العالم الآلي | Factorio | مُراجعة شاملة

Factorio

عندما تتوفر المصادر والموارد.. وتكون الأفكار الإبداعية جاهزة.. تبدأ مرحلة جديدة من تطوير الذات باستهلاك الطاقات العقلية النشطة.. الكثير من الإمكانيات والفرص التي تتيح استغلال الوقت والجهد.. وحتى الحصول على ما لا يمكن تخيله في زمن قياسي جدًا.. فكيف يُمكننا أن نرفض كل هذه المُعطيات والمُغريات! سنقوم بتحويل كل شيء.. كل شيء إلى أي شيء.. وباستخدام أي شيء آلي!


عن اللعبة

Factorio

– اسم اللعبة ورابطها على متجر ستيم: Factorio – صفحة اللعبة
– النوع: Casual, Indie, Simulation, Strategy, Early Access
– المطور: Wube Software LTD.
– الناشر: Wube Software LTD.
– تاريخ الإصدار: 25/02/2016
– إمكانية اللعب بشكل فردي.
– إمكانية اللعب المتعدد عبر الإنترنت.
– الأجهزة: PC, Mac, Linux


قصّة اللعبة

Factorio

لا تتم الأمور كما يجب أو كما نتوقع في الكثير من الأحيان.. وهذا تمامًا ما حدث مع رائد الفضاء الذي تم إرساله إلى أحد الكواكب الغريبة من أجل إرساء قاعدة صاروخية فيه بُغية الدفاع عن المركبات القادمة من الأرض باتجاهه والتي سيكون هدفها استعمار هذا الكوكب. ولكن الأمور تسوء عندما تتحطم سفينته بشكل كلي تقريبًا ولا يبقى لديه أي شيء سوى يديه وعقله والبيئة من حوله.. بيئة الكوكب الغريب الذي هبط فيه دون إذن من أهله.. فهل سيتمكن من البقاء على قيد الحياة؟ وهل سيكون مُرحبًا به في الأصل من قِبل مخلوقات هذا الكوكب الأصليين؟! هل سيدعونه وشأنه أم أنهم سيُساعدونه أم سيحاولون القضاء عليه بصفته غازٍ لكوكبهم؟!!


أسلوب اللعب

Factorio

سنُتابع من حيث توقفنا لنقول أنّ الغزاة والمُستعمرين لم ولن يكونوا في يوم من الأيام محل ترحيب على الإطلاق.. هذا هو الحال بالتأكيد إذًا مع بطل لعبتنا فاكتوريو (Factorio) الرائد الفضائي الذي انطلق بهدف الاستعمار.. وببساطة سيكون الموت مصيره المحتوم إن لم يتمكن من الصمود واستخراج الموارد اللازمة من أجل بناء الدفاعات والآلات الأخرى التي من خلالها سيتمكن من بناء وتحقيق ما يرمي إليه..

تعتمد اللعبة على أسلوب لعب استراتيجي بحت، بالإضافة إلى الكثير من المُحاكاة لآلية عمل المصانع والمعامل الضخمة وخطوط النقل وحتى القواعد العسكرية والدفاعية. ومن منظور علوي استراتيجي أيضًا ستقوم بالتحكم بالرائد الفضائي الذي لم يحالفه الحظ في رحلته من أجل تأسيس وتشييد مصنعك الخاص الآلي بالكامل.. وهي فكرة اللعبة الأساسية.. أن تقوم بأتمتة كل شيء وجعله يقوم بإنتاج المطلوب دون الحاجة إلى الانشغال به من أجل التفرغ للمزيد من التقنيات المُعقدة والأدوات المتطورة.

وفي البداية ستجد نفسك وحيدًا في بيئة وعالم مترامي الأطراف يتولد بشكل آلي.. لا تملك شيء البتة.. لذا سيكون عليك بالتأكيد الاستعانة بقدراتك الطبيعية والعضلية من أجل استخراج الموارد الأولية اللازمة لتصنيع أول أداة لك.. وهي المنجل أو الفأس.. هذا المنجل سيكون بحاجة إلى موارد بسيطة جدًا من أجل تصنيعه، ولكنه سيُساعدك للغاية في البداية وسيختصر عليك الكثير من الوقت عند استخراج باقي الموارد اللازمة باستخدامه في المراحل الأولى.

Factorio

بعد التقدم واستخراج المزيد والمزيد ستجد نفسك أمام العديد من الوصفات التي يُمكنك الاعتماد عليها وتأمين محتوياتها من أجل صناعة المزيد من الآلات والمعدات الهامة. وقد تشعر في البداية أنّ اللعبة مُعقدة وهذا الأمر طبيعي بسبب كمية المعلومات المنطقية والبيانات التي تحتويها. ولكن لا داعي للقلق أبدًا.. فقد عمد مطورو اللعبة إلى توفير العديد من أنماط اللعب التي من شأنها إتاحة الفرصة لك للتعرف على أهم مزايا وخصائص وإمكانيات اللعبة.. وخصوصًا في المراحل الأولى.

البداية ستكون في هذه الأنماط مع طور القصة الرئيسية الـ (Campaign) الذي يحتوي على عدة مراحل.. هذه المراحل ستكون عبارة عن مُقدمة تعريفية تدريبية لتوضيح كل شيء لك وكيفية عمله أو تحقيقه. إذ سيتم في المرحلة التدريبية الأولى (base/First steps) إخبارك أن حظك العاثر قد رمى بك على سطح كوكب مجهول.. وأنه لا يوجد أي أحد معك قد يُساعدك في أي شيء.. لذا يجب أن تتعلم كيفية صناعة معداتك الأولى وإنشاء الآلات البسيطة التي ستسهل عملك.. ولكن في الوقت نفسه يجب أن تحذر لأنك لست لوحدك! وبالفعل ستمر بالكثير من التوضيحات الممتازة، وستشعر تدريجيًا أنّك تستطيع فهم كل شيء من حولك وآلية عمله.. ولكن في الوقت نفسه فاللعبة صعبة عمومًا لمن ليست لديه هواية في تأسيس وإنشاء سلاسل من الآلات التي تعمل معًا وبشكل متتالي متواتر.. وهنا تأتي نقطة القوة في اللعبة.

Factorio

ستُمضي الكثير الكثير من الوقت وأنت تخطط وتقرر كيف وأين ستبدأ بوضع الآلات وخطوط النقل الآلية، وكيفية ربط كل شيء مع بعضه وتوصيل الطاقة إليه. كما ستكون بحاجة إلى التركيز على إنتاج الموارد بشكل كافي وفعّال. والأهم من هذا كله هو إنشاء أسلحتك الدفاعية من أجل حماية نفسك في الدرجة الأولى وحماية قاعدتك في الدرجة الثانية من خطر الهجمات الشرسة المُتتالية للمخلوقات الفضائية الأصلية.

وبالحديث عن الدفاعات والأسلحة فاللعبة في البداية ستوفر لك إمكانية صناعة مسدس صغير عادي عيار 9 ملم مع بعض مستوعبات الرصاص فقط من أجل الدفاع عن نفسك. ومع الوقت ستكون قادرًا على صناعة البنادق الآلية والرشاشات الأوتوماتيكية الأرضية.. ومع المزيد من التطور والأبحاث ستكون قادرًا على صناعة الأسلحة الليزرية الدفاعية الرهيبة.

هذه الأسلحة ستكون ضرورية جدًا وخصوصًا مع التقدم بالمراحل والمزيد من التطور، إذ أنّ بيئة اللعبة تتضمن العديد من القواعد الخاصة بالمخلوقات الفضائية التي تتقدم وتتطور في نفس الوقت الذي تتقدم أنت فيه وتتطور.. أي أنك ستكون على موعد مع المزيد من الهجمات الشرسة ذات التأثيرات المُتزايدة في كل مرة تنجو فيها من هجوم جديد. ويُمكنك التحكم بصعوبة هذه الهجمات عبر خيارات مُخصصة.. ولكنني شخصيًا وجدت مُتعة كبيرة عند التصدي لهذه الهجمات، لذا قمت برفع مستوى صعوبة وقوة الأعداء إلى الحد الأقصى.. ووجدت أنّ هذا الأمر بحد ذاته قد وفر لي الكثير من المتعة خلال عملي في تأسيس وتطوير الآلات.

Factorio

أيضًا توفر اللعبة عدة أطوار أخرى مثل طور اللعب الفردي الذي يُتيح لك إمكانية توليد عالم بحسب الخصائص التي تقوم بإدخالها واختيارها.. إذ يُمكنك اختيار وتحديد كل شيء فيه انطلاقًا من كمية الموارد المتوفرة وصولًا إلى حجم وقوة قواعد قوات المخلوقات الفضائية المُعادية، وحتى مقاس العالم وحجمه، وفيما إذا كنت ترغب بتفعيل الطور المُسالم الذي يمنحك فرصة التحكم في الوقت الذي ترغب فيه بدء معركتك مع الأعداء.. إذ أنهم لن يقوموا بمُهاجمتك ما لم تقم أنت بذلك أولًا.

أيضًا هناك طور يسمح لك بإنشاء قصتك الخاصة واللعب بها، بالإضافة إلى طور تعدد اللاعبين سواء عبر الشبكة المحلية أم عبر شبكة الإنترنت في طور تعاوني ضد قوات الأعداء. حيث سيكون بإمكانك التعاون مع أصدقائك من أجل مُهاجمة القواعد الأخرى للمخلوقات الفضائية والقضاء عليها.. وسيكون بإمكانك في سبيل إنجاز ذلك إنشاء وصناعة السيارات والعربات المُدرعة وحتى الدبابات.. هناك الكثير من الإمكانيات الرهيبة التي ستُتاح لك مع تواصلك بالقيام بالمزيد من الأبحاث من أجل الوصول إلى إنتاج مكنات وآليات تكنولوجية مُتقدمة.

الأمر المميز أيضًا هو توفر طوري الـ (Map editor) والـ (Mods) واللذان يسمحان للمزيد من الخيارات والإمكانيات وإضافة المزيد من التخصيصات والأدوات إلى اللعبة عبر مُجتمعها الضخم فعليًا.

Factorio

كما أنّ اللعبة متوفرة بالعديد من اللغات العالمية بدعم متفاوت من حيث ترجمة القوائم وكل شيء فيها، وهناك دعم للغة العربية أيضًا، ولكنه بنسبة 68% حاليًا، وهذا الأمر رائع ويتم العمل على استكماله بالتأكيد.. إذ أنّ اللعبة لازالت في طور الـ (Early Access) الذي لم أشعر به إطلاقًا.. لأنني وطيلة فترة لعبي لم أواجه أي مُشكلة مهما كانت.. كما أنّ اللعبة ضخمة وعميقة جدًا وفيها كل شيء! لذا لم أشعر أنها غير مُكتملة البتة، ولكن وبحسب تصريحات المطورين ستكون هناك المزيد والمزيد من الأفكار الإبداعية التي ستتم إضافتها للعبة، وفي الحقيقة هذا الأمر أعطاني شعورًا قويًا ورغبة شديدة في معرفة ماذا يُمكن أن تكون هذه الأفكار والإضافات. أيضًا يتم العمل على تطوير الشكل العام للواجهات والقوائم وإعطائها المزيد من الجمال من حيث التصميم، كما يتم العمل على تطوير آلية الربط بين اللاعبين في طور تعدد اللاعبين وغيرها الكثير.


جرافيك وأصوات اللعبة

Factorio

فاكتوريو (Factorio) ذات جرافيك ثنائي الأبعاد ولكنه ذي طابع خاص يُشعرك وكأنه ثلاثي الأبعاد بشكل نقطي! جميع الآلات والمكنات والمعدات والأدوات مُصممة بطريقة واقعية ولكن بشكل خاص وبأنسجة جميلة متلائمة كليًا مع البيئة من حولك. شخصيات المخلوقات الفضائية وأسلوب تحريكها جميل جدًا. كما أنّ الأنيميشن المُتكامل لمُختلف الآلات رائع ومُعقد في الوقت ذاته.

عندما يتطور المصنع الخاص بك وتزداد تعقيدات خطوط الإنتاج ستجد نفسك أمام شبكة رائعة جدًا من الآلات المُترابطة والتي تعمل بتناغم رهيب وهذا الأمر عند النظر إليه جعلني أستمتع بالفعل وأتساءل في بعض الأوقات كيف تمكنت من بناء هذا كله وربطه معًا بهذا الشكل!

أشكال الموارد المُختلفة واضحة جدًا جدًا.. ويُمكنك مع الوقت تمييزها بكل سهولة.. كما أنّ واجهة المُستخدم ومفاتيح الاختصارات رائعة وسهلة التعلم والإتقان.

Factorio

وفيما يخص أصوات اللعبة فجميع المؤثرات الصوتية للمكنات المُختلفة والتي تقوم بصهر أو حرق أو نقل أو تعبئة أو استخراج أو إنتاج أو أو أو… جميعها رائعة جدًا وتقوم بغرضها على أكمل وجه. أمّا فيما يخص الموسيقى الخاصة باللعبة فقد اختار المطورون إضافة ما يربو على 75 دقيقة من المقطوعات الموسيقية الفريدة التي لا يوجد فيها أي تكرار والتي تمت كتابتها وتسجيلها خصيصًا للعبة من أجل استكمال أجواءها المميزة.. ولكن هذه الموسيقى تأتي على شكل إضافة يُمكنك شراؤها بشكل مُستقل عن اللعبة.


مدة اللعبة وقيمة الإعادة

Factorio

من جديد فاكتوريو (Factorio) كلعبة قائمة على التأسيس والاستثمار للموارد بشكل استراتيجي من أجل إنتاج وتطوير المعدات والأسلحة تعتبر لعبة لا حدود لها طالما أنّك تستمتع بمثل هذه الألعاب. وقد وجدت شخصيًا أنّ طور تعدد اللاعبين إضافة أكثر من رائعة وخصوصًا أنّ فكرة اللعبة قائمة على الدفاع والتحدي والبقاء على قيد الحياة في الأساس. الأطوار المُختلفة للعبة جعلت من تجربتي لها ممتعة جدًا، وبسبب وجود طور الـ (Mods) أعتقد أنّ الإبداع في هذه اللعبة والتطوير عليها عبر مُجتمع اللاعبين لن يحده شيء طالما يوجد من يستمتع بالفعل بإضافة المزيد من المُحتويات أو تطوير ما تتضمنه اللعبة سواء على صعيد أسلوب اللعب أم المظهر والأنسجة أم غيره.


وختامًا أقول..

فاكتوريو (Factorio) من الألعاب التي تستحق التجربة دون أي تردد.. إنها تضاهي من حيث الإمكانيات والميزات وكمية المُتعة الكثير من الألعاب الضخمة التي يتم إنتاجها من قِبل شركات صناعة الألعاب العملاقة. أسلوب اللعب فريد جدًا وبحاجة كبيرة إلى حب التخطيط والهندسة والابتكار من أجل ربط كل شيء بالشكل الأفضل والأمثل. جرافيك اللعبة أيضًا فريد وفيه الكثير من الشغف والإتقان بأسلوب مميز. أصوات الآلات والموسيقى الخاصة المُرافقة ستبعث في نفسك شعورًا حقيقيًا وكأنّك في مصنعك الخاص تقوم بعملك الذي تعشقه وتبرع به.. وكل هذا في سبيل إنقاذ نفسك والبقاء على قيد الحياة في عالم جديد وكوكب غريب وأعداء خطرين!

Mahmoud Abdullatif
الكاتبMahmoud Abdullatif
أعشق الجرافيك والأنيميشن، والاستمتاع بهما، وبالتأكيد في الدرجة الأولى في ألعاب الفيديو، ولا أجد سعادتي الحقيقية إلا عند السعي وراء اكتشاف خفايا هذه اللعبة أو تلك؛ والغوص والكتابة عن ذلك بكل دقة واحترافية!

اترك تعليقاً