نماذج الذكاء الصنعي تتوقع بنية البروتينات 3D في إنجاز علمي كبير

بنية البروتينات

من أهم استخدامات الذكاء الصنعي هي مساعدته في حل المشاكل الصعبة والتي تحتاج لحجم كبير من المعلومات والبيانات.

والآن من المحتمل أنَّ DeepMind (شركة تعمل في مجال الذكاء الصنعي) قد وجدت طريقة للمساعدة في تطوير علاج لبعض الأمراض من خلال محاكاة بنية البروتينات.

كل خلية من خلايا الجسم مصنوعة من ملايين جزيئات البروتين والتي يقدم بعضها الدعم البنيوي للخلية والبعض الآخر يحدد آلية عمل هذه الخلية مثل الأنزيمات.

وقد وُجد أن البروتينات التي تعمل بشكل خاطئ قد تسبب بعض الأمراض، وفي السابق تم استهداف بنية هذه البروتينات عبر العقاقير لتفعيلها أو تثبيطها كعلاج. ولكن فهم بنية هذه البروتينات لم يكن سهلاً وهو الأمر الذي اختلف الآن.

تؤثر مجموعة من القوى المختلفة بين ذرات البروتين ومن الصعب حساب كل الطرق المحتملة لتأثير هذه القوى عند طيها لأجزاء من البروتين ضمن شكل ثلاثي الأبعاد مع إبقائه متوازناً.

ولكن في تقدم واضح تمكن الذكاء الصنعي AlphaFold AI الخاص بـ DeepMind من الوصول لطريقة سريعة في إيجاد البنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات من خلال سلسلة جزيئات الأمينو أسيد المكونة منها.

البروتينات عنصر أساسي في الحياة. والقدرة على توقع بنيتها ثلاثية الأبعاد هي تحدٍ كبير لم نصل له في عالم البيولوجيا، وهذا قد يؤثر على آلية فهم الأمراض والبحث عن علاج. أشعر بالإثارة لإعلان أننا فُزنا في مسابقة طي البروتين CASP13!

شركة الذكاء الصنعي هذه والمملوكة من قبل Alphabet – والمعروفة ببرنامج AlphaGo الذي هزم أكثر اللاعبين احترافية في العالم في اللعبة الاستراتيجية Go- قامت بالمشاركة في مسابقة عالمية لطي البروتين وفازت بها.

ولسنوات عديدة سابقة لم يستطع البيولوجيون حل مشكلة طي البروتين بشكل ثلاثي الأبعاد من خلال معرفة سلسلة الأمينو أسيد المكونة لها. فعندما يكتشف الباحثون بروتين جديد يقومون بمقارنة سلسلة الأمينو أسيد مع قاعدة البيانات بالبروتينات ذات البنية المعروفة ومن خلال أفضل مطابقة يقومون بتوقع شكل البروتين في بيئة ثلاثية الأبعاد.

أما في حال عدم وجود بروتينات مشابهة لتحديد البنية ثلاثية الأبعاد قام الباحثون باستخدام تقنيات تجريبية مثل Cryo-electron microscopy، Nuclear Magnetic Resonance أو X-ray Crystallography. ولكن هذه الطُرق تحتاج الكثير من التجريب وقد تستغرق عدة سنوات كما أنها تُكلف عشرات آلاف الدولارات لكل بنية.

وهذا هو ما دفع البيولوجيين للاستعانة بأساليب الذكاء الصنعي للبروتينات الصعبة.

ولقد ربح برنامج الذكاء الصنعي الخاص بالشركة DeepMind والذي يُدعى AlphaFold أمام 98 منافس، وكان الفرق كبير بينه وبين الفريق الذي حاز على المركز الثاني حيث توقع الفريق الثاني 3 من أصل 43 بروتين بينما قام AlphFold بإنجاز 25 توقع صحيح من أصل 43.

تم بناء AlphaFold عبر تدريب شبكة عصبونية على آلاف البروتينات ذات البنية المعروفة حتى أصبح بإمكانه توقع البنية ثلاثية الأبعاد للبروتينات من خلال سلسلة الأمينو أسيد الخاصة بها فقط.

 

وحالما تقدم لبرنامج AlphaFold بروتين جديد يبدأ باستخدام الشبكة العصبونية لتوقع المسافة بين أزواج الأمينو أسيد الخاصة به بالإضافة إلى الزوايا بين الروابط الكيميائية الواصلة بينهم ليشكل مسودة عن البنية ثم يقوم ببعض التعديلات على هذه البنية ليوجد البنية الأكثر فعالية من حيث الطاقة.

استغرق برنامج AlphaFold 15 يوم لتوقع أول بنية بروتين له أما الآن فقد أصبح قادراً على توقع بنية البروتين خلال ساعتين.

إن استخدام الذكاء الصنعي لمساعدة العلماء في الإجابة على أسئلتهم الكبيرة وفهم العالم المحيط بنا بشكل أفضل، كان حلمي منذ زمن وهو السبب الذي دفعني لتكريس مسيرتي المهنية بكاملها لبناء الذكاء الصنعي. وهذه هي بداية التقدم المذهل الذي أعتقد أننا سوف نرى المزيد منه في العقود القادمة!

ومع كل هذا فما زال الطريق طويلاً لحل مشكلة طي البروتينات بشكل كامل. فعند الحديث مع Demis Hassabis مؤسس ومدير تنفيذي في DeepMind قال:

لم نقم بعد بحل مشكلة طي البروتينات وهذه فقط الخطوة الأولى في الطريق. إنها حقاً عبارة عن تحدٍ كبير ولكننا نمتلك الآن نظام جيد والكثير من الأفكار التي لم نقم بتطبيقها بعد.

يستحق العمل الذي قامت به DeepMind الكثير من الثناء وسوف يتم تقدير أصالة الفكرة عندما يتم مناقشتها في ورقة بحثية ليتمكن آخرون ضمن نفس المجال من مراجعتها.

راجع أيضاً:

5 مفاهيم خاطئة حول الذكاء الاصطناعي

الذكاء الصنعي: 10 وظائف يمكن استبدال الموظفين فيها بالروبوتات

Ali Qa
الكاتبAli Qa
مهندس اتصالات، محرر ومترجم مقالات تقنية