كوكبنا يموت.. في كل يوم يمر يزداد امتداد الأراضي الصفراء المُخيفة ذات الرمال الحارقة من حولنا.. الحروب في كل مكان.. ولكن هناك أمل.. دائمًا هناك أمل.. وأملنا الآن في هذا الشيء الغريب الذي يقبع في صحرائنا.. إنه يحمل مفتاح نجاتنا من هذا الموت المحتوم..
عن اللعبة
– النوع: Real-time strategy, Real-time tactics
– المطور: Blackbird Interactive
– الناشر: Gearbox Software
– تاريخ الإصدار: 20/01/2016
– إمكانية اللعب بشكل فردي.
– إمكانية اللعب المتعدد عبر الإنترنت.
– الأجهزة: PC
قصّة اللعبة
قبل حوالي 106 أعوام من وقوع أحداث الـ (Homeworld) كان كوكب كاراك (Kharak) الذي يُعتبر وطن شعب الكوشان (Kushan) على وشك الموت بعد جفافه الكامل وتحوله إلى صحراء قاحلة. هذا الأمر جعل الصراع شديد بين أبناء وعشائر الشعب نفسه الذين بدأوا يحاربون بعضهم البعض بشكل شبه دائم. في هذا الوقت قام أحد الأقمار الاصطناعية باكتشاف شيء ما مجهول الأصل والمصدر في الصحراء الكبرى (The Great Banded Desert). وبالفعل لم يلبث المسؤولون في (Northern Kiithid) أن قاموا بتشكيل حملة استكشافية وإرسالها إلى الموقع من أجل اكتشاف حقيقة هذا الشيء.. ولكن الأمر الغير متوقع كان اختفاء الحملة نهائيًا في الصحراء وانقطاع الاتصالات بينها وبين القاعدة.
أسلوب اللعب
تدور جميع أحداث اللعبة في كوكب كاراك الذي تحوّل إلى صحراء قاحلة يزداد امتدادها عامًا بعد عام. حيث يتم تشكيل حملة استكشافية ثانية بقيادة المسؤولة العلمية (Rachel S’jet) ويتم إرسالها خلف البعثة الأولى التي اختفت سابقًا من أجل إتمام نفس مهمة اكتشاف الشيء المجهول.
هذه الأحداث الشيّقة جميعها ستستمتع بها وما تحمله من مُفاجآت في طور القصة الرئيسية الـ (Campaign). ولكن اللعبة تتضمن أيضًا طوران إضافيان هما طور تعدد اللاعبين (Multiplayer) والطور المعروف (Skirmish).
الآن وفي حال كنت أحد مُعجبي سلسلة (Homeworld) الأصلية فإنّ أول ما ستلاحظه هو أنّ اللعبة هذه المرة على الأرض وليست في الفضاء كما اعتدنا عليها دائمًا.. ولكنني أؤكد أنّ هذه التجربة ستكون مُمتعة للغاية وخصوصًا في ظل الأجواء الرائعة التي ستخوض المعارك فيها.. نعم كل شيء في الصحراء.. ولكنك ستجد الفوائد الحقيقية والامتيازات الكبيرة من طبيعة هذه الصحراء وتضاريسها.
يبدأ طور القصة الرئيسية بنصيحة اختيار خوض طور التدريب البسيط والقصير الذي هو عبارة عن مرحلة تدريبية من شأنها توضيح أهم الأساسيات في اللعبة والتي أعتقد أنها ضرورية في حال لم تكن لديك أي خبرة سابقة في مثل هذا النوع من الألعاب. هذه المرحلة التدريبية تمتد نوعًا ما إلى بداية المرحلة الأولى حيث الدقائق الأخيرة للتحضير والتي تسبق الانطلاق من القاعدة (Epsilon Base) نحو الصحراء.
بعد ذلك يصلك إشعار بأنّ قوات العدو (Kiith Gaalsien) لم تعد تجد أنّ الحلول الدبلوماسية ناجعة وأنها أعلنت الحرب ضد قوات الشمال (Northern Kiithid – Coalition) حيث بدأت بشن هجوم على عدة قواعد تابعة لقوات الشمال بما فيها القاعدة التي تم الانطلاق منها (Epsilon).. ومن هنا تبدأ الأحداث والعمليات القتالية الحقيقية.
اللعبة تعتمد على نظام فيزيائي رائع جدًا ومثير للانتباه. فالعربات والمُدرعات المُختلفة تتحرك بطريقة ديناميكية وتتأثر بشكل رهيب بالتضاريس التي تعبر فوقها. كما تم تقديم عدة أمور تكتيكية جعلت اللعبة تنتقل برأيي الشخصي إلى مرحلة مُتقدمة ومستوى مميز بين الألعاب الاستراتيجية التكتيكية. فنظام القتال في اللعبة ليس كأي نظام، إنه يعتمد على مدى براعتك في التخطيط والاستفادة من البيئة ومما يوجد بين يديك من موارد وأسلحة.
سنتحدث أولًا عن نظام مدى النظر الخاص بالآليات والعربات والمُدرعات. لقد تم تقديم نظام بصري فعّال للغاية، وستجد أنّ الأمر ممتع حقًا عند التمكن من الاستفادة منه وإتقانه. فالكثبان الرملية ستكون عائقًا حقيقيًا بين قواتك وقوات العدو. وفي الوقت نفسه هي كنز حقيقي يُمكن الاستفادة منه من أجل الاختباء وتفادي قذائف المُدرعات الأشد ضراوة وقوة. كما تم تقديم ميزة إلقاء القنابل الدخانية التي يُمكن تكريسها من أجل تحقيق نفس الغاية ألا وهي منع قوات العدو من إلحاق الضرر بك في حال كنت تقوم بعملية انسحاب تكتيكية على سبيل المثال أو في حال قررت المُضي والزحف باتجاه المجهول وفجأة وجدت أمامك من القوات ما لا يمكنك تفاديه أو إصابته إلا في حال كنت على مسافة قريبة منه. وهنا ستجد الفائدة الرائعة من هذه القنابل الدخانية التي ستعمل على منع إحراز أية إصابات مباشرة بين صفوف قواتك إلى حين تقريرك أنت البدء بالاشتباك والتوقف عن إلقاء القنابل أمامك.
أيضًا تم تقديم ميزة أخرى مهمة جدًا ويُمكن أن تكون في كثير من الأحيان مفتاح الانتصار في إحدى المهمات والمعارك ألا وهي حقيقة أنّ فعالية الضربات التي تنفذها القوات المُتمركزة على مستوى أعلى كالهضاب والكثبان والجبال ضد قوات الأعداء التي تكون دونها تكون أكبر وأشد وأكثر تأثيرًا وضررًا. لذا يجب عليك دائمًا توخي الحذر وعدم مُحاولة استهداف القوات المتمركزة فوق مستوى سطح الأرض والتعويض عن ذلك بالاستفادة من الهجمات الجوية.
هذا وكلعبة استراتيجية تكتيكية فقد وجدت تركيزًا واضحًا جدًا على مدى تصوير كل شيء أمامك من منظور علوي بعيد جدًا بشكل ملحوظ. كما تم توفير ميزة الـ (Sensors Manager) التي يُمكنك الولوج إليها بالضغط على زر المسافة من لوحة المفاتيح والتي تُظهر لك الخريطة بالكامل مع كل ما يوجد عليها من موارد ومُدرعات تابعة لك أو لقوات العدو بالإضافة إلى مدى الرؤية لكل وحدة من قواتك المنتشرة في كل مكان وكل ذلك برموز وأشكال فريدة خاصة بكل نوع من العربات ستعتاد عليها مع مرور الوقت. كما يُظهر لك الأماكن الخطرة أو التي يُتوقع أن يكون فيها تمركز لمجموعات من قوات العدو. كما يُشير إلى مناطق الاشتباكات الساخنة التي ربما يكون من الأفضل الانسحاب منها في حال لم تكن لديك القوات الكافية.
وفيما يخص القوات فهناك تنوّع جيّد فيها. ستجد أنّك ستكون قادرًا فقط على اللعب بقوات الـ (Coalition) في طور القصة الرئيسية. بينما ستتمكن في طور الـ (Skirmish) وتعدد اللاعبين من اللعب بقوات الـ (Coalition) وأعدائهم من قوات الـ (Gaalsien). وفيما يخص التمايز في القوات فهناك بعض الفروقات البسيطة من حيث أسلوب اللعب وإنتاج العربات والمُدرعات. كما ستجد أنّ قوات الـ (Gaalsien) تعتمد على المركبات الأرضية التي تملك العجلات الطبيعية والمُجنزرات، في حين أنّ قوات الـ (Gaalsien) مُرتفعة عن الأرض وكأنها مُعلقة في الهواء وفوق سطح الأرض بشكل بسيط بالإضافة إلى بعض الاختلافات في التصاميم والأسماء والأداء العام في المعارك.
وخلال المراحل والمعارك عمومًا سيكون أمامك الكثير من التطويرات التي ستوفر لك المزيد من المعدات والآليات سواء على الصعيد التقني والدعم أم على الصعيد الحربي أم على الصعيد الهندسي. فلكل صنف من المُدرعات سواء الخفيفة أم الثقيلة عدة تطويرات على مستوى التصفيح والأسلحة والأداء. كما أنّ القاعدة الأساسية – وهي المركبة الأكبر والأضخم على الإطلاق في اللعبة – ستكون قادرة على الدفاع عن نفسها من خلال أنظمة الأسلحة التي يُمكنك تفعيلها عليها بالإضافة إلى تزويدها بطبقات مُضادة للقذائف والرصاص على سبيل المثال.
وبالحديث عن هذه القاعدة فهي ليست ثابتة إنما تتحرك ويُمكنك في أي وقت نقلها من مكان إلى آخر بحسب الحاجة. وهي المسؤولة عن إنتاج جميع أنواع الدبابات والآليات والمُدرعات. كما أنها المنصة التي تنطلق منها الطائرات والأسلحة الجوية المُختلفة لتنفيذ الهجمات والغارات.
وفيما يخص طور القصة الرئيسية فهو يحتوي على ثلاثة مستويات للصعوبة. وقد وجدت أنّ المستوى المتوسط سهل فيما لو كنت مُعتادًا على هذا النوع من الألعاب الاستراتيجية ولا أعتقد أنّ تجربتك ستكون مُرضية على هذا المستوى. لذا أنصح كل من لديه خلفية كافية عن الألعاب الاستراتيجية بخوض مهمات القصة الرئيسية على المستوى الأعلى في اللعبة وهو (Classic) حتى يحظى بأفضل تجربة. كذلك الأمر بالنسبة لطور الـ (Skirmish) الذي يتصمن ثلاثة مستويات للصعوبة كذلك. طور الـ (Skirmish) يأتي بخمسة خرائط فقط وهذا الأمر سلبي في الحقيقة وأعتقد أنّه كان من الضروري أن يكون هناك على الأقل ضعف هذا العدد على أقل تقدير. أما فيما يخص طور تعدد اللاعبين فهو الذي قرر المطورون الاعتماد عليه بعد طور القصة الرئيسية ولكن هذا الأمر سيُقرر نجاحه من فشله عدد اللاعبين والمُهتمين عبر الإنترنت بهذا الطور.
جرافيك اللعبة
تتمتع اللعبة بتصاميم دقيقة للغاية ومؤثرات بصرية ممتازة تجعلك تستمتع جدًا بكل ما تراه أمامك. البداية ستكون من القاعدة الرئيسية والعربات والمُدرعات المختلفة والطائرات التي كانت مُبهرة حقًا من حيث الأنسجة المُستخدمة وكمية التفاصيل المُرعبة التي تحملها وتتميز بها. أيضًا حركة هذه المركبات على رمال الصحراء وخصوصًا عند عبورها قمة أحد الكثبان الرملية أكثر من رائعة.
الرمال وكيفية تناثرها من جرّاء مرور العجلات الضخمة للآليات فوقها وخلال سيرها وهي تُخّلف وراءها سحب الغبار مميزة جدًا. أيضًا تفاصيل الصحراء نفسها والبيئة بشكل عام وما تحتويه من ركام وحطام وجبال وهضاب ستجعلك تشعر فعلًا بحرارة الشمس الحارقة ولهيب رمالها وكثبانها. أما فيما يخص الظلال وتأثيرات الإضاءة والانعكاسات فهي مُتقنة تمامًا ولكنك لن تجد ذلك مُبهرًا إلا في حال كان جهازك بمواصفات جيّدة بالطبع.
الأمر الذي لفت نظري بشدة هو طريقة تصميم الانفجارات وألسنة اللهب وسُحب الدخان الأسود الناتجة عن الانفجارات رائعة للغاية وتُحاكي الواقع لدرجة كبيرة دون شك.
توفر اللعبة الكثير من الخيارات للتحكم بمستوى كل شيء من حيث الجرافيك والأنسجة والمؤثرات. وبالتأكيد كلما كانت الدقة أقل كلما فقدت الكثير من المميزات على هذا المستوى حتى حركة إطارات العربات قد تفقدها على المستويات المُنخفضة!
أمّا فيما يخص المشاهد السينمائية الفاصلة فهي رائعة جدًا وفي بعض اللحظات ستشعر وكأنك أمام مشاهد حقيقية مأخوذة من أرض الواقع من شدة إتقانها وإتقان نظام الإضاءة والحركة فيها. وبالإجمال لا يُمكن القول إلا أنّ اللعبة ممتازة على صعيد الإخراج العام الفني والبصري.
أصوات اللعبة
لقد اعتاد القائمون على سلسلة (Homeworld) دائمًا بإسعاد مُعجبيهم بأداء صوتي وموسيقي مميز. بالفعل الأصوات ومؤثراتها المُختلفة لا تقل تميزًا أبدًا عن الجرافيك. أصوات مُحركات العربات بحسب أحجامها مُذهل. أيضًا أصوات أسلحتها المُختلفة. أصوات الأوامر والردود والعبارات المُختلفة التي ستسمعها من كل وحدة قتالية أمرٌ رهيبٌ جدًا يُبعد عنك دون شك الشعور بالتكرار لنفس العبارة. ففي كل مرة تعطي أمرًا إلى إحدى المُدرعات ستسمع تأكيدًا جديدًا على التنفيذ. أيضًا أصوات الانفجارات المُختلفة واقعية إلى درجة كبيرة.
أمّا فيما يخص الموسيقى المُرافقة لكل شيء فهي دون شك الأفضل بمزيج رائع بين الألحان المُقتبسة من الأجواء الصحراوية الشديدة، والتي تتماشى تمامًا مع بيئة اللعب والمعارك.
مدة اللعبة وقيمة الإعادة
فيما يخص طور القصة الرئيسية فهو طويل نسبيًا ويعتمد بشكل أو بآخر على أسلوب كل لاعب وقدراته على التخطيط السريع من عدمه. وفيما يخص قيمة الإعادة فاللعبة تعتمد بشكل شبه رئيسي على القصة الأساسية المليئة بالأحداث والوقائع. وميزة إعادة هذه المراحل ستكون من أجل إحراز نتائج مُرضية أكثر أو تجربة أساليب جديدة. أمّا الاعتماد الثاني فهو دون شك على طور تعدد اللاعبين، ولكن هذا الأمر سيكون مرهونًا بعدد اللاعبين عبر الإنترنت الذين يرغبون باللعب كما ذكرنا سابقًا. لذا وفي حال كان لديك أصدقاء يُمكنك اللعب معهم فاللعبة دون شك ستكون مُمتعة جدًا. وإلا فعليك أن تعلم أنّ طور القصة الرئيسية سيكون الأهم بالنسبة لك.
وفيما يخص الذكاء الاصطناعي في اللعبة – الذي أعتبره نقطة سلبية في الحقيقة – ستشعر أنّه ضعيف بشكل عام، كما أنّه يعتمد على الكثرة في العتاد والقوات في مستويات الصعوبة الأعلى وليس على التكتيك والاستراتيجية. وبالرغم من أنّ هذا الأسلوب بشكل عام هو المُتبع في أغلب الألعاب الاستراتيجية إلا أنني كنت أتمنى أن يكون مستوى الصعوبة التكتيكي أعلى والذكاء الاصطناعي أشد شراسة وفعالية.
وختامًا أقول..
بالرغم من الانتقال من الفضاء إلى الصحراء إلّا أنّ هذا الجزء من سلسلة (Homeworld) ما هو إلّا امتداد حقيقي لهذه السلسلة العريقة. كل شيء في ديسيرتس أوف كاراك (Deserts of Kharak) يُذكرني بشكل أو بآخر بعالم هوم وارلد (Homeworld) الفريد والمميز. أسلوب اللعب التكتيكي مُمتع جدًا وبحاجة إلى الكثير من المهارة وسرعة البديهة. أيضًا الميزات والتطويرات على مُختلف الأسلحة والمُدرعات الأرضية والجوية مُرضية جدًا. وكل هذا بجرافيك مُذهل ومؤثرات بصرية وصوتية غاية في الروعة. لذا يمكن القول لكل مُتابع ومُعجب بسلسلة هوم وارلد (Homeworld) استعد وانطلق نحو أمل البقاء.. نحو حلم نجاة كوكب كاراك من الموت.. بقيادة جيشك من قوات الـ (Coalition) الجبّارة!
