الذي تستخدم فيه سلاح أو تموت على الفور. لا يهم من يضربك لأنك ستموت في طلقة واحدة مهما حدث، ولكن على الجانب المشرق لن تحتاج إلى استخدام الأسلحة سوى لمرات معدودة طوال فترة اللعب.
هناك كذلك شيء ما يدفع الرؤساء دائمًا إلى سماعك أو رؤيتك، ومن الممكن أن يجعلهم هذا متوترين للغاية، ولن يكون هذا في صالحك لأن الخطأ الواحد في هذه اللعبة كافٍ جدا لأن يقضي عليك.
تلعب محاولات التجربة والخطأ دورًا كبيرًا في Little Nightmares 2، حيث أن هناك عدداً كبيراً من الفخاخ في انتظارك، والتي تتغير من منطقة إلى أخرى، وربما ستضطر إلى لعب نفس القسم لمدة تزيد عن 10 مرات على التوالي حتى تستطيع إتمامها بنجاح.
الأدوات المتوفرة لك محدودة نوعًا ما، وهذا يعني أن صعوبة اللغز تكمن في أنك لم تفكر فقط في استخدام إحدى هذه الأدوات. كذلك قد يبدو وجود فتاة صغيرة تسافر معك وكأن اللعبة هي لعبة مرافقة مثل ICO، ولكن ليس هذا هو الحال هنا.
الألغاز تُعد أكثر ذكاءً من السابق، وتدور حول العديد من الموضوعات بدءاً من مسح البيئة من حولك وإلى أداء المهام القائمة على فيزياء الحركة والوقت، وبعضها يعتمد كذلك على الاستماع إلى الأصوات، ولكن بفضل القدرة على استخدام Six للمساعدة، يتمكن Mono من تحقيق أكثر بكثير مما كانت Six قادرة على القيام به بنفسها في اللعبة الأولى.
في الكثير من الأحيان ستكون الفتاة هي التي تقودك عندما تحتاج إلى الاختباء، كما أنها تساعدك على تخطي العوائق الطويلة، وتحمل المفاتيح من أجلك، والكثير من الأمور الجيدة، ولكن أنت لا تجالسها دائمًا وستجد نفسك منفصلًا عنها إجباريًا في الكثير من الأوقات.
وجدت نفسي أعد الدقائق للعودة إلى العمل معها مجددًا فقط لشعوري اللاإرادي بالوحدة، وهذا لأنها كانت دائمًا شريكة مفيدة جدًا، وهو أمر نادر الحدوث في ألعاب اليوم التي تعتمد على مثل هذه التقنية لتقديم المساعدة.
Little Nightmares 2 لعبة جميلة المظهر تمامًا مثل سابقتها. جرت اللعبة الأولى على سطح سفينة تهتز في منتصف المحيط، أما الثانية فتجري أحداثها في بقايا مدينة متداعية. لم تعد هناك اهتزازات ولكن تظل الأجواء غائمة ومرعبة، وتتركك دومًا في شعور بالبرد والوحدة، كما أن المباني المتعفنة والأمطار المستمرة ستجعلك تشعر بالعزلة من داخل أعماقك.
ليست هناك أصوات حزينة أو موسيقى مخيفة، فقط الهدوء والمؤثرات الصوتية الخافتة مثل نحيب الأطفال وصرير المباني وتساقط قطرات المطر، وحتى في أوقات المطاردات السريعة تجعلك اللعبة تتفاعل معها ببعض الأصوات البسيطة مثل خطوات أقدام الطفلين العارية على الأراضي المبتلة أثناء الركض.
يمكنك أن تسمع أقل نبرة صوت مثل احتكاك الطباشير بالسبورة، أو خطوات أقدام الدمى الخشبية الصغيرة على الأسطح الخشبية، وكل من هذه الأصوات كافٍ ليجعلك تموت من الداخل بسبب براعة المطور في استخدامها بأفضل الطرق المؤثرة.
ليست البيئات الجميلة فقط هي ما ستجعلك ملتصقًا بالشاشة، بل التصوير السينمائي هو أيضًا كان في مستوى آخر تمامًا، حيث أنه من الواضح أنه قد تم التخطيط بدقة لكل إطار من اللعبة ليصنع تأثيرًا نفسيًا بشكل أو بآخر على عقل اللاعب.
استخدام الأضواء كذلك يتم في أشكال مذهلة، مثل أن تلمع الأشعة الضبابية من خلال الفجوات في الجدران، وتضيء المصابيح المتربة وسط الغرفة بما يكفي لتعرف ما يحدث ولكن تظل مرعوبًا من الأركان المظلمة المجهولة في نفس الوقت.
قد يكون العالم مروعًا، ولكن الأجواء التي نشأت من خلال الاستخدام الذكي للأضواء والإطارات ساحرة حقًا. أنت دائمًا ممزق بين الرغبة في السير بعيدًا خشية اقتراب المخلوقات المؤذية منك، وبين الرغبة في التأمل واستكشاف جميع الزوايا والاركان وامتصاص جميع التفاصيل الجميلة التي تحتوي عليها مراحل اللعبة.
كلمة أخيرة
Little Nightmares 2 تطور حقيقي عن التجربة الأولى. قام المطور بعمل رائع في خلق عالم أكثر رعبًا وحيوية من خلال استخدام بعض الأساليب الفنية المبتكرة، والخدع السينمائية والصوتية المذهلة.
للأسف تستغرق القصة من 4-5 ساعات تقريبًا للانتهاء منها، وهي نفس طول مدة الجزء الأول تقريبًا، لكن إذا استثمر اللاعب بعض الوقت في البحث عن المحتويات الاختيارية المختبئة في خلفيات اللعبة فسيتمكن من الاستمتاع ببضع ساعات إضافية مع اللعبة.
Review overview
الإيجابيات
- اتجاه فني صوتي مذهل
- ألغاز ذكية وفريدة من نوعها
- لحظات ومعاني لا تُنسى
- ترجمة عربية لجميع النصوص والقوائم
السلبيات
- محاولات التجربة والخطأ المتكررة يمكن أن تكون مزعجة
- صعوبة ضبط أوقات التحكم في المناوشات اليدوية
- مدة اللعبة قصيرة بعض الشيء
الملخص
7.5Little Nightmares 2 لعبة تستحق التجربة فقط لتوجهها الفني وألغازها الذكية والمُبتكرة، ولكن العنوان يعتمد بشكل كبير على التجربة والخطأ لإطالة مدة ساعات اللعب. إذا تغاضي اللاعب عن ذلك فسيحصل على كمية لا بأس بها من الألغاز المُبتكرة، والمشاهد السيرالية ذات المعاني المقلقة والمرعبة.