لعبة Total War: Three Kingdoms هل قدمت أي جديد على صيغة الألعاب الاستراتيجية الحربية، دعونا نعرف الإجابة في هذه المراجعة.
تاريخ الصين مليء بمواقف الحب والحرب والمآسي والخلافات السياسية والصراعات المثيرة التي تهدف إلى توحيد الصين تحت راية ملك واحد.
أنا مهتم كثيرًا بهذا التاريخ وقرأت عنه وعن الاستراتيجيات العسكرية المختلفة التي كانت تتبّعها الجيوش الصينية في تلك الحقبة التاريخية من خلال كتاب الجنرال الصيني الخبير سون تزو.
يقول سون تزو في كتابه فن الحرب: “الجنرال المنتصر في المعركة هو من يقوم بحسابات كثيرة قبل بدء المعركة. أما الخاسر هو من لا يقوم إلا بالقليل من الحسابات المسبقة.”
هذه الجملة تلّخص تجربتي ومدى انبهاري بلعبة Total War: Three Kingdoms .. الحرب في هذه اللعبة لا تعتمد على المهارة الإستراتيجية فقط، بل تعتمد كذلك على الاستعداد الجيد لجميع المواقف قبل وحتّى بعد الفوز في أي معركة.
اللعبة ترّكز على بعض الأمور التي تتجاهلها الألعاب الإستراتيجية الأخرى، والتي تهدف إلى الفوز في المعارك القتالية فقط. تتناول اللعبة بعض الموضوعات الأخرى الهامة مثل الدبلوماسية والتجارة وعقد الصفقات والعلاقات العسكرية بين قادة الجيوش، ورفع الروح المعنوية للجنود، وغيرها من الأمور التي توضّح أن اللعبة لا تهدف إلى جعلك تفوز وحسب، بل تريد أن تجعلك فعلًا تشعر كأنك تقود الصين بأكملها إلى مستقبل جديد في جميع المجالات بصفتك الحاكم الأوحد للبلاد.
Total War: Three Kingdoms متوفرّة الآن لأجهزة الحاسب على منصّة ألعاب Steam.
Total War: Three Kingdoms …
الحروب الاستراتيجية التاريخية كما يجب أن تكون
تختار لعبة Total War: Three Kingdoms عصرًا مثيرًا للإهتمام في تاريخ الصين وهو عصر الممالك الثلاث، وهي ملحمة تاريخية محورية أصبحت بعد ذلك موضوعًا للعديد من الكتب والأفلام وألعاب الفيديو.
وربما يتعرّف بعض محبين الألعاب الإستراتيجية على بعض الشخصيات الرئيسية التي تتكرر كثيرًا في هذا النوع من الألعاب مثل Lu Bu و Zhao Yun وغيرهم من القادة العسكريين الذين كتبوا اسمهم في صفحات التاريخ.
طور اللعب الرئيسي الذي سيمضي فيه اللاعب معظم الوقت هو طور القصة Campaign، حيث يمكنك أن تختار أي واحد من شخصيات تاريخية عديدة، وتعمل على تحقيق هدف كل واحد منهم بأن يصبح إمبراطوراً. كل أمير حرب لديه صعوبة خاصة مرتبطة بنظام القصة الخاص به، تتراوح من السهل إلى الصعب للغاية.
كل أمير لديه أسلوبه الخاص في قيادة الجيوش وتحقيق النصر يختلف عن الشخصيات الأخرى، وهذا الأمر يجبرك على تجربة اللعب بشخصيات متعددة والتعرّف على رؤيتهم لفكرة القيادة وأخذ لمحة عن أساليب اللعب الكثيرة المتاحة لك.
شخصية مثل Cao Cao على سبيل المثال لا تحب القتال كثيرًا، وتفضّل إتبّاع نهجًا دبلوماسيًا أكثر معظم الوقت، هو يحب أن يلعب بأعدائه مثل الدمى، ويستفيد من جميع الأمور المتاحة أمامه حتّى لو كان الفساد المتفشّي في الدولة ليظهر بمظهر البطل.
أما شخصية مثل Yuan Shu تحب المخاطرة وأخذ القرارات الجريئة التي يصاحبها دائمًا مزايا عديدة، ومخاطر كبيرة توازي حجم هذه المزايا. وبجانب الصعوبات المختلفة، كل قائد حرب لديه سيناريوهاته الخاصة والأحداث التي تدخل حيز التنفيذ خلال حملته لتوحيد الصين.
غالبية الأمور الجانبية التي يمكنك عملها خارج المعركة يمكن الوصول إليها من خريطة العالم. يمكنك الإطلاع على المناطق التي تسيطر عليها جيوشك، والتحكّم في جميع تحركاتك.
كل المعلومات والجيوش وعلاقاتك مع المناطق المختلفة يُرمز لها بالألوان: الأخضر يمثل حالة الود، والأصفر يمثل المناطق المحايدة، ودرجات اللون الأحمر تمثّل مناطق مختلفة من الصراعات. وتتغيّر هذه الألوان بناءً على الصفقات والمفاوضات والمعارك التي تحدث.
يمكنك أن تقترح عروض السلام أو التجارة أو الحرب في دورك، ويمكن لأمراء الحرب والجنرالات الآخرين تقديم عروضهم أيضًا خلال دورهم.
قد يتم رفض الصفقة في أي وقت، وهناك مجال للتفاوض كذلك، يمكن أن تكون الصفقات بخصوص أي شيء مثل مدفوعات الطعام والمال وفتح طرق التجارة وترتيب الزيجات وأكثر من ذلك.
بعد الاهتمام بالعلاقات الخارجية وتجهيز مسارات الجيوش، عليك أن تركز على الأمور الداخلية، مثل زيادة عدد سكانك وتوسيع إمبراطوريتك.
ستحتاج إلى الحصول على المزيد من الأراضي ومواد البناء، وعليك أن تقوم ببناء هياكل مباني جديدة وتعمل على رفع مستواها وصيانتها من خلال إنفاق الذهب الي تحصل عليه من خلال المعارك والصفقات.
كما ذكرت من قبل، أنت لا تهدف إلى الفوز في المعارك وحسب، بل أنت المسؤول الكامل عن الإمبراطورية التي تحارب وتذرف الدماء من أجلها.
المباني التي تعمل عليها لها تأثيرات مختلفة، مثلًا المزارع تساعد في إنتاج الغذاء، والهياكل العسكرية تساعد في زيادة القوة العسكرية وفرض النظام العام وتحسين الدخل من الضرائب. عدم الاهتمام بهذه الأمور يمكن أن يضعك في موقف سيء للغاية ويقضي تمامًا على مسيرتك في طور القصة.
يمكن أن يتضوّر المواطنون جوعًا ويتركون الإمبراطورية ويثورون ضدك، وساعتها لن تستطيع إرسال الدعم إلى جيوشك ولن تستطيع عقد صفقات لتقوية مملكتك مثل السابق.
الآن حان الوقت لنتكلّم عن نظام المعارك وهو الجزء الأهم في اللعبة، لكن قبل الوصول إلى القتال الفعلي، ستحتاج إلى التأكد من أن جيوشك جاهزة للتعامل مع المعركة.
يمكنك تجنيد عناصر الجنود الإضافية لزيادة قوة جيشك. لكن الجنود عند ضمها إليك تبدأ بمؤشرات ضعيفة ويجب عليك تدريبها لتصل إلى قوتها الكاملة، وهذه في الحقيقة نقطة واقعية جيدة لأنه لا يمكن أن تتوقّع أن يكون جميع الجنود جاهزين للقتال وإتباع الخطط بشكل جاهز وبدون أي تدريبات.
أنواع الجنود التي يمكن ضمها لصفوفك تختلف باختلاف شخصية القائد الذي تستعمله. يمكنك دعوة وحدات مثل المبارزين، ورماة الرماح، ورماة الأسهم، وراكبون الخيل، وحاملو الدروع، وغيرهم من العناصر الأخرى التي تخدم طريقة تفكير وقتال الجنرالات التي تستعملها. يمكن تخصيص هؤلاء الجنود وتطوير سلاحهم وعدّتهم بطرق مختلفة كذلك.
تبدأ المعارك نفسها بمرحلة استعداد حيث تقرر أين تريد أن تبدأ كل مجموعة من الوحدات، وبمجرد أن تصبح جاهزًا، يحين الوقت لبدء المعركة.
من المهم اكتشاف تكوين قوات العدو وتشكيلاتها بسرعة لأن هذا سيساعد على التخطيط لتحرّكاتك. ستحتاج إلى إحراق أي مباني تجدها أمامك، وتقضي علي رماة الأسهم لمنعهم من رمي الأسهم على قواتك، مع محاولة الحفاظ على خسائرك قليلة بالطبع، لأن أي وحدات تخسرها تختفي تمامًا حتّى تقوم بتجنيد المزيد.
يمكنك أن تقوم بتغيير الأوامر حسب سير المعركة، وإرسال قوات الدعم للمجموعات التي تحتاج إلى المساعدة، ويمكنك مطاردة الأعداء المنسحبين، أو بدء الإنسحاب التكتيكي إذا شاهدت وصول تعزيزات العدو.
أمراء الحرب والجنرالات عنصر بالغ الأهمية في تحقيق الفوز. تحتوي اللعبة على وضع لعب يُطلق عليه اسم Romance، وهو يختلف عن النظام المعتاد في إضافة قدرات خاصة قوية لهؤلاء الأمراء، مثل جعلهم يقومون بهجمات كاسرة تستطيع القضاء على عشرات الأعداء بضربة واحدة، ويقوم البعض الآخر بزيادة الروح المعنوية لقواتهم ومنهم بعض الخصائص الإضافية مثل تقليل الضرر وزيادة التحمل.
يقول سون تزو أن سر نحاج الحرب يكمن في الملوك والقادة. “من بين الملكين يتبع القانون الأخلاقي؟ من بين القائدين يتمتع بالأهلية و القابلية؟ مع من تكمن أفضلية وفوائد السماء و الأرض؟ أي جانب لديه الانضباط مفروض بصرامة و قوة؟ أي جيش أقوى؟ أي جانب لديه رجال و ضباط مدرّبون بشكل أكبر؟ أي جيش فيه ثبات أكبر من ناحية المكافئات و العقاب؟ بواسطة هذه الاعتبارات السبعة, يمكنني أن أتنبأ بالربح أو بالخسارة”.
وهذا يلّخص جميع جوانب الاستراتيجية التي تكلّمنا عنها في اللعبة والتي يمكن أن نقول أنها تتبع الخبرة الصينية بحذافيرها.
الجديد في لعبة Total War: Three Kingdoms
ربما تكون جميع العناصر التي ذكرتها معروفة لمحبي السلسلة الأصليين، لكن هناك العديد من الإضافات الجديدة في Total War: Three Kingdoms والتي ستهّم اللاعبين القدامى معرفتها، مثل بدء استعمال الجواسيس وكيف يمكن لهم قلب نظام الدولة التي تبنيها، والانسحاب التكتيكي الذي تطرّقت إليه من قبل، والمبارزات الشخصية التي يمكن فيها لقائد الجيش أن يحارب جنرال العدو في معركة كاسرة منفردة.
يمكن كذلك زيادة أعداد الجيوش من خاصية Extreme Unit Size حتّى يحتوي الفيلق الواحد على 240 جندي مشاة، و60 جندي راكب.
لكن وجود هذا العدد الكبير من الجنود في نفس الوقت يمكنه أن يضعف من أداء اللعبة حتّى مع وجود بطاقات رسومية قوية في جهاز الحاسب. أما بدون استعمال هذه الخاصية، جميع المعارك في اللعبة تبدو مهولة وواسعة النطاق، ومن البديع رؤية هذه الأعداء الكبيرة من الجنود تسير وتقاتل بدون تباطؤ في قوة الرسوم وسرعة اللعبة.
من الأشياء التي أعجبتني في Total War: Three Kingdoms كذلك هو إمكانية إلقاء نظرة تقريبية على جميع جوانب المعركة، بدون حبسي في نظام كاميرا ثابت، ويمكنك أن ترى قائد الجيش يسير أمام جيشه ليقوم بتشجيعهم وتوجيههم نجو النصر.
جميع الأصوات واضحة، وجميع الرسوم والمناظر واضحة أينما تذهب على السهول أو بين الأشجار أو خلال الكثبان الرملية في الصحاري. المعارك في هذه اللعبة واشتباك الأسلحة أكثر جاذبية من أي لعبة استراتيجية أخرى رأيتها حتّى الآن.
علاقات الشخصيات بين بعضها البعض شيء مهم، والرضا الكامل للجنرال وإبقائه سعيدًا لا مفر منه، ولديه تأثير قوي على مدى طاعة هذا الجنرال لك، ومستوى أدائه على أرض المعركة.
هناك بعض الجنرالات التي لا يمكن وضعها معًا في نفس الجيش بسبب خلافاتهم الفكرية، والذي يؤثر بالسلب على مزاجهم إذا ما تم وضعهم معًا في نفس المكان.
بجانب نظام القصّة، هناك بعض الأنظمة الأخرى في اللعبة مثل نظام Historical، والذي يتيح لك لعب بعض المعارك التاريخية في حقبة الممالك الثلاث، ونظام Custom الذي يتيح لك تصميم معركتك الخاصة وتحديد الميزانية وأعداد الجنود والجنرالات كما تريد. وهذا النظام أعجبني كثيرًا لأنه يمكن التدريب فيه بدون أي عواقب تُذكر على تقدّمي في القصة الأصلية.
كلمة أخيرة
Total War: Three Kingdoms ليست سهلة، وليست مناسبة للباحثين عن تجربة ممتعة يمكن فيها القيام بأخطاء بدون تحمّل العواقب.
كمية الأشياء التى يحتاج اللاعب إلى القيام بها ربما تكون كثيرة بالنسبة لبعض الناس، هناك العديد من أساليب اللعب المختلفة، وربما يحتاج اللاعب إلى تجربة شخصيات عديدة والخسارة في عدد من المعارك قبل معرفة سير الأمور وكيفية تحقيق النصر.
لكن على الجانب الآخر، اللعبة تقوم بمجهود رائع في جعل كل شيء مفهوم ويسهل الوصول إليه، اللعب يصبح ممتعًا وإدارة الأمور تستغرق وقتًا أقل بعد أن تعرف ما الذي يجب أن تفعله.
وحتّى لو لم تنجح تمامًا في عمل كل شيء بصورة صحيحة، ستجد نفسك بدون وعي قد تعلّمت الكثير عن مختلف الأمور التي قد يحتاج إلى معرفتها قائد الجيوش، وستتعلّم عن طريقة تفكير الناس في هذه الحقبة التاريخية، وستشعر فعلًا أنك كنت تعيش معهم في هذه الأوقات العصيبة والمصيرية.
Review overview
الإيجابيات
- عمق في تقدّيم الخطط الاستراتيجية
- إمكانية إدارة المملكة والموارد والعلاقات الدبلوماسية
- جميع تفاصيل اللعبة تبدو ممتازة وواضحة
- العديد من الإضافات الجديدة
- سيناريوهات خاصة لكل شخصية تجعل تغيير الشخصيات وإعادة القصة شيئًا ممتعًا
السلبيات
- الأخطاء في اللعب لديها عواقب وخيمة
- الكثير من الأشياء التي يجب الإهتمام بها في نفس الوقت
- أوقات التحميل يمكن أن تصبح طويلة ومثيرة للضجر في بعض الأحيان
الملخص
9Total War: Three Kingdoms لعبة ممتازة لأي شخص يرغب في تعلّم التاريخ الصيني وتجربة الإستراتيجيات المختلفة التي كان يستعملها أمراء الحرب في معاركهم. هناك العديد من الأشياء التي يمكن القيام بها والكثير من الأساليب المختلفة لقيادة جيوشك حسب رؤيتك الخاصة للأمور، لكن الإهتمام بجميع هذه الأشياء ربما يشكّل حملًا على اللاعبين الذين لم يعتادوا على هذا النوع من الألعاب.