مراجعة A Plague Tale: Innocence

ماذا ستفعل إذا تم سلب كل شيء منك في نفس الوقت؟ عائلتك وأملاكك وحياتك العادية كما تعرفها. دائمًا ما تثير اهتمامي الإجابة عن هذا السؤال، والتي تختلف جذريًا من شخص إلى آخر، واليوم حصلّنا على تصوّر لهذا الحدث المؤلم ونتائجه من مطور الألعاب الفرنسي Asobo Studio.

A Plague Tale: Innocence لعبة تتولّى نشرها شركة Focus Home Interactive، وهذه المعلومة يمكنها أن تخبرك الكثير، فنحن نعرف أن هذه الشركة مسؤولة عن تقديم ألعاب قصصية ذات قصة عميقة، ونظام لعب بسيط يخدم الفكرة، وفي الكثير من الأحيان تجعلنا ألعاب الشركة نستمتع ببعض التفاصيل المميزة مثل اختيارات مؤديين الأصوات وجودة الأفكار وشكل التقديم.

A Plague Tale: Innocence هي لعبة تتحدث عن المرض، القسوة، الروابط العائلية، الشجاعة، الانتقام، والعديد من المواضيع المؤثرة والهامة الأخرى، والتي تنجح اللعبة في إيصالها لقلوب اللاعبين بشكل درامي مثير وممتع عبر قصة خيالية تحدث في العصور الوسطي عندما اجتاح مرض الطاعون البلاد وقتل العديد من السكان بلا رحمة.

A Plague Tale: Innocence متوفرة الآن على PS4 (تمت تجربتها), Xbox One, PC

A Plague Tale: Innocence ..

قصة درامية مؤثرة ومقدّمة بشكل ممتاز

في اللعبة، يتخّذ اللاعبون دور الفتاة Amicia De Rune، إبنة أحد الفرسان النبلاء في فرنسا في القرن الرابع عشر، في أوج المشاكل التي سببها الطاعون القاتل الذي دمر أوروبا.

لدى أميسيا شقيق يبلغ من العمر خمس سنوات واسمه هوغو، والذي يعيش بعيدًا عنها وعن والده مع أمه Beatrice بسبب مرضه، والتي تحاول أمه جاهدة إيجاد علاج لهذا المرض ومساعدة إبنها الصغير.

هذا المرض الغريب يجعل الطفل هوغو هدفًا دائمًا لفرسان محاكم التفتيش The Inquisition، والذين يهاجمون منزل الأبطال ويقتلون العديد من السكان الأبرياء في سبيل الحصول عليه، وعليك أن تستمر في الهروب منهم مرارًا وتكرارًا خلال فصول اللعبة، بالإضافة إلى محاولة تجنّب الجرذان التي تملأ المدينة بأعداد كبيرة، والتي يمكنها أن تلتهمك بالكامل في ثوان قليلة ما لم تكن حذرًا.

هنا أتطرّق إلى النقطة الأولى التي أعجبتني في اللعبة، وهي أن جميع نقاط القصة يتم طرحها منذ الفصل الأول، والتي تجعلك مهتمًا بإتمام القصة لأكثر من سبب، ما الذي سوف يحدث للطفلان؟ ما هي حقيقة مرض هوجو؟ ما الذي يريده الفرسان الأشرار من خلال الحصول على الطفلين؟ ما هو سر الطاعون وكيف يمكن النجاة منه؟ أشياء كثيرة يمكنها أن تثير فضول اللاعبين وتجعلهم يعزمون على اللعب وتحمّل الصعاب من أجل معرفة المزيد.

في البداية قلقت من أن يكون الموضوع قصة عاطفية مكررّة بين شخص كبير وصغير يتعلّمان من بعضهما دروس في الحياة مثل God of War, The Last of Us, Life is Strange 2، لكن هذا القلق تلاشى سريعًا بعد فصول قليلة، حيث وجدت أن أميشيا ستترك أخيها الصغير وتقابل بعض الشخصيات الأخرى خلال قصة اللعبة، وتستعين بهم في العديد من المواقف على مدار فصول مختلفة، مما جعل الموضوع أكثر متعة لأنك تتعرف على شخصيات جديدة معظم الوقت وتشاهد كيفية تعامل أميشيا معهم، ومن خلالهم تنظر إلى عالم اللعبة الموحش من زوايا مختلفة وجديدة عن حياة النبلاء التي كنت تعيش فيها قبل هروبك من المنزل.

سلاحك الوحيد في رحلتك هي النبلة، والتي تستعملها في إلقاء الأحجار على الجنود، أو من أجل فتح الأبواب وقطع الحبال أو أي شيء آخر تحتاجه لحل الألغاز الموجودة في اللعبة.

خلال قصة اللعبة تحصل أميشيا على بعض العناصر الأخرى التي يمكن رميها على الخصوم، جميعها عبارة عن مواد كيميائية بسيطة يمكنها أن تصيب الأعداء بالاختناق، أو تجعلهم ينامون، أو تحرق النيران وتطفئها.

نظام اللعب نفسه في الفكرة وطريقة اللعب يتشابه مع لعبة The Last of Us كثيرًا، جزء كبير من اللعبة يحتوي على مهمات التخفّي والسير في هدوء لأن أميشيا لا تستطيع مواجهة جميع الفرسان وحدها، كما أن الموارد التي تحصل عليها لصناعة المواد الكيميائية والأحجار التي تلتقطها من الأرض قليلة ولا تكفي للتغلّب على جميع الأعداء. عليك أن تحافظ على عدد الموارد الموجودة لديك عن طريق محاولة تجنّب القتال كلّما أمكنك ذلك، لكن هناك بعض المواقف التي لا ينفع فيها إلّا استعمال الموارد وقتل الأعداء مهما كانت العواقب.

يمكن للاعبين كذلك تطوير قدرات النبلة وكمية الأشياء التي يمكنهم حملها من خلال طاولات الصناعة المنتشرة في فصول اللعبة، ويمكن بعد ذلك فتح قدرة التطوير والصناعة بدون الحاجة للتوقّف عند الطاولة واستعمالها.

فكرة القتل موجودة بكثرة في هذه اللعبة، دائمًا هناك أشخاص أبرياء يموتون أمامك بسبب الأمراض أو بسبب هجوم الفرسان الأشرار، وبالطبع عليك أن تتعامل أنت أيضًا مع فكرة أنك تحتاج لقتل الناس من أجل حماية أخيك الصغير، لكن اللعبة تتعامل مع هذه الفكرة بصورة سريعة، ويمكنك أن تشاهد البطلة تكبر فكريًا أمامك في دقائق قليلة وتتصالح مع فكرة القتل والانتقام من أجل تحقيق أهدافها وحماية أصدقائها المقربين وعائلتها.

فوق ذلك، يمكنك أن تلاحظ أن اللعبة تجعل جميع الشخصيات تتعامل مع فكرة الموت بشكل أو بآخر، لا تقضي اللعبة الكثير من الوقت في تصوير العواطف بين الشخصيات أو بين البطلين وبعضهما، وهذا مفهوم لأنهم لم يعيشا مع بعضهما في الأساس حتّى وقت قريب، بل جميعهم يركزون على الأشياء التي تعلّموها خلال حياتهم والأحلام التي يريدون تحقيقها، وكيف يمكن لهم تنسيق هذه الأمور (الأهداف والطموحات وطريقة الحياة) مع باقي الشخصيات من أجل أن يعيش الجميع بسلام وأمان في النهاية.

هذا الأمر يمكن ملاحظته تحديدًا من الأشياء التي تقوم بجمعها خلال الفصول، وهي تنقسم إلى الزهور والهدايا والأشياء التي تثير الفضول. هذه الأشياء رغم أنها عناصر جانبية لكنّها مهمة جدًا في جعل القصة أكثر تأثيرًا وتجعلك ترتبط الشخصيات أكثر فأكثر.

الزهور على سبيل المثال شيء خاص بهوجو، وكيف أنه تعلّم الكثير عن لغة الزهور ودلالتها من خلال قرائته لكتب والدته أثناء حياتهم معًا، ويصف دلالات هذه الزهور دائًما لاخته ويضع الزهور على شعرها في محاولة للتقرّب منها، والاخت على الجانب الآخر تلتقط الهدايا المختلفة لكي تعطيها لأخيها وتحاول هي أيضًا التقرّب منه، أما الأشياء التي تثير الفضول فهي عناصر مختلفة مثل الكتب وقطع الملابس وغيرها تعطيك لمحة تاريخية عن العالم وتفاصيله.

لا تخلو اللعبة من بعض المعارك الرئيسية المخيفة، ومشاهد المطاردة السينيمائية، وبعض الفصول التي تنتهي نهايات مصيرية تحبس الأنفاس تجعلك جالسًا في مقعدك متعطشًا لبدء الفصل القادم. جميع فصول اللعبة تم تصميمها بعناية لتحكي قصة صغيرة تنتهي في نفس الفصل، ولا يوجد دقيقة ضائعة في اللعبة أو لحظات شعرت فيها أن رتم اللعبة المثير يقل أو يختفي تمامًا.

لم يكن كل هذا ليشع ويلمس قلب اللاعب بهذا الشكل لولا الإخراج المتميز، والذي تمثّل في رسوم البيئة المحيطة الغنيّة، والتي نلاحظ فيها تبدّل الفصول المختلفة ذات الألوان المتميزة، بدئًا من ألوان الخريف الدافئة والليالي المظلمة الموحشة وحتّى تساقط الثلوج في صباح أحد أيام الشتاء.

كانت الموسيقى التصويرية الأخرى عالية النبرة، وتتميز بأدوات وترية قوية، مع موجات قصيرة حادة تصور التوتر والذعر. اللحظات الدرامية المؤثرة يصاحبها دائمًا موسيقى متميزة من Olivier Deriviere مؤدي التقسيم الصوتي للعبة Vampyr، عندما تتسلّق الجبل وتشاهد العواقب الرهيبة لمعركة ضارية، أو تهبط تحت الأرض لتشاهد عالمًا كاملًا جديدًا لم تكن تعرف بوجوده، أو تقف في مكانك أمام قلعة متداعية في الأفق خلف ستارة من الأمطار، لن تستطيع إلّا أن تترك ذراع التحكّم وتظل صامتًا لدقيقة متأملًا في جمال وروعة اللعبة وكأنها لعبة في نفس مستوى حصريات سوني القوية.

الأداء الصوتي للشخصيات له تأثير ومصداقية أيضًا، بجانب نبرات الصوت الجميلة والمناسبة للشخصيات، هناك بعض التقنيات البسيطة التي يستعملها مؤديين الأصوات والتي تزيد من روعة المشاهد مثل التنفس السريع للشخصية والذي يصبح بارزًا في لحظات الخوف، أو عند الإصابة بصدمة ما، أو تحوّل الصوت لنبرة التردّد عندما تواجه الشخصية منظرًا مفاجئًا أو مرعبًا لم تتوقعه.

لكنني بعد المقارنة بين الأداء الصوتي الإنجليزي والفرنسي، وجدت أن الأداء الفرنسي أفضل بشكل ملحوظ ويتناسب أكثر مع حركة الشفاه للشخصيات الموجودة في اللعبة، وهذا مفهوم لأن اللعبة من مطورّ فرنسي في الأصل.

هناك بعض الاعتراضات البسيطة لدي عن رتابة اللعبة ليس في القصة بل في نظام اللعب، حيث أن الألغاز والتحديات تصبح مكررّة مع الوقت، ومعظمها سهلة ولا تحتاج إلى التفكير العميق ويمكن حلّها في لحظات قليلة، لكن هذا الكلام ينطبق على مناطق الألغاز فقط وليس المعارك الجانبية والرئيسية، والتي أحسست فيها اختلافًا وتطورًا تدريجيًا في قدرات الأعداء وأساليب قتالهم.

بعض الفصول كذلك مثيرة للضجر مثل الفصل السابع والذي يحتاج منك إدارة الميكانيكا داخل القلعة، والذي يختلف عن رتم اللعبة المعتاد ويأخذ وقتًا طويلًا لفهمه وحلّه ولم يكن ممتعًا بالقدر الكافي مثل باقي الفصول.

A Plague Tale: Innocence تحفة قصصية جميلة، تشير إلى تقدّم ملحوظ في مستوى ألعاب الناشر Focus Home Interactive، وأتمنّى أن تكون ألعابهم جميعًا بنفس الجودة البصرية والكتابة القصصية.

اللعبة كذلك تشير إلا أنه لا يجب أن تصنع لعبة عظيمة من الصفر، بل كل ما عليك فعله هو أن تقوم بكل شيء بشكل جيد وعلى المستوى المطلوب، وهذا يكفي للوصول إلى قلوب اللاعبين وتحقيق المتعة والاستفادة.