هل نحن بحاجة إلى حمية الشبكات الاجتماعية ؟

الشبكات الاجتماعية

عند كتابة هذه المقال، لم يتبادر إلى ذهني توجيه الشكوى ضد الشبكات الاجتماعية.

فلست أرغب بتوجيه الانتقاد إلى هذه الشبكات التي حولت حياة الكثير منا إلى مسابقة ضخمة لعرض حياتنا من خلال عدسة كاميرا زائفة، وجعلت مهنة البعض الأساسية هي مراقبة ومتابعة الآخرين وتفاصيل حياتهم فقط.

فتوجيه سهام الانتقاد إلى هذه الشبكات لم يعد مجدياً برأي، فالكثير من المستخدمين اليوم أصبحوا تحت رحمة هذه الشبكات دون أي حرية أو اختيار منهم.

وفي هذا العالم الذي نعيشه اليوم أصبح الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعية، جزءً من ثقافتنا الرئيسية، وذلك كما كان التلفزيون يوماً الوسيلة الأساسية لتوصيل الأخبار والأفكار.

قد تكون المقارنة بين التلفزيون والإنترنت جيدة لتوضيح بعض الفروقات الجوهرية اليوم في حياتنا.

فأنت اليوم تتحكم في المحتوى الذي تستهلكه، ولم تعد تقتصر على ما تريد القنوات التلفزيونية أن تعرضه لك، والأهم من ذلك أنه يُمكنك حتى المشاركة في خلق المحتوى والتأثير عليه ونشره مع الآخرين.

لكن … ما أود قوله أن الخيارات التي نمتلكها لاستهلاك المحتوى على الإنترنت اليوم، باتت تتشابه مع الطريقة التي تم بها استهلاك الوجبات السريعة منذ سنوات.

فالوجبات السريعة مغرية للغاية، فهي غير مكلفة ومريحة، لكننا في نفس الوقت أغمضنا أعيننا عن الأضرار الصحية التي يُمكن أن تسببها.

واليوم أصبح الإنترنت مشبعًا بمحتوى رخيص وسهل، وبدون أي فلاتر أو قيود، ما يجعل المستخدم أمام حالة شبيهة بالوجبات السريعة من حيث الاستهلاك غير الصحي.

أتساءل: لماذا نضحي بوقتنا واهتماماتنا للحفاظ على علاقات التواصل الاجتماعي التي لا تقدم فائدة بالنسبة للكثيرين.

لماذا لا ننفق المزيد من الوقت لعيش الحياة التي نريدها فعلاً، الحياة التي تريدها روحك من الداخل.

قد يعبر فيلم Fight Club نادي القتال، وهو بالمناسبة أحد أفلامي المفضلة على الإطلاق، عن المفارقة بين جيل الألفية المنغمس في عالم الإنترنت والجيل إكس الذي يرى أن النجاح في امتلاك الأشياء.

“نعمل في وظائف لا نحبها، لنشتري تفاهات لا نحتاجها” – تايلر ديردن

نحن كجيل الألفية افترضنا أن النجاح يكمن في امتلاك العلاقات الاجتماعية، فقد نضج الكثير منا، في فترة نمو هائلة للشبكات الاجتماعية، وبالتالي فإن الأولويات تغيرت.

جيل الألفية ينظر إلى العالم من خلال عدسة اجتماعية تم خلالها تسخير كل لحظة من لحظات الحياة لتكون قابلة للمشاركة.

لنعود للوجبات السريعة،

لا يُمكنك أن تشتكي وتقول ” يا إلهي لا أشعر أنني بخير الآن” بعد أن تتناول وجبة برغر مضاعفة ودسمة، لأنك ببساطة كنت تدرك عواقب ذلك وأن تناول هذه الوجبة الكبيرة سيسبب لك هذا الشعور الفظيع.

في الحقيقة نحن بحاجة إلى المعيار السابق للمحتوى الذي نستهلكه على الإنترنت يومياً، بحيث يُمكن أن نستنتج عواقب سلوكنا على هذه الشبكات، بدلاً من الشكوى الزائفة.

نحن بحاجة إلى حمية الشبكات الاجتماعية، حمية نخفض فيها شوائب ودهون الخط الزمني لحساباتنا على الشبكات الاجتماعية المختلفة.

نحن بحاجة إلى تحديد ساعات معينة للتفاعل والتواصل مع الآخرين عبر الإنترنت وتقنينها إلى أقصى حد.

نحن بحاجة إلى العثور على المؤثرين الحقيقيين الذين ينشرون المحتوى المفيد لتطورك في كافة جوانب الحياة، لا أولئك المؤثرين المزيفين الذين ينظرون إليك كرقم ويتصرفون بناءً على ذلك.

نصيحة: ستدرك كم هي الشبكات الاجتماعية مُلهمة، إن طوعتها لخدمة أهدافك الكبيرة.

مهند داود
الكاتبمهند داود
مدير تحرير موقع أبو عمر التقني