إن كنت مهتماً بمجال الألعاب، فعلى الأرجح لم يفوتك الإعلان عن Google Stadia خلال مؤتمر GDC 2019 في شهر مارس الماضي.
لمعرفة أهم المعلومات حول الخدمة من هنا
ومنذ ذلك الحين اشتعل النقاش داخل مجتمع الألعاب حول هذه الخدمة، فهناك من يراها ثورة حقيقية في عالم الألعاب وسيكون لها انعكاسات كبيرة جداً في المستقبل القريب، بينما هناك من يراها محاولة جديدة من جوجل للمنافسة مصيرها الاندثار.
حسناً، بعد أن هدأ الضجيج قليلاً بات الوقت مناسباً لكي نسلط الضوء على Google Stadia بطريقة مختلفة، ونعتبرها خطوة جديدة قوية ومهمة لمستقبل الألعاب وليست تغييراً فورياً ومفاجئاً لما اعتدنا عليه.
والآن نطرح على أنفسنا السؤال التالي: هل ستغير Google Stadia عالم الألعاب بالفعل؟ للإجابة على هذا السؤال دعونا نناقش بعض النقاط
الفكرة ليست جديدة، لكن هل التوقيت مثالي؟
فكرة بث الألعاب سحابياً ليست فكرة جديدة كلياً، فخلال السنوات القليلة الماضية شهدنا بعض المحاولات في هذا المجال مثل خدمة Onlive وخدمة GameFly، وللأسف فشلت هذه المحاولات لأنه في ذلك الوقت لم تكن مقبولة بما يكفي لدى اللاعبين كما أن الحالة التقنية في حينها لم تكن جاهزة بعد.
ليس بعيداً عن الفكرة الأساسية، ظهرت بعض خدمات الاشتراك في الألعاب والبث عبر الإنترنت من كبرى شركات الألعاب مثل سوني ومايكروسوفت وEA وهي خدمات PlayStation Now وXbox Games Pass وOrigin Access ولا شك أن هذه الشركات باتت مدركة لبعض المشاكل التي تعاني منها خدمات الألعاب السحابية.
على الجهة الأخرى قامت جوجل بخطوة جديدة للأمام بإطلاق خدمة Google Stadia التي تعتمد على نوع مختلف من التكنولوجيا مقارنة بكافة الخدمات السابقة، مع تعويلها على مراكز بياناتها العملاقة لمعالجة كل شيء.
لكن هل إطلاق الخدمة في 2019 هو التوقيت المثالي لذلك؟
خدمات البث لا تزال في طفولتها، ويبدو أن جوجل حريصة من الآن على امتلاك الأدوات التي تساعدها مستقبلاً في أن تكون منافساً قوياً لشركات الألعاب، ولو نظرنا من هذا الجانب قد نجد أن خطوة جوجل منطقية في حال كانت ترمي إلى المستقبل البعيد.
على الجانب الآخر يرى البعض أن صناعة الألعاب ليست مستعدة بعد لاستقبال مثل هذه الخطوة الحماسية وأن جوجل كان عليها الانتظار لتنضج فكرة البث السحابي بشكل أكبر قبل الإعلان عنها.
انطباعات أولية جيدة
كان Project Stream النموذج التجريبي لخدمة Stadia، واختبرت جوجل المشروع لفترة زمنية مؤقتة، ومن المثير أن الانطباعات الأولية حول الخدمة كانت جيدة في أغلبها، وهو ما يعني أننا نتقدم ولو بخطوات بسيطة لتكون خدمات بث الألعاب أكثر قبولاً.
لعبة Assassin’s Creed Odyssey التي تم اختبارها عبر متصفح جوجل كروم، عانت من مشكلة واحدة وهي زمن الاستجابة أو ما نطلق عليه Latency، وفي حين تمكن اللاعبون من تشغيل اللعبة بدقة 1080 بيكسل وبمعدل 60 إطارا في الثانية لم يتمكن آخرون من ذلك.
بالطبع كل ذلك كان ضمن الاختبار التجريبي، وبالتالي نتوقع إصلاح بعض هذه المشاكل أو وجود آليات للتعامل معها عند إطلاق خدمة Stadia هذا العام.
متطلبات عالية
في معظم أنحاء العالم سرعة الاتصال بالإنترنت ليست مثالية، فمثلاً في بلدان مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة واليابان والسويد وهونج كونج والنرويج والدنمارك وهولندا قد لا تواجه Stadia مشاكل كبيرة بخصوص سرعة الاتصال وسيكون من السهل تشغيل الألعاب دون مشاكل.
لكن ليست كل بلدان العام مثل الدول السابقة التي تعد من أفضل 10 بلدان من حيث سرعة الإنترنت، والبنية التحتية في الكثير من البلدان، لا أقصد بالطبع دول الشرق الأوسط فقط، لن تكون مهيئة تماماً لهذه الخدمة.
في الاختبار التجريبي للخدمة جوجل أوصت بالاعتماد على سرعة إنترنت 25mbps لتشغيل اللعبة بدقة 1080 بيكسل وبمعدل 60 إطارا في الثانية.
وبالتالي هذا يعني أن الملايين من اللاعبين حول العالم لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمة عند الإطلاق في حال حافظت على نفس المعايير الحالية.
وعند الحديث عن المتطلبات لا ننسى كذلك قيود البيانات التي تفرضها أغلب البلدان اليوم، بما فيها الولايات المتحدة التي تعتبر السوق الأضخم للألعاب في العالم.
وبالتالي تخيل استهلاك البيانات الذي تحتاجه لعبة مثل Assassin’s Creed: Odyssey أو Call of Duty: Black Ops 4 بالتأكيد ستحتاج لدفع تكلفة إضافية لمواكبة الاستهلاك الكبير للبيانات.
الخلاصة
هناك عدة عوامل ستعمل على كبح جماح Google Stadia عند إطلاقها هذا العام، بما في ذلك متطلبات الإنترنت اللازمة لتشغيل الخدمة دون مشاكل إضافة إلى مكتبة الألعاب المتوفرة عند الإطلاق والتي على الأغلب ستكون محدودة جداً،
في نفس الوقت لا يُمكن أن ننكر أنها خدمة مثيرة جداً تعتمد على تكنولوجيا فائقة ومبتكرة وأنها تضع اللبنة الأساسية في مستقبل الألعاب.
من جهة أخرى، لا يعني هذا أن نرفع سقف التوقعات من الخدمة إلى درجة كبيرة، وبرأي هي خطوة للأمام ومن المحتمل أن تؤدي إلى تغييرات مستقبلية في عالم الألعاب، كما أن نجاحها وانتشارها وتأثيرها يمكن الحكم عليه حينما يكون العالم من حولنا جاهزاً بما يكفي للتعامل معها.
ننتظر الإطلاق الفعلي للخدمة هذا العام .. وللحديث بقية