ألعاب الفيديو بين آراء اللاعبين والنقاد

تحدثنا في موضوع سابق عن التعصب الشديد من بعض اللاعبين تجاه المراجعات النقدية وتقييم الألعاب، واليوم سنواصل حديثنا حول مسألة تقييم الألعاب لكن من زاوية أخرى.

حيث سنتناول في هذا الموضوع العديد من الفروقات بين آراء اللاعبين وآراء النقاد وكيفية تعاطي كل طرف مع مراجعات الألعاب والتقييم.

لكن قبل أن نبدأ، قد يتساءل البعض هل يُمكن أن تحصل اختلافات جذرية بين رأي اللاعب العادي ورأي الناقد؟ بمعنى هل يُمكن للعبة أجمع النقاد بأنها لعبة جيدة أن تحصل على تقييم سلبي من قبل اللاعبين؟

حسناً، الإجابة وبلا شك نعم، حيث يوجد العديد من الألعاب التي اختلفت فيها وجهات نظر اللاعبين والنقاد بصورة جذرية، فهناك ألعاب نالت استحسان النقاد لكنها لم تعجب اللاعبين فمثلاً لعبة Dragon Age II حصلت على تقييمات إيجابية من النقاد بمعدل 82/100 في حين منحها اللاعبون تقييم 43/100، كذلك الحال بالنسبة للعبة Call of Duty: Modern Warfare 2 التي منحها النقاد تقييم 86/100 بينما منحها اللاعبون 42/100.

والعكس صحيح أيضاً فهناك ألعاب حازت على إعجاب اللاعبين لكنها لم تلق استحسان النقاد مثل لعبة Counter-Strike: Condition Zero ولعبة Monster Hunter Freedom 2.

في الحقيقة فإن رأي اللاعب وتقييمه للعبة يرتكز في الأساس على شعوره بالمتعة أثناء اللعبة، وهي المعيار الأهم لدى أغلب اللاعبين عند التقييم، كما أن اللاعب عند تقييمه للعبة ما ليس مطلوباً منه تجريب عشرات الألعاب الأخرى للحكم عليها، فممكن للاعب أن يقيم لعبة وتكون هي اللعبة الأولى التي يراها في حياته، وبالتالي فإن آراء اللاعبين في الغالب ليست آراء تحليلية مفصلة بل هي مجرد درجة تعبر عن مدى إعجابه باللعبة دون الخوض في تفاصيلها والشرط الوحيد لذلك هو أن يكون قد جرب اللعبة بالفعل.

المسألة تشبه تماماً تقييم الأفلام، وغالباً ما نرى اختلافات بين آراء المشاهد العادي وآراء الناقد، فمثلاً قد يحقق فيلم أكشن معين مليء بالمتعة والإثارة تقييمات عالية عند الجمهور، لكنه في الأغلب سيحظى بكمية هائلة من المراجعات السلبية عند النقاد الذين ينظرون للرسائل الإيجابية للفيلم، الإخراج، القصة، الشخصيات، السيناريو وغيرها من العناصر.

فرأي الناقد في لعبة معينة يجب أن يرتكز على عدة عناصر أساسية وشعوره بالمتعة ليست العامل الأهم، فمثلاً هناك القصة، أسلوب اللعب، السعر، مستوى الرسومات، الإبداع، التنوع، مستوى السهولة، متطلبات النظام لألعاب الحاسب الشخصي، الاستقرار، طور اللعب الجماعي وغيرها من العناصر.

إن آراء النقاد غالباً ما تكون مرتبطة بضغوط مختلفة من الناشرين ومن محبي الألعاب وغيرهم، ولكي يُقدم الناقد وجهة نظره بحيادية فيجب عليه تفصيل العديد من العناصر لا أن يعطي التقييم بطريقة ارتجالية وإلا فإن رأيه حينها لا يدخل ضمن الرأي النقدي بل كغيره من آراء اللاعبين العاديين.

وبالتالي عندما نتحدث عن مراجعة نقدية فإن ينبغي تفصيل العديد من العناصر لا مجرد ذكر للسلبيات والإيجابيات الخاصة باللعبة، فأي لاعب يُمكنه أن يخرج بقائمة سلبيات وإيجابيات سريعة ومن ثم يعطي تقييمه بناءً على ذلك.

النقطة الأخرى هي أن رأي اللاعب غير قابل للنقد أساساً وليس مطلوباً منه أن يوضح اعتبارات كثيرة لإعطاء التقييم فالمسألة نابعة من مزاجه الشخصي ولا يحق لأحد أن يدعي أنه مخطئ، فطالما أنه يرى بأن لعبة ما أعجبته لسبب أو لآخر فيحق له تقييمها وفقاً لرغبته، فمثلاً يُمكن للاعب جرب لعبة أنشارتد 4 أن يعطيها 10/100 أو 100/100 لا مشكلة إطلاقاً، ويُمكن أن يبرر ذلك بأنه لم يستمتع باللعبة أو أن هذا رأيه الشخصي بعد أن جربها، وبالتالي حين تجد أحد الأشخاص ينتقد أو يهاجم رأي لاعب في موقع أو منتدى بسبب تقييمه فاعلم أنه لا يعي شيئاً في عالم الألعاب أو أنه من الأشخاص المتعصبين لطرف معين.

أما رأي الناقد وإن كان نابعاً من قناعات شخصية إلا أنه يجب أن يقدم تفسيرات منطقية للاعبين عند المراجعة، فلا يُمكن لناقد محترف أن يرد على اللاعبين بأن هذا رأي الشخصي وحسب، ليس معنى هذا أنه يُمنع على الناقد التعبير عن رأيه ومدى استمتاعه باللعبة، لكن المقصود أن المراجعة النقدية يجب أن تتحلى بعناصر أساسية مع توضيح الناقد لرأيه في كل عنصر ومن ثم الخروج بالتقييم النهائي.

وبالتالي فإن الاعتماد على رأي النقاد لشراء لعبة معينة لن يكون في الغالب الخيار الأنسب للاعبين، وذلك لوجود عدة اعتبارات مختلفة تجعل الناقد يعطي تقييمات بعيدة عن الشيء الذي يريده الكثير من اللاعبين.

 

مهند داود
الكاتبمهند داود
مدير تحرير موقع أبو عمر التقني

اترك تعليقاً