عندما يكون الدافع هو الانتقام لمن تُحب فكن على ثقة أنّ شيئًا لا يمكنه الوقوف في طريقك مهما كان.. ولكن، هل لهذا الانتقام أدنى سبب إيجابي يُمكن إحرازه في طريق الوصول إلى المنشود؟! أم أنّه سيكون وبالًا عليك ولن يتعدى كونه انتقامًا من نفسك قبل غيرك؟! الخيارات أمامك بكل ما تحمله من عواقب ونتائج.. أنت الوحيد القادر على الاختيار والتحدي في عالم يقوده الغضب والسعي نحو المجهول في سبيل اكتشافه ومعرفته، ومن ثم تحديد ما يُمكن فعله به.. إذًا لننطلق في عالم (Punch Club) دون أي تأخير إضافي..
عن اللعبة
– النوع: Indie, RPG, Strategy
– المطور: Lazy Bear Games
– الناشر: tinyBuild
– تاريخ الإصدار: 08/01/2016
– إمكانية اللعب بشكل فردي.
– الأجهزة: PC, Mac, Linux
قصّة اللعبة
المجرمون والأبرياء.. لا مكان يجمعهما إطلاقًا.. وفي حال اجتمعا تحت أي سبب أو ظرف فلابد للشر أنّ يجد سبيلًا بينهما.. ولابد للكوارث والأحداث المأساوية أن تقع.. هذا بالضبط ما حصل مع والد الطفل البريء.. ولسبب مجهول.. وعلى يد شخص مجهول.. يلقى الأب المسكين حتفه مقتولًا في ليلة مظلمةٍ على مرأى ونظر طفله.. رصاصة واحدة كانت كافية لإنهاء حياة فرد كان وجوده سببًا في حياة آخرين..
تمر الأيام وتنقضي.. ولا يجد الطفل سوى صديق والده الذي أصبح وحيدًا أيضًا بعد مقتل صديقه العزيز. يُقرر هذا الصديق المُخلص مُساعدة الطفل والاهتمام به ورعايته وتدريبه.. وبعد أن يبلغ أشده يجد الطفل الذي أصبح شابًا الآن نفسه مُفلسًا وهو بحاجة إلى مقومات الحياة من طعام وشراب، وحتى يتمكن من الاستمرار في تدريباته التي بدأها مع صديق والده.. إنه يسعى الآن في طريق الانتقام وهو يُردد في نفسه: سأعرف من قتل أبي مهما كلف الأمر.. لست ضعيفًا أو جبانًا.. لست خائفًا على شيء بعد فقدان من كان لي قدوة.. سأسير على خطاه وأنتهج نهجه.. وسأصل في نهاية المطاف إلى المجرم الحقيقي.. فهل سيتمكن هذا الشاب اليافع صاحب الإصرار والعزيمة من تحقيق ما يرمي إليه؟ هذا ما ستُحدده أنت فقط في لعبة بانش كلوب (Punch Club) المُميزة!
أسلوب اللعب
تعتمد اللعبة على قصة شيقة وأحداث كثيرة وغايات نبيلة وأخرى ملتوية بأسلوب لعب يحض على التخطيط الاستراتيجي من أجل استثمار الموارد بالشكل الأمثل. إنها الحياة اليومية لرجل مُفلس. عليك مُساعدته في تحصيل كل شيء يلزمه بمُحاكاة عميقة للغاية لما يُمكن العيش فيه من ظروف، أو ما قد يواجهنا من مصاعب وتحديات.
تبدأ اللعبة في منزلك البسيط المُتواضع مع قطتك وحوض الأسماك وبعض الأثاث القديم، حيث تجد الفتى بطل اللعبة الذي هو أنت الآن نائمًا على أريكة عادية إذ أنه لا يملك سريرًا مُريحًا نتيجة وضعه المادي السيء الذي يجب عليك أن تسعى إلى تحسينه.
اللعبة ذات عمق مخفي وراء الكثير من الميزات والأدوات والأشياء التي يجب عليك مُراعاتها دائمًا وأخذها بعين الاعتبار. في البداية ستلاحظ وجود أربعة مؤشرات كل منها يدل على شيء مُعيّن هي: الصحة (Health)، الطعام (Food)، المزاج (Mood) والطاقة (Energy). ولكل من هذه الحالات أهمية وتأثير مُباشر على كل شيء تقريبًا. فالصحة (Health) تؤثر على حالتك العامة، بينما يدل مؤشر الطعام (Food) على حاجتك إلى الطعام ومدى شعورك بالجوع الذي من شأنه منعك من أداء أي نشاط أو تدريب أو حتى النوم. فيما تؤثر حالة مزاجك (Mood) على نسبة الفائدة من التمارين التي تقوم بها مثلًا. وأخيرًا الطاقة (Energy) التي تلعب دورًا محوريًا في العمل والتدريب وغيرها الكثير من الأمور المفصلية.
الفكرة الأساسية للعبة هي مُحاكاة الحياة التي يعيشها من يحاول الوصول إلى مستوى مُتقدم في عالم القتال والمُلاكمة. وفي هذا الصدد أنت بحاجة إلى إدارة الوقت والموارد بالشكل الأمثل حتى تتمكن بالفعل من التقدم وإحراز المركز الأول الذي تحلم به. حيث ستجد ثلاثة محاور أساسية يجب عليك الاهتمام بها ورفع مستواها، هي: القوة (Strength)، الرشاقة (Agility) والقدرة على التحمّل (Stamina). فالعمل على زيادة مستوى قوتك (Strength) يحتاج إلى الكثير من التدريب على الأجهزة الخاصة بزيادة نسبة العضلات في الجسم ، ولها تأثير على زيادة حجم الضرر الذي ستتسبب به للخصم مع كل ضربة موجهة إليه، وفي المُقابل ستزداد نسبة خسارتك للطاقة نتيجة هذا العزم الذي تتمتع به. بينما تجد أنّ التركيز على الرشاقة (Agility) سيزيد من دقة ضرباتك وفرص تفاديك لضربات الخصم. أمّا فيما يخص قدرة التحمل (Stamina) فهي تُساعدك على إعادة اكتساب الطاقة التي تُهدرها خلال القتال بشكل أفضل وأسرع، بالإضافة إلى جعلك قادرًا على امتصاص ضربات الخصم بشكل أكبر.
أكثر ما أثار إعجابي في الحقيقة فيما يخص أسلوبك الذي تفضل التركيز عليه هو تشديد اللعبة على ضرورة اختيار نهج واحد ومحور واحد والتركيز عليه والعمل على رفع مستواه، وعدم محاولة رفع قدرة الشخصية في المحاور الثلاثة مُجتمعة لأنّ ذلك سيُكلفك الكثير دون شك. أيضًا وبعد اختيارك للأسلوب الأمثل – في نظرك – ستبدأ رحلتك في اختيار المهارات المُناسبة لهذا الأسلوب. حيث ستجد أنّ الكثير من الحركات التي تكون فعالة مع القوة (Strength) مثلًا شبه عديمة الفائدة عند اختيارها مع الرشاقة (Agility) أو مع قدرة التحمّل (Stamina)، وهكذا. وهنا تبرز أهمية ومُتعة اللعبة في إدارة الموارد واختيار أسلوب التدريب وحتى النظام الغذائي الذي يتوجب عليك اتباعه.
ستتعرف خلال مسيرتك على الكثير من الأصدقاء، بالإضافة إلى الكثير من الأعداء. لكل من هؤلاء دوره في حياتك كرياضي تسعى نحو البطولة. ففي البداية ستقابل صديقك المُخلص (Mick) الذي سيكون بمثابة الدليل لك في رحلتك وخصوصًا في بدايتها. أيضًا سيُساعدك بالحصول على وجبة طعام في كل يوم لا تجد فيه طعامًا أو مالًا لشرائه. وفيما يخص مسار حياتك فأنت الوحيد الذي ستُقرر السبيل الذي ستسلكه. فاللعبة في هذا المجال توفر لك الكثير من الخيارات سواء الصحيحة التي تقوم على المبادئ والقيم والأخلاق، أم الخاطئة التي تقوم على الغش والغدر والخداع. فإمّا أن تعمل بكدح في عمل شاق حتى تتمكن من كسب لقمة عيشك وثمن أجهزتك الرياضية أو حتى رسم الدخول إلى النادي من أجل التدرّب والتمرّن الفعلي، وإما أن تتعامل مع المجرمين أو مع أصحاب السمعة السيئة من أجل كسب الكثير من الأموال بطرق غير مشروعة وبالتأكيد السعي نحو البطولة بأساليب الغش واستخدام المقويات الممنوعة.
وبالحديث عن التمارين والمُباريات القتالية فلا يُمكن اعتبار اللعبة قتالية بالرغم من أنّ فكرتها تدور حول البطولات والمُباريات، إنما هي مُحاكاة وإدارة للوقت والمال، وتكريسهما في سبيل زيادة القدرات الأساسية. الأمر ليس سهلًا أبدًا، ففي حال تركيزك على العمل وجني المال ستجد أن قدراتك القتالية تتلاشى، وفي حال تركيزك على التدريب والتمرين فلن تجد المال من أجل شراء الطعام أو الدخول إلى النادي. أنت بحاجة إلى تقسيم الوقت بشكل استراتيجي بين العمل، النوم والراحة، التمرّن، اكتساب المزيد من المهارات وغيرها.
أيضًا بين الفينة والأخرى ستجد عروضًا للمُشاركة في البطولات. كما ستواجه في بعض الأحيان وخلال عودتك إلى منزلك أو ذهابك إلى مكان ما مشيًا على الأقدام قُطّاع طرق أو مجرمين من لصوص ونحوه. وهنا يجب التركيز على أنّه ليس من الحكمة أبدًا التجول وأنت تحمل مبالغ كبيرة من المال لأنّك قد تتعرض للسرقة في أي لحظة بعد مواجهة خاسرة مع أحدهم في الطريق.
تُقدّم اللعبة أيضًا نظام الأيام الذي يبدأ وينتهي بحسب النشاطات التي تقوم بها. وفي نهاية كل يوم سيتم عرض تقرير خاص يوضح نسبة ربحك وخسارتك للحالات الثلاثة. لذا يجب عليك التركيز دائمًا على التمرين وتخطيط وقت كل يوم بالشكل الصحيح.
أيضًا عليك التركيز على حالتك وبالأخص قبل خوض المُباريات المختلفة. عليك أن تحافظ دائمًا وقدر المُستطاع على طاقتك وصحتك ومزاجك بالإضافة إلى حالاتك الثلاثة حتى تتمكن بالفعل من الانتصار على خصمك وبالتالي إحراز تقدم على مستوى الترتيب العام للأبطال في البطولات والنوادي المُختلفة.
وبالحديث عن المُباريات فكل مُباراة تعتمد على عدد مُحدّد من الجولات التي تفصلها فترات استراحة تسمح لك خلالها بإعادة ترتيب أوراقك واختيار الأسلوب الأمثل والحركات الأنسب من أجل كسب الجولة التي تليها. فإذا وجدت أنّ ضربات خصمك شديدة التأثير عليك قد تحتاج إلى إعادة النظر في اختيار المهارة التي تسمح لك بالصدّ عوضًا عن الركل بالرّجل على سبيل المثال. وهنا ستكون الخيارات أمامك محدودة من حيث عدد المهارات التي يُمكن توظيفها في كل جولة. ولكن لا داعي للقلق فمع التقدم بالمراحل سيُسمح لك بالمزيد من الخانات التي تُمكّنك من إضافة المهارات إليها.
وبالحديث عن المهارات فكما أشرنا سابقًا جميعها تعتمد على نسبة ومستوى حالتك. وسيتم تقديم هذه المهارات على مبدأ شجري يسمح لك باختيار وفتح ما ترغب به بناءً على شروط مُعينة يجب تحقيقها حتى تتمكن من الاستحواذ على المهارة التالية. حيث يتم اكتساب المهارات باستخدام نقاط خاصة تحصل عليها خلال المُباريات سواء التدريبية أم في البطولات وغيرها.
فيما يخص نظام التخزين فهو بسيط للغاية وكل ما عليك فعله هو إيقاف اللعبة مؤقتًا ومن ثمّ الضغط على زر التخزين والخروج من اللعبة لتُتابع رحلتك في وقت آخر. كما تسمح اللعبة بعدة ملفات للحفظ ما يُتيح الفرصة لعدة أشخاص بالاستمتاع باللعبة على حساب واحد دون تأثير أي منهم على الآخر. إذ تقوم دائمًا بتسمية الشخصية في بداية اللعبة بالاسم الذي ترغب به والذي ستجده على ملف التخزين الخاص بك.
جرافيك وأصوات اللعبة
تم تقديم لعبة بانش كلوب (Punch Club) بجرافيك رائع بالفعل من حيث الدقة والبساطة واستخدام نمط ألعاب الثمانينات والتسعينات الذي يعتمد على النظام النقطي بمُعدل ألوان 16 بت. كما تم توفير خيار يسمح لك بتفعيل ميزة أو تأثير الـ (Retro) الجميل بشكل فوري والتبديل بين المظهرين في أي وقت تشاء.
ستجد نفسك غالبًا تبحث وتحاول الضغط على كل شيء من حولك من أجل اختبار تأثيره أو ما قد ينتج عنه، وهنا ستُلاحظ أنّ الاهتمام بالبيئة وخصوصية ومُحتوى كل مكان أمرًا مميزًا بالفعل. وفيما يخص الألوان العامة والمؤثرات البصرية المُختلفة بالإضافة إلى نظام التحريك والأنيميشن فهي جميلة جدًا وتتناسب تمامًا مع الطابع والجو العام للعبة.
أمّا الأصوات فهي جميلة بالفعل من حيث فكرة كونها أيضًا تعتمد على النظام 16 بت الكلاسيكي الفريد، بالإضافة إلى تنوّع طبيعتها بحسب المواقف والأحداث المُختلفة.
مدة اللعبة وقيمة الإعادة
فيما يخص مُدة اللعبة فلا أعتقد أنّه يُمكن تحديدها إذ أنّ المسألة تختلف تمامًا من شخص لآخر. ولكن وبشكل عام يُمكن التأكيد أنّ اللعبة طويلة نسبيًا وبحاجة إلى الكثير من الوقت وخصوصًا في حال الرغبة في الوصول إلى مستوى عالي على جميع الأصعدة: القوة، الرشاقة وقدرة التحمّل. أيضًا في حال الرغبة بإنهاء القصة الرئيسية مع جميع مهماتها الفرعية.
وبالنسبة لمسألة الإعادة فلا شك أنها واردة جدًا وخصوصًا أنّ اللعبة تعتمد على نظام استراتيجي يسمح لك باختيار أشياء مُحددة على حساب أخرى. كذلك مسألة اختيار أسلوب الكسب سواء الشرعي أم غير الشرعي وما إلى هنالك من أمور متنوعة تمنح إعادة اللعبة مرة أخرى طابعًا خاصًا وتجربة جديدة إلى حد ما.
قد تتعرض إلى الشعور بالملل وخصوصًا بسبب التكرار في أسلوب المُباريات والتمرين والحياة الروتينية التي عليك اتباعها نوعًا ما، ولكن فكرة اللعبة قائمة على ذلك، لذا يُمكن اعتبار هذا الأمر إيجابيًا أو سلبيًا بحسب ميول كل لاعب وهدفه من اللعبة.
وختامًا أقول..
تكثر في أيامنا هذه الألعاب التي تعتمد على جرافيك ثنائي الأبعاد بأسلوب البيكسل، ولكن قليل منها بالفعل يتمكن من إثبات أهليته وتواجده من خلال تقديمه لفكرة جديرة بالاحترام بأسلوب لعب فريد. لعبة بانش كلوب (Punch Club) واحدة من الألعاب التي يُمكن اعتبارها ببساطة ناجحة وتستحق التجربة. أسلوب اللعب عميق وبحاجة ماسّة إلى الكثير من التخطيط والانتباه وتكريس الوقت وإدارة الموارد. وكل ذلك بجرافيك نقطي تم إنتاجه بإتقان واضح وتفاصيل رائعة. أيضًا القصة والأحداث الهامة التي تدور حولها اللعبة بالرغم من أنها لعبة مُحاكاة وإدارة من النوع الرياضي إلا أنّها جميلة ومميزة للغاية. فقط قرّر من ستكون وكيف ستكون، وما هو هدفك ومن هو عدوك، وانطلق بعد ذلك نحو البطولة والنجاح في عالم العزيمة والإصرار!
