لطالما كان هوارد لافكرافت مصدر إلهام للعديد من ألعاب الفيديو وألعاب الرعب بشكل خاص مثل The Sinking City، وذلك لأنه يبرع من خلال كتاباته في تصوير أقوى مشاعر الخوف الكائنة بداخل كل منّا، ولا أقصد بكلامي عوامل الرهبة البسيطة مثل الخوف من الوحدة أو المرتفعات، بل هو شيء أكثر تأثيرًا لا يمكن رؤيته أو وصفه بالكلمات، وهو الخوف من المجهول.
Moons of Madness لعبة مثيرة للفضول من حيث أنها تبتعد عن قصص المحققين المتكررة والشوارع الرطبة المعتادة في القصص المُقتبسة من مصدر الإلهام الأصلي (Call of Cthulhu)، وتعمل على نقل العقول التائهة والمعذبة والكائنات اللزجة والمخيفة والحقائق الممزوجة بالخيال إلى سطح كوكب المريخ في إطار شبيه للغاية بأفلام السينما مثل Interstellar أو The Martian.
في عالم مشبّع بألعاب الرعب الكوني الخاص بأعمال لافكرافت، نحترم كثيرًا المطورين الذين يريدون تجربة شيء جديد ومختلف، ولكن هل هذه هي الرحلة الحقيقية التي كان ينتظرها المحبون، أم أن اللعبة لا حياة فيها تمامًا مثل سطح الكوكب الأحمر نفسه؟ نجيب على هذا السؤال في مراجعة اليوم.
Moons of Madness تتوفر على أجهزة PS4, Xbox One في الرابع والعشرين من شهر مارس هذا العام. (تمت تجربة اللعبة على منصّة PS4)، علماً بأن اللعبة متوفرة لأجهزة الحاسب منذ العام الماضي.
Moons of Madness ..
إتجاه قصصي جديد وتنفيذ متوسط المستوى
تحكي اللعبة قصة يوم سيء في حياة المهندس Shane Newehart، والذي أرسلته مجموعة Orochi الغامضة لمساعدة فريق من المتخصصين أثناء سعيهم لإجراء أبحاث وأشياء علمية على سطح كوكب المريخ. تطارد شين أحلام غريبة أثناء بعثته وسرعان ما تتحول هذه الأحلام إلى حقيقة وتؤدي إلى تحول البعثة العلمية إلى مهمة من أجل البقاء والحفاظ على سلامة الطاقم وربما الكوكب والمجرة بأكملها.
تتطرق قصة اللعبة التي لا تزيد مدتها عن 6 ساعات إلى إتجاهات مختلفة ولكنها لا تنغمس في أي من هذه المواضيع بالشكل المطلوب.
هناك عناصر كثيرة حول جشع الشركات واستغلال العمال والاستنساخ الحيوي والتقدّم التكنولوجي والأساطير السحرية الغامضة، كما أن هناك قصة عائلية تدور خلف الكواليس حول علاقة شين بوالدته التي اختفت بدون ترك أثر، ولكن كل هذا لا يؤثر على إتجاه القصة أو فهمك لها بأي حال من الأحوال وحتّى لو وجدت نفسك محتارًا بشأن حقيقة ما يحدث أمامك ستجد الحل لجميع تساؤلاتك يظهر بعد فترة قصيرة بدون أي بحث أو تفكير.
أسلوب اللعب نفسه، والذي يعتمد على الاستكشاف وحل الألغاز مع لمسة من الغموض والرعب يسير على نفس النسق الخطي، ولا يسمح للاعب بالانحراف أو مواجهة المواقف بطرق مختلفة.
يمكنك أن تجد بعض المستندات هنا وهناك ولكن الكلمات المكتوبة القليلة التي وجدناها سواء في مذكرات الباحثين أو رسائلهم على أجهزة الحواسيب لم تؤثر بأي طريقة على نتيجة القصة، وفي جميع الأحوال وجدنا التجربة قابلة للتنبؤ بها تمامًا ورغم أنها لعبة رعب فإننا شعرنا أننا مسيطرين على رتم اللعب في جميع الأوقات تقريبًا.
اللعبة مقسّمة بوضوح إلى أقسام معيّنة بحيث تعرف جيدًا متى تطلب منك اللعبة أن تستكشف المنطقة من حولك ومتى تريد منك أن تشعر بالخوف أو تقوم بمطاردة هوليوودية تحبس الأنفاس.
هناك عدة مرات تلاحقنا فيها المخلوقات الغريبة هنا وهناك ولكن بدلًا من إعطائنا الفرصة لإخفاء أنفسنا أو توليد مشاعر التوتر بداخلنا، نجد الوحش يقف ساكنًا في مكانه في الكثير من الأحيان كأنه يطلب منا أن نجري حتّى يستمر هو في تمثيل دوره والجري ورائك في المسار الوحيد المُتاح أمامك بدون ترك أي مجال للمفاجأة.
على الجانب الإيجابي هناك مجموعة جيدة ومتنوعة من الألغاز بعضها سهل وبعضها مدروس جيدًا مثل استكشاف ترتيب نقل بعض الكتب أو العثور على سلسلة من الأشياء في البيئة المحيطة وتنشيطها بترتيب معيّن.
هناك دائمًا مولد معطل أو ماكينة معطوبة تحتاج إلى توصيل الطاقة إليها أو حل بعض ألغاز الأرقام ومن ثم عندما تنتهي من الحل تجد شيئًا ما يقفز ويخيفك أو مطاردة سريعة تجربك على الخروج سريعًا من المكان الذي كنت تقف فيه.
بدت اللعبة جيدة بصريًا في أغلب وقت تجربتي معها. على الأخص عندما أشاهد أسلوب التحريك أثناء ملء خزان الأكسجين أو إرتداء بدلة الفضاء أو قيادة العربات القمرية. كل هذه الأشياء تتم بسلاسة شديدة وتحتوي على تفاصيل سينمائية مثيرة للإعجاب. تصميمات الوحوش كذلك بدت مختلفة ولكن لم تحتوي اللعبة على الكثير منها لجعلي أتذكرها أو أتذكر تأثيرها على تجربة اللعب الخاصة بي.
النقطة التي كانت مخيبة للآمال نوعًا ما طوال فترة تجربتي هي أنك تتحدث إلى معظم شخصيات اللعبة عبر جهاز المراسلة، ولا تتعرف عليهم بشكل أقرب للدرجة التي تجعلني أحزن عليهم أو انصدم فيهم إذا ما حدث لهم شيء أو عرفت عنهم بعض الأسرار الصادمة مع التقدّم في اللعبة.
في بعض الأوقات شعرت أن اللعبة تهدف إلى جعلى أتسائل عن فكرة وجودهم من عدمه ولكن حتّى هذا الإتجاه في التفكير تم ردمه مع باقي الأفكار التي تناقشها اللعبة بسبب وجود العديد من الدلائل التي تجعل القصة شديدة الوضوح.
التمثيل الصوتي كذلك لم يكن جيدًا، خصوصًا التمثيل الصوتي لشخصية البطل Shane والذي بدا غير مقنعًا بدرجة كبيرة أغلب الوقت أو يمتلك ميولًا مزعجة للحديث عن ما هو واضح أمامك أو الصراخ مذعورًا والكلام بصورة هادئة في نفس الجملة.
تقوم الموسيقى ببناء التوتر بصورة جيدة أغلب الوقت ولكن القفزات المرعبة والمطاردات لا تلبث أن تنتهي سريعًا بدون أن تترك أي فرصة لجعلي أتأثر بتصميمات الصوت أو أبحث فيها عن اللمسة المرعبة التي تريد اللعبة إيصالها.
كلمة أخيرة
تقوم لعبة Moons of Madness بمهمتها في تقديم مغامرة مرعبة مع لمسات من الحيرة والجنون التي تميزت بها الأعمال الأصلية للكاتب لافكرافت، وحصلنا من خلالها على تجربة جميلة بصريًا جعلتنا نشعر فعلًا بواقعية الهبوط على سطح هذا الكوكب البعيد والتعامل مع ماكينات البحث العلمي والحياة اليومية لعلماء البحث بالإضافة إلى مواجهة الأخطار المروعة الموجودة على سطحه.
المؤسف هو أن اللعبة تتركنا مع شعور داخلي بأنها كان من الممكن أن تكون شيئًا أكثر بكثير، كما أنها تعاني من العديد من المشاكل بسبب كونها لعبة في الأصل وليست فيلمًا سينيمائيًا. لم يستطع المطور أن يقيس المعادلة بين أقسام اللعب المختلفة بطريقة صحيحة، كما أننا شعرنا أنه لا يريد المجازفة وإطلاق العنان لخياله رغم البداية الجيدة والإطار المختلف للعالم الذي تدور فيه أحداث اللعبة.
الخوف ليس أولوية في قصة اللعبة، وإنما كل ما يحصل عليه اللاعبون هو نظرة مختلفة إلى الميثولوجيا التي أبدعها الكاتب لافكرافت والتي لا يمكنني الإنكار أنها معروضة بطريقة مختلفة هنا عن أي لعبة أخرى من نفس النوع، ولكن لا تصل القصة أبدًا إلى المدى الذي يجعلني راضيًا عن تجربتي مع اللعبة بالكامل أو سعيدًا بالوقت الذي قضيته حتّى أصل إلى نهاية القصة.
Review overview
الإيجابيات
- اللعبة تبدو جيدة بصريًا وتصميمات الوحوش يبدو عليها الإهتمام والاختلاف
- طريقة سرد القصة ليست مستخدمة كثيرًا وتجعلك محتارًا بشأن حقيقة الأحداث معظم الوقت
- مجموعة متنوعة من الألغاز والعناصر التفاعلية التي تزيد من إنغماس اللاعب في جو المعيشة على سطح المريخ
السلبيات
- اللعبة تسير على نمط خطي معظم الوقت ومعظم الأحداث تبدو متوقعة وغير مفاجئة
- الأداء الصوتي للشخصيات لم يكن جيدًا وخاصة صوت شخصية البطل التي كان أدائها غير متناسقًا في معظم الأحيان
- تتطرق القصة إلى العديد من الإتجاهات والأحداث بدون التوغل في تفاصيل أو عمق حقيقي لأي منها
الملخص
6.5تقدم لعبة Moons of Madness مغامرة مرعبة مُقتسبة من أعمال لافكرافت مع إتجاه جديد ومختلف وهو أخذ المغامرة إلى سطح المريخ، ولكن جودة التصميم ومدة اللعب القصيرة أثرت سلبًا على اللعبة ومنعتها من أن تكون شيئًا أكبر بكثير أو تعالج المواضيع التي تطرقت إليها بطريقة أفضل تليق بالإتجاه المختلف الذي بهرتنا به اللعبة في بدايتها.