مراجعة لعبة Star Wars Jedi: Fallen Order

في الفترة الأخيرة أصبح الخط الفاصل بين ألعاب الفيديو وأفلام السينما ضبابيًا بعض الشيء.

سواء كانت الأفلام تعرض عالماً خيالياً واسع النطاق أو لحظات أكشن قتالية مثيرة، فأصبح من السهل نقل كل ذلك وتطبيقه داخل ألعاب الفيديو.

ومع عودة سلسلة ألعاب مشهورة مثل حرب النجوم، يطمح عشاقها إلى رؤية الكثير من الأشياء الممتعة في اللعبة الجديدة Star Wars Jedi: Fallen Order

يُمكن القول قبل البدء في المراجعة أن اللعبة نجحت في أهم شيء ننتظره منها بشكل صحيح وهو معارك السيوف الضوئية Light Saber.

استعمال سيوف الضوء في لعبة الأكشن Fallen Order ممتع للغاية خاصة لو كان الخصم يستخدم نفس سلاحك وقريب من الصورة الجذابة التي تعرضها لنا الأفلام السينيمائية، لكن في نفس الوقت ومع التقدّم في اللعبة أحسست أنها تجاهد عبثًا للبحث عن هويتها الخاصة بين العديد من ألعاب هذا الجيل.

لمن لا يعرف فرئيس الاستوديو المسؤول عن تطوير اللعبة Stig Asmussen هو نفسه الذي كان مسؤولاً عن ثلاثية ألعاب God of War الأصلية، والتي كانت تمتاز بأنها تمزج بين طابع ألعاب الأكشن وحل الألغاز المعقدّة.

المطور يبدو أنه يتعامل مع لعبة Fallen Order بنفس الأسلوب، ولكن مع إضافة بعض الأشياء الجديدة المنتشرة في ألعاب الأكشن الحالية إلى المعادلة على حد قوله مثل المشاهد السينيمائية في ألعاب Uncharted والمعارك الصعبة ونظام التقدّم في لعبة Sekiro وكذلك الألغاز الموجودة في ألعاب مثل The Legend of Zelda.

هذه بعض الأسماء الكبيرة في عالم الألعاب لكي يأخذ منها الإلهام ولكن هذا ليس كل شيء.

المطور قام بتكوين اللعبة لتصبح لعبة استكشاف مشابهة لألعاب Metroidvania مثل Bloodstained والتي تجبرك على العودة لنفس المكان مرات عدّة واستكشاف الأسرار والمداخل السرية الجديدة بداخله.

الفكرة هنا هي كيف يتعامل المطور مع كل مصادر الإلهام تلك، وهل كان هذا النهج هو ما تستحقه سلسلة Star Wars؟

Star Wars Jedi: Fallen Order متوفرّة الآن على منصّات PS4 (تمت تجربتها), Xbox One, PC 

Star Wars Jedi: Fallen Order ..

إخراج سينمائي ممتاز، وأداء متوسط

تعتمد بداية اللعبة والقصة بالطبع على معرفة سابقة بأحداث الأفلام الأصلية، وتحديدًا الأفلام الثلاثة المؤهلة لمشاهدة السلسلة والتي تنتهي بفيلم The Revenge of The Sith.

الموضوع ليس معقدًا كما يبدو وكل ما يجب عليك معرفته لو لم تشاهد الأفلام الأصلية هو أن قوات الشر قد انتصرت على الخير وأن بطل اللعبة Cal Kestis يحاول جاهدًا إعادة بناء جيوش الخير Jedi بعد الهزيمة النكراء في أحداث الفيلم.

كان البطل كال مختبئًا عن الأعين في بداية اللعبة لكن تقوده بعض الأحداث المؤسفة إلى الخروج من مخبئه واستخدام قوته ليهرب من عيون المحققين المكلفين بمطاردة جنود الجيداي المتبقين، وسريعًا يجد نفسه هاربًا مع سيري فارسة الجيداي ذات الماض الغامض والطيار الفضائي جريز الذي يعمل مثل سائق الأجرة ويأخذك في رحلة إلى الكواكب المختلفة بحثًا عن دلائل تقودك إلى فرسان الجيداي الآخرين الذين يستطيعون استخدام القدرات الخارقة The Force مثلك.

تأخذك المغامرة إلى مقابر قديمة وأبراج عتيقة وحضارات وقبائل مفقودة وهناك أشياء وتفاصيل كثيرة موجودة ستسعد أي محب لسلسلة Starwars الأصلية.

وفي نفس الوقت تحصل جميع الشخصيات الموجودة في اللعبة على وقت وعمق كافي وتشرح لك اللعبة كيف كانت الخسارة أمام إمبراطورية السيث فادحة ومؤثرة عليهم وعلى حياتهم بشكل عام وتجعلك تهتم فعلًا بالقصص الجانبية لهذه الأشخاص.

تستخدم اللعبة بعض طرق العرض المثيرة كذلك مثل ربط الأحداث الجديدة الجارية بالماضي والمستقبل عبر الذكريات وتسلسل الأحلام ويمكن للاعب أن يلمس هذا الشعور المختلف الرائع منذ اللحظات الأولى للعبة وستشعر فعلًا أن اللعبة تستخدم طرقًا ذكية ومثيرة في عرض القصة، ناهيك عن التمثيل السينمائي الرائع للشخصيات والأداء الصوتي المبهر في كل وقت والذي يليق بمستوى السلسلة.

العيب الأساسي في القصة يظهر عندما تأخذ خطوة بسيطة إلى الوراء لتتعرّف على قصة اللعبة في المجمل وتكتشف أنها بسيطة للغاية، وأن جميع أحداث اللعبة تدور بين خمس أو ست شخصيات فقط طوال الوقت ومشاكلهم وأحوالهم النفسية.

أنت لا تقوم بزيارة الكواكب ولا يمكن اعتبار اللعبة رحلة Space Opera فعلية كما هو الحال في ألعاب مثل Final Fantasy 12 أو Rouge Galaxy، أو كما وعدتنا اللعبة نفسها في بدايتها بأنك ستلف المجرة كلّها بحثًا عن هؤلاء الفرسان الذين هم الحل لإعادة بناء تنظيم الجداي.

النطاق أو الإطار الذي يعمل فيه المطور يبدو محدودًا للغاية رغم إتساع الإحتمالات والأفكار الموجودة أمامه. على سبيل المثال أنت تزور ستة كواكب فقط في اللعبة والطبيعة الجغرافية لكل كوكب منهم تبدو شديدة الاختلاف والجمال، لكن عندما تسير فيها فعليًا تجد أن مسارك خطي نوعًا ما وليس هناك مساحة للتفكير والاستكشاف كما هو الحال في لعبة Sekiro مثلًا أو Bloodborne.

هناك بعض التفاصيل التي ستجدها أثناء سيرك تعطيك لمحات عن الكوكب الذي تمشي فيه، لكن معرفتها لا تضيف أي شيء جديد إلى اللعبة إلا لو كنت محبًا للسلسلة في الأصل، وطريقة معرفتها نفسها مزعجة وهو أنك يجب أن تفتح قائمة Options في كل مرة ترى علامة جديدة على الأرض التي تمشي فيها وهذا يؤدي إلى تعطيل اللعب كل فترة. هذه هي أولى النقاط التي أزعجتني في العناصر الجانبية على الخريطة بشكل عام.

أهمية الأشياء الجانبية التي قد تحتاج إلى ترك المسار الرئيسي للقصة قد تكون شخصية نوعًا ما، حيث أن جميع الأشياء الجانبية حتّى الموجودة في أماكن سرّية وعلى ارتفاعات عالية عبارة عن عناصر تخصيص شكلية يمكنها أن تساعد على تغيير شكل اللاعب أو سيف الليزر أو الروبوت المرافق له، وبعد فترة قصيرة شعرت أنه لا يوجد حاجة للاهتمام بها واهتممت بالتركيز على الطريق الأساسي معظم الوقت.

يعترض طريقك الخطي العديد من الأبواب المغلقة والأشياء التي لا يمكن التفاعل معها إلا عن طريق الحصول على قدرة Force معيّنة مما يجبرك على العودة إلى نفس المكان بعد الحصول على القدرة كما هو الحال في أي لعبة Metroidvania. في بعض الأحيان لا يكون الحل هو قدرة Force وأنما تحديث جديد للروبوت الآلي صديقك الموجود معك دائمًا.

التنقّل خلال هذا الطريق لا يتم عن طريق المشي وحده بل يحتاج منك إلى التسلق والقفز والتمسك بالأشياء كما كنت تفعل سابقًا في ألعاب God of War القديمة.

أثناء المشي كذلك ستجد العديد من الكائنات الفضائية الموجودة على الكوكب تعترض طريقك وأيضًا جنود Stormtroopers والسيث وغيرها من التحديات المختلفة التي قد يكون بعضها صعبًا على شخص قد بدأ اللعبة منذ فترة قليلة.

القتال يعمل مثل لعبة سيكيرو. أنت تستعمل السيف الضوئي طوال الوقت وتستطيع القيام بهجمات خفيفة وثقيلة بالإضافة إلى الحاجة للاعتماد على صد هجوم العدو والإفلات منه في الأوقات المناسبة.

القيام بذلك يصنع بعض الفرص للتخلص من العدو بصورة فورية وبطريقة سينمائية ممتعة كما أنه يعيد شحن طاقة Force الخاصة بك.

اللعبة لا توضح بشكل دقيق ما إذا كنت نجحت في صد هجوم العدو أم لا والموضوع يحتاج إلى قليل من التدريب وليس واضحًا تمامًا مثل سيكيرو لكنه لا يزال ممتعًا وشبيهًا بطريقة عمله في الأفلام.

قدرات Force التي يحصل عليها اللاعب هي فكرة اللعبة الحقيقية ويمكن الحصول عليها بشكل أوتوماتيكي مع التقدّم في القصة.

هذه القدرات يمكنها أن تفتح لك آفاقًا جديدة على خريطة الكوكب وتنقل اللعبة من الشكل الخطي إلى شكل مفتوح نوعًا ما، بالإضافة إلى أنها تساعدك كثيرًا أثناء القتالات في ضبط أوقات الهجوم والدفاع.

تستطيع هذه القدرات كذلك مساعدتك على اكتشاف العديد من الأسرار في اللعبة والعديد من الوحوش الجانبية التي تستطيع مضاعفة وقت اللعب لو اهتممت بالبحث عنها من 15 ساعة إلى 30 ساعة تقريبًا، كما أن هناك بعض عناصر التطوير لنقاط الحياة والطاقة لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال اكتشاف هذه الأسرار وهذا أعجبني أكثر من موضوع الصناديق وسعيت فعلًا لكي أبحث عنها في كل وقت.

هناك عدد كاف من الوحوش والأعداء ليجعلك مستمتعًا رغم أن اللعبة تكرر استخدام نفس الوحوش بصورة قد تكون مملّة قليلًا لبعض اللاعبين، أضف إلى ذلك أنه لا يوجد خاصية التنقّل السريع في اللعبة بمعنى أنه إذا انتهيت من إحدى المهمات واحتجت للعودة لسفينتك الأم لتنتقل إلى كوكب آخر عليك أن تعود مشيًا ولا يوجد حل لتفادي ذلك غير بعض الطرق المختصرة لكنّها لم تكن كافية لتوفير الوقت مثلما هو الحال في ألعاب دارك سولز.

أعتقد أن هذه كانت طريقة المطور ليجبر اللاعبين على خوض المعارك وجمع نقاط التطوير.

هناك العديد من القدرات التي يجب فتحها من قائمة القدرات وجميعها تحتاج إلى نقاط خبرة لكن القتال نفسه ورغم أنه قد يكون مُرضيًا لكن شعرت بعد فترة أنه لا يوجد حاجة لإعادة المناوشات مع نفس الأعداء مرارًا وتكرارًا وخصوصًا أن هزيمتهم تصبح سهلة نوعًا بالنظر إلى أنك تستطيع عكس الرصاص عليهم وقطعهم إلى نصفين بسهولة.

هذا هو الشعور الذي كان ملازمًا لي طوال فترة اللعب، وهو أن اللعبة تضع أمامي الهدف ولكن تقوم بجعل وقت الوصول أطول من المعتاد وهذا كان خانقًا بالنسبة لي.

كان يمكنني الوصول من النقطة أ إلى النقطة ب مثلًا لكن للأسف عليّ أن أقوم بحل هذا اللغز أولًا والذي يستغرق عدة دقائق لحله كما أنه لا يرتقي إلى مستوى الألغاز الموجودة في الألعاب الأصلية التي حصل منها على الإلهام مثل The Legend of Zelda وجميع الألغاز يمكن لطفل صغير حلّها بلا مشاكل.

حتّى المعارك الرئيسية تبدو سهلة وقتما تعرف كيف ومتى تقوم بصدّ هجمات الأعداء. لا يوجد أي عمق في أي جانب من جوانب اللعبة ولكن هذا لا يعني أنها سطحية.

ما أقصده أن اللعبة تأتي في الوسط لا هي عميقة بما يكفي ولا هي سطحية، والشيء الذي يجعلها مختلفة فعلًا هو أن جميع جوانبها تعمل معًا بصورة رائعة ومتميزة والفضل في ذلك يعود للإخراج السينمائي الرائع في كل تفصيلة صغيرة من تفاصيل اللعب وهذا هو المتوقع من لعبة لها أصول سينمائية.

جميع الأشكال تبدو طبيعية بدون أي عيوب في جودة الرسوم. موسيقى الأوركسترا تعمل في الأوقات الصحيحة وجميع عناصر اللعبة يوجد لها المؤثرات الصوتية الخاصة بها حتّى السفن الفضائية والروبوتات.

كل شيء موضوع في مكانه الصحيح ليجعلك تشعر أنك تعيش فعلًا التجربة الحقيقية، ولم أتمنّى خلال اللعب شيئًا أفضل بخصوص الرسوم والأصوات، فهي مثيرة للإعجاب حقاً.

ربما يكون السبب الأساسي لخفض المتعة في Star Wars Jedi: Fallen Order هو أنني قمت بتجربة جميع الألعاب الأخرى التي ذكرتها في بداية المقال، وفي نفس الوقت لم تبتكر اللعبة شيئًا جديدًا أتمنّى أن أراه في ألعاب قادمة.

اللعبة تقوم بكل شيء يجعلها لعبة فيديو ناجحة ولا شيء أكثر أو أقل، صحيح أنها قد تصبح مزعجة في بعض الأحيان البسيطة، ولكنها بالمجمل لعبة ممتعة ومثيرة في أغلب الوقت وهو ما يجعلك تتغاضى عن عيوبها.

يبقى العيب الرئيسي من وجهة نظري هو سهولة اللعبة، لكن يُمكنك تجاوز ذلك من خلال لعبها على أقصى صعوبة لتستطيع الاستمتاع بها بشكل أكثر والحصول على التجربة التي يريد المطور تقديمها.

(لحسن الحظ يمكن تغيير الصعوبة في أي وقت حسب رغبة اللاعب).

كلمة أخيرة

يبدو أن المطور اختار الحدود الذي يريد أن يعمل بداخلها ولا يريد الخروج عنها لأي سبب، وهو ما جعلني أشعر أن اللعبة كان بإمكانها تقديم المزيد وأن هذه الحدود كبحت طموحها.

Fallen Order متفوقة في الأداء الصوتي والإخراج السينمائي، لكن يمكنني أن أرى بوضوح أن المسؤول عن تطويرها لا يزال يمتلك عقلية الجيل الماضي، وهذا أثر سلبًا على مستوى الأشياء التي نراها في اللعبة سواء أكانت الألغاز أو القتالات أو غيرها.

لو كنت لاعبًا جديدًا وتبحث عن تجربة ممتعة ولا تهتم كثيرًا بهذه التفاصيل فبالتأكيد يمكنني ترشيح هذه اللعبة من أجلك.

أيضًا لو كنت محبًا لسلسلة Starwars فسوف تستمتع كثيرًا بأسلوب القتال الموجود في اللعبة وبعض الحوارات والتفاصيل غير المتوقعة في القصة، لكن لا تتوقع أي شيء ضخم أو خارج عن المعتاد أو تقارنها بأي تجربة أخرى قد تكون استمتعت بها هذا العام لأنك لن تشعر بالرضا التام عنها إذا ما قمت بذلك.