لا شك أن التطور التكنولوجي في الإمارات هو من أهم الدلائل على النقلة النوعية التي حققتها الدولة خلال السنوات الماضية نحو مستقبل أفضل للسكان.
تعتبر دولة الإمارات العاشرة عالمياً والأولى في الشرق الأوسط كأفضل دول العالم في تقرير التنافسية الرقمية العالمية لعام 2021 والذي يشمل ثلاثة محاور رئيسية وهي المعرفة والتكنولوجيا والجاهزية للمستقبل.
احتلت الإمارات في نفس التقرير المركز الخامس عالمياً في محور التكنولوجيا، والذي ينقسم إلى عدة مؤشرات مثل الأمن السيبراني الذي احتلت فيه الإمارات المركز الأول عالمياً إلى جانب مؤشر اشتراكات النطاق العريض اللاسلكي.
إن التحول الرقمي الذي شهدته الإمارات يمس جميع محاور الحياة وأصبح يمثل ثقافة وأسلوب عمل في حكومة دولة الإمارات، ومع التقدم التقني الذي يشهده عالمنا اليوم، بات الأمن الرقمي جزءاً لا يتجرأ من الأمن القومي للدول المتقدمة، حيث يلعب الابتكار والقدرة على التجدد والتكيّف دوراً هاماً في حماية المجتمعات الرقمية، والتصدي الاستباقي لأية تهديدات سيبرانية.
البنية التحتية القوية لقطاع التكنولوجيا وكون الإمارات متربعة على قائمة أكثر الدول استخداماً للإنترنت يجعل من السهولة على الشركات والأفراد تبني الاتجاهات التكنولوجية الحديثة.
في نفس التقرير حققت الإمارات المركز الثالث عالمياً في إدارة المدن وكذلك في استخدام الشركات للبيانات الكبيرة والأدوات التحليلية وتوافر الفرص وغياب التهديدات.
ترتكز حكومة دولة الإمارات على التكنولوجيا المتقدمة وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة لتوجيه مؤسسات الدولة الهادفة لتعزيز الجاهزية للمستقبل، وذلك تجسيداً لرؤية القيادة في تطوير بنية تكنولوجية متكاملة تقوم على الابتكار والرقمنة.
لا يمكن للعديد من الدول التباهي فقط بتصميم وتنفيذ خارطة طريق شاملة لدمج التكنولوجيا باعتبارها جانبًا أساسيًا من أهدافها التنموية دون مباردات حقيقية، والإمارات العربية المتحدة بالتأكيد ليست واحدة من هذه الدول.
ومع إطلاق استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة للثورة الصناعية الرابعة وإنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي، عززت الدولة مكانتها كواحدة من أقوى البلدان في التطور التكنولوجي والابتكار العالمي.
إن السؤال عما إذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة حقاً بارعة في التكنولوجيا أو ما إذا كانت الدولة عالقة في شبكة تقليدية من المبادرات التكنولوجية دون قيمة حقيقية وملموسة لا يجب أن يبقى بلا إجابة.
التطورات التي حصلت في الآونة الأخيرة ووجود استراتيجية شاملة للابتكار وخلق الشراكات على جميع المستويات تؤكد أن التطور التكنولوجي في الإمارات ليس مجرد مبادرات عشوائية.
التكنولوجيا المالية والشركات الناشئة: تعد الإمارات العربية المتحدة أكبر مركز للتكنولوجيا المالية للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط، حيث تضم ما يقرب من 50٪ من شركات التكنولوجيا المالية في المنطقة. احتضنت قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة إمكانات التقنيات الجديدة، على سبيل المثال، قامت أكبر المناطق الحرة المالية في البلاد، سوق أبو ظبي العالمي ومركز دبي المالي العالمي، بتنظيم وإنشاء أنظمة بيئية متقدمة للتكنولوجيا المالية مثالية للشركات الناشئة والشركات الجديدة وتتعاون جنبًا إلى جنب مع الشركات القائمة حتى يتمكن كلا الجانبين من جني الفوائد.
مشروع 300 مليار: في مارس 2021، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة مشروع 300 مليار، وهي خطة استراتيجية شاملة مدتها 10 سنوات تهدف إلى ترسيخ القطاع الصناعي في الدولة، مع التركيز على الصناعات المستقبلية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة، بما يعمل على تمكين الاقتصاد، وتحفيزه، ورفده بعناصر النمو المستدام. ستستفيد أكثر من 13500 مؤسسة صغيرة ومتناهية الصغر من الدعم المالي والسياسي من خلال الاستراتيجية التي تم تقديمها حديثًا، مما يؤدي إلى إنشاء اقتصاد وتطوير المنظومة الصناعية.
مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة: لا يتم قياس مؤشرات التكنولوجيا على الدعم التي تتلقاه المؤسسات فحسب، ولكن أيضاً من خلال أوجه التعاون والشراكات القائمة على البحث والابتكار. تم إنشاء مجلس أبو ظبي لأبحاث التكنولوجيا المتطورة، وهو أول مجلس من نوعه في الشرق الأوسط، لتشكيل البحث والتطوير لنتائج التكنولوجيا التحويلية وتشكيل استراتيجية البحث والتطوير في شتى المجالات الأكاديمية والصناعية في أبوظبي والاستثمار الأمثل للموارد المتاحة وتوجيه السياسات واللوائح التنظيمية. يعد إنشاء معهد الابتكار التكنولوجي (TII) أيضًا إجراءً آخر يساهم في وضع دولة الإمارات العربية المتحدة بقوة على خريطة الدول البارعة في مجال التكنولوجيا.
المدن الذكية: تعتمد المدينة الذكية على وجود بلديات تستخدم تقنيات المعلومات والاتصالات لزيادة الكفاءة التشغيلية ومشاركة المعلومات مع الجمهور وتحسين جودة الخدمات الحكومية ورفاهية المواطنين. وتعتبر دبي واحدة من أفضل البلدان حول العالم في التطور التكنولوجي للمدن الذكية، بينما تتجه الحكومة إلى توسيع نطاق المدن الذكية داخل الإمارات. يعد مشروع سيليكون بارك أحد أهم الأمثلة على كيفية وضع الإمارات العربية المتحدة نفسها كمزود مخصص للمساحات الذكية من الناحية التكنولوجية والتي تساهم في مؤشر السعادة للمواطنين ورواد الأعمال. تتبنى قيادة الإمارات رؤية مثيرة للمدن الذكية قائمة على التصدي لأهم التحديات المستقبلية مثل نقص المساحات ونقص الغذاء والتغيرات في المناخ. من خلال الجمع بين البيانات والذكاء الاصطناعي والتحليلات، لا تعالج الإمارات العربية المتحدة فقط التحديات المالية، ولكن أيضًا التحديات الاجتماعية، مثل الحد من الجريمة ونماذج الزراعة المستدامة للفئات المحرومة وخلق المزيد من المساحات الحضرية لعيش حياة أفضل داخل المدن.
إنترنت الأشياء: حققت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدمًا ملحوظًا في تطوير العديد من الصناعات المتخصصة مثل الطيران والجيش والتعدين والطاقة المتجددة وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال استخدام التكنولوجيا الرائدة. بحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت إلى 1 تريليون على المستوى العالمي، ومن المتوقع أن تصل الإمارات العربية المتحدة وحدها إلى نصف هذا الرقم بحلول عام 2050. كدولة عبور تربط الشرق والغرب، مع بيئة مؤيدة للأعمال، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة مركزًا تكنولوجيًا لإنترنت الأشياء في جميع التطبيقات التي تتيح التحول الرقمي في المطارات والشحن والخدمات اللوجستية.
الطاقة النظيفة والنقل الذاتي: نور أبو ظبي هو أكبر مشروع للطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم. تبلغ مساحتها 7.8 كيلومترات مربعة وتضم أكثر من 3.2 مليون لوحة شمسية، تنتج 1177 ميغاواط من طاقة التيار المستمر. يتيح المشروع زيادة إنتاج الطاقة المتجددة ويقلل الاعتماد على استخدام الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، مما يؤدي إلى تقليل انبعاثات الكربون بمقدار مليون طن متري سنويًا، وهو ما يعادل إخراج 200000 سيارة من الطرق. في نفس الوقت تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال رؤيتها الطموحة لتحويل 25% من رحلات التنقل في دبي إلى رحلات ذكية ذاتية القيادة بحلول عام 2030 إلى تقديم تجارب تنقل سلسة وآمنة للمستخدمين. تتبنى دول الإمارات العديد من المبادرات الرائدة في مجال النقل مثل النقل بواسطة الهايبرلوب أو التاكسي الطائر والسيارات ذاتية القيادة.
مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء في دبي: يهدف المشروع إلى مضاعفة إنتاج دبي الغذائي ثلاث مرات، إذ يمثل مدينة عصرية متكاملة تدمج مفاهيم الإدارة المتكاملة للغذاء ضمن أنشطتها وتسعى لاستقطاب العقول المبدعة والشابة لرسم مستقبل الغذاء. ويتكون مشروع وادي تكنولوجيا الغذاء من أربع مناطق أساسية هي: منطقة الهندسة والتكنولوجيا الزراعية، وحاضنات ابتكار الأغذية، ومركز البحث والتطوير، ومنطقة الأنظمة اللوجستية المتقدمة. وستركز المنطقة الأولى “منطقة الهندسة والتكنولوجيا الزراعية” على تبنّي تقنيات الغذاء والزراعة الحديثة، وستحتوي على مركز للزراعة العمودية التي توفر في المساحات، وتوظف أحدث الابتكارات لإنتاج كميات وفيرة من محاصيل أساسية لمدن المستقبل الذكية. كما ستركز منطقة الهندسة والتكنولوجيا الزراعية على مشاريع ابتكارية في مجالات الهندسة الحيوية والأتمتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي في مجال الغذاء، فضلاً عن دعم تنمية رأس المال البشري وبناء القدرات وتطوير الكفاءات المؤهلة في مختلف التخصصات ضمن هذا القطاع الحيوي.
الطباعة ثلاثية الأبعاد: في 2016، تم إطلاق استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد، وهي مبادرة عالمية فريدة من نوعها تهدف إلى تسخير الطباعة ثلاثية لخدمة الإنسان وتعزيز مكانة دولة الإمارات على مستوى المنطقة والعالم في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول عام 2030. ستركز استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد التي تهدف لجعل دبي عاصمة عالمية لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على ثلاثة قطاعات رئيسية وهي: البناء والتشييد، المنتجات الطبية، والمنتجات الاستهلاكية.
القطاع الصحي: تتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة العديد من المبادرات التكنولوجية المهمة في مجال الرعاية الصحية مثل منصة ملفي، وهي منصة تبادل المعلومات الصحية في أبوظبي، وتعمل على ربط مؤسسات الرعاية الصحية العامة والخاصة في أبوظبي ربطاً آمناً. تتيح منصة ملفي تبادل المعلومات الصحية الهامة بين مقدمي الرعاية الصحية في الوقت الفعلي، بهدف توفير قاعدة موحدة لسجلات المرضى وتحسين جودة الرعاية الصحية وتحقيق أفضل النتائج للمرضى.
التطور التكنولوجي في الإمارات ليس وليد الصدفة، بل كان نتيجة مجهودات جبارة في تبني تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.