مراجعة الحلقة الثالثة من Life Is Strange 2

Life is Strange 2 تعود مجددًا مع حلقة جديدة من المغامرات الدرامية المؤثرة للطفلين شون ودانيال، واللذان يواجهان سلسلة من المشاكل تجبرهما على ترك منزلهما والبحث عن مكان جديد للعيش فيه.

مثل الحلقة السابقة، تقوم اللعبة في البداية بعرض ملخص بسيط لأحداث الحلقات السابقة من خلال عرض أشكال مرسومة باليد لحيوانات تعيش في البرية، والتي يبدو واضحًا أنها تعيش نفس أحداث حياة الطفلين وتصنع المقارنات بينهما وبين الواقع الذي يعيشونه الآن.

اليوم نلقى نظرة على الأحداث الجديدة، وكيفية تطّور شون ودانيال عبر الصعوبات التي واجهتهم، والشخصيات الجديدة التي يتعاملون معها في مكان الحلقة الجديد وسط غابة كاليفورينا.

Life is Strange 2 الحلقة الثالثة – Wastelands

في البداية تعرض الحلقة مشهدًا من ذاكرة شون عندما كان لا يزال والده حيًا، وتصوّر الحلقة الصراعات الأخوية بين الطفلين وكيف كان والدهما يتعامل مع هذه المشاكل كلّما حدثت. ويبدو أن الفكرة الرئيسية التي ستعتمد عليها الحلقة هي مدى نضج شون في التعامل مع شخصية أخيه الصغير، وأي مشكله تواجهه بشكل عام.

لاحظت منذ البداية أن هناك تغييرًا في طريقة إخراج الحلقة، فكما يبدو لن تعتمد الحلقة على الأحداث السابقة مثلما تعوّدنا من باقي ألعاب السلسلة، بل يبدو أن المطورّين يريدون أن تكون كل حلقة تجربة منفردة يمكن لعبها بدون الحاجة لمعرفة باقي أحداث الحلقات. هذا الأمر لاحظته كذلك بسبب التحديث الجديد الذي جعل كل حلقة يمكن شراؤها بصورة منفردة بدون الحاجة لشراء اللعبة كاملة.

تؤسس البداية بعض الأمور الهامة، وهى وصايا الوالد لإبنه الكبير شون بأن يهتم بأخيه الصغير دائمًا، والأشياء البسيطة التي تدل على قوة العلاقة بينهما، والتي عند رؤيتها يمكنك أن تعرف هل العلاقة بينهما متوترة أم لا بسهولة.

هناك فرق زمني بمقدار شهر بين أحداث الحلقة الأولى والثانية، وأعجبني أنني لاحظت ذلك في أدق التفاصيل مثل شعر الطفلين الذي زاد طوله مع مرور الوقت. تقدّم لك المشاهد الكثير من الشخصيات، وأسلوب معيشة جديد وسط الغابات، وبعض الشخصيات القديمة التي قابلها الأبطال في الحلقة الثانية، مما يجعلنا نستنتج أن هؤلاء الأشخاص كان لهم التأثير الأكبر في تحوّل أبطالنا للعيش بهذه الطريقة في العراء.

ترسم اللعبة صورة واضحة وتفصيلية لما تبدو عليه الحياة في هذا المجتمع المؤقت في غابة كاليفورنيا. يمكنك الاستماع إلى المحادثات وأنت تتجول في موقع المخيم، وهناك قائمة عمل روتينية مثبتة على إحدى الأشجار، والعديد من الخيم المختلفة التي تدل على شخصية القاطنين بداخلها. يتم ضبط المشاهد المؤثرة التي لا يوجد فيها أي جمل حوارية مع مقطوعات موسيقية جذابة مفعمة بالحيوية، والتي تدعم فكرة الحزن أو الفرحة حسب طريقة سير المشهد.

لا تخلو الحوارات بين شون والشخصيات التي يعيش معها في العراء من بعض الاسقاطات السياسية على الوضع الحالي في أمريكا، مثل حالة العمل ونظام حياة أطفال Hippies الذين لا يستقرّون في مكان واحد ويحبون الترحال، وكيف يتّم جر هؤلاء الأطفال إلى بعض الأعمال غير القانونية مثل العمل في مزرعة الحشيش.

الصراع النفسي بين الطفلين لم يحتدم في نهاية الحلقة الماضية، بل ازداد التوتّر بينهما بسبب رغبة دانيال في رؤية والدته التي تركتهم وهم صغار، ورفض شون لهذا الموضوع تمامًا، هذا الأمر أدى إلى أن يبحث دانيال عن الحنان والأمان بصحبة الناس الآخرين في المخيّم، وخصوصًا الناس الذين يعاملونه كأنه شخص كبير ولا يحاولون التحكّم فيه مثل شون.

على الجانب الآخر، شون يتضايق كثيرًا من تصرّفات دانيال الطفولية، وأنه لا يضع اعتبارًا للأسرار التي لا يجب عليه كشفها مثل قوته الخارقة، بل ويستعملها في مضايقة أخيه الكبير أمام الناس جميعًا، وهنا تبدأ فكرة الحلقة في التبلور، هل يتجاهل الأخ الكبير أخيه الصغير ويبحث هو أيضًا عن معارف وأصدقاء جدد، أم يعتني بأخيه مهما حصل تنفيذًا لوصية أبيه، هناك العديد من الخيارات الحوارية التي تؤدي لكلا الطريقين، والأمر يتوقّف في النهاية على اللاعب وحرّيته الشخصية.

قوة دانيال تزيد بدرجة كبيرة وغير متوقعة، ويمكن أن نقول أنه قد حصل على السيطرة الكاملة على هذه القوة، الشيء الذي يجعله يثق في نفسه لدرجة كبيرة، وتجعل شون خائفًا أكثر فأكثر من أن يقوم أخيه الصغير ببعض الأمور الطائشة التي لا يمكنه العودة منها.

قوة ألعاب Life is Strange تكمن في تركيزها على الشخصيات، بجانب الصراعات النفسية التي يعيش فيها الطفلين، تستطيع أن تجلس مع باقي سكان المخيّم في أوقات متعددة خلال الحلقة، وتعرف الأحداث التي أدّت لأن يترك كل واحد منهم حياته ويجلس معك في هذا المكان، سوف تتعرّف أيضًا على الطريقة التي يرون بها العالم من حولهم، والقيم التي يحملونها، والأحلام التي يرغبون في تحقيقها عندما يجمعون المال الكافي لترك هذا المكان. الأداء الصوتي لجميع الشخصيات مؤثر للغاية ونبرة الصوت تختلف تدريجيًا مع اختلاف الحالة المزاجية للأبطال.

تركّز الحوارات بجانب الأمور السياسية والحياتية على الجانب الرومانسي في حياة هؤلاء اللاجئين، خاصة شون الذي يقع في حب الفتاة كاسيدي، ويتمكّن من إقامة علاقة معها بعد قضاء وقت جميل ورومانسي على ضفاف البحيرة. ومثلما تتحرّك كاسيدي بدافع الحب والقلق على شون، يتحرك الناس الآخرون من حولك بطرق أخرى ربما لا تتفق مع أهدافك، وتؤكد مخاوف شون الذي كان يحملها طوال فترة الحلقة.

الاختيارات المصيرية في الحلقة متعددة، لكنها تدور جميعها في إطار واحد، وهو أن تقوم بتوطيد علاقة الأخوين ببعضهما طوال فترة الحلقة، أم تتجاهل أخيك تمامًا وتبحث عن المتعة مع رفاق المخيم الجدد. تنتهي الحلقة بمشهد مصيري مؤثر كذلك لا يمكن توقع نتائجه أو ما الذي يمكن أن يحدث بعد ذلك للطفلين.

بعد الانتهاء من اللعب، شعرت أنني احترم شون كشخص وأخ كبير أكثر من أي شيء آخر، الشخصيات الأخرى لم تترك في بالي انطباعًا كافيًا ومؤثرًا لجعلي أهتم بها وأتفاعل معها. وكان يبدو منذ البداية كما ذكرت أن التغيير في طريقة الإخراج تجعل أحداث الحلقة مهما كانت لا تمتد للحلقة التي تليها. حتّى أن الطفلين لا يتكلّمان عن أحداث الحلقة الماضية إلا في مشاهد قليلة جدًا وغير مؤثرة تمامًا على سير هذه الحلقة.

شخصية دانيال أيضًا أصبحت مزعجة بدرجة كبيرة أكثر من السابق، التحوّل الكبير في شخصيتة غير مبررّ على الإطلاق، وكأنك لم تعيش معه الفترة الماضية وحدكما في العراء، ولم تتعاونا على حل العديد من المشاكل المختلفة، كنت أريد توضيحًا أكثر للأفكار التي تدور في عقل دانيال، بخلاف أنه متضايق من تحكّم أخيه فيه، فهو يبدو أنه يتذكر السيء فقط ولا يتذكر الأشياء الجيدة التي قاما بها في الحلقتين الماضيتين، وكأنه شخصية جديدة وفكر مختلف تمامًا عن ما عهدناه في الحلقات الماضية.

كنت أتمنى أن يستعمل المطورّ العالم والموقف الحالي لوضع اختبارات تغيّر من علاقة الطفلين كما في السابق، بدلًا من تغيير دانيال نفسه إلى الأسوأ وجعله غير محبوبًا بدرجة كبيرة، وبجانب أنه بطل رئيسي لا أريد أن أكرهه في الوقت الحالي، التأثيرات الخارجية من حوله مثل شخصية Finn لا تبدو مقنعة تمامًا لأن يسير ورائها ويتجاهل أخيه الحقيقي.

بعض الاختيارات التي يمكن القيام بها أثناء الحلقة لا تؤدي إلى فتح طرق جديدة مثلما يحدث على سبيل المثال في لعبة The Walking Dead، الاختيارات هنا تفتح بعض المشاهد القليلة، وتخدم أفكارًا معيّنة ليس لها علاقة بالقصة، يعني لماذا يفكر طفل يعيش في العراء وتبحث عنه الشرطة ولديه أخ صغير ليعتني به عن الارتباط وعقد صداقات جديدة في الوقت الحالي، لم أفهم ذلك على الإطلاق.

الجزء الأكبر من الحلقة يسير بشكل ثابت مع اختلافات بسيطة في الجمل التي يتم سردها، وليس تأثيرًا كبيرًا يفتح طرقات متعددة يمكن لعبها بالكامل، وضيق المحتوى الاختياري بهذا الشكل جعل فكرة الاختيار نفسها ضعيفًا وجعلت القصة غير مؤثرة في درجة التفاعل مع اللاعب.

السيناريو المكتوب حاليًا جيد جدًا، لكن معظم أحداث الحلقة تبدو متوقعّة، ولا يوجد الكثير من المفاجآت التي تصدم اللاعبين، أو اللحظات التفاعلية بين شون والبيئة المحيطة مثل الحلقات السابقة. يبدو واضحًا كذلك أن مطور اللعبة يهتم بالكلام عن الموضوعات السياسية المختلفة في كل حلقة، وهذا الأمر يجعل التركيز على القصة نفسها ضئيل.

كان يمكن للقصة أن تكون أكثر من ذلك، وترّكز أكثر على الأشياء التي تم بناؤها حاليًا، ومعرفة أشياء جديدة عن الطفلين وقوة دانيال، لكنني أشعر أن الحوارات والشخصيات جميعها تسير في إتجاه تصوير الواقع أكثر من دفع القصّة إلى الأمام، وهذا يجعل المحتوى الحقيقي الذي نحصل عليه ضئيل مقارنة بالحلقات السابقة، والتي ركّزت أكثر على علاقة الطفلين وعائلتهما وماذا يتعلّمان في رحلتهما بشأن عائلتهما والعالم من حولهما.