الكثير من الأسئلة والمعلومات يتم تداولها في هذه الفترة حول استخدام واتس اب مع دعوات بحذف التطبيق على نطاق واسع، وهو ما جعل شركة فيس بوك المالكة للتطبيق تعيش حالة فوضوية خلال الأسبوع الماضي كانت أشبه بالكابوس.
رد الفعل العنيف على الشبكات الاجتماعية ضد تحديث سياسة الخصوصية الأخير لتطبيق واتس اب والفرض المفاجئ لشروط الخدمة الجديدة التي تسمح بمشاركة البيانات مع فيس بوك، كانت حديث وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية.
لكن ما هي القصة فعلاً؟ وهل المعلومات المنتشرة على الشبكات الاجتماعية صحيحة؟ وهل يجب علينا أن نتوقف عن استخدام اتس اب للأبد؟ قبل الإجابة دعونا نتعرف على التفاصيل الكاملة.
مشكلة الخصوصية عند استخدام واتس اب
يجب أن نعترف بأن استخدام واتس اب يُشكل مشكلة خطيرة جداً حول الخصوصية، ظهرت معالمها بوضوح الأسبوع الماضي.
حيث قام التطبيق بإشعار المستخدمين بقبول شروط الاستخدام الجديدة والتي ستدخل حيز التنفيذ في 8 فبراير 2020، وفي حال عدم الموافقة يجب عليك حذف التطبيق، وجوهر هذه التغييرات الجديدة هو مشاركة البيانات مع فيس بوك.
وعلى الرغم من أن مطوري تطبيق واتس زعموا في الكثير من المناسبات السابقة أن الأمان والخصوصية هي قيمة أساسية يحافظ عليها التطبيق، إلا أنه لا يُمكن تجاهل امتلاك فيس بوك للتطبيق والذي يُعد أحد أكثر منصات جمع البيانات جشعاً في العالم.
ردود الفعل تجاه هذه التحديثات، جعلت رئيس واتس اب، ويل كاثكارت، يوضح الموقف أكثر عبر تويتر، لكن الأمر كان أشبه بالدفاع عن العلاقة المحرجة مع فيس بوك.
لكن قد يقول البعض أن واتس اب ومشاركة البيانات مع فيس بوك هي مشكلة قديمة ظهرت بعد فترة من عملية الاستحواذ التي تمت عام 2014 على التطبيق. إذن ما الذي تغير فجأة؟
شركة آبل سبب اشتعال الأزمة
إذا كنت تتابع القصة من بدايتها، فربما تكون على دراية بأن تحديث سياسة الخصوصية لواتس اب لم يكن بداية المشكلة، فالمنعطف الأخير في الأزمة بدأ بعد إدخال شركة آبل لميزة ملصقات الخصوصية الإلزامية والتي تهدف إلى الحفاظ على خصوصية المستخدمين من خلال توفير معلومات عن البيانات التي تجمعها التطبيقات على نظام iOS.
هذا الأمر لم يعجب الكثير من الشركات التي تكسب أموالها من جمع بيانات المستخدمين، وكانت شركة فيس بوك، والتي يعلم الجميع أنها آلة بيانات، أكثر منتقدي إجراءات الخصوصية الجديدة لشركة آبل.
تطبيق واتس اب من جانب آخر تضرر بشدة من هذه الميزة، وادعى القائمون على التطبيق أن آبل لا تعامل كافة التطبيقات بنفس السياسة، فمثلاً تطبيق iMessage التابع لشركة آبل لم يخضع لنفس الفحص والتقييم، وهو أمر اعتبرته فيس بوك غير عادل.
لكن النتائج سواءً التي نشرتها آبل أو التي قامت بها جهات خارجية مختصة برهنت أن ادعاءات فيس بوك وواتس اب ليست صحيحة، حيث ظهر أن تطبيق iMessage يجمع معلومات محدودة جداً عن المستخدم مثل معلومات الاتصال، في حين يجمع تطبيق واتس اب معلومات مهولة جداً عن المستخدم بما في ذلك المعلومات المالية والموقع الجغرافي وسجل المشتريات وجهات الاتصال وغيرها، في حين لا يترك تطبيق فيس بوك أي معلومة عنك إلا ويقوم بجمعها.
في نفس الإطار أظهرت الاختبارات الأمنية على بعض التطبيقات المعروفة أن تطبيق Signal للتراسل الفوري يعتبر الأفضل من حيث الحفاظ على الخصوصية وعدم جمعه أي معلومة باستثناء الرقم الهاتفي للمستخدم.
مع ذلك استمر القائمون على واتس اب في الدفاع عن خصوصية البيانات، مبررين ذلك أن كافة البيانات المشار لها كانت مطلوبة لتشغيل منصة تخدم 2 مليار مستخدم يرسلون أكثر من 100 مليار رسالة يومياً، وأن الخدمات التجارية التي يوفرها تجعل المقارنة مع iMessage غير عادلة.
تدخل فيس بوك السابق
لم يستحوذ فيس بوك على واتس اب مقابل 19 مليار دولار أمريكي بلا هدف، وظهرت نوايا الشركة الحقيقية في أكتوبر الماضي حينما تم التأكيد أن الرسائل بين المستهلكين والشركات يحتمل أن تستضيفها فيس بوك.
حينها أثيرت ضجة مشابهة حول الخصوصية وبيع البيانات، وفي ذلك الوقت رد تطبيق واتس اب بالقول إن هذه الخطوة ستساعد في مواصلة عمل التطبيق في وقت يتجه لتوسيع ميزة المكالمات الصوتية والفيديو المشفرة من الطرف إلى الطرف.
وبالتالي، ما يُمكن لأي شخص استنتاجه بأن مجانية تطبيق واتس اب لها ثمن، والثمن هو مشاركة بياناتك الشخصية مع فيس بوك، هكذا بكل بساطة ووضوح.
من المهم أيضًا ملاحظة أن هناك اختلافات في أوروبا فيما يمكن أن يفعله واتس اب وذلك بسبب قوانين حماية البيانات، حيث لا يشارك واتس اب حتى هذه اللحظة أي بيانات للمستخدمين في أوروبا مع فيس بوك بهدف تحسين منتجاتها وخدماتها.
وبالتالي فإن خلاصة القصة هي أن تطبيق واتس اب أصبح الآن تحت رحمة الشركة الأم “فيس بوك” والتي تريد الاستفادة من التطبيق في جمع بيانات المستخدمين لأهداف متعددة من بينها الإعلانات المستهدفة أو حتى استخدامها في أغراض مثيرة للريبة.
إذن، هل يجب عليك التوقف عن استخدام واتس اب ؟
الجواب المختصر هو لا، لأنه لم يتغير أي شيء حقاً. ولم تتغير سياسة مشاركة البيانات ولا أمان التطبيق، باستثناء أن المعلومات التي يتم جمعها بواسطة التطبيق ستتم مشاركتها مع فيس بوك اعتباراً من فبراير المقبل.
لكن من حيث الأمان، فلا يزال واتس اب التطبيق الأكثر شعبية والتي يعتمد على التشفير من الطرف للطرف، ومن المحتمل أن معظم من تريد التواصل معهم يعتمدون على التطبيق حتى هذه اللحظة.
وبشكل عام فإن استخدام واتس اب يعتبر أفضل من استخدام تطبيقات أخرى كثيرة بما فيها تطبيق مسنجر التابع لفيس بوك، وإن كنت تستخدم فيس بوك فلن يصبح هناك أي معنى للتوقف عن استخدام واتس اب، لأن فيس بوك يجمع كل بيانات الشخصية ولن يحتاج لتطبيق واتس اب على جهازك للوصول لها. فطالما أنك تستخدم فيس بوك، فإن فكرة التوقف عن واتس اب هي أغبى فكرة يُمكن أن تقوم بها، إلا لو قررت التخلي عن كلا التطبيقين.
أما في حال كنت تستخدم واتس اب فقط، فلا شك أن جمع بياناتك الشخصية ومشاركتها مع فيس بوك لن تكون فكرة جيدة إطلاقاً وهذا هو المبرر الوحيد الذي يجب أن يدفعك للتوقف عن استخدام واتس اب.
أما ما يُشاع من معلومات خاطئة حول أمان التطبيق أو امتلاكه لحقوق الأشياء التي تشاركها أو أن التطبيق يقوم بتسجيل مكالمات الفيديو أو المكالمات الصوتية فهي ليست إلا خرافات منتشرة على الإنترنت لا أكثر. وهذا بالطبع لا يعني عدم وجود مشكلة خصوصية متعلقة بالبيانات الأخرى مثل الموقع الجغرافي والمعلومات المالية والمشتريات التي تقوم بها وغيرها.
هذه هي الإجابة المختصرة. لكن الإجابة الصحيحة أكثر تعقيداً حول استخدام واتس اب في الوقت الحالي.
فيُمكن أن ننظر إلى الأمر على أنه تجاوز من تطبيق واتس اب للمبادئ الأساسية له، حيث بدأ في مرحلة تحقيق الدخل بشكل أكثر فاعلية من المستخدمين خلافاً للوعود التي قطعها سابقاً بأن ذلك لن يحصل على حساب خصوصية مستخدمي التطبيق.
صحيح أن رسائلك آمنة ومحمية من أعين المتطفلين، إلا أن وجود بياناتك كلعبة في يد تطبيق ما بحيث يتم استخدامها للاستفادة من العروض التجارية لا يبدو أمراً جيداً.
بالنسبة لأولئك الذين يفكرون في قرار ما بعد كل هذه الضجة، وبغض النظر عن التغييرات الجديدة، فلا يوجد أي مخاطر حقيقية على المدى القصير ويُمكن أن تأخذ وقتك بالكامل لتقرر أي تطبيق تريده استخدامه.
لكن في عصرنا هذا بات من الواضح أن جمع البيانات هو الاتجاه الجديد لواتس اب والتي وعد سابقاً إبقاء المنصة خالية من الإعلانات أو استغلال البيانات.
لذلك إذا كنت تقدر الخصوصية قبل كل شيء، فهذا هو الوقت المناسب للتفكير ببديل، لكن لا داعي للهلع، فقط حدد التطبيق الأنسب لك وفقاً لاحتياجاتك وتأكد أن جهات الاتصال التي تتواصل معها متواجدة عليه، وهنا تجد أهم بدائل للواتس اب.