مراجعة لعبة Telling Lies

لعبة Telling Lies متوفرة على متجر ستيم بسعر 20 دولار أمريكي وعلى متجر آب ستور لهواتف آيفون (تمت تجربتها) بسعر 7 دولار أمريكي، تصدر اللعبة على بلاي ستيشن 4 وإكس بوكس ون وسويتش في 28 أبريل 2020.

عندما يكون كل شيء كذبة، كيف يمكنك تمييز الحقيقة؟

تسألك لعبة Telling Lies هذا السؤال المثير للانتباه أثناء تنقلك بين مقاطع الفيديو الخاصة ببعض الأشخاص المخادعين، ولا يمكنك العثور على الإجابات إلا عن طريق حدسك الخاص.

Telling Lies هي لعبة مغامرة تأتينا من مصمم الألعاب Sam Barlow الذي قام بتطوير لعبة Her Story وهي من نشر شركة Annapurna Interactive التي قدمت لنا بعض الألعاب المميزة مثل What Remains of Edith Finch وJourney.

لعبة Telling Lies ..

نموذج مثالي لسرد القصة

في Telling Lies أنت تلعب دور امرأة دوافعها غير واضحة في البداية وقد مُنحت حق الوصول لأرشيف مكالمات فيديو مسجلة سراً تم التقاطها من أجهزة الحاسب المحمولة والهواتف المحمولة لأربعة أشخاص مختلفين.

أرشيف المكالمات هذا مخزن على قرص صلب تمت سرقته من وكالة الأمن القومي الأمريكي NSA وتفهم لاحقاً أن مهمتك كشف فساد عميل حكومي.

تأخذ اللعبة نفس المفهوم والطابع من لعبة Her Story وتنقل نجاح اللعبة السابق لمستويات أكبر من المتعة والتحدي.

تستخدم اللعبة واجهة حديثة نوعاً ما مقارنة بلعبة Her Story لكن لا يزال عليك كتابة الأدلة ومفاتيح حل الألغاز (مثل الكلمات أو العبارات في مقاطع الفيديو التي تشاهدها) والتي بدورها تقودك نحو المزيد من المقاطع الجديدة وعليك تجميع كل هذه الأدلة للوصول إلى الحقيقة.

وفي حين تبدو المهمة السابقة روتينية من الناحية النظرية، إلا أنها بعيدة تماماً عن الملل عند تنفيذها وذلك بفضل الأداء الرائع للشخصيات إلى جانب لغز مركزي عميق مع مئات الخيوط المتشعبة.

تقضي معظم وقتك في اللعبة بمشاهدة أرشيف مكالمات فيديو وبعض لقطات أخرى تم التقاطها بواسطة كاميرات مخفية كانت موجودة على القرص الصلب محاولاً فهم ما يجري لأربعة أشخاص على صلة ببعضهم البعض.

أثناء البحث في قاعدة البيانات، سترى مقاطعًا عادية مثل أب يقرأ لابنته قصة وقت النوم، أو زوجين يشاهدان فيلماً معاً، وقصصًا أخرى لأشخاص يعيشون حياتهم الطبيعية، ولكن بعد ذلك سوف تسمع شيئًا يثير فضولك.

حوادث أو أسماء أو أماكن غامضة، ستبحث عنها في قاعدة البيانات وتكشف عن خيوط أكثر إثارة للاهتمام ما يقودك لقصة معقدة تحدث على مدار عامين.

لا أريد أن أفسد الغموض في اللعبة، لكن الفرضية الأساسية هي وجود عميل خاص يتسلل لمجموعة معينة من الأشخاص وكيف تؤثر هذه المهمة على حياته وحياة الأشخاص المحيطين به.

ما هو الهدف من هذه المهمة؟ ما علاقة فتاة لعوب في أحداث كارثية؟ إيجاد إجابات على مثل هذه الأسئلة هو ما سيقودك للحقيقة.

التشويق في لعبة Telling Lies يأتي من خلال إيجاد الصلات والروابط بين هؤلاء الأشخاص ومشاهدة كيف يمكن للأدلة إسقاط الأكاذيب.

الشخصيات الأربعة كلها تكذب حول شيء ما عند حديثها مع شخص ما، مما يجعل إيجاد الروابط تجربة مثيرة، ولا تنسى أنه يمكنك فقط سماع الصوت أو مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بشخص واحد في المرة الواحدة.

من الأشياء التي أعجبتني للغاية في اللعبة هو إظهارها لجانب واحد فقط من كل محادثة، ويجب عليك القيام ببعض البحث في قاعدة البيانات لمعرفة باقي التفاصيل والعثور على النصف الآخر. الاستغراب مما يتفاعل معه الشخص، أو ما يقوله الشخص الآخر في المحادثة يمنح اللعبة طبقة إضافية من الغموض والإثارة.

في بعض الأحيان يكون من الواضح تمامًا من الذي يتحدثون إليه، مثل تعبيرات الأب المتحركة ولغة بسيطة تشير إلى أنه يتحدث إلى ابنته الصغيرة، لكن في بعض الأحيان يكون الأمر أكثر تعقيداً.

يمنحك سماع نصف المحادثة جزءًا فقط من المعلومات التي تحتاجها، وتجميع باقي المعلومات يتخلله الكثير من المتعة بفضل الألغاز الموضوعة بعناية.

أفضل ما في لعبة Telling Lies هو الأداء الرائع من الشخصيات، فكلما شعرت بشيء ما غير مريح، لنقل اللهجة الباريسية السيئة لأحد الشخصيات، ستلاحظ أن هناك سبباً وراء ذلك وليس مؤشراً على ضعف الأداء التمثيلي.

أحببت كثيراً آلية التعرف على الشخصيات ورؤية جوانب مختلفة لكل شخص منهم، جوانبهم الحقيقية والمعقدة.

إلى جانب الاتساق في الكتابة والأداء المثير للإعجاب، أعطت عدم الخطية نكهة خاصة لهذه اللعبة، فمن غير المحتمل أن يشاهد اثنان من اللاعبين مقاطع الفيديو نفسها بنفس الترتيب لذلك تعمل القصة بصرف النظر عن المسار الذي تسلكه أثناء جمعك للمعلومات وحل الألغاز.

كل شخصية تتصرف بشكل مختلف حسب الموقف، فمثلاً يمكنك ملاحظة الفروقات لشخص معين عند حديثه مع زوجته مقارنة بحديثه مع رئيس العمل.

استغربت كذلك من شخص يمكنه ارتكاب أعمالاً فظيعة لكنه لا يزال أباً محباً ويعامل طفله بكثير من العطف والحب، نفس الأمر ينطبق على امرأة متعنتة في رأيها بخصوص إبقاء هويتها سرية.

إذا لعبت Her Story من قبل، فستكون Telling Lies لعبة مألوفة بالنسبة لك، حتى أنها تحتوي على نفس عدد المقاطع (5) عند البحث في أي عبارة أو كلمة.

بمعنى آخر يمكن القول أنها نسخة أكثر متعة وتطوراً من Her Story، ميزانية أكبر انعكست على جو اللعبة، وقصة أعمق وأكثر تعقيداً وتشعباً، ووشخصيات مذهلة ومتعددة، وبخلاف الشخصيات الأربعة الرئيسية هناك العشرات من الشخصيات الثانوية والشخصيات المساندة، كل هذا جعل اللعبة تذهب لمستوى أفضل بكثير من Her Story التي تميزت حينها بتجربة جديدة وجريئة في سرد قصص الألعاب.

شيء واحد افتقدته من Her Story، هو إمكانية تتبع قاعدة البيانات، وهو ما يتيح لك معرفة عدد المقاطع التي عثرت عليها وعدد المقاطع التي لم يتم اكتشافها بعد، وهي بلا شك طريقة مفيدة للحصول على فكرة عن كيفية إكمال القصة.

أما Telling Lies فلا تمنحك ميزة التتبع فهي أكثر تعقيداً من حيث التصميم، حيث يتبقى لديك شعور أنك لم تر كل شيء في اللعبة، وعلى الرغم من أن اللعبة توفر في النهاية تقريراً عن عدد الأشخاص الذين عثرت عليهم إلا أنني أحببت رؤية معلومات أكثر وضوحاً لما قمت باكتشافه، وهو ما قلل الاستمتاع باللعبة خصوصاً عند مقارنتها مع Her Story.

كلمة أخيرة

لعبة Telling Lies مثيرة للاهتمام في كيفية ربط موضوعاتها بسياسة العالم الحقيقي والأخلاق المرتبطة بالخصوصية عندما تكون في يد جهة حكومية.

جعلتني اللعبة أتعاطف مع شخصيات معينة، خاصة بسبب دوافعهم المتضاربة، فمشاهدة جوانب مختلفة من حياتهم سيجعل الكثير من المشاعر الغريبة يتسلل إليك.

بالنسبة للبعض قد تنتهي اللعبة عند اكتشاف الإجابة على اللغز المركزي، لكن بالنسبة لي لم أتوقف عن اللعب، بل واصلت العثور على أجزاء إضافية من الفيديوهات محاولاً فهم الحالة النفسية الكامنة وراء تصرفات كل شخصية، ففي لعبة Telling Lies حتى أصغر الأكاذيب يمكن أن تؤدي إلى أكبر الاكتشافات.