عندما يبدأ العقل بخوض التجارب.. عندما تكثر الأحداث والوقائع.. عندما تتكرر المشكلات الغريبة.. وعندما يغيب الوعي عن كل شيء.. عن كل ما يدور من حولنا.. عندها لابد من الغوص عميقًا.. البحث عن أي أمل.. عن أي خيط من شأنه وصلنا بالواقع مرة أخرى.. فهل ذلك ممكن حقّا؟! هل يُمكن للحقيقة بعد تلاشيها أن تظهر إلى السطح مُجددًا بكل بساطة! هكذا فقط!! لا أعتقد ذلك..
عن اللعبة
– النوع: Survival horror
– المطور: Frictional Games
– الناشر: Frictional Games
– تاريخ الإصدار: 22/09/2015
– إمكانية اللعب بشكل فردي.
– دعم كامل ليد التحكم (لمن يرغب باللعب على الكمبيوتر).
– الأجهزة: PC, OS X, Linux, PS4
قصّة اللعبة
في حادث سيارة مروّع خسر بطل اللعبة (Simon Jarrett) صديقته التي كانت معه (Ashley Hall) كما تعرّض هو لإصابات خطيرة في دماغه أدت إلى حدوث تلف في أجزاء منه. ونتيجة لهذه الأضرار البالغة وافق (Simon Jarrett) على الخضوع إلى علاج تجريبي يشمل إجراء عملية مسح وفحص للدماغ.
وبالفعل يذهب (Simon Jarrett) إلى (David Munshi) الذي يؤكد له أنّ كل شيء سيكون على ما يُرام، وأنّ عملية الفحص ستكون بسيطة للغاية ولن تتسبب له بأية آلام.. ولكن هل سينتهي الأمر عند هذه النقطة.. هذا ما ستكتشفه في الأحداث الغامضة لهذه اللعبة الشيّقة التي قام بتطويرها (Frictional Games) الذين سبق وأن قدموا لنا التحفة الرائعة (Amnesia: The Dark Descent)..
أسلوب اللعب
تبدأ اللعبة ببعض المشاهد الغريبة والتي ستشعر بها وكأنها هلوسات أو ما شابه تحدث مع البطل (Simon Jarrett) في سيارته. وبعد اكتشاف حقيقة هذه المشاهد يُتابع (Simon Jarrett) حياته بشكل طبيعي ويذهب إلى (David Munshi) الذي يعمل على تطوير فحص مُخصص للدماغ. ولكن الأمور تسوء وتتحول حياة البطل إلى عالم آخر.. مكان آخر لا يعلم أين يقع ولا كيف وصل إليه.. إنه العالم الذي ستدور أحداث اللعبة فيه بشكل رئيسي. مع مرور الوقت واكتشاف بعض الأسرار ستعلم أنّ هذا المكان هو عبارة عن مُنشأة تحت البحر يُطلق عليها اسم (PATHOS-2). في هذه المنشأة ستجد أنّ الروبوتات الآلية تحكم المكان بشكل أو بآخر.. كما أنّ هذه الروبوتات تتحدث بلغة بشرية مفهومة تمامًا.. بالإضافة إلى وجود وحوش غريبي الشكل سيكونون بمثابة الأعداء الذين يجب عليك الحذر منهم دائمًا.
وبالحديث عن الأسلوب العام للعبة فهي من نوع الرعب القائم على الخيال العلمي والبقاء على قيد الحياة. ستلعب بشخصية (Simon Jarrett) من منظور الشخص الأول. ويجب أن تكون على علم من أنّك لا تملك في اللعبة أية أسلحة تدافع بها عن نفسك أبدًا.. وستكون مُضطرًا إلى الهرب والاختباء فحسب عند وجود أي تهديد من حولك.. لذا وكما أشرنا سابقًا سيترتب عليك تفادي الظهور للوحوش ومُحاولة التسلل دون أن يشعروا بوجودك.. أو أن تحاول تشتيت انتباه الوحش القريب ومن ثم الهرب من خلفه.. وبحسب نوع الوحش سيكون عليك التعامل مع الموقف. فبعض الوحوش لن ينقضوا عليك إلا في حال النظر المباشر إليهم، وبعضهم الآخر نتيجة الضجيج الذي تصدره جرّاء المشي، حيث ستجد أنّه من الأفضل في بعض الحالات الانحناء والمشي بتمهل وعدم الركض.
وبشكل عام فإن اللعبة توفر جوًّا استثنائيًا جدًا مليء بالغموض والعناصر المُخيفة والمُفاجآت المرعبة. وستجد المئات من المواد المقروءة التي من شأنها توضيح تفاصيل القصة أكثر وزيادة الإثارة والفضول لديك لمعرفة المزيد. وتتنوع هذه المواد المقروءة بين رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الورقية والصورة الفوتوغرافية أو بعض الرسومات التي تم تسجيل بعض العبارات عليها أو بعض الكتب والدفاتر وغيرها الكثير من الملاحظات المنتشرة في كل مكان. بالإضافة إلى المواد المقروءة ستجد أيضًا الكثير من التسجيلات الصوتية التي ستعمل على توضيح بعض الأحداث التي مر بها أشخاص محددون كانوا يعملون في هذه المُنشأة قبل أن يلقوا حتفهم بطرق غامضة هستيرية.
أيضًا ستواجه بعض الألغاز المحدودة التي يُمكن اعتبارها متنوعة في الصعوبة بين المستوى البسيط والمتوسط والتي عليك حلها من أجل الانتقال إلى مكان جديد. كما أنّ اللعبة تعتمد على تشويش اللاعب من خلال وجود الكثير الكثير من الأدوات والأشياء المُبعثرة في كل مكان والتي يُمكنك التفاعل معها جميعًا. إذ يُمكنك إمساك أي شيء تراه أمامك أو فتح أي دُرْج في أي طاولة أو أي خزانة هنا أو هناك، ولكنك ستجد أنّ هذا الأمر عديم الجدوى غالبًا باستثناء كل ما يحمل عبارات مكتوبة من شأنها توضيح فكرة مُعينة في قصة اللعبة أو تلك التي قد تُفيدك في حل لغز محدد.
سيكون أمامك الكثير من المشي والتجول في بيئات اللعبة المتنوعة وبين مناطقها.. وقد تضطر في كثير من الأحيان إلى العودة عدة مرات إلى نفس المكان من أجل إيجاد شيء ما أو حل لغز معين أو تجريب فكرة تشعر أنها مُفيدة من أجل التقدم في المرحلة.
جرافيك اللعبة
في البداية شعرت أنّ جرافيك اللعبة جيّد ولا بأس به، ولكن مع التقدم في المراحل وجدت بعض التفاصيل الرائعة بالفعل بالإضافة إلى الكثير من الأماكن التي تتميز بأنسجة ذات دقة عالية وخصوصًا في المراحل المغمورة بالمياه.
هناك اهتمام كبير جدًا من المطورين كما ذكرنا بكل شيء موجود في اللعبة من أدوات أو مجرد أغراض مبعثرة غير مُفيدة من حيث التصاميم والبرمجة الفيزيائية الواضحة بشكل كبير. أيضًا على مستوى توفير جو مُخيف في اللعبة من خلال نظام الإضاءة والمؤثرات البصرية المُرافقة للحالات التي يتم فيها الاقتراب من وحش مُعين أو عند الشعور بالخطر وما إلى هنالك والتي كانت بالنسبة لي أكثر من رائعة ومميزة.
وفيما يخص الوحوش فهي غريبة بالفعل ولا تنتمي إلى أي فصيلة واضحة.. ولكنها قطعًا مُخيفة.. وخصوصًا نتيجة الأصوات المُرافقة لها والتي سنتحدث عنها في القسم التالي..
أصوات اللعبة
لم أجد أي تعبير يصف الأصوات في هذه اللعبة.. بالفعل قمة في التميز نتيجة الأجواء المخيفة التي ستتسبب بها بشكل عام. من الضروري جدًا اعتماد نظام صوتي مميز قبل البدء بهذه اللعبة حتى تتمكن من الاستمتاع بشكل حقيقي بأهم عناصر الرعب التي تم بناء اللعبة عليها. ولمجرد وجود لحظات من الصمت ستجد أنّ عقلك بدأ يتأهب فعليًا ليستشعر بأدنى صوت أو أقل حركة من حولك. وعند صدور الصوت تأكد تمامًا أنّك لست لوحدك.. ولكنك لن تجد أحدًا كما تتوقع وفي المكان الذي تتوقعه.. بل قد تجده في وجهك وأمامك مُباشرةً وهذا الأمر بحد ذاته رائع في مثل هذه الأجواء.
أيضًا أصوات الأدوات والأبواب والخطى على السلالم أو على الأسطح المُختلفة وغيرها جميعها رائعة للغاية.. وبالفعل ستلاحظ أنّك لا شعوريًا تركز على كل صوت يصدر في كل لحظة تعيشها في لعبة سوما..
مدة اللعبة وقيمة الإعادة
قصة اللعبة غامضة جدًا وتحمل في طيّاتها الكثير من التشويق والفلسفة.. ولكن اللعبة بحد ذاتها ليست طويلة ويُمكن إتمامها خلال مدة عشر ساعات تقريبًا. وبالتأكيد الأمر يعتمد على مدى رغبتك في معرفة جميع خبايا وأسرار القصة من خلال قراءة وسماع كل شيء في عالم اللعبة.
ومن حيث الإعادة فأعتقد أنّ السبب الحقيقي وراء إعادة اللعبة مرة أخرى سيكون من أجل فهم القصة بشكل أكبر مع فكرة الاندماج في أجواء اللعبة المميزة من جديد.
وختامًا أقول..
سوما (SOMA) ليست مجرد لعبة رعب بل رعب تقوده قصة مثيرة جدًا وشخصيات غريبة للغاية، وقد ترتب على هذا الأمر الكثير من النقاط الإيجابية والتساؤلات حول ماهية حقيقة هذه اللعبة.. هل هي مُغامرة خيال علمي فيه بعض العناصر المُرعبة أم أنها لعبة رعب حقيقية ذات طابع علمي خيالي.. وشخصيًا وجدت أن كلا الأمرين ينطبق على هذه اللعبة وخصوصًا أنّ مسألة الرعب نسبية وتعود إلى طبيعة الشخص في الدرجة الأولى.. ولكن بالنسبة لتجربتي الشخصية فإنني قطعًا أميل إلى تصنيف اللعبة تحت شعار الرعب والأجواء المرعبة بكل معنى الكلمة نتيجة ما تحمله في مراحلها وما توفره من ركائز أساسية لا يختلف عليها أحد – برأيي الشخصي – في عالم الرعب والخوف النفسي. وقد ساعد على هذا الأمر بالتأكيد جرافيك اللعبة الجيّد والأصوات المُذهلة المُرافقة. فإذا كنت من عشاق هذا النوع من الأجواء فلا شك أنّ سوما ستكون تجربة أكثر من مُرضية لك.. بالرغم من قصر مدتها نسبيًا بشكل عام!