لي بيونغ شول .. حقائق وخفايا مثيرة عن حياة مؤسس شركة سامسونج

كان عام 1936 هو العام الأكثر تأثيراً في حياة مؤسس سامسونج لي بيونغ شول Lee Byung-chul، حيث كان هذا العام بداية الإدراك المستنير والفهم الأعمق للوضع الاقتصادي والتجاري لصاحب الستة والعشرين عاماً.

عاش “لي” في مستعمرة يابانية وكان الجيش الياباني الذي يحتل كوريا آنذاك يلقي بثقله عبر قارة آسيا بأكملها في محاولة لتوحيدها. كان العلم على أعتاب الجحيم المتمثل على شكل حرب عالمية ثانية من شأنها أن تودي بحياة الملايين وتغيير موازين القوى العالمية.

كان لدى لي بيونغ شول العديد من الأسباب المالية والوطنية لدخول الأعمال التجارية، حتى لو كان ذلك يعني العمل مع أسياده اليابانيين.

“الكوريون ليس لديهم تضامن، لذلك لا يُتوقع منهم إدارة شيء مثل شركة محاصة، في ذلك الوقت، نظر اليابانيون إلينا بازدراء وكان لقراري الدخول في شركة محاصة أسباباً مالية، ولكن كانت هناك أيضًا رغبة جامحة لإثبات خطأ هذا الازدراء”

يقول لي بيونغ شول في مذكراته

بداية لي بيونغ شول

ولد “لي بيونغ شول” في 12 فبراير 1910 في بلدة ريفية تسمى وريونغ Uiryeong وتربى على طريقة الطبقة العليا في البلاد كونه الابن الوحيد لعائلة ثرية. درس الاقتصاد في جامعة واسيدا والتي تعتبر من أهم الجامعات الخاصة في اليابان والمنتجة لكثير من قادة المستقبل.

اضطر إلى ترك الكلية بعد عام بسبب المرض، والعودة إلى وطنه الذي يعاني من الفوضى، حيث تم إجبار الكوريين على تقديس الامبراطور الياباني وكانوا مطالبين بالتحدث باليابانية في الأماكن العامة، بينما يتم شحن العمال الكوريين لخدمة الجيش الياباني.

في عام 1937 اضطر “لي” لإغلاق مشروع مطحنة الأرز الفاشل الذي كان قد دشنه سابقاً بواسطة الثروة التي تركتها العائلة، وأخذ إجازة للسفر إلى الصين وكوريا لمدة عام ودراسة الأسواق، وخلال هذا الوقت لاحظ وجود فجوة في سوق المنتجات الطازجة.

اقرأ أيضاً: 3 قواعد أساسية لرواد الأعمال الطامحين للتوسع عالمياً

تأسيس سامسونج

في مارس 1938 افتتح “لي” متجرًا للخضروات والأسماك المجففة وكان لديه تسعة عشر موظفًا، يجلبون المنتجات الطازجة من الريف ويشحنونها إلى الصين ومنشوريا والتي كانت القاعدة الصناعية للمجهود الحربي الياباني، والتي تعرف اليوم باسم شمال شرق الصين.

أطلق على متجر الخضار الخاص به اسم Samsung Sanghoe والتي تعني بالنطق الكوري “النجمات الثلاثة”، بعد ذلك بعام، توسع لشراء مصنع جعة ياباني وباعه لاحقًا بثروة صغيرة.

كان “لي بيونغ شول” يتطلع في ذلك الوقت إلى النجاح الذي حققته شركة السيارات اليابانية ميتسوبيشي “صاحبة الماسات الثلاثة في شعارها” نظراً للتشابه بينها وبين سامسونج.

تأثير الزايباتسو

في اليابان، كانت حينها زايباتسو Zaibatsu من أكبر وأقوى الشركات في العالم، وكانت تمثل التكتلات الصناعية والمالية التي تديرها سلالات عائلية، والتي حولت اليابان من منطقة منعزلة إلى قوة عالمية خلال خمسين عامًا.

كان “لي بيونغ-شول” مبهوراً بتكتل زايباتسو بسبب الثروة الهائلة التي جمعوها والمكانة الوطنية، رغم إلقاء اللوم عليهم بسبب نفوذهم الكبير وتحكمهم في المناصب السياسية وتحديد الاتجاهات العامة للبلد والاستفادة من الحرب العالمية الثانية.

هذا التأثير سيكون له انعكاسات كبيرة على كيفية إدارة “لي” لشركة سامسونج في المستقبل، وفي فترة الخمسينيات تم استخدام مصطلح “Chaebol” تشايبول في كوريا الجنوبية للإشارة إلى أشكال الائتلافات التجارية المشابهة لشركات الزايباتسو.

الحرب العالمية الثانية

عالم “لي” سوف ينقلب تماماً في أغسطس 1945 حيث أسقطت طائرات أمريكية قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي، مما أجبر الإمبراطورية اليابانية التي كانت يومًا ما قوية على الاستسلام.

وصل الجنرال دوغلاس ماكارثر إلى طوكيو وأصبح الحاكم العسكري للمملكة المهزومة، محاولاً هدم الزايباتسو وإنشاء نظام جديد يقوم على الرأسمالية والديمقراطية حسب الطراز الأمريكي.

“إذا لم يتم هدم هذا التركيز للقوة الاقتصادية وإعادة توزيعه بشكل سلمي، فليس هناك أدنى شك في أن القضاء عليه سيحدث في نهاية المطاف من خلال حمام دم من العنف الثوري”.

ما كتبه الجنرال ماكارثر إلى أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي

بعد ستة أيام من استسلام اليابان، هبطت قوات الاحتلال الأمريكية في كوريا لفرض التخلي عن الإمبراطور الياباني هناك وبحث استقلال كوريا عن اليابان.

بدأ لي بيونغ شول، بصفته أحد أقطاب التجارة الإقليميين، بإقامة علاقات مع الحكومة العسكرية الأمريكية الجديدة، وباستخدام ميراث والده وثروته الصغيرة من متجر البقالة وبيع مصنع الجعة، اشترى جامعة محلية وصحفية.

بعد انتهاء الحرب وتحديداً في عام 1947 كانت شركة سامسونج قد بدأت بالازدهار، لذا قرر “لي” الانتقال إلى العاصمة الكورية سول ونقل المقر الرئيسي للشركة إلى هناك.

زيارة اليابان

رغم معرفته السابقة باليابان، إلا أن الزيارة التي قام بها لي بيونغ شول للعاصمة اليابانية طوكيو في فبراير 1950 كان لها تأثيراً كبيراً عليه.

أعجب “لي” بمرونة الشعب الياباني وأخلاقياته في العمل بعد اعتقاده أن اليابان ستكون يائسة تماماً بسبب هزيمتها في الحرب، ولكنه رأي جيلاً جديداً من رواد الأعمال اليابانيين يكدحون في مكاتبهم التي دمرتها القنابل ويجربون تقنيات جديدة من شأنها أن تحقق لهم نجاحاً عالمياً في العقود القادمة: سوني وتويوتا وهوندا.

هذه الشركات الجديدة كانت تسمى keiretsu، ولم تكن تدار دائمًا من قبل العائلات، ولكن من خلال المساهمات الجماعية بين الشركات، والتي تتمحور حول بنك خاص، مما يمثل تغيراً في تقاليد العمل اليابانية.

ظهر هذا الشكل الجديد للشركات في اليابان لأن الحكومة العسكرية الأمريكية حظرت الشركات القابضة في محاولة للتخلص من نفوذ عائلات الزايباتسو.

في كوريا الجنوبية كان الأمر مختلفاً نوعاً ما، فرغم فرض حظر على الشركات القابضة، إلا أن قادة الأعمال في البلاد كانوا مصممين على الحفاظ إرث الزايباتسو وحكم الأسرة بطريقة ما، لذلك فقد تبنوا ممارسات المساهمة المشتركة المشابهة للشركات اليابانية الجديدة، لكنهم استطاعوا إحداث ثغرات لتمرير الحصص المالية لأبنائهم من خلال التبرعات الخيرية وعمليات الدمج داخل إمبراطورياتهم التجارية.

بعد شهرين من جولته في أكثر من خمسين مصنعًا وموقعًا تجاريًا في اليابان، عاد “لي بيونغ شول” إلى كوريا الجنوبية ليصطدم بأحداث مروعة.

الحرب الكورية

لي بيونغ شول

في 25 يونيو 1950 عبرت القوات الشيوعية الكورية الشمالية وغزت الجنوب، وبعد سهرة طويلة مع عائلته كان “لي” يتساءل فيها عن مصير أعماله، بل ومصير حياته نفسها، أدرك “لي” أن القوات الكورية الشمالية احتلت العاصمة سول ما اضطره لمغادرتها.

في ذلك الوقت تم اتهام الرأسماليين بالتعاون مع الأمريكيين واليابانيين، وقد مثلوا أمام “محاكم الشعب” في الساحات العامة، حيث تم إعدامهم رميا بالرصاص. اقتحم جنود كوريون شماليون وانتهازيون محليون مستودع سامسونج ونهبوا مخزون الشركة.

بعد أسبوعين رأى “لي” زعيماً شيوعياً قوياً يتجول في سيارة شيفروليه أمريكية الصنع حديثة الطراز، وأدرك أنها كانت سيارته الشخصية، يقول لي في مذكراته “شعرت بغضب لا يمكن وصفه بالكلمات”

في سبتمبر 1950، وصلت قوات الأمم المتحدة واستعادت سيول، وبعد ثلاثة أشهر قرر “لي” بيع الأصول المتبقية لشركة سامسونج – كل ما لم يتم نهبه – واستخدام العائدات لشراء شاحنات لإجلاء موظفي سامسونج وعائلاتهم.

استمر الصراع بين الجيش الكوري الشمالي وقوات الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة، واضطر “لي” للهرب إلى الطرف الجنوبي للبلاد في ميناء بوسان، آخر معقل متبقي لكوريا الجنوبية، ودشن معملاً لتكرير السكر. كان هذا التحول بمثابة نعمة له، حيث عزز التدفق الهائل لقوات الجيش الأمريكي والمعدات العسكرية أعماله في مجال النقل بالشاحنات.

توقفت الحرب الكورية بوقف إطلاق النار في عام 1953، على الرغم من انتهاء القتال، إلا أن الحرب لم تنته رسميًا حيث لم يوقع أي من الجانبين معاهدة سلام. قُتل أكثر من 36000 جندي أمريكي و 5 ملايين كوري، مما يجعلها واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في القرن العشرين، وعلى قدم المساواة مع حرب فيتنام.

لي بيونغ شول والفساد

بنى “لي” ثروته الأولى باستخدام الدهاء السياسي، ومن خلال استغلال الطفرة المفاجئة في فترة ما بعد الحرب، حيث أقام علاقات سياسية مع أول رئيس لكوريا الجنوبية “إي سنغ مان”، وحصل على ترخيص حكومي حاسم ويصعب الحصول عليه كمتلقي للعملة الأجنبية، مما سمح له بتبني نموذج نمو اقتصادي يسمى استبدال الواردات واستيراد المواد الخام مثل الصوف وتحويلها إلى منتجات نهائية مثل الملابس.

في عام 1954 دشن “لي” مصنعًا لغزل الصوف بمساعدة يابانيين وألمانيا الغربية كان الأكبر في البلاد ذلك الوقت.

استخدم “لي” الأرباح التي حققها للحصول على أسهم في أحد البنوك وشركة تأمين، ومتجر تجزئة، وجامعة كونفوشيوسية، Sungkyunkwan، التي تأسست عام 1398. بحلول نهاية العقد، اشتهر “لي” بأنه أغنى رجل في البلاد، لكنه كان أيضًا رمزًا للفساد الكوري الجنوبي.

أطلق عليه الناس Golden Touch وكذلك لقب Mr. All-Wool بسبب معاطفه الصوفية الفاخرة، ولكن على الرغم من كل الانتقادات اللاذعة للشركة، كانت مشاريع سامسونج التجارية رمزاً لإعادة الإعمار بعد الحرب، حيث رفعت الروح المعنوية الوطنية في مرحلة صعبة للغاية وساهمت بقوة في دعم الاقتصاد الكوري.

في الستينيات، قرر “لي” الدخول في صناعة الإلكترونيات للسيطرة على السوق تمامًا مثل القطاعات الأخرى، وركزت سامسونج حينها على ابتكار منتجات قوية وأصدرت الشركة أول منتج لها – تلفزيون بالأبيض والأسود.

بحلول منتصف وأواخر الستينيات من القرن الماضي، كان لدى سامسونج ستة أقسام تركز على قطاع الإلكترونيات مثل أشباه الموصلات والاتصالات السلكية واللاسلكية والأجهزة وما إلى ذلك.

تأثير اليابان

بعد كل هذه الأحداث، كان “لي” لا يزال متأثراً بالشعب الياباني، وقدرته على الوحدة والعمل الدؤوب وتقدير الشعب للقضايا العامة على حساب الفرد.

هذا التأثير الياباني، جعل “لي” يؤمن بنهج دقيق وحذر لكل موظف جديد سيتم تعيينه في سامسونج، حيث جلس شخصياً في كل مقابلة لموظف جديد تقريباً، واستعان بعلماء وظائف متخصصين أو قراء للوجه، وذلك لمساعدته في تفسير ملامح المرشح للوظيفة للتعرف على دوافعه وهويته.

“كن حذرًا في توظيف شخص ما، ولكن بمجرد تعيينه، كن جريئًا في تكليفه بالمهام”

يقول لي في مذكراته

كانت فلسفته شبيهة بفلسفة زايباتسو اليابانية حيث تضع الأسرة الحاكمة الرؤية ويقوم المدراء بتنفيذها دون إدارة دقيقة للموظفين.

الإدارة القوية والعمل الجاد

يصل “لي بيونغ شول” إلى مكتبه في وسط مدينة سول الساعة 9 صباحًا. حاد وفي أعلى درجات التركيز، ومستعد للقاء المدراء التنفيذيين في جلسات تخطيط شاملة.

يعود “لي” إلى قصره الفاخر في الخامسة مساءً، وعادة ما يتناول الطعام بفرده تم يخطط لطرق جديدة لزيادة ثروته.

كان “لي” يمتلك عقاراً فخماً على بعد ساعة جنوب العاصمة سول في يونغين، حيث قضى الكثير من الوقت مع زوجته الثانية.

وبينما كانت الشركات الأمريكية حريصة على اقتناص المتخصصين التقنيين ومنحهم مشاريع قصيرة الأجل بمكافآت قصيرة الأجل، أصبحت سامسونج مهووسة بتنمية المتخصصين للعمل مدى الحياة وهو ما أصبح يعرف باسم “رجال سامسونج” بدلاً من منحهم فرصاً قصيرة المدى.

مستلهماً الفكرة من اليابانيين، شكل “لي” قسماً قوياً للموارد البشرية في سامسونج مما منحه موقعاً متميزاً بين الشركات التابعة له في مجموعة سامسونج الكبيرة.

أحب “لي” الجولف والخط الصيني، وهي أنشطة ساهمت في فلسفته التجارية شبه التأملية. أما عن ارتباطاته السياسية فكان يقول عن الحلفاء الأقوياء “لا تجعلهم بعيدين جداً ولا قريبين جداً”

الانقلاب العسكري

في صباح 16 مايو 1961، استيقظ الكوريون في سول مرة أخرى على صوت الدبابات وهي تتدحرج في الشوارع، لكن لم تكن هذه الأصوات إشارة لاحتلال جديد من كوريا الشمالية، بل لانقلاب عسكري يقوده الجنرال بارك تشونغ هي.

كان “لي” حينها في اليابان يستمتع بلعب الجولف في الصباح الباكر، وكمؤسس لشركة سامسونج ورمز مكروه للثروة غير المشروعة في كوريا الجنوبية، كان “لي” على قائمة الاستجواب.

عملاء للحكومة الكورية ظهروا في الفندق الذي يقيم به داخل اليابان وتركوا ملاحظة خطية يأمرونه فيها بالعودة إلى كوريا الجنوبية.

عاد لي فوراً إلى كوريا، وقابل زعيم الانقلاب، الديكتاتور الذي كان يعتقد أن سامسونج يرأسها شخص مجرم من ذوي الياقات البيضاء. مع ذلك لم يرى زعيم الانقلاب أن عقوبة السجن مجدية، حيث أنها قد تجرد البلاد من القوة التي تملكها شركة سامسونج.

بدلاً من ذلك، عرضوا على “لي” التخلي عن أجزاء كبيرة من ثروته لصالح الدولة وذلك بسبب تهربه من دفع ضرائب كبيرة وغرامات غير مدفوعة تبلغ حوالي 4.4 مليار دولار أمريكي.

يتوقع من سامسونج أن تتعاون بشكل كامل مع خطط الجنرال بارك لبناء دولة جديدة ثرية وقوية، وفي حال تم رفض التعاون ستكون زنزانة السجن في انتظار “لي”.

على الرغم من أن هذه التطورات قد تبدو سيئة بالنسبة لمؤسس سامسونج إلا أن النهضة الاقتصادية الشاملة التي تحققت في عهد “بارك تشونغ هي” ساهمت في تقوية شركة سامسونج كواحدة من أعمدة الاقتصادي الكوري، وتم معالجة القضايا بين “لي” وبين الحكومة.

في عام 1965 قبل الميلاد أسس “لي” صحيفة JoongAng Ilbo والتي ستصبح واحدة من أهم ثلاثة منافذ إخبارية في كوريا الجنوبية. وعلى غرار الصحف اليابانية كان من المفترض أن تمثل الصحيفة أصوات الشركات بالإضافة إلى نقل الأخبار.

بالنسبة لشركة سامسونج، كانت الصحيفة وسيلة للدفاع عن الشركة ضد أي هجوم سياسي، حيث رأى “لي” أن الاتصالات الجماهيرية هي أفضل وسيلة لمنع السياسات السيئة.

أصبح لي أول رئيس للاتحاد الكوري الصناعات، وهو مجلس من كبار رجال الأعمال الذين اجتمعوا لمواءمة أهدافهم مع النظام ولحماية مجموعات التشايبول من التدخل الحكومي.

فضيحة فساد جديدة وتنحي لي بيونغ شول

حث الرئيس بارك سامسونج على بناء مصنع للأسمدة، وهو حجر الزاوية في التنمية الوطنية وضامن لشرعية النظام، ووعد بأن تقدم الحكومة الدعم الكامل للشركة.

في عام 1966، بعد ثمانية عشر شهرًا من البناء وسنوات من تأمين رأس المال، كان من المقرر افتتاح مصنع “لي” الجديد، والذي تبلغ طاقته السنوية 330 ألف طن من الأسمدة، وسيكون أحد أكبر مصانع اليوريا في العالم.

ولكن أثناء البناء، تم بيع المواد الكيميائية التي تم إدخالها إلى البلاد لاستخدامها في صناعة الأسمدة لشركة معالجة السكرين بأرباح قدرها 40 ألف دولار. تسبب ذلك في فضيحة كبيرة، كون الفساد يقوض جهود الدولة في التنمية الاقتصادية.

كان “لي تشانغ هي”، الابن الثاني لرئيس الشركة “لي بيونغ شول”، هو المسؤول عن بيع المواد الكيميائية وحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة الفساد، وهو ما أجبر والده على التنحي وتسليم 51% من مصنع الأسمدة للحكومة في محاولة للحصول على تساهل مع ابنه.

وفقًا للتقاليد الكورية، قام بتعيين ابنه الأكبر، لي مينغي، لرئاسة شركة سامسونج بدلاً منه، لكنه سرعان ما غضب من طريقة إدارة ابنه للشركة وبدأت الانقسامات تظهر بين الأب والابن وفي نفس الوقت لم يكن “لي” الأب يرغب بعودة ابنه الثاني للشركة بعد عقوبة السجن.

في عام 1968 أعاد “لي الأب” نفسه رسميًا كرئيس لشركة سامسونج، وكان مصممًا على نقل الشركة إلى ابنه الأصغر، لي كون هي، وهو ما حصل فعلاً في النهاية.

وفاته

لقد كان لي بيونغ شول شخصاً غير متدين طوال حياته، لكنه على فراش الموت في سن الثامنة والسبعين، وجد نفسه يسأل أسئلة وجودية لكاهن كاثوليكي بقي إلى جانبه، “إن كان الله يحب البشر، فلماذا يسمح بالألم والبؤس والموت؟”

توفي لي بسرطان الرئة في منزله الساعة 5:05 مساءً. في 18 نوفمبر 1987، وتم تقسيم إمبراطوريته التجارية إلى خمسة أجزاء بين أبنائه.

أبناء لي بيونغ شول

لي بيونغ شول لديه خمس بنات وثلاثة أبناء، وتزوج جميعهم تقريبًا من أسر ذات نفوذ في الخمسينيات والستينيات. تزوج ابنه الأكبر ابنة مسؤول تنفيذي وحاكم إقليمي؛ تزوج ابنه الثاني ابنة رجل أعمال ياباني.

أما ابنه الثالث، الرئيس المستقبلي لسامسونج لي كون هي، فتزوج من هونغ را هي، ابنة هونغ جين كي وهو مسؤول كوري رفيع المستوى في حكومة إي سنغ مان وشغل منصب وزير العدل نهاية الخمسينيات.

كان لهذا الزواج تأثيراً كبيراً في الاتحاد بين العائلات والثقة بينهم لعقود من الزمن، كما أنه منح سامسونج الفرصة لتكون لاعباً رئيسياً داخل أروقة الحكومة.

جمانة البريم
كاتبة ومترجمة مهتمة بالتقنية