هناك الكثير من الأشياء المهمة التي لا يعرفها الأطفال عن العالم من حولهم، أو ربما تكون لديهم معلومات خاطئة عنه، من بينها الأمن الإلكتروني للأطفال وكيفية حماية أنفسهم على شبكة الإنترنت.
بصفتك المعلم الأول لطفلك، كأب أو أم، فمن المفترض أن تتولى مسؤولية تثقيف أطفالك حول قضايا العالم الحقيقي، لكن من المهم ألا تنسى مشكلة واحدة تؤثر على حياة أطفالك وهي أمنهم الإلكتروني وتوفير الحماية لهم أثناء استخدام الإنترنت عبر هواتفهم الذكية أو حواسيبهم.
وفي الغالب لا يعرف الأطفال كيفية الحفاظ على أمنهم الإلكتروني وإبقاء معلوماتهم وهويتهم وأموالهم بعيداً عن المخترقين. وبصفتك أحد الوالدين، فمن واجبك إجراء حديث مع أطفالك حول الأمن الإلكتروني.
5 نصائح للحفاظ على الأمن الإلكتروني للأطفال
دعهم يعرفون أهمية الموضوع
أول شيء يحتاج الأطفال إلى معرفته حول الأمن السيبراني هو أن التهديد حقيقي. هناك مجرمو الإنترنت الذين يريدون السرقة من أي شخص، حتى الأطفال. بشكل عام، يدور الحفاظ على الأمن السيبراني حول المجالات الثلاثة التالية:
- تهديدات المعلومات: مجرمو الإنترنت محترفون في استخدام مجموعة متنوعة من التكتيكات لسرقة المعلومات الحساسة، مثل كلمات مرور الخاصة بحساب أطفالك.
- تهديدات الهوية: تحتاج أنت وأطفالك إلى الحفاظ على أمان معلوماتك الشخصية، ولكن من الصعب القيام بذلك إذا نشر أطفالك تفاصيل شخصية عبر الإنترنت.
- التهديدات المالية: يستخدم مجرمو الإنترنت العديد من الطرق لسرقة أموالك. قد لا يهم الطفل كثيرًا، ولكن قد يضطر في النهاية إلى استخدام طفلك للوصول إلى بياناتك المالية. هذ الدرس يجب أن يعرفه الأطفال في سن مبكرة حتى لا يقعوا في حيل المجرمين لاحقاً.
لم يضطر الأطفال من قبل إلى التفكير في هذه التهديدات، لكن في ظل انتشار التكنولوجيا في كل مكان، أصبح من المهم تثقيفهم حول أهمية الأمن الإلكتروني ومن المرجح أن يستجيب الأطفال ويتخذوا خطوات لحماية أنفسهم.
لذلك فإن أول خطوة هي أن تشرح لأطفالك أهمية الموضوع وتوضح لهم أن استخدامهم للإنترنت ليس خالياً من هذه المشاكل الخطيرة، حتى لو كان كل ما يفعلونه هو استخدام الهاتف للاستمتاع ببعض الألعاب. التوعية بأهمية الأمن والحماية أصبحت أساسية لكل الأطفال.
لا تجعل المحادثة مع الطفل لمرة واحدة، ولكن قم من حين لآخر بإجراء محادثات مفيدة معه بخصوص الأمان الإلكتروني وفي كل مرة يجب أن تبدي أهمية حول الموضوع.
اشرح لهم التهديدات
بعد أن تشرح للأطفال أهمية الموضوع، قد تدور الكثير من التساؤلات في أذهانهم مثل كيف يقوم الهاكرز بمثل هذه العمليات، وكيف يُمكن تنفيذ مثل هذه الأشياء على شبكة الإنترنت ودون تواصل على أرض الواقع بيني وبينهم. قد تبدو هذه التساؤلات سطحية، لكنها بالنسبة لطفل صغير بدأ باستخدام الإنترنت حديثاً منطقية جداً.
يمتلك الهاكرز مجموعة متنوعة من التكتيكات ضمن أدواتهم لتنفيذ هجماتهم. تعد معرفة التهديدات الأكثر شيوعًا أحد أفضل الطرق التي تتيح لأطفالك حماية أنفسهم منها.
يجب أن تتحدث مع الطفل حول الأشياء التي قد تتعرض للخطر أثناء الاتصال بالإنترنت وكيف يُمكن أن يقوم الهاكرز باستهدافهم. تعد وسائل التواصل الاجتماعي واحدة من أكبر المخاطر، وكما نعلم فإن الأطفال يستخدمونها بكثافة، لذلك فإن المخاطر تكون عليهم أكبر إذا لم يتعلموا كيفية التعامل معها.
لذلك من المهم أن توضح للطفل بطريقة مختصرة وعملية وسهلة الفهم بعض التكتيكات وأهمها:
الهندسة الاجتماعية: وهي استهداف الأطفال من خلال مراقبة سلوكهم على الشبكات الاجتماعية خصوصاً لتنفيذ عمليات احتيال مدروسة بعناية. مثلاً حينما يقوم الطفل بنشر صورة لحيوان أليف على حسابه أو نشاط معين مع أصدقائه، فسوف يبدو ذلك أمراً طبيعياً ولا يتضمن أي معلومات خطيرة. لكن يمكن لمجرمي الإنترنت أن يستفيدوا من هذه المعلومة ويختلقوا عملية احتيال متقنة وسريعة ومخصصة بناء على ما شاركه الطفل عبر الإنترنت. مثلاً (انقر هنا لمشاهدة صورة قطتي الرائعة الجديدة) أو (لقد ربحت بطاقة هدايا من متجر ما، للحصول عليها اضغط هنا). طبعاً العبارة يتم صياغتها بحسب مشاركات الطفل ويكون هدفها اللعب على عاطفته لدفعه للضغط على الرابط وبعدها تتم عملية الاختراق. لذا من المهم أن يفهم الأطفال كيفية اكتشاف عمليات الاحتيال التي تستهدف عواطفهم وألا يندفعوا باتجاه كل شيء يرغبون به على الإنترنت.
التصيد الاحتيالي: من الشائع رؤية التهديدات وعمليات الخداع والحيل عبر الإنترنت بناءً على الأحداث الشائعة. ومثل البالغين، سيتعرض الأطفال لمثل هذا النوع من الاحتيال. في هذه الطريقة يحاول الهاكرز خداع الأطفال للتخلي عن المعلومات الشخصية، عن طريق تسجيل الدخول إلى رابط مزيف لكسب أموال سهلة، أو تهديدهم بإغلاق حساباتهم إذا لم يأكدوا هويتهم. يتم استخدام أسماء علامات تجارية موثوقة يعرفها الأطفال في عمليات التصيد. لذلك يجب تعليم الأطفال أن يشككوا في الرسائل التي تصلهم على الشبكات الاجتماعية وتطبيقات التواصل الفوري وأن يميزوا بين الطريقة التي تطلب فيها الخدمات الرسمية معلوماتهم وبين الطرق التي يستخدمها الهاكرز.
الشراء داخل التطبيقات: يجب تحذير الأطفال من عمليات الشراء من داخل التطبيقات على وجه الخصوص كونها واحدة من المشاكل التي تتكرر مع الآباء. في حين أن هناك العديد من التطبيقات المجانية التي تفرض رسوماً شرعية على المحتوى الإضافي أو مستويات متقدمة من الألعاب، إلا أن هناك تطبيقات خبيثة تحاول خداع المستخدمين لإنفاق الأموال داخل التطبيق. حتى لو لم تكن هناك أي حيلة أو عمليات غير مشروعة، يجب أن يفهم الطفل متى يكون الشراء من داخل التطبيق مناسباً ومتى يكون غير مناسب. من الجيد أن تختبر طفلك بعد تثقيفه حول عمليات الشراء، وذلك بإضافة ميزانية صغيرة لسحابه ومن ثم تراقب كيف يقوم بإنفاقها.
وبشكل عام الكثير من تهديدات الهندسة الاجتماعية والتصيد الاحتيالي يمكن كشفها بسهولة إذا كان للطفل دراية مسبقة بهذه الطرق. ولكن بعض التهديدات تبدو حقيقة جداً ويقع ضحيتها أشخاص بالغين، لذا فإن شرحها لطفلك والتأكد من أنه استوعب هذه الأفكار هي مسألة حساسة تساعده على تجنب الوقوع كضحية في أيدي الهاكرز.
علمهم إجراءات الأمان الأساسية
ليس هناك حل سحري للبقاء آمنًا عبر الإنترنت، لذلك تثقيف أطفالك هو العامل الأهم. لكن هناك مجموعة من التدابير الأساسية التي يجب تعليمها للطفل قبل أن يستخدم أي جهاز مرتبط بالإنترنت وقد تجنبه بنسبة كبيرة جداً التعرض للاختراق أو الاحتيال.
إنشاء كلمات مرور قوية: علم طفلك ضرورة اختيار كلمة مرور قوية ومعقدة، حتى يصعب على أي شخص تخمينها. ثم علمه كيف يحتفظ بهذه الكلمات إما عن طريق تطبيقات إدارة كلمات المرور أو عن طريق تسجيلها في دفتر ملاحظات.
الاعتماد على ميزة المصادقة الثنائية: كلمات المرور القوية ليست كافية لوحدها، ومن الأفضل دائماً وجود طبقة إضافية من الحماية. ميزة المصادقة الثنائية تسمح لك بذلك، بحيث إذا تمكن الهاكزر من تخمين كلمة المرور أو الوصول لها بطريقة أو بأخرى، فلا يزال يتعين عليهم الوصول إلى رمز تحقق على الهاتف أو معلومة إضافية. كافة التطبيقات الاجتماعية المعروفة تتضمن ميزة المصادقة الثنائية، لذلك لا تكتف فقط بتفعيلها للطفل، بل يجب عليك تعليمه كيفية استخدامها وآلية عمل هذه الميزة.
تشغيل التحديثات: معظم الأطفال لا يحبون التحديثات لأنهم يرغبون بالوصول بسرعة إلى محتواهم المفضل سواءً الوصول إلى اللعبة أو تشغيل تطبيق ما. لذلك يجب عليك أن تشرح لطفلك أهمية تحديثات النظام والتطبيقات وأن هدف التحديثات ليس الحصول فقط على ميزات جديدة بل لإصلاح نقاط ضعف أو ثغرات أمنية يُمكن للمخترقين الوصول للطفل من خلالها. ذكر طفلك دائماً بتشغيل التحديثات وعدم تجاوزها.
اطلب من طفلك أن يفكر مرتين: إذا كان أطفالك يفكرون مرتين قبل أن ينجرفوا وراء عواطفهم أثناء اتصالهم بالإنترنت، فسيكونون أكثر أمانًا وسيحافظون على سلامة معلوماتهم وهويتهم وأموالهم.
كلمة أخيرة – الأمن الإلكتروني للأطفال
هناك الكثير من الأشياء التي يحتاج الآباء تعليمها لأطفالهم. لكن لا تنس الأمن الإلكتروني للأطفال إطلاقاً. فهو أحد أهم الدروس التي يجب تعليمها للأطفال في هذا العصر الرقمي.
للأسف الكثير من الآباء، يقومون بفعل كل شيء بالنيابة عن الطفل ويتخذون الإجراءات الأمنية بأنفسهم ومن ثم تسليم الجهاز للطفل ظناً منهم بأن هذا الحل الأمثل. لكن هذه هي المشكلة الأكبر في التعاطي مع الأطفال والتي تؤدي في النهاية لتعرضهم لمشاكل أمنية خطيرة.
الحماية الحقيقية للطفل هي من خلال تعليمه وتثقيفه. كشخص بالغ، أعرف أنه يُمكنك إنشاء كلمة مرور قوية أو تفعيل المصادقة الثنائية في عدة ثواني، لكن يجب أن تعلم طفلك كيف يقوم بذلك بنفسه حتى لو استغرق الأمر نصف ساعة أو أكثر.
قد تكون مفاهيم مثل الهندسة الاجتماعية والتصيد الاحتيالي والابتزاز الإلكتروني صعبة على بعض الأطفال، لكنك كشخص واعي ومسؤول عليك أن توضح لطفلك هذه الأشياء وتحاول إيجاد طرق مبتكرة لتشرح له هذه الأشياء.
الأطفال لديهم شغف بالتكنولوجيا وهم يتعلمون بسرعة، وتأكد من أن لديهم قدرة على استيعاب كل هذه الأشياء. كل ما عليك فعله أن تمرر لهم المعلومات تدريجياً وأن تجيب عن أسئلتهم وبعد فترة قصيرة سيكونون هم من يوفرون لك الحماية الأمنية بطرق لا تعرفها ولا تتخيلها.