كثيرًا ما تواجهنا خيارات مصيريّة في حياتنا، أحيانًا تكون منطقية ومتشابهة، ولكنها أحيانًا أخرى متناقضة ومتباعدة. قد تكون سهلة، وقد تكون صعبة، ولكنها دائمًا – مهما اختلف حالها وشكلها ومضمونها – تشكل نقطة انعطاف في مسارنا الحالي؛ الأمر الذي قد يكون إيجابيًا يدفع بنا نحو الأفضل، أو سلبيًا يقضي علينا تمامًا في مُعظم الأحيان!
إن القرارات والخطوات في لعبة (.Invisible, Inc) مصيرية جدًا، وإذا لم تكن حكيمًا في اتخاذها سريعًا في توقعك لها فإنها ستُفضي بك إلى مصير واحد لا ثاني له! ستتعرف إليه في السطور القادمة.. فعلى رسلك؛ أيها العميل السري!
عن اللعبة
– النوع: Action, Indie, Strategy
– المطور: Klei Entertainment
– الناشر: Klei Entertainment
– تاريخ الإصدار: 12/05/2015
– اللعبة مخصصة للعب بشكل فردي ولا تدعم تعدد اللاعبين.
قصة اللعبة
تجري أحداث لعبة (.Invisible, Inc) في العام 2074، بعد أن قام عناصر الـ (megacorporations) بإسقاط الحكومات الوطنية والسيطرة عليها. وبدورها كوكالة استخبارات خاصة تقوم (.Invisible Inc) بتقديم الخدمات للشركات والنقابات، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات تسلل باستخدام مجموعة من أخطر وأمهر العملاء السريين الميدانيين. ليس هذا فحسب؛ بل أيضًا باستخدام نظام ذكاء اصطناعي متطور جدًا يُعرف باسم (Incognita).
تبدأ اللعبة بمشاهد مثيرة جدًا مليئة بالأكشن والغموض، حيث يتعرض مقر وكالة (.Invisible Inc) إلى هجوم سري دقيق ومدروس، الأمر الذي يتسبب بخسارة ومقتل معظم أفراد الوكالة من عملاء ومساعدين باستثناء ثلاثة يتمكنون من الهرب بأعجوبة؛ وهم: قائد الوكالة، أحد العملاء وهو أنت كـ (لاعب)، ونظام الذكاء الاصطناعي (Incognita) والذي لا يمكنه أن يبقى صالحًا للعمل أو على قيد الحياة – كتعبير مجازي – مالم يتم تشغيله على كمبيوتر مخصص بعتاد ونظام قوي جدًا جدًا وذلك في غضون 72 ساعة! ثلاثة أيام فقط! وهنا تكون المهمة الصعبة التي سيترتب عليك تنفيذها؛ ألا وهي إنقاذ نظام (Incognita) من التلف والتي تعتبر المهمة الأخيرة للوكالة، حيث ستقوم بمحاولة التسلل إلى مراكز قيادة العدو والولوج إلى أنظمة الحاسب لديهم وتشغيل نظام (Incognita) عليها.
أسلوب اللعب
تعتبر اللعبة من الألعاب الاستراتيجية البحتة من نوع (turn-based tactics)، والتي تسمح لك بالقيام بعدد محدد من التحركات في جولة خاصة بك، ثم وبعد انتهاء عدد الحركات المسموح لك بها يأتي دور الخصم ليقوم أيضًا بعدد محدد من التحركات ضدك. وفي هذه اللعبة ستكون أنت عبارة عن العميل السري الذي يقوم بالتسلل إلى مكاتب وقاعات مراكز قيادة العدو (megacorporations)، وفي المقابل فإن أفراد الحرس والجنود والأمن المتواجدون في هذه المراكز هم من سيقومون بالتحرك ضدك في بيئة مليئة بالتخفي وأعمال القرصنة والهكر.
في بداية اللعبة ستكون قادر على اختيار اثنين من العملاء لتأدية مهمات التسلل والتجسس والدخول إلى مجموعة من أفرع (megacorporations) المنتشرة حول العالم من أجل القيام بمهمات متنوعة ومتعددة تتراوح بين البحث عن شيء معين أو تنفيذ هدف محدد، أو الحصول على معلومات مهمة، أو استعادة أفراد أو معدات أو أشياء ثمينة أوغير ذلك.. وبعد تأديتك وإنجازك للمهمات بنجاح سيترتب عليك إخراج هذين العميلين سالمين وعلى قيد الحياة في أسرع وقت ممكن.
خلال تأديتك للمهمات والبعثات ستكون قادر على التبديل بين العملاء، إذ سيكون هناك المزيد منهم لتختار بينهم. وإنّ أهم ما يميز هؤلاء العملاء هو قدراتهم المختلفة والمتنوعة القابلة للتطوير مع كل تقدم في اللعبة، ولكن احذر.. فعند موت أحد هؤلاء العملاء خلال تأديته لمهمة ما فإنه سيبقى ميتًا إلى نهاية اللعبة إلا في حالة واحدة فقط؛ وهي أن يقوم العميل الآخر بسحب جثته وإخراجها معه من المركز أو المكان الذي قتل فيه.. وفي حال مقتل جميع العملاء فإن اللعبة ستنتهي، وسيترتب عليك البدء من جديد! ولكن وبحسب مستوى الصعوبة فإنك ستكون قادر في حال مقتل أحد العملاء أو في حال قيامك بخطوة شعرت أنها متسرعة نوعًا ما أو خاطئة فإنه يمكنك التراجع عنها، ولكن ذلك له أيضًا عدد محدد من المرات بحسب مستوى الصعوبة الذي تلعب فيه، لذا مرة أخرى سأقول: كن على حذر!
أجمل ما ستلاحظه خلال سير اللعب وحتى مع التكرار هو حقيقة أن مراحل ومواقع اللعبة وتفاصيل كل مرحلة تتولد بشكل آلي في بداية كل مهمة، ولن يتكرر معك أي سيناريو أو مكان قمت باللعب فيه سواء قمت بإنجاز المهمة الخاصة به أو فشلت؛ إذ أنك ستواجه دائمًا مرحلة جديدة بمهمات جديدة وصعوبات جديدة مختلفة عما سبق لك المرور به.
وكما أسلفنا فإن اللعبة تعتمد على تبادل الأدوار، فكل واحد من هذان العميلان اللذان تحت سيطرتك لديه عدد محدد من النقاط التي تسمح له بالتحرك والتجول أو الاختباء، فتح وإغلاق الأبواب، القضاء على عناصر أمن وحرّاس العدو بشكل سري وصامت وغير ذلك.. ولكن كل ذلك بشكل محدود.. وبمجرد نفاذ هذه النقاط يأتي دور خصمك من الكمبيوتر ليقوم بتحركاته أيضًا. ليس هذا فحسب؛ بل سيتم رفع مستوى الإنذار والصعوبة أيضًا درجة مع كل جولة للعدو، حيث سيتم إضافة المزيد من عناصر وقوات الأمن، بالإضافة إلى زيادة عدد التهديدات، ما يجعل المهمة أكثر صعوبة بشكل فعلي! وهذا بالتحديد أكثر ما جذبني إلى اللعبة. فمن خلال هذه الآلية ستشعر وكأنّ المنظمة التي تسللت إليها قد شعرت بوجود شيء ما مُريب، ولكنها لا تعلم ما هو بالضبط، وكلما زادت فترة تواجدك داخلها كلما زادت الشكوك وزاد البحث الجدّي عن كل دخيل عليها. أيضًا يجعلك مضطرًا بكل معنى الكلمة إلى إنهاء المهمة في أقصر وقت وأسرع طريقة تفاديًا لمواجهة المزيد من المخاطر؛ بأن يتم اكتشاف أمرك والانتهاء بقتل عملائك! وبعد كل خمس مرات من تطور الإنذار يزداد مستوى الصعوبة بمعدل واحد، وبالتالي يتم رفع درجة حماية المركز من خلال إما زيادة عدد كاميرات المراقبة أو استقدام المزيد من الحراس أو حتى زيادة جاهزية وقوة الجدران النارية والتي بدورها ستزيد من صعوبة اختراق الأجهزة والمعدات الأخرى والتي ستكون بحاجة ماسّة إلى اختراقها حتى تتمكن من إنجاز المهمة بنجاح. كما يجب أن تحذر من تفعيل أي عنصر من عناصر الإنذار سواء عن طريق الكاميرات أو أشعة الليزر أو حتى من خلال اكتشاف الحراس لوجودك، إذ أن هذا الأمر سيرفع مستوى الإنذار بشكل سريع جدًا مرة واحدة كاملة وليس بشكل متدرج!
بالإضافة إلى ذلك فقد يجد اللاعب نفسه مضطرًا إلى الحصول على نقاط قوة حتى يحظى بمساعدة النظام (Incognita) له خلال عملياته ومهامه. إذا يستطيع نظام (Incognita) الخارق إيقاف أنظمة الإنذار أو كاميرات المراقبة، أو إلغاء أقفال الخزنات وما شابه. كما أنه وفي بعض المنشآت ستكون قادر على شراء تطويرات أو معدات للعميل لتساعده على إنجاز مهمته بكل فعالية واحترافية وذلك بما يتناسب مع نمط المهمة وسيرها، وسيتم الدفع لهذه التطويرات أو المعدات باستخدام المال الذي ستجنيه خلال اللعب نتيجة عمليات السرقة من المنشأة أو الحراس وعناصر أمن المركز الذين قمت بالقضاء عليهم مؤقتًا أو كليًا!
جرافيك اللعبة
طبيعة المجسمات والألوان التي تم اختيارها لتجسيد مراحل اللعبة وشخصياتها رائعة جدًا. استايل اللعبة بشكل عام مذهل وسيُشعرك بالفعل بعالم التسلل والتجسس.. كما أنها متقنة جدًا، لا بل جدًا جدًا. أيضًا إبراز شخصية كل عميل من خلال ملابسه وطريقة حركته ونظراته تشعرك بمدى اندماج هذا العميل أو ذاك مع المهمة التي يقوم بها، ومدى جديته واهتمامه وحذره.
وبالحديث عن عنصر الإضاءة ومجال الرؤية فإن اللعبة رهيبة وتستحق التقدير، إذ لا توجد مرحلة تقريبًا تخلو من عنصر التشويق الذي يسببه مجال الرؤية، فكم ستواجه مواقف تلاحظ فيها وجود ما يراقب منطقة ما دون أن تعلم ما هو؛ هل هو كاميرة مراقبة أم حارس أمن ينتظرك بفارغ الصبر!
كما ستشعر حقًا بمتعة دقات القلب المتسارعة لديك عند نصبك لكمين ما لجندي أو حارس أمن ترغب بالانقضاض عليه وطرحه أرضًا بأسلوب التخفي.. تجسيد الموقف بالنسبة لي كان جميلًا جدًا، وتصميم حركة الانقضاض والضرب احترافية للغاية ومكمّلة بشكل رائع لجو اللعبة.
أصوات اللعبة
تتفاوت الأصوات في اللعبة بين السيناريو الذي يتم سرده لك بطريقة ذكية جدًا، حيث يتم تزويدك – من خلال أصوات متقنة بالفعل – بمعلومات عامة حول المهمة وحول كل عميل تقوم باختياره من حيث الإمكانيات والمهارات. وبالحديث عن الموسيقى الملازمة لمراحل اللعب فهي مليئة بالإثارة والغموض، وإنني أعتبر اختيار المطورين لهذا النوع من الموسيقى خطوة جريئة جدًا وناجحة للغاية. أيضًا كل صوت من المؤثرات الصوتية الأخرى على درجة عالية من الدقة. ستشعر أن كل شيء حولك مهيّأ تمامًا لضمان اندماجك باللعب دون التفكير بأي شيء آخر!
مدة اللعبة وقيمة الإعادة
بالرغم من أن المهمة الرئيسية للعبة قصيرة نسبيًا إلا أنه وكما سبق وأن ذكرنا فإن أجمل ما في لعبة (.Invisible Inc) هو أنك لن تكرر أي مرحلة سبق وأن مررت بها. في كل مرة تبدأ فيها بمهمة فإنك ستجد نفسك أمام تحدي جديد وصعوبات جديدة مثيرة. لذا فإن هذه اللعبة من الألعاب التي أعتبرها متجددة على الدوام بالرغم من أن جوهرها ثابت. وطالما أنك من محبي ألعاب التخفي وأداء المهمات بأسلوب العملاء السريين فإنك لن تتعب من التكرار والتكرار، وخصوصًا أن اللعبة تتطور جدًا في الصعوبة ودرجة التحدي مع كل مرحلة تتجاوزها أو مهمة تنجح في تحقيقها، كما ستوفر لك أطوار مختلفة ومتنوعة جدًا من ناحية الصعوبة ونمط المهمات.
وختامًا أقول..
هذه اللعبة جوهرة نادرة بالفعل، وأنصح كل عشاق الألعاب الاحترافية ذات المغزى المميز والمضمون القوي إلى شراء نسختهم الخاصة منها والبدء فورًا باللعب بها والانخراط في عالم الجواسيس والعملاء السريين الأذكياء؛ الذين لا تغفل أعينهم ولا تتوقف أحاسيسهم التي تعمل كإنذارات للتحري والحذر. إنها مزيج استراتيجي رائع وملفت للأنظار بين أكثر العوامل أهمية في مثل هذا النوع من التحديات، إنهما السرعة والحذر! “فاحذر” أن تكون بطيئًا واترك لبديهتك حرية الانطلاق وبأقصى “سرعة” تحت تصرف مباشر من جانبك المغامر، دون أن تغفل أهمية وضرورة فرض أشد أنواع الرقابة عليها من جانبك الحذر!