مراجعات

مراجعة لعبة World End Syndrome

World End Syndrome كان يمكن أن تكون لعبة رواية قصصية عادية لولا الإخراج الفني الممتاز، والطريقة التي تختار بها اللعبة تقديم القصة، والتي جعلتها مختلفة وفريدة عن أي لعبة أخرى قمت بتجربتها، بل واستطاعت أن تترك لدي العديد من الذكريات الجميلة والدروس المُستفادة بخصوص واحد من أهم موضوعات الحياة وهو الموت.

الموت وفراق الأحباء اختبار لا يمكن الهروب منه، وعلينا أن نكون دائمًا على استعداد لمواجهته مهما كانت الظروف. تتحدّث اللعبة عن هذه الفكرة، فكرة التغلّب على فراق من نحبّهم، والمشاعر المختلفة التي تصاحب الناس الذين يعانون من الوحدة والمشاعر بعد فقدان الناس العزيزة على قلبهم.

اللعبة تجمع بين الرومانسية والغموض، وتعتمد على تقدّيم بعض عناصر الفولكلور والمعلومات عن الحياة في اليابان. كما أنها تحتوي على رسوم من المصمم المسؤول عن سلسلة ألعاب Blazblue.

لذلك ربما تجد اسم السلسلة يتكرّر كثيرًا في اللعبة، مثل وجود شخصية تحب ألعاب القتال التي تصنعها الشركة المطورّة Arc System Works.

World End Syndrome تصدر على منصّات PS4 (تمت تجربتها), Nintendo Switch في الرابع عشر من يونيو هذا العام.

لعبة World End Synndrome .. عالم فريد، وإخراج فني ممتاز


تدور أحداث اللعبة في بلدة صغيرة ريفية تُدعى Mihate، وتحكي عن قصة مراهق عمره سبعة عشر عامًا، وهو البطل الرئيسي للعبة.

ينتقل الطالب إلى المدرسة الموجودة في هذه المدينة بحثًا عن بداية جديدة لحياته، وسرعان ما يجد نفسه متورطًا مع نادي الدراسات التاريخية الموجود في المدرسة، والذي يبحث الطلاب المشتركين فيه عن أصل الأسطورة المنتشرة في جميع أنحاء القرية، وهى أسطورة Yomibito.

طبقًا للأسطورة، كائن Yomibito عبارة عن شخص يعود من الموت إلى الحياة كل مائة عام، ويبدأ في قتل الأحياء وتدمير حياة الناس. ويبدو أن هذا العام هو العام الذي يمكن أن يعود فيه شخص جديد من الموت، تزامنًا مع وقت وصول البطل إلى القرية. هل الموضوع مجرّد رواية خيالية لإخافة الأطفال، أم هو أكثر من ذلك؟

بعد قضاء ثلاث ساعات تقريبًا في أحداث اللعبة، تنتهي اللعبة نهاية غامضة وغير متوقّعة، ثم تجد نفسك تعود إلى بداية اللعبة مجددًا، وتجد نفسك تعيد نفس الأحداث التي لعبتها من قبل، لكنّك تلاحظ وجود اختيارات جديدة لم تكن موجودة في المرة الأولى.

هذه الفكرة يتم استعمالها على نطاق واسع خلال جميع أحداث اللعبة، حيث أن اللعبة تتذكّر جميع الاختيارات التي قمت بها مهما كانت مرة لعبك وحتّى لو لم تسجل ملف حفظ عن المرة التي لعبت فيها، مما يسهّل عليك معرفة نتائج الاختيارات السيئة وتفاديها عند إعادة اللعب.

بعد الانتهاء من أحداث المقدّمة تجد القرية بأكملها مفتوحة أمامك، وتتمكّن من زيارة العديد من المناطق مثل المدرسة أو الفندق أو محطة القطار. يمكنك استغلال الوقت المتاح لك يوميًا مثلما يحدث في لعبة 5 Persona لقضاء اليوم مع الأصدقاء أو عمل الأنشطة المختلفة.

هناك العديد من الشخصيات الرئيسية والفرعية المؤثرة في أحداث القصة، والشخصيات الفرعية تتميز بأشكال مرسومة بعناية تمامًا مثل الشخصيات الرئيسية. وجود الأيقونة على الخريطة تعني أنك زرت هذا المكان مسبقًا وتعرف الأحداث التي تجري فيه في هذا الوقت تحديدًا.

القصة الحقيقية للعبة لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق التقرّب إلى إحدى الفتيات الرئيسية الخمسة الموجودات في اللعبة، عليك أن تعرف خط سير كل فتاة وتظهر في جميع الأماكن التي توجد فيها تلك الفتاة لتستطيع قضاء جميع الأيام معها ومعرفة قصتها ورؤية جميع المشاهد المتعلّقة بها بالكامل خلال الثلاثين يومًا التي تعطيها لك اللعبة. الانتهاء من مصادقة الفتيات كذلك يتيح لك رؤية نهاية حقيقية أخيرة لقصة اللعبة.

أحببت أشياء كثيرة في لعبة World End Syndrome، أولها العالم الخيالي المتكامل والمثير الذي تصنعه اللعبة، يمكنك أن تلاحظ أدق التفاصيل التي تصنعها اللعبة في الدلائل والتاريخ والحوارات كأنها تصنع العالم أو الميثولوجيا الخاصة بها من الصفر.

ليس هذا فقط، بل طريقة حياة الشخصيات في هذا اللعبة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأماكن التي تقدّمها اللعبة، كل شخصية لديها مطعمها المميز ونوع الأكل أو الكتب أو الهوايات الخاصة التي اعتادت القيام بها عن طريق الحياة في هذه القرية تحديدًا، يعني باختصار أن الصور والأسماء ليست مجرد صور في الخلفية بل هي أكثر من ذلك بكثير.

وعلى ذكر الصور الموجودة في الخلفية، معظم الأماكن والخلفيات في هذه اللعبة ليست صورًا ثابتة، بل يمكنك أن تلاحظ حركة الأشياء في الخلف مثل اندفاع الشلالات وحركة الطيور في السماء وغيرها من التفاصيل واستعمال الإضاءة واسقاط الظلال في كل مشهد يحّول الصور إلى لوحات فنية.

الصور ليست العامل الوحيد في خلق البيئة المحيطة بل يمكن أن تسمع أصوات زقزقة العصافير في الصباح وصوت صرصور الحقل في المساء وصوت زحام الناس في الشوارع، وغيرها من الأصوات التي تعمل على تقوية المشاهد وخلق الجو العام لجميع المقاطع القصصية.

بالنسبة للفتيات أنفسهن، فمثل العديد من ألعاب هذا النوع، أنت تصادق الفتيات حتّى تحصل على حبّهن وتقوم بقضاء وقت رومانسي معهن بعد الوصول إلى مرحلة معيّنة في العلاقة.

لكن هذا ليس الحال مع جميع الفتيات حيث أن الفتاة الرابعة والخامسة، حيث كانت العلاقة مختلفة وتجعلك تتعلم المزيد عن طريقة سير الأمور في اللعبة ودلالات الأماكن والأشياء في اللعبة، سوف تكتشف أن كل شيء رأيته وسمعت عنه في اللعبة -حتّى الألوان والأشكال الموجودة في القوائم الرئيسية- لديها دلالات ومعاني تتبع السياق العام والفكرة التي تريد اللعبة إيصالها.

الأداء الصوتي رائع كذلك، تحتوي اللعبة على أداء صوتي كامل لجميع الشخصيات باللغة اليابانية، وساعد في جعل العلاقة مع كل فتاة مؤثرة وتتميز بالخصوصية.

هناك مشهد أنميشن جميل وقصير في البداية لا يمكن فهمه عند مشاهدته لأول مرة، لكن مع الانتهاء من كل مرة لعب تجد المشهد قد تم إضافة مقطع جديد له، ومع اقتراب الانتهاء من اللعبة تستطيع رؤية المشهد بالكامل والذي يكشف أسرار كثيرة ودلالات كانت موجودة أمامك منذ البداية لكنّك لم تلاحظها.

الأسلوب الذي تتبّعه اللعبة في عرض القصة وجدته ميزة وعيب في نفس الوقت. عليك أن تكون في الأماكن الصحيحة في الوقت الصحيح دائمًا لتستطيع التقدّم في قصة اللعبة (أو قصة إحدى الفتيات).

لكن ماذا يحدث إذا لم تقم بالأمور بشكل صحيح أو قمت بتفويت أحد هذه المشاهد المهمة؟ ستجد الشخصية تلقي عليك التحيّة فقط وتتركك وتذهب. جعل ذلك فكرة اللعب وحدك بدون معرفة طريقة سير الأمور مملّة قليلًا حيث أنني وجدت جميع الشخصيات تتركني وتذهب بعد ذكر جمل بسيطة ليس لها معنى، أو يمكنها أن لا تقول أي شيء على الإطلاق.

الأمر يبدو مثيرًا في البداية لأنك ترى المشاهد التي رأيتها من قبل أو سمعت عنها مثل اكتشاف جثة أو حدوث شيء مؤسف لأحد الشخصيات، لكن أنت الآن فعليًا داخل هذا المشهد وتشاهد كيف تسير الأمور بشكل أقرب وأوضح. لكن إذا لم يكن المشهد مرتبطًا بقصة الفتاة التي قررت مصادقتها، أو الشخص محور الأحداث، كل شيء يحدث أمامك بصورة سريعة للغاية وبدون تفسيرات واضحة.

الأمر لا يتحسّن كذلك عندما تعمل فعلًا على مصادقة إحدى الفتيات، معظم أحداث العلاقة نفسها يمكن تجاهلها، وهي عبارة عن حوارات صغيرة مثل: أنتظرك ليلًا، قابلني في اليوم التالي، لا أستطيع مقابلتك اليوم.

هناك فعليًا أربعة أو خمس أحداث شخصية متعلّقة بكل فتاة خلال الثلاثين يومًا التي تمضي فيها الوقت معهم، والباقي لا يمكن اعتباره فعليًا أحداث مهمة في قصة اللعبة أو حتّى في علاقتك مع هذه الفتاة.

World End Syndrome

على الأقل تتجنّب اللعبة التكرارية، وتتيح لك زيارة أماكن جديدة مختلفة مع كل فتاة، يعني أنت لا تأخذ جميع الفتيات إلى السينما مثلًا أو جميعهن إلى المطعم، هناك اختلاف في الأماكن وكما ذكرت أن هذا الاختلاف مهم لأنه يظهر كيف ترتبط الشخصيات بهذه الأماكن وكيف عاشت وتربّت فيها.

جدير بالذكر أن اللعبة تحتاج إلى خمس مرات إعادة على الأقل لتنتهي من قصة كل فتاة، وهذا الأمر يستغرق 13-15 ساعة على الأقل لو كنت تعرف ماذا تفعل، أما لو لم تكن تسير وراء دليل فالحصول على النهايات الصحيحة صعب جدًا ويحتاج إلى إعادة اللعب مرات كثيرة من أجل أن تعرف أماكن الشخصيات في كل وقت.

أعتقد أن أكثر ما جذبني في لعبة World End Syndrome هو إمكانية رؤية كل شيء من زوايا قريبة أو بعيدة، يمكنك رؤية المشهد مرة بدون فهم لأنك مبتعد عن الشخصيات التي تلعب دورًا رئيسيًا في هذا المشهد، لكن بعد اقترابك منهم ومن حياتهم تستطيع فهم هذا المشهد والأسباب التي أدت إلى حدوثه.

طريقة تعامل الفتيات مع موت الأحباء والحوارات التي تجريها معها مع اقتراب الأيام الأخيرة في العلاقة، وأيضًا النهاية الرئيسية لكل فتاة وجدت أنها تستحق التعب الذي أمضيته في إعادة اللعب مرات كثيرة.

World End Syndrome

في نفس الوقت جزء كبير من أحداث اللعبة يمكن تجاهله، والمحتوى الحقيقي الذي تهتم به يمكن الوصول إليه في اللحظات الأخيرة من اللعب، وهذا لم يعجبني كثيرًا وكنت أتمنّى توظيف القصة بشكل أفضل أو كتابة مشاهدة العلاقات والكوميديا بشكل أكثر جاذبية من الموجود حاليًا في اللعبة.

في العموم، لعبة World End Syndrome تستحق اللعب، اللعبة تبتعد عن الجو العام السائد في جعل اللعبة تركّز على مصادقة الفتيات فقط بدون تقديم قصة هادفة، وفي نفس الوقت لا تتعمّق كثيرًا في الأمور العلمية الصعبة مثل العديد من ألعاب هذا النوع.

تتكلّم اللعبة عن موضوع عام وقريب من قلوب اللاعبين، وتنجح في تقدّيم الفكرة بشكل بسيط وجذاب في إطار قصصي ساحر ومليء بالإثارة والغموض والمشاعر المؤثرة، كما أنها تحتوي على بعض الخدع الإخراجية المثيرة مثل مشهد البداية وطريقة التعمّق في المشاهد القصصية، مما جعل تجربة اللعب نفسها شيئًا مختلفًا وجديدًا.

Review overview

التقييم العام8

الإيجابيات

  • قصة ذات أفكار هادفة
  • أحداث مثيرة وغموض يجذب اللاعبين
  • ميثولوجيا وأماكن فريدة خاصة باللعبة
  • دمج نظام اللعب مع فكرة اللعبة بأشكال عديدة ذات دلالات معنوية
  • رسوم شخصيات مميزة
  • خلفيات جميلة تحتوي على بعض العناصر المتحرّكة في الخلف
  • أداء صوتي كامل ورائع لجميع الشخصيات
  • إعادة اللعب تتيح لك معرفة المزيد عن القصة الرئيسية للعبة

السلبيات

  • جزء كبير من الحوارات يمكن تجاهله
  • المواضيع والأحداث الرئيسية تحدث في عدد قليل من الثلاثين يومًا المُتاحين للاعب
  • إعادة اللعبة صعبة للغاية بدون دليل أو نصائح عن الطريق الصحيح

الملخص

8لعبة World End Syndrome تبتعد عن التكرارية في ألعاب الروايات القصصية، وتتكلّم عن موضوع عام وقريب من قلوب اللاعبين وهو الموت، وتنجح في تقدّيم الفكرة بشكل بسيط وجذاب في إطار قصصي مثير ومليء بالإثارة والغموض والمشاعر المؤثرة. كما أنها تحتوي على بعض الخدع الإخراجية المثيرة مما جعل تجربة اللعب نفسها شيئًا مختلفًا وجديدًا.

محمد حسن
الكاتبمحمد حسن
محرر تنفيذي
أغطي صناعة ألعاب الفيديو وأكتب عن اللاعبين والمؤتمرات والمراجعات على جميع المنصّات.