في بعض الأحيان، يتجه اللاعب إلى تجاهل بعض الأشياء التي قد لا تعجبه لأنه وجد بعض التفاصيل الأخرى الجذّابة والتي تستحق اللعب. Pathologic 2 هي واحدة من هذه الألعاب والتي جعلتني أتجاهل كل شيء تقريبًا من أجل القصة فقط، والتي أعتبرها من أغرب قصص الألعاب التي رأيتها حتّى الآن.
Pathologic 2 لعبة استطاعت أن تحصل على عدد كبير من المعجبين رغم المشاكل التقنية وأسلوب التقدّيم الغريب، والتي بدوره ساعد في دعم اللعبة ماليًا من الجماهير لكي تعود إلى الحياة مجددًا بشكل جديد، وهذا أثار فضولي وجعلني أرغب في معرفة ما الذي جعل هذه اللعبة مميّزة لهذه الدرجة.
ربما يتساءل القارئ عن سبب وجود كلمة Part 1 في عنوان المقال، وهذا يعود إلى أن هذه اللعبة هى إعادة إنتاج من لعبة Pathologic الأصلية، والتي كان يمكن فيها تجربة اللعب بثلاثة شخصيات مختلفة لكل واحد منها قصته وأسلوب لعبه المميز. أما في الإنتاج الحديث من اللعبة، يمكنك اللعب بكل شخصية بشكل منفرد في لعبته الخاصة.
هذه اللعبة تحكي عن شخصية Haruspex، الجرّاح الذي يذهب إلى مدينة غريبة بحثًا عن علاج للطاعون الذي أصاب المديّنة، والذي يعمل على تدميرها شيئًا فشيئًا مع الوقت، بالإضافة إلى الحديث مع سكان المدينة ومساعدتهم وكشف الأسرار الغامضة التي تحدث وراء الكواليس.
اللعبة متوفرة على بلاي ستيشن 4 وإكس بوكس ون (تمت تجربتها) والحاسب.
Pathologic 2 – Part 1 …
رحلة الجراح الغامضة مليئة بالمشاكل التقنية
Pathologic 2 لعبة غريبة للغاية، يمكنها أن تجعلك تتبادل المخدّرات مع الأطفال، وتشارك في أنشطة بعض المنظمّات السريّة الغريبة. القصة غريبة وغير منطقية في أغلب الأحيان، ويمكنها أن تجعلك تنوي ترك اللعبة بالكامل.
على الجانب المشرق، يمكنك أن تتجاهل بعض أجزاء القصة التي قد لا تعجبك، وهذا يعود إلى طبيعة اللعبة التي تسير بشكل أوتوماتيكي مهما كانت أفعالك.
أنت تمتلك إثنا عشر يومًا فقط لتنفيذ مهمتك وعلاج مرض الطاعون، لكن كل ساعة تقضيها في اللعبة توازي 5 دقائق في عالم الحقيقي، يعني إذا حسبناها مرة اللعب الواحدة يمكنها أن تستغرق أربعة وعشرون ساعة.
يتم إلقاء شخصية اللعبة في عالم مفتوح بعد فترة قليلة من بدء اللعبة، وعلى عكس ألعاب العالم المفتوح التي توضّح لك أماكن المهمات الرئيسية والجانبية على الخريطة، هنا أنت فعلًا لا تعرف ماذا يجب أن تفعل وإلى أين يجب عليك أن تذهب. لكن شكل المديّنة الغريبة وطريقة سير الناس والكلام الذين يقولونه وغيرها من التفاصيل الأخرى في عالم اللعبة يمكنها أن تشحن رغبة الفضول عندك بدون الحاجة إلى معرفة المزيد عن أي شيء.
معظم سكان المدينة يبدو شكلهم محزنًا وعند الحديث معهم تجد وجههم ملاصقًا لك في شاشة اللعب، ويمكن لتعابير وجههم أن تتغيّر مع طريقة سير الحوار بينك وبينهم. يمكنك الاختيار من بين أساليب حوار متعددّة خلال الكلام مع كل شخصية، والقيام بهذا الأمر يتيح لك فتح قصص ومهمات جديدة، والحصول على بعض العناصر المفيدة مثل الأسلحة والمعدّات وغيرها.
عالم اللعبة ديناميكي للغاية ويتغّير بشكل مستمر مع التقدّم في الأيام ونتائج الاختيارات التي تقوم بها، ويتم دعم هذه الفكرة بشكل رائع عن طريق الإخراج الفنّى، والذي يتضح في شكل المدينة والتي حصلت على تطوّر رهيب في النسخة الجديدة المحسّنة من اللعبة.
يمكنك أن تلاحظ تحوّل المدينة شيئًا فشيئًا من مدينة مفعمة بالحياة إلى مدينة خالية تقريبًا من السكان بسبب المرض. ويمكن لسكان المدينة أن يفقدوا الثقة فيك كطبيب إذا قمت ببعض الأفعال السيئة مثل السرقة أو القتل، ويبدؤون في إظهار مواقف عدائية تجاهك مثل منعك من دخول منازلهم أو الهجوم عليك أثناء سيرك في طرقات المدينة.
يمكنك أن تتجاهل بعض المهمات التي لا تستطيع إتمامها بسبب وجود معارك أو قلّة الموارد، ويمكنك أن تنام كذلك لتجعل الوقت يتقدّم وتنهي اليوم سريعًا، والقصة تستمر رغمًا عن ذلك وتجد بعض الحوارات قد تغيرّت تمامًا أو أخذت مسارًا آخر بشكل خارج عن إرادتك.
وفي الحقيقة تجاهل الجانب القتالي في اللعبة هو ما قمت بفعله معظم الوقت بسبب نظام القتال السيء وغير المتوقّع، وصعوبة الحركة في اللعبة والتي جعلتني في أحيان كثيرة أموت بضربة واحدة أو ضربتين لا أكثر.
النقطة الثانية التي أزعجتني هي فكرة الترحال في المدينة، وهو شيء تقوم به بصفة دورية لأنها لعبة قصصية تعتمد على الحوارات والتنقّل بين الأفراد وجلب ما يطلبون منك.
السير مسافات طويلة ليس شيئًا ممتعًا في هذه اللعبة بسبب ضخامة حجم الطرقات وبطء سرعة مشيك وعنصر الطاقة Stamina الذي ينتهي سريعًا كلما جريت.
هناك خاصية التنقّل السريع في اللعبة لكنها ليست جيدة تمامًا ولا تنقلك إلى أي مكان تريده بالشكل الدقيق، وتكلّفك كذلك عقلة إصبع (واحدة من العملات المستخدمة في اللعبة).
الحركة في اللعبة تزداد مرارة كذلك بسبب ضعف معدّل الإطارات على أجهزة الحاسب، والذي يجعلك تتوقّف كل ثانية تقريبًا بشكل متكرّر. يمكن للعبة بعد فترة من اللعب أن تغلق تمامًا كذلك بدون سبب واضح.
طاقة السير ليست الشيء الوحيد الذي يجب إدارته في اللعبة حيث أن هناك بعض العوامل الأخرى مثل الجوع والعطش والتعب والمناعة وغيرها والتي عليك أن تحافظ عليها كلها في مستوى جيد عن طريق تبادل العناصر مع الأفراد وربما سرقتهم أو قتلهم في بعض الأحيان، البقاء على قيد الحياة يستلزم بعض هذه التضحيات المروّعة، ومع الوقت نسيت مهمتي الأصلية أنني جئت لإنقاذ هؤلاء السكان (سخرية القدر).
حاولت ترك المشاكل التقنيّة جانبًا لأركز على القصة، والتي لا تقّل غرابة عن باقي اللعبة. هناك شخصيات تتحول إلى كائنات سوداء، وكائنات سوداء تلبس أقنعة حيوانات وبعض الناس الذين يعبدون هذه الحيوانات. يمكنك أن تتبادل العديد من الأشياء الغريبة مع شخصيات أغرب مثل تبادل قلبك مع قلب شخص آخر، والحصول على رصاص أسلحتك من فتيات صغيرات، والحصول على معدّات طبية من رجل سكير يمشي في الشارع.
هناك فرق في الأحداث التي تجري خلال النهار والليل. وهناك بعض المناطق التي لا تفتح إلا بعد وقت معيّن. عن طريق التفكير في الموارد المتاحة لك وقياس نسبة المخاطر والمكاسب. يبدأ بطل اللعبة في التساؤل عن ما إذا كان الدفاع عن النفس تبريرًا جيدًا لقتل الناس ودراسة أعضائهم من أجل إيجاد حل للمشكلة.
لا يوجد هناك شكل أو ترتيب واضح للجمل الحوارية في هذه اللعبة، والتي لا تحتوي على أي أداء صوتي من أي نوع. هناك العديد من الشخصيات التي تسئلك أسئلة غريبة تختبر فكرك وصحة عقلك وقدرتك على إتخاذ القرارات الأخلاقية. هناك أصوات غريبة تضحك عليك في الخلفية معظم الوقت كذلك.
معظم كلام الناس مبهم ويجب عليك تحليله عدّة مرات وفهمه بأشكال مختلفة حتّى تستطيع الرد بالشكل الصحيح، ولا يمكن توقّع نتيجة الرد الذي تختاره في أي وقت. ربما يكون كل هذا حلم، أو ربما يكون كل هذا إسقاط على حالة البشرية الموجودة حاليًا. هناك عروض مسرحية غريبة تدور وبعض الكلام المطروح يبدو موجهًا إلى اللاعب نفسه وليس شخصية Haruspex.
اللعبة تثير فضولك بسبب تفاصيل المدينة الغريبة وغرابة كلام الشخصيات، وتدفعك لمعرفة المزيد والمزيد عن حالة هذه المدينة الغريبة، والتي لم أرى مثلها حتّى في أكثر الأفلام عمقًا وغرابة. لكن المشاكل التقنية كثيرة ويصعب تجاهلها، وبعض عناصر اللعب غير الممتعة ربما تمثّل عائقًا وراء اكتشاف السر وراء غرابة اللعبة، لكن إذا كنت تبحث عن قصة جديدة تختبر ذكائك ودقة ملاحظتك للأمور، فربما تكون هذه اللعبة من أجلك.
كلمة أخيرة
إذا كنت تعتقد أن اللعبة ستقدم تجربة رعب مشابهة لبعض ألعاب الرعب المعروفة أو أنها تقدم عالماً مفتوحاً يمكن القيام فيه بكل ما تريد بدون قيود أو حدود زمنية فهذه اللعبة ليست لك.
على الجانب الآخر، إذا كنت مستعداً لتجربة مختلفة وغريبة، ومعرفة كيف يمكن أن تقدم الألعاب أسلوبها الفني الخاص مثل الأفلام،حينها Pathologic 2 قد تستحق وقتك.
أحب التنويه أن أي شخص عانى أو يعاني بعض الاضطرابات النفسية أو من مشاعر القلق والاكتئاب ربما لا يجب أن يلعب هذه اللعبة إطلاقاً، بسبب الجو المخيف العام والمرعب، وطريقة الحوارات التي يمكنها أن تضع اللاعبين في حيرة أو مشاكل نفسية بسبب الاختيارات الأخلاقية المصيرية التي يمكن أن تجبر اللعبة اللاعب على اختيارها.
Review overview
الإيجابيات
- عالم مفتوح ديناميكي وتفاعلي
- الاختيار من بين أساليب لعب مختلفة
- حوارات غامضة تحتاج إلى تعمّق وتحليل
- القصة تسير وتتغير حسب اختياراتك
- رسوم محسنّة بشكل كبير عن اللعبة الأصلية
السلبيات
- مشاكل تقنية كثيرة
- السير والقتال في هذه اللعبة ليسا ممتعين
- القصة يصعب فهمها حتّى بعد الانتهاء منها
الملخص
7Pathologic 2 - Part 1 تعيد إنتاج الثلث الأول من لعبة البقاء على القيد الحياة الكلاسيكية، وتقدّم عالمًا مفتوحًا يمكنك فيه نسخ قصتّك الخاصة، وإجراء العديد من الحوارات الغامضة وإتخاذ بعض الخيارات المصيرية من أجل تحقيق هدفك وعلاج الطاعون الذي يدّمر المدينة.