من النادر أن أقوم بتجربة جزء ثاني من سلسلة ألعاب، وأجده قد قام بعمل رائع في تطوير جميع جوانب اللعبة الأولى بدون المساس بما جعل اللعبة مميزة في الأصل.
Trails of Cold Steel 2 واحدة من تلك الألعاب التي استطاعت أن تبهرني بمدى التطوّر الملحوظ في كتابة القصة وأسلوب اللعب الذي قدّمته اللعبة الأصلية.
قمنا بتجربة اللعبة الأولى من السلسلة منذ فترة قريبة وأحببناها كثيرًا (يمكن الوصول للمراجعة الكاملة على الموقع من هنا).
تكلّمنا في المراجعة للعبة الأولى عن مدى إتساع وعمق العالم الخيالي الذي صنعته اللعبة، وكم المواضيع الجادة التي تناقشها القصّة، بالإضافة إلى تقييم الجوانب الأخرى مثل المحتوى الإضافي وأسلوب اللعب وجودة الرسوم.
تنويه مهم: حرصت في هذه المراجعة على عدم حرق أي تفاصيل بخصوص اللعبة الثانية أو الأولى. لكن هناك جزء حيوي في نظام القتال نتكلّم عنه وعن التطورّات التي حدثت بخصوصه، وهذا يُعتبر حرقًا لبعض الأحداث المهمة في نهاية اللعبة الأولى، لذلك نقوم بتحذير القارئ قبل إكمال المقال بأنه ربما يقرأ بعض التفاصيل التي يمكنها أن تفسد عليه تجربة الجزء السابق، وربما يحتاج إلى أن يتجنّب القراءة حتّى يقوم بالانتهاء من لعب الجزء الأول بالكامل.
Trails of Cold Steel 2 … تكملة مذهلة للجزء الأول
تبدأ قصة اللعبة من بعد شهر من نهاية أحداث الجزء الأول، هناك العديد من التطورّات التي حدثت في اللحظات الأخيرة، والتي تحتاج من البطل Rean إلى التدخّل وحل العديد من المشاكل الجديدة التي طرأت على حياته وحياة أصدقائه وعائلته.
هناك العديد من القوى التي تتحكّم في الأمور والأشرار الذين يعملون في الخفاء و يهددون الحياة في دولة Erbonia، وربما قارة Zemuria بالكامل.
الموضوع يبدأ في الإتسّاع شيئًا فشيئًا مع مرور الوقت لينذر بحدوث حرب شاملة يمكنها أن تجتاح جميع البلاد وتدّمر كل شيء بلا رحمة. وهذا الأمر يجبر أبطال اللعبة على اتخاذ العديد من القرارات والمشاركة في الحياة السياسية والعسكرية للبلاد بطريقتهم الخاصة.
الحياة المدرسية للأبطال والتي اعتدنا عليها في الجزء الأول انتهت تمامًا ولن تعود في هذا الجزء، الأحداث في الجزء الجديد تأخذ منحنى جديدًا أكثر سرعة في سرد الأحداث، ويبدأ في تعريف اللاعبين بفكرة اللعبة والأمور التي يحتاجون للتركيز عليها بعد فترة قصيرة من بدء اللعب.
لا تضيّع اللعبة الوقت في شرح الأحداث السابقة وتفاصيل الشخصيات مجددًا، لكن إذا تناسى اللاعبون أي شيء مهم من أحداث اللعبة السابقة يمكنهم مشاهدة بعض التفاصيل القصصية المكتوبة عن جميع الشخصيات المهمّة من خلال قائمة البداية في اللعبة.
ما يعجبني في قصة هذا الجزء -غير بدء الأمور الجادة في القصة بشكل سريع- هو طريقة تعامل القصّة مع الحروب الكبيرة، والتي تأخذ العديد من المنحنيات الغير متوقعّة، وتجعلك تشعر فعلًا أن هناك العديد من الشخصيات التي تعيش في هذا العالم وكل منها لديه هدفه الخاص وأحلامه، وأنه ليس موجودًا فقط من أجل تسيير الأمور وحسب.
العديد من الشخصيات الرئيسية والجانبية تعيد اللعبة استعمالها كذلك وتلقي الضوء عليها وعلى حياتها الشخصية بشكل تفصيلي أكثر، وتصنع لهم أدوارًا جديدة ومهمة في عالم اللعبة الواسع والديناميكي.
لا تتوقّف القصة عند هذا الحد، بل يتم إلقاء الضوء على بعض الأبطال من ألعاب سابقة في سلسلة The Legend Of Heroes، وتقوم اللعبة بدمجهم في القصة بشكل ممتاز لتجعل نطاق اللعبة أكثر إتسّاعًا، وتجعل عالم اللعبة أكثر ديناميكية.
من الواضح كذلك أن هناك المزيد من المعلومات والأسرار تنتظر اللاعبين لاكتشافها في ألعاب قادمة، ويتم إلقاء الضوء على الكثير من هذه المعلومات خلال القصّة بدون تقدّيم تفسيرات واضحة، ويبدو أنها مجرّد تحضيرات لأحداث قادمة وحروب أكثر ضراوة.
نظام اللعب يتحسّن بشكل ملحوظ عن الجزء السابق، يمكنك الآن تخصيص الأسلحة بالعديد من الوسائل بدلًا من شرائها فقط، ويمكنك تبادل الأشياء التي لا تحتاجها بأشياء أخرى بدلًا من دفع المال. يحصل الأبطال كذلك على قدرات خاصة جديدة وطريقة جديدة للعمل معًا يُطلق عليها اسم Overdrive.
أعجبني في اللعبة أنك تحصل على القدرات الجديدة S-Craft عن طريقة إتمام القصص والاختبارات النفسية المتعلّقة بكل شخصية أثناء اللعب.
البطل Rean كذلك يتمكّن من السيطرة على قواه الخارقة بشكل أفضل ويتم دمج هذا الأمر في نظام اللعب لكي يتمكّن من فتح قدراته الخاصة خلال جميع المعارك. الجندي الآلي Valimar يصبح جزئًا لا يتجزأ من قتالات اللعبة، ويصبح عاملًا مهمًا في تحديد طريقة سير الحرب وموازين القوى داخل القصة من خلال معارك خاصة يتم فيها القتال باستعمال الروبوتات الآلية فقط.
يعني يمكنك اعتبار أن اللعبة تحتوي على نظامين مختلفين من أنظمة القتال في نفس الوقت.
لا تغفل اللعبة عن التركيز على المهام الجانبية، وهي كثيرة وتضيف عمقًا لبعض تفاصيل الشخصيات والعالم تمامًا مثل الجزء الأول.
التنقّل في عالم اللعبة أصبح أسهل ويمكن استعمال العديد من وسائل التنقّل والذهاب إلى جميع المناطق التي تريدها على الخريطة بعد نقطة معيّنة من القصة، على عكس الجزء الأول الذي لم يكن بإمكانك فيه العودة للمناطق القديمة مرة أخرى بعد الانتهاء منها. هذا يتيح الفرصة للنظر إلى الأمور السياسية والطبيعة الجغرافية بشكل أوسع قليلًا وتنفيذ خطط استراتيجية وحربية بناء على ذلك.
تضيف اللعبة بعض الاختبارات الجانبية مثل مكان التدريب Old School House، وهي مثل الجزء الأول أماكن سريّة تقوم فيها بالعديد من القتالات لتحصل على قوة إضافية، ويبدو أنها تحمل أسرارًا كبيرة مرتبطة بتاريخ اللعبة الأصلى الذي كان يحدث في العصور السحيقة قبل أحداث اللعبة الحالية.
لعبة الورق Blade تحصل على تحديث وهناك أوراق جديدة تم إضافتها لجعل اللعبة أكثر متعة، وهناك لعبة جانبية بجانب سباقات الدراجات وهي رياضة التزحلق على الجليد، اللعبة ممتعة للغاية تمامًا مثلما جرّبناها في عالم Frozen في لعبة Kingdom Hearts III.
جميع الإضافات التقنيّة في الجزء السابق لا تزال موجودة، خصوصًا نظام Turbo Mode والذي يعمل على تسريع اللعب بصورة كبيرة، بالإضافة إلى نظام Weaken Enemies الذي يعمل على تسهيل المعارك وإتاحة الفرصة لهزيمتها بدون مجهود.
التغيير الذي يمكن ملاحظته في الإعدادت هو إمكانية مزامنة الأصوات مع الكلام المكتوب حتّى لا تسبق الأصوات الكلام أو تتداخل مع بعضها البعض.
اللعبة تحتوي على جميع إضافات DLC السابقة التي صدرت للعبة حتّى الآن، والتي يمكن الوصول إليها منذ بدء اللعبة، أضف إلى ذلك إمكانية نقل عملك في اللعبة السابقة من خلال خاصية نقل Clear Data، والتي تعطيك جوائز مختلفة على اتمامك للعبة السابقة، وهناك بعض الشخصيات التي تتذكّرك وتتغيّر طريقة حوارها معك بناء على تفاعلك معها في اللعبة السابقة.
على الجانب الآخر، شكل الرسوم لا يزال كما هو بدون أي تغيير، شخصيات اللعبة تحصل على رسوم جديدة في قائمة الإعدادات، وملابس جديدة كذلك، وجميع الضربات المميزة مثل S-Craft تحصل على مقاطع سينيمائية جديدة لكن غير ذلك لا يوجد ما يمكن قوله بخصوص شكل الرسوم.
هذا لا يعني أن الرسوم سيئة، بل هي أفضل من ألعاب كثيرة كانت موجودة وقت إطلاق هذه اللعبة على المنصّات القديمة، كما أنها مناسبة جدًا لإيصال الفكرة.
جميع تصاميم الشخصيات رغم ضعف جودتها مميزة للغاية، وإذا نظرت إليها أعرف على الفور أنها رسوم خاصة بسلسلة The Legend of Heroes، وهذا مهم جدًا في نظري لأنه يعمل على ربط اللاعبين بالفكرة أكثر وأكثر، وخصوصًا أنها سلسلة تعتمد على كتابة الشخصيات وتفاصيل حياتها في المقام الأول قبل أي شيء.
اللعبة تستعمل العديد من الأماكن القديمة مجددًا في الجزء الأول ولا تتاح لك الفرصة لرؤية أماكن جديدة أو مختلفة إلا بعد الانتهاء من الفصل الأول من القصة، وهذا الأمر يستغرق بعض الوقت لإتمامه مما جعلني أفتقد السحر الذي يأتي مع اكتشاف أماكن جديدة خلال تجربتي لألعاب RPG اليابانية، وهي أحد الأسباب الرئيسية لحبّي لهذا النوع من الألعاب، لكن يمكن الوصول إلى مناطق جديدة داخل هذه الأماكن القديمة لم يقم الأبطال بزيارتها من قبل، والأماكن التي لم يزورها بطل اللعبة مع أصدقائه خلال رحلات الجزء الأول وسمعنا عنها فقط بدون رؤيتها فعليًا نقوم بزيارتها لأول مرة خلال هذه اللعبة.
بالطبع لا ننسى دور الموسيقى المهم في إضافة الإحساس والإثارة لجميع المشاهد القصصية والجانبية المهمّة، وهذا أمر معروف في جميع ألعاب Nihon Falcom كما ذكرت في مراجعتي السابقة.
الأداء الصوتي للشخصيات والموسيقى المستّعملة في اللعبة ممتعة للغاية ولم أمّل منها حتّى بعض قضاء 30 ساعة في اللعبة. يمكن سماع أحد المقاطع التي أعجبتني في اللعبة من خلال قناة اللعبة الرئيسية على اليوتيوب.
يتبقّى هنا السؤال المهم، هل هناك حاجة للعب الأجزاء القديمة من السلسلة من أجل الاستمتاع بهذه اللعبة؟ ألعاب قديمة مثل سلسلة Trails in the Sky لها دور مهم في بناء تفاصيل العالم الحالي، لكن بعد تجربة جميع ألعاب السلسلة، يمكنني أن أقول أن اللاعبين لا يحتاجون لتجربة الألعاب السابقة في سلسلة The Legend of Heroes، ويمكنهم البدء من Trails of Cold Steel فقط.
اللعبة تساعد اللاعبين كثيرًا على الإلمام بجميع التفاصيل السابقة والمهمّة التي قامت بسردها الألعاب القديمة، بل أنها تلقي الضوء على العديد من الشخصيات القديمة وتوظفهم في أدوار جديدة أكثر أهمية وأكثر تفاعلًا مع أحداث القصة الحالية.
وجدت أيضًا أنه يمكن للاعبين تجربة الجزئين الأول والثاني كقصة منفردة قائمة بذاتها والاستمتاع بها بدون الحاجة لانتظار الجزء الثالث والرابع من سلسلة Cold Steel. لكن بالطبع اللاعبين الذين ينوون إكمال السلسلة سيجدون في انتظارهم العديد من المفاجآت والتطورّات بخصوص العديد من الشخصيات المحبوبة في الجزئين الأول والثاني.
إعادة اللعبة كذلك لا يخلو من المتعة، حيث أنك تحصل على أوقات ونقاط إضافية لجعلك تمضي المزيد مع الوقت مع باقي الشخصيات التي لم تستطيع الحديث معها في المرة الأولى، بالإضافة إلى إمكانية فتح بعض المشاهد القصصية الجديدة التي تعطي لمحة مهمة عن مستقبل الأحداث في الجزء الثالث من اللعبة.
Trails of Cold Steel 2 تحسّن من الجزء الأول بشكل كبير في جميع الجوانب عدا جانب الرسوم، وتضيف عمقًا غير مسبوق إلى القصة الأصلية، وتبتعد عن جميع الأمور المكررّة في جميع ألعاب RPG الأخرى، وتقدّم العديد من المفاجآت والتطورّات غير المتوقّعة، والتي تبدو منطقية وممتعة بسبب عالم اللعبة الواسع والذي يمكن استغلاله بالعديد من الطرق لخلق أحداث مترابطة ومتشّعبة بشكل كبير، والتي تفتح الأمور للعديد من الأحداث المثيرة القادمة.
إذا كنت تنوي البدء ومتابعة ألعاب سلسلة Trails of Cold Steel، فيمكنني التأكيد بأنك لن تندم ولن تقوم بتضييع وقتك، اللعبة توازي في حجم القصة بعض أضخم المسلسلات المشهورة، وتتفوق في طريقة سرد القصة على العديد من الألعاب الموجودة حاليًا، خاصة ألعاب RPG اليابانية.
Review overview
الإيجابيات
- تحسّن في كتابة القصة وإتسّاعها بشكل كبير
- توظيف أبطال الألعاب السابقين بشكل جديد
- إضافات جديدة في نظام القتال
- موسيقى متميزة ومناسبة لجميع الأحداث
- المهمات الجانبية تساوي المهمات الرئيسية في العمق والجودة
- جميع الخصائص المساعدة مثل Turbo Mode لا تزال موجودة
- يمكن إعادة اللعبة واكتشاف المزيد عن الشخصيات وفتح مشاهد جديدة
السلبيات
- مستوى الرسوم لم يتحسّن عن السابق
- الأحداث مرتبطة باللعبة السابقة بشكل كبير ولا يمكن تجربتها بشكل منفرد
الملخص
8.5Trails of Cold Steel 2 تحسّن من الجزء الأول بشكل كبير في جميع الجوانب عدا جانب الرسوم، وتضيف عمقًا غير مسبوق إلى القصة الأصلية، وتبتعد عن جميع الأمور المكررّة في جميع ألعاب RPG الأخرى، وتقدّم العديد من المفاجآت والتطورّات غير المتوقّعة، والتي تبدو منطقية وممتعة بسبب عالم اللعبة الواسع والذي يمكن استغلاله بالعديد من الطرق لخلق أحداث مترابطة ومتشّعبة بشكل كبير، والتي تفتح الأمور للعديد من الأحداث المثيرة القادمة.