لعبة Sea of Solitude مشروع شخصي عن الوحدة تم استلهامه من خبرة الحياة وقصص واقعية أخرى. اللعبة كذلك تتناول بعض المواضيع الحساسة وغير المريحة عن الصحة العقلية والعاطفية
هذه هي الرسالة الترحيبية التي تعرضها لعبة Sea of Solitude في البداية، والتي وجدتها مؤثرة فعلًا على تجربتي طوال فترة اللعب. عند قراءة كلمات البداية كانت تراودني العديد والعديد من الأفكار والأسئلة بخصوص حياتي الشخصية.
ما هي اللحظات أو المواضيع التي لا أرتاح عند الكلام فيها أو حدوثها؟ ما هو معنى الوحدة بالنسبة لي؟ والأهم، كيف تنوي اللعبة أن تتناول تلك المواضيع؟
بالطبع جميعنا يمتلك هذا النوع من المشاعر الأليمة والدفينة التي لا يريد أن يعيشها مجددًا. لكن اللعبة توضح في نفس الرسالة الافتتاحية أن رحلة البطلة Kay هدفها أن تعرف ما هو معنى الحياة، وكيف يمكن العيش في هذه الحياة بحلوها ومرّها.
أحسست بمزيج من الحزن والأمل في نفس الوقت وأنا أقرأ هذه الكلمات، وشعرت أنني مستعد تمامًا لقبول كل ما سوف أراه، وكل ما سوف أتذكّره عند التعرّض للمشاهد الحوارية الموجودة في اللعبة أيًا كانت.
Sea of Solitude متوفّرة الآن على منصّات PS4 (تمت تجربتها), Xbox One, PC
لعبة Sea of Solitude
رحلة جميلة، مؤثرة، سطحية، قصيرة
أنت تلعب دور Kay، فتاة ذات صوت رقيق لكن شكلها لا يبدو جميلًا مثل صوتها. تبدو الفتاة سوداء وقبيحة وعينيها تضيئان بلون أحمر قاني. كما أنها لا تعرف كيف تحولّت إلى هذا الشكل، وسبب وجودها في عالم اللعبة الغريب.
أغلب عالم اللعبة تغطيه المياه، يمكنك ملاحظة أن المنازل والمصانع والجسور جميعها غارقة حتّى نصفها أو كلّها في الماء. المعمار يبدو جميلًا ويقترب في الشكل من مدينة البندقية الإيطالية، الموطن الأصلي للإستوديو القائم على تطوير اللعبة.
الوحوش الأكثر رعبًا هي الموجودة في داخلك
في رحلة البحث عن الحقائق، يطارد البطلة Kay وحشًا مشعرًا ومخيفًا ينقض عليها في أي لحظة إذا حاولت السباحة في الماء. الوحش يستطيع الكلام والصراخ ورمي الألفاظ الجارحة على الفتاة، الأمر الذي يجعلك تتسائل عن طبيعة هذا الوحش، وكيف كانت تعيش الفتاة حياتها الطبيعية.
اللعبة لا تتوقّف عند هذا الحد، بل تستمر في عرض المزيد من الوحوش المجازية، والتي تعمل ككناية عن شخصيات وأحداث حقيقية مرّت بها الفتاة، وهي الوحيدة التي يمكنها معرفة أصل كل وحش وسر غضبه، فقط إذا قامت بالبحث في داخلها وإهتمت بمواجهة جميع الأسرار والحقائق.
لا تخفي اللعبة شيئًا وراء الكلمات أو الملاحظات أو غيرها. دائمًا تتكلّم الشخصيات عن صميم المشكلة في كلمات قليلة وواضحة ومؤثرة، ليس على شخصية Kay وحسب بل على اللاعب نفسه.
أحسست دائمًا أنني تحت المراقبة، يقول الوحش أنت لا تهتمين إلا بنفسك، وأتذكّر جميع المرّات التي تجاهلت فيها أصدقائي وعائلتي. يقول الوحش عليك أن تتركني وحيدًا، وأجد نفسي أتذكّر جميع المرّات التي شعرت فيها بأنني عاجز تمامًا عن تقديم المساعدة لأقرب الناس إلى قلبي.
لمسات بسيطة جميلة
اللعبة لا تعتمد فقط على الجمل الحوارية، شكل المستوى نفسه يتغيّر تمامًا حسب الحالة النفسية لهذا الوحش، وحسب شكل العلاقة الموجودة بين البطلة وهذا الوحش أو الشخص.
إذا وجدت الشخصية تشعر بالغضب على سبيل المثال، أجد المرحلة قد أضافت بعض منافذ الدخان الساخن التي تمنعني عن التقدّم، وإذا وجدت الشخصية تشعر بالحزن، أجد المرحلة قد تحولّت إلى جليد بارد.
حتّى طريقة سير الفتاة وجدت أنها تتغير وتتباطئ أو تتسارع حسب الحِمل النفسي الموضوع عليها، والأفكار التي تراودها في أي وقت. هذه اللمسات البسيطة والجميلة ساعدت فعلًا في جعلي متفاعلًا مع اللعبة طوال فترة القصة.
المؤثرات الصوتية ممتازة، مؤلف الموسيقى Guy Jackson متخصص في عمل الموسيقى ذات الطبقات العاطفية بحرفية عالية. وتكمّل الموسيقى الشكل العام لكل فصل ببراعة شديدة.
في لحظات الراحة تجد ألحان البيانو البسيطة تداعب أوتار قلبك، وفي لحظات القلق والحيرة تجد المؤثرات الصوتية والصراخ العالي. تهتم اللعبة دائمًا بجعلك منغمرًا في جوها مع أداء صوتي مبهر في كل لحظة.
أكثر نقطة تظل تستحق الإعجاب في نظري هي شكل الرسوم. الرسوم جميلة جدًا، ومهمة جدًا، ملاحظة التغييرات البسيطة فيها وفي شكل الشخصيات دائمًا ما يتيح لي رؤية المواضيع التي تناقشها اللعبة بشكل أوضح وأكثر تأثيرًا.
التناسق بين الضوء والظلام، إعادة الحياة إلى البيئة المظلمة ونشر النور والبهجة في كل مكان تزوره، هذه التفاصيل الجميلة ذكرتني بتجربتي مع ألعاب Okami و Zelda: Twilight Princess ولعبة ICO. جميعها ألعاب قصصية تعتمد على التغلّب على الظلام والظلال ونشر البهجة في العالم والتغلّب على المشاكل الشخصية بطرق مشابهة.
نظام اللعب .. فرصة ضائعة
الانبهار بشكل الرسوم يستمر معك طوال فترة اللعب، لكن باقي عناصر اللعبة ليست على نفس المستوى من الجودة، والذي يجعلك مستمتعًا فعلًا ويعطيك نهاية أو مكافأة مرضية على انتظارك وتجربتك للعبة.
نظام الحركة واللعب بسيط جدًا، ولا يوجد أي فكرة في الألغاز التي تعرضها اللعبة في أي وقت. كل ما تفعله هو الحركة من مكان إلى آخر والضغط على كرات صغيرة لتستطيع فتح جمل حوارية إضافية. أنت فعليًا لا تفعل شيئًا طوال فترة اللعب غير الحركة والضغط على الكرات.
أحببت في نقطة معيّنة من اللعبة، أن طريقة اللعب والأشياء التي أتفاعل معها كانت مرتبطة فعلًا بفكرة الوحش وعالم المرحلة. لكن هذا الأمر لم يحدث إلا في نقطة واحدة فقط. باقي اللعب تستعمل نفس الأسلوب وتعرض نفس الأشكال بدون أي تغيير.
القصة … بدايات جيدة ونهايات سطحية
القصة نفسها تتناول مواضيع جادة، مثل المشاكل الأسرية والحزن والتنمّر وغيرها. لكن الجمل الحوارية نفسها بدت غير متناسقة، أحسست معظم وقت أن الشخصيات تريد الصراخ بهدف الصراخ ولا شيء آخر.
الأداء الصوتي نفسه لا يساعد كثيرًا حيث أن نبرة الصوت تختلف من جملة إلى جملة في المشهد الواحد، مما أثر على استمتاعي بالكلام في المجمل.
في بعض الأحيان وجدت أن المواضيع نفسها شخصية للغاية، يعني أن كاتب القصة مهتم بتقديم الفكرة أو المشكلّة التي تعرض لها، أكثر من محاولة إيجاد حل حقيقي لهذه المشكّلة.
كلام الشخصيات ينّم عن مشاكل تدور خلال فترة زمنية طويلة، وبعض الشخصيات تعرّضت لظلم شديد لا يمكن حله في نظري في لحظات قليلة.
اللعبة تشجّع الفتاة على الإهتمام بمن حولّها بدلًا من التركيز على نفسها، لكننّي شعرت أن سياق اللعبة يدور في عكس هذا الإتجاه. هناك بعض الشخصيات التي لا أعرف ماذا حدث لها، وهناك بعض الشخصيات التي لم أحصل على نهاية حقيقية مرضية لها.
شعرت دائمًا وأنا ألعب أنني أحصل على نتيجة المشكلة وليس السبب، وأنني دائمًا أتلقّى رد الفعل الغاضب أو الحزين لهذه المشكلّة.
لكن أساس المشكلّة نفسه، وكيف أدّت الأمور إلى هذه النقطة، لم أجد اللعبة قد عرضت هذه الفكرة بالشكل المطلوب.
كلمة أخيرة
قصة اللعبة نفسها استغرقت ساعتين ونصف للانتهاء منها بالكامل، لكن يمكن زيادة هذه المدّة إلى أربع أو خمس ساعات عن طريق الإهتمام بجمع المتعلّقات الجانبية الموجودة في اللعبة.
المتعلّقات الجانبية تنقسم إلى طيور يمكن التفاعل معها ورؤيتها تطير في الهواء (لا أعرف ما فائدتها لكن أعتقد أنها وسيلة لجعلك تستمتع بجمال عالم اللعبة المفتوح من زاوية أفضل). وهناك رسائل في زجاجات يمكن جمعها وأعتقد أنها رسائل تركّها زوار سابقين قاموا بزيارة هذا العالم الخيالي من قبلك.
Sea of Solitude تقوم بتنفيذ كل شيء بمستوى متوسط. قصة جيدة لكن حوارات سطحية بعض الشيء. عالم جميل لكنّه فارغ لا يدفعك للاستكشاف والتأمل. نظام لعب سلس لكنّه بسيط ولا يوجد فيه أي فكرة مُبتكرة.
طوال فترة اللعب أحسست أن اللعبة كان يمكن تقديمها في شكل أفضل من فكرة لعبة فيديو، ربما في شكل دراما صوتية أو مسلسل. كما أنني شعرت أن قصة اللعبة نفسها والمواضيع التي تتناولها تستحق أن تكون قصة جانبية في حياة إحدى شخصيات الألعاب الأخرى، وليست قصة رئيسية تعتمد عليها اللعبة بالكامل.
لكن لأكون صادقًا، اللعبة نجحت في التأثير علّي على المستوي الشخصي، وجعلتني أتذكّر أحداثًا سابقة في حياتي، وجعلتني أفكر في مشاكل وحلول ووجهات نظر مختلفة يمكن بها تحسين الوضع الحالي الذي أعيش فيه الآن.
ربما تكون التجربة بسيطة، وربما تكون المشاكل شخصية نوعًا ما، لكن اللعبة تنجح فعلًا في جعلك ترتبط بها وبالأفكار التي تعرضها، حتّي لو لم تكن لعبة متكاملة.
Review overview
الإيجابيات
- قصة تتناول مواضيع حياتية جادة
- رسوم جذابة تتغير مع المشاعر النفسية للشخصيات
- موسيقى ممتازة تكمّل المشاهد والفصول ببراعة
- لمسات بسيطة مميزة في نظام اللعب تساعد على الترابط بشكل أكبر مع شخصية البطلة
السلبيات
- نظام لعب بسيط وألغاز سطحية
- مدة اللعبة قصيرة لا تتعدّى الثلاث ساعات
- المشاكل الجادة لا يتم حلّها بشكل مُرضي
- عالم اللعبة فارغ بعض الشيء والعناصر الجانبية لا تجذبك للإهتمام بها ومحاولة جمعها
الملخص
7Sea of Solitude لعبة تمزج بين الجمال والبساطة. اللعبة من جانب تنجح في إيصال المشاعر المطلوبة في مزيج رائع من الرسوم الجذابة والمؤثرات الصوتية الممتازة. ومن جانب تناقش بعض المواضيع الشخصية الجادة بشكل سطحي قليلًا في وقت قصير عن طريق نظام لعب خالي من الابتكار. لكن لأكون صادقًا، خرجت من هذه اللعبة متأثرًا بالعديد من الجمل الحوارية، والتي جعلتني أفكر في العديد من أمور حياتي الشخصية بشكل مختلف.