بعد استحواذها على سوق.كوم ثم Whole Foods خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر واستحواذها قبل ذلك على عشرات الشركات في مختلف المجالات، بدأ العديد يتساءل عن حجم أمازون الهائل وما إذا كانت الشركة في طريقها لتحتكر السوق بشكل لم يسبق له مثيل.
عند شرائها لـ Whole Foods في صفقة بقيمة 13 مليار دولار، ارتفع ثمن سهم أمازون بـ 3% لتزداد قيمتها السوقية بـ 14 مليار ! هذا الارتفاع في حدّ ذاته غير معتاد، فعند الإعلان عن صفقة استحواذ، غالبا ما تنخفض قيمة سهم الشركة المُستحوِذة. هذا الأمر لم يحدث في صفقة أمازون وهو ما قد يشير إلى أن المستثمرين يثقون في قدرة أمازون على السيطرة على القطاع والاستمرار في توسعها.
التخوفات…
كلّ هذا جعل عددا من الأشخاص العاملين في مختلف المجالات (الأعمال، الاقتصاد، السياسة، الصحافة…) يطالبون الحكومات بفرض قيود على أمازون لمنعها من التوسع بشكل يجعل منافستها أمرا غير ممكن. مطالب كهذه لا تقتصر على الحكومة الأمريكية فقط، بل على الحكومات في مختلف الدول التي تدخلها أمازون. في العالم العربي مثلا، قد يكون خطر أمازون على الشركات المحلية أكبر من أي وقت مضى. معظم الشركات الناشئة في الدول العربية صغيرة للغاية ولن تستطيع منافسة أمازون. هذا يعني أن دخول أمازون إلى هذه الأسواق سيكون بمثابة حكم بالإعدام على هذه الشركات، سواء من خلال الاستحواذ عليها أو دفعها خارج السوق.
التدخّل الحكومي:
هذه المطالب لم يكن لها تأثير فعلي لحدّ الآن، الحكومة الأمريكية لم تقف في طريق أي صفقة من صفقات أمازون كما أن المفوضية الأوروبية المعروفة بصرامتها ضد الممارسات الاحتكارية لم تقم بأي إجراء.
السبب وراء عدم تدخل الحكومات هو أن أهم حلقة في السلسلة، المستهلك، لم يتضرّر من توسع أمازون. ملايين الأشخاص حول العالم يعتبرون أمازون وجهتهم الأولى للتسوق عبر الانترنت وهم راضون عن خدماتها بشكل كبير. من جهة أخرى، أمازون لا تستغل مكانتها -بشكل واضح على الأقل- لفرض أثمنة مرتفعة على الزبائن. كل هذه النقاط تجعل اعتبار أمازون شركة احتكارية ومحاربتها بقوانين المنافسة غير ممكن.
من جهة أخرى، هناك عدة جهات تقول أن أمازون لم تقم بأي أمر مخالف للوصول إلى ما هي عليه الآن. كل ما في الأمر أنها قدمت منتجا أفضل من المنافسين وبالتالي استطاعت جذب الزبائن نحوها. من هذا المنطلق، كل ما على الحكومة فعله هو عدم فرض أي قوانين تساعد الشركة (فرض معايير لا تستطيع الشركات الصغيرة اتباعها مثلا) وترك السوق حرّا ليفوز الأفضل.
ختاماً…
أمازون شركة عملاقة وسيطرتها امتدت إلى عدد من المجالات المختلفة. رغم ذلك، التاريخ يظهر أن مهما كبرت الشركة، الأمر لا يدوم والشركات الناشئة التي تقدم قيمة حقيقية ستجد طريقها نحو النجاح. أمازون في الوقت الراهن تقدم قيمة حقيقية وبالتالي معاقبتها بقوانين المنافسة سيكون بمثابة معاقبتها على نجاحها والمتضرّر سيكون هو المستهلك الذي سيجد نفسه مجبرا على التعامل مع شركات محلية لا تقدم خدمات في المستوى، فقط لأن الحكومة تريد حمايتها من المنافسة الخارجية لشركة أفضل.