المدن الذكية في السعودية

ستكون المدن الذكية في السعودية خطوة مهمة جداً نحو معالجة التحديات التي تواجه العالم والمملكة العربية السعودية في الوقت الحالي، وذلك بالاعتماد على أحدث التقنيات الذكية لتشكيل مدن المستقبل.

وضمن رؤية 2023 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تهدف المملكة العربية السعودية إلى إنشاء أكثر مدن العالم ملائمة للعيش والتي يُمكنها أن تجذب أفضل العقول والمواهب.

تعمل المملكة العربية السعودية على استضافة مؤتمرات سنوية للمدن الذكية وذلك لفهم العدد الكبير من التحديات التي تواجهها المدن في جميع أنحاء العالم لاستيعاب مواطنيها الذين يتمتعون بأعلى مستويات جودة الحياة.

وكما نعلم، فقد تسبب فيروس كورونا “كوفيد 19” المستجد في أضرار كبيرة على الاقتصاد العالمي وهو ما دفع الحكومات الوطنية إلى الاستعانة ببعض التقنيات الذكية لتتبع انتشار الوباء ودعم تنفيذ الاستراتيجات الطبية.

بالنسبة للملكة العربية السعودية، كان وباء كوفيد 19 مؤشراً واضحاً على ضرورة الإسراع في تبني المدن الذكية، حيث أدت هذه الأزمة إلى ظهور عدد كبير من الفرص لتنفيذ مجموعة من التقنيات بهدف مواجهة التحديات غير المسبوقة.

ونظرًا لكونها اقتصادًا يعتمد بشكل أساسي على النفط اليوم، فإن المملكة العربية السعودية تتطلع بشكل متزايد إلى التنويع، والمدن الذكية هي خطوة في هذا الاتجاه.

على سبيل المثال، تتطلع المملكة إلى زيادة حصة الصادرات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من 16٪ إلى 50٪ بحلول عام 2030. وتتوقع أيضًا أن تضيف المدن الذكية مئات الآلاف من الوظائف بحلول عام 2030.

خصصت المملكة بالفعل 500 مليار دولار للاستثمار في 285 بلدية لتنفيذ المدن الذكية، حيث بدأت المملكة العربية السعودية بالفعل جهودها لتحويل المدن الخمس الأولى بما في ذلك مكة والرياض وجدة والمدينة المنورة والأحساء، مع التركيز على القطاعات الرئيسية في عملية التحول مثل الحوكمة والتنقل والاقتصاد والبيئة والمعيشة.

والأن دعونا نأخذ لمحة عن أهم ما يميز المدن الذكية في السعودية خلال المستقبل

كيف ستبدو المدن الذكية في السعودية


التنقل الذكي

التنقل الذكي هو طريقة جديدة وثورية وأكثر نظافة وأمانًا وفعالية في التنقل داخل المدن، حيث يتم استخدام وسائل مختلفة للتنقل بدلاً من الاعتماد على سيارات الوقود، مثل مشاركة الركوب ومشاركة السيارات والاعتماد على المواصلات العامة الحديثة كالحافلات، وقطارات السكك الحديدية الخفيفة، ومترو الأنفاق إلى جانب المشي وركوب الدراجات وغيرها. نشأت الحاجة إلى التنقل الذكي من الازدحام المروري المتزايد والآثار الجانبية المرتبطة به، بما في ذلك التلوث وضياع الوقت.

في المستقبل القريب، سيتضمن التنقل الذكي المركبات ذاتية القيادة والسيارات الكهربائية وأنظمة التنقل الفائقة مثل “هايبرلوب” وغيرها الكثير. هذه الأفكار لا تزال في مرحلة التنفيذ المبكر أو المرحلة التجريبية لكن فور انتشارها فإن التنقل الذكي سوف يغير كيفية استخدام سكان المدينة لوقتهم والاستمتاع أكثر بفترات التنقل وتوفير الأموال.

المدن الخضراء الذكية

تحتاج المملكة السعودية للمزيد و المزيد من المساحات الخضراء، لكن هذا الأمر لن ينجح دون الاعتماد على المدن الخضراء الذكية والتي تعد مركزاً تعاونياً يربط بين الصناعات والحكومة والباحثين والمجتمع لخلق بيئات حضرية ملائمة للعيش من خلال حلا المشكلات القائمة.

فوائد الغطاء النباتي كثيرة، فهو لا يقوم فقط باستعادة وتحسين جودة الهواء، ولكنه يوفر أيضًا عنصرًا شاملاً من العناصر الجمالية لمناطق المعيشة الحضرية. أظهرت الدراسات أيضًا أن التعرض المنتظم للطبيعة له فائدة إضافية تتمثل في تقليل المشاعر السلبية وتخفيف التوتر الذي تشتد الحاجة إليه في وقتنا الحالي.

الطاقة البديلة والذكية

على الرغم من أن المدن تشغل 2٪ فقط من مساحة اليابسة في العالم، إلا أنها تستهلك أكثر من ثلثي طاقة العالم وتشكل أكثر من 70٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. تعد مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة جنبًا إلى جنب مع الشبكات الذكية، عنصراً أساسياً لوضع حد للآثار الضارة الناجمة عن ارتفاع الطلب على الطاقة.

وباختصار، فإن الشبكة الذكية عبارة عن شبكة طاقة على مستوى المدينة تتيح للمستخدمين أن يكونوا أكثر وعياً بخيارات الطاقة الخاصة بهم واتخاذ قرارات أفضل بشأن البيئة.

ونظرًا لأن مصادر الطاقة المستدامة تقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون وتحسن الظروف المعيشية في المناطق الحضرية، تتجه المزيد والمزيد من المدن إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية في سعيها من أجل مستقبل نظيف ومنخفض الكربون.

الطاقة الذكية هي خطوة نحو بنية تحتية للطاقة أكثر ذكاءً ذات كفاءة أكبر وإمكانات جديدة وبيئة أنظف. توفر الطاقة الذكية للمدن الذكية عدة فرص رئيسية مثل توفير التكاليف، وإزالة الكربون، وزيادة القدرة.

الأمان – المدن الذكية في السعودية

تحتاج المدن الذكية إلى إجراءات أمان إلكتروني مشددة لأنها تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا وتكون أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية، وهو ما قد يعطل الخدمات الأساسية داخل المدينة والبنية التحتية في مجالات متعددة مثل الرعاية الصحية والنقل والطاقة والمرافق وغيرها.

لذلك تستخدم المدن الذكية أنظمة أمنية متعددة مثل أنظمة التعرف على الوجه والمراقبة بالفيديو لتتبع النشاط الإجرامي والوصول إلى المناطق الآمنة أو استخدام الطائرات بدون طيار.

إنترنت الأشياء

المدن الذكية في السعودية

يشكل إنترنت الأشياء (IoT) النسيج الأساسي للمدينة الذكية، والأجهزة المتصلة هي التي تساهم في هذه الشبكة. عندما تكون الأجهزة متصلة، يمكنها إرسال المعلومات واستلامها، وجمع بيانات مفيدة في الوقت الفعلي للحصول على المعلومات وتحليلها، وجعل حياتنا بشكل أساسي أسهل كثيرًا عن طريق تخفيف أو إزالة المشاكل المختلفة في حياتنا اليومية.

على سبيل المثال، يتم استخدام إنترنت الأشياء في منازلنا للتحكم في المصابيح الكهربائية عبر هواتفنا بينما تمكننا الأجهزة القابلة للارتداء من اكتشاف نشاطنا اليومي وتحليل النوم وغيرها.

في المدن الذكية، يمكن استخدام تطبيقات الأجهزة المحمولة لتتبع أحوال الطريق ومعلومات المرور، مما يساعدك على تجنب نقاط الازدحام بسهولة من هاتفك. تلعب هذه الأجهزة دورًا في تحسين المدن الذكية.

يدخل إنترنت الأشياء أيضاً في إنشاء أنظمة الرعاية الصحية الذكية، فمثلاً يُمكن تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة وتقليل التكاليف من خلال تتبع المرضى والمعدات والموظفين وغيرها.

توسيع نطاق الرعاية الصحية إلى المنزل في المدن الذكية يجعل جمع البيانات وتتبع الحالة الصحية للمواطنين أمراً ممكناً، وهو ما قد يغير كيفية إدارة الأمراض المزمنة. على سبيل المثال يُمكن دمج هذه البيانات في السجلات الصحية الإلكترونية مما يسمح للأطباء بمراقبة المرضى في الوقت الفعلي عن بعد.

إدارة النفايات – المدن الذكية في السعودية

المدن هي بؤر إنتاج القمامة، حيث توقعت دراسة أجراها البنك الدولي أن إنتاج النفايات السنوي سيزداد بما يصل إلى 3.4 مليار طن بحلول عام 2050 وللتعامل مع الكم الهائل من النفايات، هناك حاجة إلى ممارسات فعالة لتحسين جودة خدمات جمع النفايات.

دمج التكنولوجيا الذكية في صناديق النفايات مثل تركيب مستشعرات مستوى الملء أو تركيب ضواغط لجعل الصناديق ذات سعة أعلى، يساهم في تسهيل عمل شركات إدارة النفايات ويوفر طريقة أفضل للجمع والتخلص من رحلات التجميع غير الضرورية.

مواطن ذكي

أخيرًا، يعد المواطنون الأذكياء من السمات الأساسية للمدن الذكية. فمن غير المنطقي إحاطة البشر بالتكنولوجيا إذا كانوا لا يعرفون كيفية استخدامها. على سبيل المثال، إذا كان المواطن لا يعرف كيفية الوصول إلى منصة ذكية لجدولة المواصلات العامة واستخدامها، فسوف يستمر في استخدام أساليب التنقل القديمة.

لا يتعلق العنصر البشري بقدرة السكان على الاستفادة من المعلومات، بل يتعلق أيضاً بالمساهمة في زيادة تطوير مبادرات المدن الذكية، حيث يجب أن يكون لدى المسؤولين برامج توعية متقنة تمكن المواطنين من استخدام هذه التقنيات الذكية.

لحسن الحظ فإن سكان المملكة العربية السعودية لديهم قدرة قوية على التفاعل مع المتغيرات التكنولوجية الحديثة، خصوصاً فيما يتعلق بالخدمات عبر الإنترنت وربما نشير هنا إلى أن المملكة تعد واحدة من أكثر 10 بلدان على مستوى العالم في أعلى معدل انتشار للإنترنت وذلك بنسبة 95.7%. لكن يبقى الرهان على مؤسسات الدولة المسؤولة عن هذه البرامج في توفير أفضل الوسائل والطرق والبرامج لدمج المواطنين مع المدن الذكية.

جمانة البريم
كاتبة ومترجمة مهتمة بالتقنية