في عالم الألعاب المتغيّر والمتجدّد باستمرار، نجد بعض الحقائق الثابتة التي لا تتغيّر، مثل إصدار لعبة Call of Duty جديدة سنويًا، أو المنافسة المستمرة بين ألعاب الكرة FIFA و PES.
السؤال هنا هو: هل هذا ما يريده اللاعبون فعلًا؟ أم أن هناك طريقة أفضل للحفاظ على قاعدة جماهيرية واسعة من اللاعبين بدون الحاجة لإصدار أجزاء جديدة سنوية من نفس السلسلة؟
هناك العديد من الألعاب التي ما تزال تجذب اللاعبين حتّى يومنا هذا رغم عوائق الزمن وجودة الرسوم. بعض هذه الألعاب ينجح في ذلك عن طريق المحتوى الإضافي والتحديثات السنوية مثل لعبة Rainbow Six Siege، وبعضها ينجح عن طريق تقديم محتوى مهول ذو قيمة إعادة كبيرة، قد يأخذ من اللاعبين سنوات وسنوات لكي يستطيعوا اكتشاف كل شيء فيها مثل لعبة The Elder Scrolls V: Skyrim.
على الجانب الآخر، بعض الألعاب تتخلّى عن فكرة الدعم المتواصل، وتعمل على إصدار أجزاء جديدة سنوية من نفس السلسلة مثل ألعاب الرياضات والسباقات وألعاب القتال وبعض السلاسل المعروفة مثل Assassin’s Creed, Call of Duty. بعض الشركات كذلك تقوم بإصدار ألعاب جانبية من السلسلة نفسها حتّى موعد اقتراب الجزء الجديد من السلسلة مثل Persona, Zelda, Pokemon وغيرهم.
ما هي السياسة الأفضل التي يجب أن تتبّعها شركات الألعاب من أجل تحقيق أقصى استفادة للاعبين؟ خصوصًا مع تزايد أسعار الألعاب والمحتويات الإضافية والاشتراكات السنوية. نناقش تفاصيل هذا الأمر في مقال اليوم.
الإصدارات السنوية من سلاسل الألعاب … سياسة يجب أن تتغيّر
لنفهم فكرة المقال بشكل أفضل، علينا أن نعود بالزمن إلي جيل الألعاب القديم أيام أجهزة بلايستيشن 2 و إكس بوكس و Dream Cast. وقتها لم يكن ممكنًا أن يتم التعديل أو إصلاح الأخطاء في الألعاب بعد الإطلاق الرسمي، أو تقديم أي نوع من المحتوى الإضافي لتغيير اللعبة بأي شكل.
أتذكر معاناتي في الماضي مع سلسلة ألعاب Kingdom Hearts، حيث كنت أضطّر لشراء اللعبة نفسها مرتّين أو ثلاثة، حتّى أستطيع الاستمتاع بالمحتوى الإضافي الجديد والذي لا يمكن الحصول عليه إلا عن طريق شراء قرص اللعبة نفسها وإعادتها منذ البداية.
الأمور الآن أصبحت أفضل بكثير. جميع الألعاب تحصل على تحديثات مستمرة منذ يوم الإطلاق الرسمي وحتّى بعد فترة من الإطلاق تعمل الشركة المطوّرة على إصلاح جميع المشاكل التقنية في اللعبة، وإضافة محتوى جديد مثل بدلات سبايدر مان الجديدة التي تم إضافتها هذا الأسبوع لحصرية سوني بعد سنة من إطلاقها.
المشكلة أن معظم هذه التحديثات تكون في صورة باقات مدفوعة، أو شيء أسوأ من ذلك.
الإصدارات السنوية لا تستحق ثمنها
لا يمكنك أن تجد لعبة اليوم لا تحتوي على أي نوع من المحتوى الإضافي المدفوع مثل Season Pass أو Expansion Pass أو كما تحب الشركات أن تسمّيه.
حتّى تحصل على اللعبة بشكل كامل، عليك أن تدفع أكثر من مائة دولار لتحصل على النسخة الكاملة والأخيرة من اللعبة، وقد لا يكون ذلك كافيًا أيضًا، ربما تفكّر الشركة في وضع محتويات إضافية بأي شكل آخر لامتصاص نقود اللاعبين لسنين قادمة.
تأخذ بعض الشركات هذا الأمر إلى مستوى جديد، عن طريق إطلاق لعبة جديدة بعد سنة واحدة من الجزء السابق، هذه اللعبة الجديدة تستعمل نفس محرّك الرسوم وشكل شخصيات اللعبة القديمة، لكن مع تغييرات طفيفة في طريقة اللعب، وعدم إضافة أي محتوى جديد يستحق الذكر.
ألعاب مثل Call of Duty, Need for Speed, FIFA, Just Dance وحتّى ألعاب Assassin’s Creed. جميع هذه الألعاب تدّعي أنها تقدم أفكارًا وإضافات جديدة تستحق دفع ستين دولارًا سنوية، بالإضافة لمصاريف المحتوى الإضافي.
لكن الواقع هو أن اللعبة تبدو هي نفسها بدون أي اختلافات جذرية، بل أن الجزء الجديد من أي لعبة منهم يجعلني أتسائل لماذا لم يتم إضافة هذه التحسينات إلى اللعبة نفسها وينتهي الأمر؟
أقرب لعبة تخطر على بالي الآن هي Far Cry: New Dawn، تسوّق هذه اللعبة لنفسها على أنها جزء جديد من السلسلة، رغم أنها تستعمل نفس خريطة اللعبة القديمة Far Cry 5، وتستعمل نفس شخصيات اللعبة القديمة، وتعرض قصة مدتها ثماني ساعات فقط، كل هذا بسعر 40 دولارًا. هل هذا فعلا ما يجب أن نقبله في عام 2019؟
ولعبة مثل Assassin’s Creed Odyssey، رغم إعجابي بها وحصولها على تقييمات عالية، إلا أنها لا تضيف الكثير من الأشياء الجديدة إلى السلسلة. نظام قتال Nemesis رأيناه من قبل في لعبة Shadow of War، ونظام معارك السفن كان موجودًا من قبل في Assassin’ Creed Black Flag. وبالطبع هذا الأمر متوقّع، ما الجديد الذي يمكن تقدّيمه في سنة واحدة لا أكثر؟
كيف يمكن تقديم أجزاء جديدة بالشكل الصحيح؟
موجة جديدة أحبّها في ألعاب القتال هي تقدّيم محتوى إضافي مجانّي بعد إصدار اللعبة الأصلية، ولا أتكلّم هنا عن الشخصيات الجديدة في الحزم المدفوعة.
لعبة مثل Street Fighter V تقوم بتقديم العديد من الميزات والأنظمة الجديدة بشكل مجانّي تمامًا حتّى بعد أربعة سنوات من إطلاقها مثل نظام Arcade. ولعبة مثل Dragon Ball FighterZ قامت بتعديل أنظمة التحكّم وإضافة خيارات Arcade بشكل مجانّي حتّى بعد سنة من الإطلاق.هناك ألعاب أخرى تجعلك تنتظر، ثم تخرج لك بمحتوى قوي وجديد تمامًا ولن تحتاج لدفع النقود من أجله إلّا مرة واحدة. مثل إضافة Iceborne في لعبة Monster Hunter World، وإضافة Torna The Golden Country في لعبة Xenoblade Chronicles 2.مطوّر ألعاب Zelda صرّح أن الاستوديو كان يمتلك العديد من أفكار DLC من أجل لعبة Breath of the Wild، لكنه لم يقم بوضعها في اللعبة مباشرة، ولم يصدر لعبة جديدة بعد سنة واحدة من إطلاق اللعبة الأصلية، بل اختار أن ينتظر ثلاث سنوات حتّى الإعلان عن جزء جديد حقيقي للسلسلة، بدلًا من الاعتماد على نجاح اللعبة الأصلية.شركة أخرى أريد أن أتطرق إليها بالمديح هي شركة ألعاب ATLUS، والتي تعامل جميع ألعابها بطريقة مميزة للغاية، حيث أنها تعيد إصدار جميع ألعابها الرئيسية في سلسلة Persona مع محتوى إضافي جديد مثل Persona 4 Golden أو Persona 5 The Royal.
الفكرة هنا أن الشركة تنتظر كثيرًا وتقوم بتغيير جميع جوانب اللعبة وقصّتها بالكامل عن طريق إضافة شخصيات وموسيقى ونهايات وأحداث جديدة، بنفس سعر اللعبة المعتاد، مما يجعل إعادة اللعبة تجربة مختلفة تمامًا.
هذا لا يعني أن الألعاب الأصلية تحتاج إلى مثل هذه المعاملة، اللعبة الأساسية نفسها مثل Breath of the Wild أو Persona أو Monster Hunter World ألعاب ممتازة، وتستحق ثمنها بالكامل ويمكن الاستمتاع بها لفترة كبيرة بدون الحاجة لتقديم أي محتوى إضافي من أي نوع.
الشركات المسؤولة عن هذه الألعاب تعرف كيف تجعل ألعابها مشهورة وتجعل اللاعبين يتكلّمون عليها وينتظرون المزيد منها حتّى بعد الانتهاء منها بالكامل.
هناك العديد من الأفكار التي يمكن أن يتم تطبيقها لجعل اللعبة تعيش: نهايات مختلفة، مسارات متنّوعة، طريقة تخصيص جديدة للشخصية، قدرات لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق القيام باختيارات معيّنة.
هناك العديد من الأشياء التي يمكن التفكير فيها قبل البدء في تطوير جزء جديد من اللعبة. وبصراحة هذه الأمور سهلة جدًا في التطبيق، وأفضل من تطوير جزء جديد بالكامل.
الانتظار هو الحل
أنا لا أريد أجزاء جديدة من نفس اللعبة. هذا يعني أن اللعبة لم تكن ممتعة بالقدر الكافي لجعلي أتناسى رغبتي في الحصول على جزء جديد منها. أنا أريد المزيد من نفس المحتوى الجيد الذي حصلت عليه أول مرة.
هذا الأمر لن يتم إلا عن طريق الانتظار، مع تقديم لعبة كاملة بشكل حقيقي عند الإطلاق، ثم تقدّيم محتوى إضافي واحد يمكنني فعلًا أن أرى المجهود المبذول في تطويره، مثل Blood and Wine في لعبة The Witcher 3 أو Fallout New Vegas.تخيّل مثلًا أنك قمت بشراء لعبة The Witcher 3 ثلاث مرات، مرة مع كل إضافة جديدة. كان هذا هو الحال في السابق عندما كنّا نقوم بشراء نفس اللعبة مرات عديدة مثل سلسلة Kingdom Hearts و Guilty Gear. لكن هذا الأمر لم يعد مقبولًا في وقتنا الحالي.
ما تزال بعض الألعاب تستعمل هذه السياسة، مثل ألعاب FIFA و PES. لكن هناك بعض شركات الألعاب التي قرّرت الانتظار أخيرًا من أجل تقديم محتوى أفضل، مثل يوبي سوفت التي قامت بتأجيل الإصدار الجديد من لعبة أساسنز كريد، وامتنعت عن إطلاق أجزاء جديدة من Rainbow Six Siege، حتّى مع اقتراب قدوم الجيل الجديد من منصّات الألعاب حسب تصريحات الاستوديو.نلاحظ كذلك عدم إصدار لعبة Battlefield هذا العام، والتركيز على دعم اللعبة الأصلية. وبالطبع ألعاب الأونلاين دائمًا ما تستعمل هذا الأسلوب، لن تجد في أي وقت قريب لعبة Fortnite 2 أو Pubg 2 أو Overwatch 2. ولعبة مثل Destiny أثبتت أنه يمكن لمحتوى إضافي واحد أن يغيّر اللعبة بالكامل ويجذب ملايين اللاعبين إلى لعبة تكاد أن تكون منتهية.
الانتظار هو الحل، وهو المستقبل، أن يحصل اللاعبون على عدد ألعاب قليل، لكن جميعها تستحق اللعب، أفضل من أن يحصلوا على ألعاب كثيرة تتبع نفس الأسلوب بدون تقديم أي شيء جديد.
الجودة دائمًا تتفوّق على العدد، وهناك مئات الأمثلة في عالم الألعاب على هذه النقطة. أتمنّى أن أرى التركيز على الجودة بشكل أكثر توسّعًا في المستقبل، وأتمنّى أن أرى الشركات تبتعد عن التكرار وإتخاذ الطريق السهل من أجل جذب اللاعبين.
الإصدارات السنوية من سلاسل الألعاب ليست الحل، والناس لا تنسى أبدًا لعبة جيدة. إذا قام المطورّ بتقديم لعبة جيدة فعلًا، لن يحتاج إلى تطوير جزء جديد إلا في الوقت الذي يناسبه، وعندما يتأكد أن اللعبة فعلًا تستحق هذا الانتظار.